كو أون

إعداد وترجمة عن الانكليزية : حسام جيفي

كو- أون : بحر من الشعر بلا أي مركب على مد النظر ولد كو اون Ko-Un عام 1933 في غونسان , شمال إقليم جيولا في كوريا الجنوبية . يعتبر شاعر كوريا الحيّ الأول من حيث الأهمية. نشر أكثر من 120 مجموعة في الشعر, المقالة , القصة و الرواية. في السنوات الأخيرة ترجمت مختارات من اعماله إلى أكثر من أربعين لغة عالمية .

تتراوح أشعاره بين القصائد القصيرة و القصائد الملحمية الطويلة , مثل عمله غير المنتهي حتى الان (بيكتو- سان Paektu-san ) المكون من سبعة اجزاء.

مجموعته (عشرة آلاف حياة) المكونة من 12 جزء , تتضمن قصائد قصيرة , يستحضر فيها كو- اون واحدا ً تلو الأخرى كل الأشخاص الذين التقى بهم في حياته , كتعبير عن رغبته العميقة في خلق إعادة كتابة جذرية للتاريخ الكوري المعاصر من خلال شعره .

مسيرة حياة كو- اون مميزة كمسيرته الأدبية . عندما كان طفلا , تعلم بسرعة كبيرة الكلاسيكيات الصينية عندما كانت اللغة المفروضة هي الصينية , وكانت لغته الأم محرّمة خلال احتلال الصين لبلاده . و بعد انتهاء الحرب الكورية في مراهقته اصبح ناسكا بوذيا و تولى عدة مناصب مهمة .

بعد عشر سنوات من التنسك عاد كو -اون إلى الحياة بموقف عدمي دفعه إلى محاولة للانتحار عام 1970 . و بعد فشل المحاولة و عودته الى العالم , تحول كو -اون إلى متحدث رسمي باسم الفنانين و الطلاب ضد ما كان يسمى باصلاحيات يوشين عام 1972.

اعتقل مرات عديدة نتيجة لمواقفة المعارضة للسياسات الديكتاتورية عبر الثمانينات من القرن الماضي.

تزوج عام 1982 , و توجه ليعيش في انسونغ , بعيدا عن سيئول.
اكتسب في السنوات الأخيرة شهرة عالمية . دعي لتقديم قراءات شعرية في كل من الولايات المتحدة المريكية , استراليا , فرنسا, هولندا و المانيا. مرشح منذ عدة سنوات لنيل جائزة نوبل للآداب و لم يحصل عليها بعد .

هنا نقدم ترجمة عن الانكليزية لخمسة من قصائد مختارة للشاعر ...

ضوء الشمس

إنه أمر محتوم
لذا
خذ نفسا عميقا
و تقبل هذه المحنة
لكن انظر !
ضيف مميز
سيزور زنزرانتي التي
تواجه الشمال
هو ليس القائد , في إحدى جولاته
كلا
و لكنه شعاع من ضوء الشمس
عندما يهبط المساء
وميض ليس أكبر حجما من طابع ممزق
حبيبة ملائمة لأن تهيم بها
يستقر هناك على راحة يد
يدفئ أصابع قدم حافية خجولة
ثمّ , و بينما أركع
و بينما
بلا خشوع أقدم له وجهاً
جافا عطشا ً ليقبّـله
ينسحب هذا الفتات من ضوء الشمس
بعيدا ً
في لحظة .

و بعد أن يغادر زائري عبر القضبان
تصبح غرفتي أبرد و أعتم بمرات
هذه الزنزانة الخاصة
في السجن العسكري
هي غرفة المصوّر الفوتوغرافي
المعتمة

بلا أي ضوء شمس , ضحكتُ كالأحمق
كانت كفناً يحمل جثة يوماً ما
و يوماً ما كانت , كلها , البحر .

إنه لشيء جميل حقا ً!
قليل من الناس قد نجو هنا
...
أن تكون حياً هو بحر بلا
أي مركب على مد
النظر .

القمر

في كل مرة بزغ فيها القمر
صلّتْ
أخيرا ً, و في سن الأربعين
ولدت أم وول-نام
صبياً .

في أحلامها قبل الحمل
ابتلعت القمر
و بعد أن ولد صبيها
كانت أم وول-نام لتفقد عقلها
بلا فشل
في كل مرة يبزغ فيها القمر .

في آخر الليل ,
و بينما هي تغسل الصحون ,
قد تحطم زبدية ما –
سيختفي عندها القمر بين الغيوم
و سيصبح العالم
أعمى .

ذكريات

كنت في العشرين
و بلا أي سبب , كنت أشمئز ضجراً
من أيام تفتح زهر المشمش في الربيع
كنت أتضور جوعاً
أردت أن أسقط
(كلانج !)
على حقول الثلج مريرة البرودة
لإركوتزك في سيبيريا – أربعون تحت الصفر.
أردت أن أسقط ,
أن يُـطلَـقَ عليّ النار ُ
أن أُقتلَ
كديسمبري يافع

سنٌّ بليدة ..
كل ما كنتُ آمله كان موت
الشتورم أوند درانغ (Sturm und Drang)

شعرت كما لو أن يد عرّاف
قد قـُطِعتْ بقاطعة من قش
و عندما غُـرِزَتِ المجرفة في جلد الأرض
بكى التراب بوحشية.

كنتُ في الستين ,
ارتكبت كل أنواع التمزيق
و فوق كل شيء ازدريت الأعذار
التي تأتي متاخرة
و كما هي الحال دائما ً
كانت الأيام الصافية الجميلة
مقززة .

هناك على متن الطائرات
التي ضُرب لحمها
بنصال البرق و الرعد
و عبر الغيوم المظلمة السوداء
كان علي أن أنطلق
سعيدا ً بشكل لا يوصف
كل الطريق
كل الطريق إلى الجانب الآخر

بعيداً مع كل أنوع الاستسلام
بعيداً مع كل أنواع النيرفانا

و حتى بعد الستين
لازلت أتصرف بطفولية
كل ما كان لدي كان بضع أصدقاء
و رئة واحدة
و كُرمى لغياب الآخر
كنت ملزماً على المضي إلى مكان آخر

لازلت أحمل تشي غيفارا في ذهني
نجم المساء ذاك
اكتشافي المعاق

النصف الأخير , هو إنفجار للأول .

أسهم

متحولين إلى أسهم
دعونا ننطلق جميعا ً , جسداً و روحاً !
نثقب الهواء
دعونا ننطلق , جسداً و روحاً
بلا طريق للعودة, مطعونين هناك
موشومين بألم الوطن الأخاذ
لا نعود أبداً .

نَـفَس واحد أخير ! دعونا الآن نهجر الخيط
نرمي بعيداً كالخرق البالية
كل ما امتلكناه لعقود
كل ما استمتعنا به لعقود
كل ما راكمناه لعقود
السعادة
القدر
متحولين إلى أسهم
دعونا جميعا ننطلق , جسداً و روحاً .

الهواء يصرخ! نثقب الهواء
دعونا ننطلق , جسداً و روحاً

في ضوء النهار الداكن
يسرع الهدف
نحونا
و عندما يسقط الهدف أخيراً
في حمام من الدم
دعونا جميعا ً
ننزف لمرة واحدة
كأسهم

لا نعود أبدا
لا نعود أبدا

تحية , أيتها الأسهم
يا أسهم أمتنا
تحية , أيها المحاربون !
يا أرواح من سقطوا

الربيع القصير

من دون ربيعها القصير
ما الذي سيجعل قرية يونغتون
قرية ً إذن؟
تتساقط ندف الثلج
بلا نهاية
إلى مياه الينبوع الداكنة
و تتلاشى .

ما بقي يبقى سكون
بينما زوجة يانغ-سول
تخرج لتسحب الماء
مغطاة بالثلوج
تنزل جرتها الصغيرة
و تلتقط مغرفة اليقطين
لكنها
تنسى أن تسحب الماء وهي تشاهد ندف الثلج
تموت :
ذاك الذي بقي , يبقى سكون .