هنري ميشو

ترجمة: عبد الوهاب الملوح

هنري ميشولَمْ يَتَبَقَّ غَيْرُ القَلِيلِ مِنَ الانْتَاجِ الجَاهِزِ، لَمَّا اقْتَرَحُوا عَلَيَّ بَعْدَ بِضْعَةِ ايَّامٍ حَدِيقَةً فِي الرِّيفِ. كَانَ هُنَاكَ مَنِ يُرِيدُ ان يُنْجِزَ تَجْرِبة.

جُرْعَةٌ ضَعِيفَةٌ، مَوضِعٌ هَادِئ ٌ سَمَاءٌ خَالِيَةٌ.جَهَّزَ لِي ذَلِكَ الشَّخْصُ بَعْضَ الاسْطِوَاناتِ .فِي آخِرِ لَحْظَةٍ ابْدَي التَوَجُّس .

مِنْ نَاحِيَتِي كُنْتُ بَدَأتُ بشَكْلٍ سَيِّءٍ: انْقِبَاضَاتٌ فِي الْقَلْبِ .حَتْمًا اصْبَحَ غَيْر صَالِحٍ للتَّجَارِب ِ.
كَانَ التَّأثِيرُ عَلَيْهَا جَيِّدًا. مُفَاجَأة سَعِيدَةٌ اخَذَتْ مَكَان الانْزِعَاجِ والمَلامِحِ المُنْقَبِضَة .

نَالَتْ حِصَّتَهَا، مُهْتَمَّةً، تُمَيِزُ، تُرَاقِبُ، تَصِفُ بِصَوْتٍ هَامِسٍ تحَوُّلات دَائِرَةِ النَّظَرِ خَاصَّةً، فِي لَوْحَةٍ او عَلي جِدَار.

الجِهَاتُ النَّائِية فِي غَوْر الْحَدِيقَة تَدَعُ نَفْسَهَا قَابِلَةً للرُّؤْيَا اكْثَرَ، قالت: "يَبْدُو انَّهَا تُرِيدُ جَلْبَ الانْظَارِ".

هَلْ كَانَتْ تَقْرَأ مَا يَجُولُ بِخَاطِرِي، كَمَا سَتُفْصِحُ عن ذَلِك لاحِقًا، أم هُوَ انَا الذي لا يقُولُ شَيئًا فِيمَا تُفَكٍّرُ فِيه هِيَ؟ هَلْ هُو التَّنَامِي المُتَلازِمِ لِرِقَّة الادْرَاكِ الْبَصِرِي عِنْدَهَا هِي كَمَا عِنْدِي انَا، انَا الذي فَجْأةً وَعِنْوَةً تَرَاءي كَمَا لَوْ انّي بِصَدَد تحْدِيدِ تَفَاصِيلَ لَمْ تَكُنْ لافِتَةً حَتَّي ذَلِكَ الْوقت؟

هَادِئَةً، كَانَتْ تَهِبُ انْفِعَالاتِهَا. إنَّهَا الاسْتِكَانَةُ، الثِّقَةُ الْمُسْتَعَادَةُ .يُعَبِّرُ عَن ذَلِكَ الوَجْهُ ايْضًا، بِشَكْلٍ اقَل مِن الكَلِمَات، اقَل بِزَمَنٍ طَويلٍ، اكْثَر تَعَقُّلا، مُتَغَيّرَا. مَوْهُوبَة حَدِيثًا يَبْدو كَمَا لَو انَّها خَضَعت لِلَخْبَطَاتٍ فِيمَا يَخُصّ التَّعَابِيرَ. شَاهدَة عَلي ما قد خَضعَت الَيه مَجْمُوع الاعْضَاء، ابَّان التَّجْرِبَة عِنْد مُخْتَلِفِ الاخْتِبَارات وَعَلي مُخْتَلَف الاصْعِدَة باعْضَاء مُخْتَلِفَةٍ وبشَكْلِ مُتَتَال.
طلْعَةٌ مُنْقَبِضَةٌُ، فِي طَوْر ِ التَّمَاهِي، مُوَضَّبةٌ من الدَّاخِلِ. بَيْنَما كَلِمَاتٌ رائِقَةٌ لا تَكُفُّ عن التَدَفُّقِ: تَنَافُرٌ خَفِيفٌ احْيَانًا وَاحْيَانًا اخْري شَديدُ التَفَرُّد .

