كل شيء يبقى
كان ثمّة حائط
لمسته فتهدَّم
جاؤوا وصنعوا من بقاياه
أساساً لمبنى جديد.
زرعتُ شجر فاكهة في حديقتي القديمة
وجاؤوا في ما بعد
ليفرشوها بسجادة طويلة
من الاسفلت.
خمسة أمتار تحت الأرض
ولم يزل جذر يزمجر هناك
تصميمه لن يذبل
ولو بعد خمسة قرون.
الإنفلونزا الاسبانية ستصل يوماً ما
إلى المريخ لمجرد أني سعلت.
كان ثمّة صديق كتبت إليه
كأنّما فوق حجر ضخم نقشت إسمي:
أنتَ جزء من كل شيء
عندما تحيا
وكل شيء يبقى موجوداً
بعد موتك!
***
باندورا
اهدئي
انتهى الأمر
الأسود أكمل حول جسدكِ كفنه الأخير
بعد قليل ستصعد أدخنةٌ من جبال القمامة
اصبري فقط.
تعرفين
(أهذا هو كل ما تعرفين؟)
يدكِ تخطّ هذه الكلمات
والمكتوب يرقبكِ
لا هو بالبارد ولا هو بالملتهب
كأنه برميل مفرغ من الهواء.
لا شيء سوف يضركِ
فليس هناك شيء كامن بين الحقيقة والخداع
لا شيء في البرميل
أعترفُ - بينما تكظمين غيظك :
شاعر أنا ألفّق لكِ الكلمات!
***
هبوط في الهواء
مرآةٌ طويلةٌ معلّقةٌ في الممر
ليكن
سأنظر إلى نفسي من جديد
متنبئاً بالرجفة التي ستعتريني
حين يطالعني ذلك الوحش في المرآة
كم هو بغيض هذا الرجل
عليَّ أن أُميته
ولو بضربة تطحنه تماماً
فهو دهون مخلوطة بتجاعيد ليس إلا
نعم
هو شخص غريب ليس إلا.
– يا للمصيبة - ها أنا أفكر:
ها أنا أكرر كليشيهات النظر كلها في المرآة.
يظل الزجاج زجاجاً
زجاجاً ميتاً
أراه أمامي الآن في صورة رجل
لكن في اللحظة التي أفكر فيها على هذا النحو
يقفز هيكل عظمي من المرآة
ويهجم عليَّ!
***
أقنعة
"رجل يلعب بقناعه سعيداً
حتى يأتي وقتٌ
يلتحم فيه وجهه الحقيقيّ
بقناعه تماماً".
كنت طفلاً
تتملّكني الثورة كلّما أنصتُّ إلى هذه الكلمات؛
مُرّةٌ جداً هذه الحكاية
عندما أكبر
سأبرهن أن الأمر لم يكن بهذه القسوة
بل سأقدّم دليلاً على أن خاتمة القصة
يمكن أن تكون أكثر رحمة:
كلّ قناعٍ تستطيع أن تخلعه من فوق وجهكَ دون ألمٍ
كأنه قبعة خنوعة.
لزمنٍ طويلٍ
آمنتُ بفكرتي هذه كأنّها مقدّسة
ومن دون أن أفكّر في شيء
كنت أخفي طبيعتي الشخصية
لأجل أن تظلّ روحي نقية
كما أول فجر على الأرض
بعد انطفاء نار اللعبة.
الآن أنا عجوز بما يكفي
كي أمتلك شجاعة الاعتراف:
الحكاية كانت صحيحة
القناع لا يغيب
كأنّما كُتبَ عليكَ
أن تتآلف مع وجود الجحيم
كأنّما كُتبَ عليكَ
أن تشاهد مقبرة فارغة.
النهار 24/01/2007
إقرأ أيضاً: