ترجمة: عقيل يحيي حسن
ولدت بيلا احمد ولينا في موسكو بتاريخ 10 ابريل عام 1937. بدأت بكتابة الشعر منذ طفولتها. في عام 1955 نشرت أولى قصائدها "الوطن". بعد أن أنهت المدرسة تقدمت إلي معهد غوركي للآداب، حيث نالت قصائدها التي قدمتها كشرط للقبول في المعهد، تقديراً عالياً وكتب الناقد سليفينسكي: " لها قوة تعبيرية مدهشة، ناضجة، نقية الروح، عميقة الإحساس". أثناء دراستها في المعهد نشرت قصائدها في المجلات الأدبية ومارست العمل الصحفي وكانت تكتب تحقيقات "علي طرق سيبيريا" وغيرها. كتبت عام 1957 "ليس من واجب الفن إمتاع الناس بل أن يجلب لهم المعاناة". طردت من المعهد عام 1959 لرفضها المشاركة في عملية كانت تهدف إلي تدنيس اسم الشاعر بوريس باسترناك. ولكنها أعيدت بعد فترة. أكملت دراستها في المعهد عام 1960 بتقدير امتياز. صدر كتابها الشعري الأول عام 1962 بعنوان "الوتر"، وكتب أحد النقاد قصيدة أهداها لهذا الكتاب أهلاً أيتها المعجزة التي اسمها بيلا/ احمد ولينا يا وكر الصقر". ثم صدرت مجموعتها الشعرية القمح" والتي ضمت كل القصائد التي كتبت خلال 13 عاماً. وقد نشرتها دار "الزرع" الألمانية عام 1969 ".
علي الرغم من هذا الحدث "الاحتجاجي" ومع إنها كانت تخضع للرقابة إلا أن كتب احمد ولينا استمرت بالصدور في الاتحاد السوفيتي أيضاً: "دروس الموسيقي" عام 1969، "أشعار" 1975 "الشمعة" 1977، "العاصفة" 1977 وغيرها. في عام 1977 تم اختيارها كعضو شرف في الأكاديمية الأمريكية للآداب والفنون. عام 1988 صدر كتابها "مختارات" ثلثه مجاميع شعرية كثيرة ورواية سريالية بعنوان "كلاب كثيرة وكلب" 1989. وفي هذا الوقت كانت أحمد ولينا واحدة من ابرز الشعراء الذين شقوا طريقهم في فترة "الحرب الدافئة ".
تعد الصداقة واحدة من أهم موضوعات أشعار احمد ولينا. صداقة الحب وصداقة الإبداع والصداقة هي أكثر المشاعر الإنسانية وأقواها. ويظل الشعراء الروس العظام أبطالا لقصائدها. بوشكين، على سبيل المثال، في مجموعتها "السر" 1983. وبمجموعة "على الضفاف" 1991. ولا تخيف الشاعرة ملامح الواقع السيئة التي تكتب عنها. في عام 1989 منحت احمد ولينا جائزة الدولة في الآداب. وفي هذا العام وتحديداً قبل شهرين منحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جائزة روسيا التقديرية للآداب. تعيش بيلا احمد ولينا الآن في موسكو.
"لقد علمت النساء الكلام. / ولكن يا الهي كيف سأجبرهن علي السكوت؟!" كتبت مرة أحمد ولينا. نعم انه بقدر ما توجد شاعرات عبقريات يمشين علي ذات الطريق الحتمي، على ما يبدو، ولكن سرعان ما تطالهن دائرة النسيان، بقدر ما تكون أشعارهن جيدة لكنها تبدو متشابهة، ويختفين في النهاية في "الظل الكبير" لسابقاتهن العظيمات. لقد استطاعت احمد ولينا أن تهرب من هذا المصير رافضة دور "العاشقة" كصفة أساسية وكدور رئيسي. ففي قصائدها المبكرة التي صدرت في مجموعة "الوتر" 1962، تقف إلي جانب "جميلتها" التقليدية وتنظر إليها بتعاطف وألم:
كم دارت في الغرفة
كم اشتاقت إليه حزينة
مزقت بأصابعها رسالته
ورمتها في النار
لكنه حين دخل واثقاً،
وصاح طالباً النبيذ-
ابتسمت بزهو وخفة.
حين تقدم أحمد ولينا بمهارة هذا الأسلوب فإنها في ذات الوقت تقول للقارئ إن هذه التجربة ليست هي صاحبتها الأولى- بل هي تجربة غريبة سبقتها إليها كل من مارينا تسفيتايفا وآنا اخماتوفا. وتجد في نفسها القوة في عدم السير على طريقتهما القديمة، محورة بأسلوبها الخاص الموضوع الرئيسي. لقد ابتدعت احمد ولينا شاعرية الصداقة وبالذات الصداقة السعيدة. شاعرية القسم والصلوات، الأحلام المؤجلة، اللقاء والفراق. محققة بذلك وبمهارة استحواذاً لغويا مستخدمة لأغراضها الخاصة مفردات الحب التقليدية.
كنت أفكر- قريباً ينتهي شباط-
قلت للذي دخل عليّ: "احبك! يا سعادتي"
- كم جميل أن ليس بيننا فراق"
إن بطلة احمد ولينا ليست تقليدية، وهي في أغلب الأحيان تعيش وفق الظروف الآتية القاسية وهي: صامتة، انعزالية بلا أناس جنبها والذي حل القارئ في محلهم دون أن يعي ذلك. في شارعي منذ سنين صوت خطوات- أصدقائي يرحلون.يمشي أصدقائي ببطء نحو تلك العتمة خلف الشبابيك. آه أيتها الوحدة، كم قاسية أنت !
جريدة (الزمان)
28 / 11 /2005