جَفِلَتْ بِشَكْلٍ لافِتٍ لِمُلاحَظَةٍ سُقْتُهَا بِخُصُوصِ هَذَا الْمَوضُوعِ. هَكَذا اذا هِي لا تُتَابِعُ مَا يَحْدُثُ! تَجْهَلُ انَّهَا مُحَاصَرَة.

فِي الاثْنَاءِ يَتَوَاصَلُ فِي تَدَرُّجٍ ارْتِجَاجُ مُحَيَّاهَا، تَعِبًا، مَشْدُودًا،مُتَحَفِّزًا، مَشْحُونًا، ثُمَّ مُتَمَلَّكًا، ثُمَّ مُصَابًا مَرّةً اخْري، مُتَشَظِّيًا مَنْقُولا، مُتَفَسِّخًا، خَالِيًا اخِيرًا وَقَدْ فَقَد تَنَاظُرَهُ، مُضَاءً، دُون انْ تَعْبُرَهُ وَبِشَكْلٍ مُتَطَفِّلٍ اعْمَارٌ مُتَعَدِّدَةٌ وَتَحَوُّلاتٌ غَير مُنْتَظَرَةٍ مَفضُوحَةٌ تَنْكَشِفُ دُونَمَا سَبَبٍ وَهْوَ مَا حَبَّبَني في تَأمُّلهِ .غَيْرَ انََّ كُلَّ هَذَا كَان سَرِيعًا ومُتَفَرّقا.

لَقَدْ اظْهَرَتْ، دُونَ ان تدْري وفِي وَقْتٍ قَصِيرٍ عَائِلَةً من الوُجُوهِ مُثِيرَةً للاسْتغراب، عَدا الاسْلافِ وَتِلْكَ التي هِي للْوَالِدَيْنِ (البعيدين او القَريبين).
عَائلَة مُمْكِنَةٌ في تَطَوُّرها المَجهُول وبالتَّأكِيدِ، لَم يَكُن بامكَان احَدٍ ان يَرَاهَا فِيهَا الي حَدِّ الانَ،ذَات سِمَاتٍ مُتَضاعِفَة سَتَبْقي طيلَة حَيَاتِها قَابِلَة للظُّهُور الواحِدة ضَرَرًا للاخْري، تقَاوم من سَتَمْتَلِكُ الاخري، هَكَذا وبِفِعْلِ الاعْضَاء والْغُدَد مُتَعَدَّدة الاصاباتِ، هِي فِي صِلَةٍ بِالمَزَاجِ الْمُتَعَالق الذي تم الافْصَاحُ عنه خِلال دَقَائق مَعْدُودة، خَال، مُنْبَسط وهي لا ترَاه وَلا تَشكُّ فيه وتُواصِل استعراضه بِبَرَاءَة.

من اجْلِ هَذِه السِّمَات الْمُخْتَلِفَة، اري انَّهَا تَتَوَفَّرُ عَلَي دزينة معقولة ان لم يكن عشرين شَكْلا طَارئًا، قُلُوبًا او امْزِجَةً هكذا كَان يَجب عليَّ ان اقُول.

انَّه الالهَامٌ غَرِيبٌ، لَيْس لِي ما يُمْكِن ان افْعَلَه حيَاله دون ادْنَي شَكٍّ، هي ايضا ليس لَها ان تبْحَث عَمَّا يُمْكِنُ ان تَسْتَخْرِجَهُ منه، لن تَفْحص المِرْآة لِتَتَعرَّف وتَتَعَشَّق مَلامِحَها الجديدة وشكلها الجديد وتلمحه، كما تَعْمَد نساء كثيرات مثلها لفعل ِ ذَلِك .

