• ترجمة: عدنان حسين أحمد
(العراق/أمستردام)
• • تُعّد زاهدة خاني الشاعرة الأكثر جرأة في المشهد الشعري الأفغاني المعاصر لما تتوفر عليه نصوصها الإبداعية من
لغة جسدية، حسيّة، مرهفة قلما نصادفها لدى أقرانها من الشعراء والشواعر الأفغان. ويَعتبر النقاد قصيدتها المعروفة ( امرأة ) والمنشورة في عدد ( كانون الثاني- مايس 2000 في مجلة لمر أفتاب الثقافية ) نصاً جسدياً متسامياً ينطوي على عمق إنساني مشفّر مقرون بالإثارة الحسية غير المبتذلة. إن مثل هذه النصوص الشعرية التي تكتبها زاهدة ما كان لها أن تظهر لو قُدِّر لها أن تبقى في أفغانستان. فزاهدة، كما هو معروف لقرّائها، من مواليد ( هيرات ) لكنها لم تمكث فيها سوى أربع سنوات، لتشّد الرحال مع عائلتها إلى الهند. ولم يكن ثمة فرق كبير بالنسبة لعائلتها المتفتحة بين أفغانستان والهند. إذ سرعان ما قرروا الرحيل إلى أستراليا، واتخذوا من سدني مكاناً للإقامة الدائمة، ليفسحوا المجال أمام زاهدة كي تدرس الصحافة والإعلام. لم تكن أحلامها تتوقف عند حدود الدراسة الجامعية. فها هي اليوم تواصل دراستها العليا، وما تزال منهمكة بكتابة رسالة الماجستير عن موضوع ( فن الكتابة ). لقد نشرت زاهدة العديد من قصائدها وقصصها القصيرة في أبرز المجلات والصحف الأفغانية التي تصدر في الداخل والخارج معاً. وتشغل الآن منصب سكرتيرة تحرير مجلة ( لمر أفتاب ) الثقافية منذ عام 1998. وفيما يلي ترجمة لبعض قصائدها.
وردة مسروقة
عندما كنّا جالسين وسط الورود المسروقة
أًرًيتُكً تويجاتهنَّ الحُمر المخْملية
وتركْتُكَ تتحسّسني من الجلد
إلى العظام، إلى الروح.
أنا ظلٌّ ملفّعٌ بسوء الفهم
لا حقيقة في جسدكَ
وأنتَ تراقب أقواس قُزحٍ مسيّجةٍ
بعينينِ من زجاج.
بلا عُنوان
أين أنتهي أنا، وأين تبدأ أنتْ؟
وأين ننبثق في روح واحدة؟
ونذوب وننضفر مثل شجرتين عتيقتين
ضارية جذورنا في أعماق الأرض
ممزوجة بالوعد.
كل شيء أنتجه يأتي من عندك
وكل شيء تتلفّظهُ
له صدىً في أعماق صوتي الداخلي.
في الربيع يهطل المطر. .
كل طفل أحبل به
يولد في ضوئك أنت.
وكل نَفَسٍ تستنشقه
ينشر ندى الصباح
من أغصاني المهتّزة.
*******
فوزية رهكزر
تحتل الشاعرة الأفغانية فوزية رهكزر موقعاً متميزاً في المشهد الشعري الأفغاني المعاصر. فعلى الرغم من موهبتها الواضحة التي تفتحت في وقت مبكر بسبب رهافتها وحساسيتها الإنسانية المفرطة ربما، أو بفعل الظروف المأساوية التي يعيشها الشعب الأفغاني منذ الحروب الأنكلو-أفغانية، مروراً بالاجتياح الروسي، وانتهاء بالحرب الأمريكية. إن الشاعر فوزية رهكزر لا تدّعي ما ليس فيها، ففضلاً عن كونها شاعرة تعد بمستقبل شعري متفرد، فهي قاصة نشرت العديد من القصص القصيرة التي تتناول حياة المهّجرين واللاجئين الأفغان الذين اضطروا لمغادرة البلاد. ( وقد اضطرت الشاعرة نفسها لمغادرة أفغانستان قبل الحرب وحصلت على حق الإقامة الدائمة في مدينة ميونخ الألمانية ) كما أعدّت وكتبت الكثير من التغطيات والتقارير الأخبارية الإذاعية التي استشّفتها من معسكرات اللاجئين الأفغان في تركيا وبعض الدول الأوربية المانحة لحق اللجوء. وقد صدرت لها مجموعة شعرية بعنوان ( بلاد العجائب ) التي أثارت الكثير من الجدل في الوسط الثقافي الأفغاني. وقد قال عنها الناقد فرهاد آزاد في إحدى دراساته: ( لقد أضافت نكهة خاصة للشعر ( الداري ) المعاصر ) ومضى إلى القول: ( أن أشعار رهكزر تأسر القارئ لأنها تصوّر موضوعاتها بطريقة سلسة تجعلك مندمجاً معها.) وفي الآتي ترجمة لبعض نصوصها الشعرية.
أنتَ وأنا
أنتَ وأنا
والليلة المسروقة من الكون
أنت وأنا
والحديقة المزهرّة تتنفس
إشربْني!
رشفةً، رشفةً، رشفة
مثل كأسَ نبيذ
إستنشقني
عميقاً، عميقاً، عميقاً
مثل دخان سيجارتك البطيء.
في هذه الليلة المسروقة من الكون
شاركني الحُبَّ
والقُبلات
فأنا كريمة مع نفسي هذه الليلة.
أنا خائفة
أنا خائفة، خائفة
من اللحظات التي أفتقدك فيها.
من لحظات المعاناة
من عتمة السماء
من غيرة الأعداء
من قوّة الفراق.
أنا خائفة، خائفة
لا تهبْني إلى قطيع الذئاب
لا تهبْني إلى الأعداء الحاقدين.
دعني ألوذ بلبلاب ذراعيك دائم الخضرة
وإذا كان مقدّراً عليّ أن أموت
فدعني أموت هناك.
• إحالة: القصائد الأربع منشورة في مجلة ( لمر أفتاب ) عام 1999 و2000 والتي تصدر باللغة الإنكليزية.
الزمان
2004 / 2 / 20