ستيفن واتس

ترجمة لينا شدود
(سوريا)

ستيفن واتسعمل جدّي في بيتزا إكسبرِس في
شارع
غريك عام 1904
غير أنها لم تكن بيتزا إكسبرِس، بل كانت
دار
مقهى كرامِري وكاروسو الإيطالي
وكان جدّي مساعد رئيس الندُل
وليس
مُستبعداً أنّ أمي قد ولِدَتْ في شارع
فينيكس
في المساكن قُبالة المسرح،
المساكن
التي كانت هناك حتّى السبعينات، إلى أن
أُزِيلَتْ وشيءٌ
آخر
حلَّ مكانها، لأنّه كان زمان تجدد
وهناك صورة لَها تَختلسُ النظَر فيما حولها
من
خلف عربة بائع الآيس كريم
كما لو أنّها تنبأت بما سيأتي

وكل أحد كانت تذهب مع
والديها
إلى الكنيسة الحمراء في ميدان سوهو
حيث سقطتْ قطعةً من إفريز الكنيسة
وأطبقَت على قلنسوة كاهن كان يمر من هنا، آه، هذا الكاهن
لن يمر من هنا بعد الآن،
وكل خميس ولسنوات بعد أن انتقلوا
إلى
خارج الكرامِري في غرب كرويدون - ذاك الذي
في المعبر مقابل المحطّة -

كل خميس سيأخذُ جدّي
ابنته،
أمي، عائداً إلى سوهو ليُحضِرَ الإشاعات،
والباستا الطازَجة والسبانخ
وسيجلسون في لوي كرامِري، هو يتكلم العاميّة
مع
رفقائه الحميمين، وهي سَحَقتْ أشياءً يابسةً في زاويةٍ بلا نوافذ
غير قادرة على الصرير.

في السنة نفسِها، أغار ستالين ولينين
عليها ليلاً
هنا في تاورهاوس في شارع فيلدغايت
لأجل الأممية الثالثة
وفوضويو شارع دين و
كليركنوِل الايطاليون
تلألأوا فيما كانوا ينتظرون تحت القمر المنَدّى،
بخناجر مُستلّة ومُشحَّمة
بثقة يأملون أنّ ما سيحصل
قد
يتبدَّل ويتجه بعيداً عن المألوف وهكذا
جيلهم قد لا يكون،
طبعاً، ما يجب عليه أن يكون، ولكن لا: لا يمكن،
لا
يمكن، ببساطة لا يمكن أن يكون!

جدّي دَهنَ السقوف في مكانٍ ما
في سوهو،
التي تلمعُ والجبال في الثلج المُشمِس،
والأرواح العذراء في صوامعها الطاووسية!

وأنا أقفُ الآن في شارع فيلدغايت
أرقُبُ
زاويةً من الصفيح تطير من سطح الأيكة
لتحطَّ عند قدميَّ غير المشدوهتين
آخذُ قطعة الصفيح الموجودة كحاجز لباب
بيتي
الخالي من الروح – نحن الذين توجَّب علينا أن نعيش
في منطقة ما متفسخّة متجددة

وفيما آكل الفلورِنتينا في شارع فريث
أتذكَّر
كل ذلك، وكل ما أستطيع قوله للنادلة التي
تسأل، «هل أرغب بمزيد من القهوة»
«في أي قرنٍ نعيش
الآن»
و«كيف وصلنا إلى ما أصبح عليه النفاق،
الحالة الطبيعية لتنفسنا؟»
«الأذَى السياسي لن يؤذينا بعد الآن»، و«ضجيج
أنّ القلب مخلبٌ ماكر»، و«أن الأماكن النائية
هي قلب عالمنا».

و«ألوان الدم هي أعلام- الحرب غير الخفاقة» و
«الحرب
ضدّ الإرهاب، هي خطأ الخوف»، و«كلُّنا
نتذبذب صوب الموت العادي»

ومن ثمّ دفعتُ واندَفعتُ خارجاً، مفلساً
في الشارع -
الطاووسي الصّاخب، مذهولاً لعلمي أنني
سألتقي بالضبط بمن كان عليّ لقاؤه.

أغنية من أجل ميكي البرِكِي (*)
ميكي الذي التقيته في شارع واتني، اعترَضني
صافراً. «كيف
حالك» قال: ـــ طبعاً، وصدقاً عنيتُ «ألديك مايكفي من
من الوقت لشرب شيءٍ ما « - ولكن
لم يكن لديّ صبرٌ لأستفسر منه

مشينا عبْر السوق المهدَّمة، شمسٌ -
صفراء داكنة حدَّقَتْ
فوق»ساينسبوري»، فيما دخلت للحصول على فكّة.
عشرة باوند لم تكن كافية لأسرهِ
في ذلك اليوم المرير

وقفنا عند الناصية حيث وقفَ الناس
لقرون. عوالم
كثيرة مرَّت بنا.حينما كان في المستشفى
تناول أدويته، واعتُنيَ به
ولم تسُء حالتهُ

الآن بالكاد ينجو. غادرَ البيت
المأهول
في» بيثنال غرين» لمّا ازداد الصخب في الداخل. فروة رأسه
تتقشّر، ويحــتاج إلى ما يمـكن الاعتماد عليه و
لمجرفة البنّاء الصغيرة

ابن تلك المرأة في الداخل لوقتٍ طويل. ابن ذاك الرجل
مُدمن كحول.
هذا الذي يقع على عاتقها وهي الأفضل له. ولكن كيف لك
أن تعرف قصة أحدهم وأنت كل يوم تسير
دون أن تتوقف
كان «شارلي مالون» صديقاً جيداً. كذلك «جون لونغ».
الآن يرقدان في
في دار «تادمان ــــ وأول ما سيقوم به ميكي في الصباح
أنه سيذهب ليقول لهما الكلمات
التي لا يمكن الرّد عليها
إنها أفضل الكلمات، ولكن أصعب من أن تُحتمل.
يقول لي:
«دائماً - دائماً - أوقفني - دائماً - اعترضني.»
فما جدوى قرون من المحادثات إذا
لم يكن هناك منْ يسمعها.

السفير
11-6-2011