لَن اقُول َ ايَّ شَيْءٍ وَلَيْس لِي ايُّ تَعْلِيقٍ عَن هَذا اللَّعب الْغَرَائِبي بالاقْنِعَةِ، الذي يَتَوَاصَلُ، مَرِنًا بِلا مُبَرَّرٍ، بلا جدْوي بلا حَاصِل.

في الاثْنَاء، جَعَلني قَلْبِي الذي من لَحْمٍ وَعَضلات في صدري، اتألمُ، مُسَبِّبًا مغَصَّات، غَثَيَاناتٍ وافْكارًا سيِّئَة.

وقَدْ ادرَكُوا انْقِبَاضِي جَهَّزُونِي بِوَسَائِد وَكُرسيٍّ قُبَالة الحَدِيقة وهْو مَا مَكَّنني من مَوْضعٍ جَيِّدٍ، ما نَتَجَ عَنْه بِدَايَة ارتِيَاح.

ثَمَّة عَتْمَةٌ تَرْفُضُ ان تَتْرُكَنِي وَمُجَرَّدُ مُحَاوَلَتِهَا كَانت عَلي الاقَلِّ سَتَزِيد من الَمِي وتَمْنَعُنِي من الهُجُوعِ .

اسْطِوَانَةٌ. تَمَّ تَشْغِيلُ قَصِيدةٍ ثُمَّ ازِيحَتْ. لَمْ أكُنْ ارْغَبُ فِي تَدْرِيبٍ اوروبي ومِن ذَلِكَ العَصر.

تَلا ذَلِكَ، اسْطِوَانَةٌ اخْرَي من المُوسِيقَي الكَارْنَاطِية. فِي لَحْظَةٍ غَيْر مَسْمُوعَة بَدَت النُّوتَاتُ الاولَي كَمَنْ يَطْرُقُهَا مِنْ دَاخل الاذن. هِي مُوسيقي كَمَا لو لَم نَسْمَعْ مَثِيلا لها عن قرب في الْحَيَاةِ مِن قَبل. تَقْطِفُنَا فِي الطَّرِيق قُوَّةُ الهِنْدِ الداخلية، اشَدُّ حِدَّةً ، تَجْلِبُ الرِّفْعَةَ، تَدْفَعُ نَحْو السُمُوِّ، حَليف الدفء، دفء غير مَخْصوص .
كَمَا يتدَفّقُ المَاءُ في سَرِيرِنَهْرٍ، كَذَلِك تَتَدَفّقُ المُوسِيقي في سَرِير كَياني، رَاعية،
بَاعِثَة الرَّحَابة والتنفُّس في الرَّحَابة .

غَاب وَجَعِي والخَوف أيْضًا.
كان مَنْسِيا.
بأسْلوبِها المتفرِّد، من خلال تَكَسُّرَات مُخْتَلفة الطُّرُقِ وخَاصَّةً بِطَرِيقة غَريبة غَطَّت الموسيقي الموالية كُلَّ شَيء .

ثُمَّ ألْفَتْ نَفْسَها تَائِهَة فِيَّ، تَائِهَة بِمَا انَّهَا مُستقِلَّة وسط بَحْرٍ اكثَر اتِّسَاعًا.

وَكَانت الْحَديقة حَاضرة، حَاضرة بِشَكْلٍ اخَرَ مُخْتلِفٍ تماما.
مُنْذُ الْبَدْءِ كَان هُناكَ عُمْقٌ شَفِيفٌ ادْرَكَ اقَاصيه. يَتَعَلَّقُ الأمْرُ الآنَ بِشَيء آخَر مُخْتَلِفٍ تمَامًا، بل بحَديقة اخري غير هذي.

دون ان تَتَوَضَّح التحَمَت الموسيقي بها، ولم يكُن لديَّ عَن هذَا الالْتِحَام ايَّة فكرة، كان بدرجة من الحَميميَّة حَتَّي انَّني نَسِيته، التِحَام قَوي مُتَفَرِّد بِتلك الشَّجرة المتسلطة حيث توجد، بتاجها المضاعف الكَثِيفِ الاوراقِ ، القَلقِ، القَلقِ دونما توقف، في حركات غير متساوية، ضاجٍّ، احَاطت به نسمة اصْبَحَت "شهوانية"، تبدو كما لو انَّهَا غير مَسموعة.

مِئات الافْنَان والاورَاق مضت وكما مالت تنشَّقات غبية جعلت منها اصْواتُ "فينا" الَّلامرئيَّة سخِيَّةً، طَبيعيّةً، طَافِحَةً بِشَكْلِ مُدْهش.

وَانا ادْخُلُهَا، مَارَّا من الامَامِ، رَأيْتُهَا كَانت بِلا صفَةٍ وَبِلا طِرَازٍ، لَم تَكُنْ تَعِدُ بِالكَثير، حَدِيقة مَا، انوَجَدَت خَرْسَاء، دُفْعَة وَاحِدَةً، واذَا بِهَا حَديقة فردوسيَّةٌ ... وَانا في الامام علي بُعْد خُطُوات، وبِشَكْلٍ طَبِيعي الي دَرَجَة لَمْ اعْرف مُنْذ مَتي وَانا هُنا، في حَديقة الْحَدَائق، وهي تسْطو عليك دون اي شَيء آخر في العالم، حتَّي الزمن لا َيُمْكِنُه ان يَتَجَاوزَها، حَديقة فردوس حقيقية، لَن تَحْلم بِأي شيء آخر.

كان من المُمْكِن اذا، حيْث لا ابَّهة ، لا َثعْبَان، لا اله مؤدبا، لَيْس ثَمَّة سِوي الْجَنَّة غَيْر المَأمُولة. وَبِدُون ايِّ حَاجَة للتَّحَرُّك امَام تلك الشَّجَرة في الْوَسطِ، ذَات التَّاجِ المُتَّسِعِ، ذَات الاوراقِ المُصْفَرَّة الضَّخْمَة، المُذَهَّبة الْمعلنة عن الخريف القادم.

تَوَهَّجَت نِسْمَةٌ،تُوقِظُ الافْنَان النَّاعِسة والاورَاق الذَّابلة، ذات الرَّحابة الطَّاغية مُعَبِّرة عن غِبْطَة، غبطة فِي اعْلي دَرَجَاتِهَا، ورَغْبَة اشَدُّ من الغِبْطَة، غبْطَة من جَمِيع الاشْكَال المَمْنُوحَة واللَّحْظة القَادِمة، مُنتزعة، مستعادة، مُسْتَعادة وَمَمْنُوحة مَرَّة اخري من اجل التقاسم والاجلال، من اجل الموهبة الولهانة.

عَالَمُ الشَّرْق الْمُهَيَّجِ كَان َ هُنا وَاحِدًا و كُلا مُعَبِّرًا عَن اوج الانتشاء، باسم الكلِّ وباسم الارض.

مَا يُمْكِنُ انْ تَرْسُمَهُ الافْنَانُ وَالاوْرَاقُ، لَيْس بِامْكَانِ ايِّ ذِرَاعٍ كَمَا انَّه ليْس بِامْكَانِ جَسَدِ امْرَأة او رَجُلٍ، لَيسَ بِامْكَانِ ايِّ رَقْصَة بَشَرِيَّةٍ او حَيَوانِيَّة ان تُحَقِّقَهُ.لَقَد كَانت فياضاناتٍ، فياضاناتٍ لَيْسَ لَها ان تَكُفَّ، مَرِنَةً، وَفِي كُلِّ الاتِّجَاهَاتِ مَعَ لامُبَالاة مَشْفُوعَةٍ باسْتِرْدَادَات غير مُنْتَظَرَةٍ في اللَّحْظَة المُتَحَرِّرَةِ اللامُتَجَاوَزَةِ.

جُثُوات، تَضَرُّعَات، احتبَاكَات، خَلاصات، اقتلاعَات، غَطْسَات في الامَامِ، انسِحَابَات، تَرَاجعَات، مُعَانقَات اخْري وَدَائِمًا نَحْو الاقْصَي، فِي كُلِّ وَرَقَةٍ، فِي كُلِّ غُصْنٍ اضْحي كَائِنًا عَاشِقًا، يُعِدُّ وَيُعِدُّ مَرَّة اخْري اخْشَع الرَّكَعَات فِي تَعْبير عَن اجْلالٍ لانِهَائي حَيْث من زَمَنٍ بَعِيدٍ قِيل انَّ كُلَّ مَقْطوعَةٍ اصْبَحَت الْكُلََّ تُريد ان تُثْمِر اخيرًا دونما تعب او انهاكٍ ..وفي سُمُوّ.

لأنَ هَذه الفَيَضَاناتِ وَهْي مُغْتَبِطَةٌ وَجَدت لَهَا مَوضِعًا عِنْد قِمَّة الشَّجَرة (ولا استغرب ذلك) عند شجرة جَوزٍ عَتِيقةٍ ذَات تَاجٍ فَسِيحٍ، نَادر جِدًّا من حَيْثُ جَوهَرِه. تَاجٌ مُضاعَفٌ كَأنَّهُ ثُلاثِي، كَأنَّه بِلا شَبيه، سِرْب حَيْثُ كُلُّ عُضو يَنْدَفِعُ دونَمَا ارهَاقٍ وبِشَكْلٍ مُتَتال الي الامَام، يَنْسَحِب، ليُعَاود الانْدفَاع دون استراحة.
تَهَيّجَات بِلا اشْخَاصٍ، حَيْث انَّ جَمِيع الاجْزَاء، فروع، اورَاق وافْنَان كَانت اشْخَاصًا بَل اكْثَر من اشْخَاصٍ، مُهْتَزَّة باكْثر عُمْقٍ، اشَدَّ ارتِبَاكًا مُرْبِكَة.

مُنْفَرِدَة، لَيْسَ جَمَاعِيا، في ايقَاعٍ مُتَسَارعٍ مُسْتَولٍ عَلي كُلِّ تَكَاسُلٍ حيث ليست الريح الحقيقية وحدها هي المسؤول الرئيسي .

يَنْحَني الوَرَقُ الي الاسْفَل بِسُرعة ثُمَّ يَنْدَفِع متصَاعِدًا، ثم مسْحوبًا الي الْخَلْفِ، ثُمَّ يَرْتحل دونما تعَبٍ الي التجاوز اللاتعِبِ، مُتَجعِّدا كَأنَّه غير متجعد بوحشية وَهْوَ حصِيلَة لِنَوعِ من الْقَدَاسَة في سُمُوٍّ فَريد.

جَمَالُ الاخْتِلاجَات في حَدِيقة التَّحَوُّلات .
ارواءٌ ولا ارْواء يَرْتَحِل من الشَّجَرة الي انخِطَافَات الرُّوح، نِدَاءات الي الظَامِئِين، نداءَات مَسْموعة محتفل بها. هذه التكْملة المنتظرة منذ الابد تَمَّ تلقيها ثم ايداعها.

الاحساس اللامتناهي- عدم الاحساس في حضرة موعده.

وَتَنْفَتِح، تَنْغَلق الرَّغْبَة اللامتناهية، نبضات لا تفتر بين الارْضِ والسَّمَاوات - غبطة بَلِيَتْ- وَحْشِية مَجْهولة مُوفدة الي تلذُّذٍ اعْلي من كُلِّ تلذُّذ، ضحو اختراق في اتِّجَاه الاعْلي كَمَا هو في اتجاه الاعمق حي يظَلُّ الغَامض سِرًّا مُقَدَّسًا.

فقط يَنْضاف اليه يَلْتَحِمُ به اكثر (آتية من حيث لا ندري) تقطيع رزين للجمل الشعرية، ايقَاع قوي، اصَمُّ لَكِنَّه وبالتَّسَاوي داخلي، كَمَا هي دَقَّات القَلْب التي كان من الممكن ان تكون موسيقية .قَلْب نابض في الاشْجَار وهو ما لا نَعْرِفُه عَنْهَا وَهْو ما اخْفَتْه عَنَّا، سَليل قَلْب نَبَاتي كبيرٍ (من الممكن ان نقول كوكبي) قلب مشارك في كُلِّ شَيء، مُسْتَعاد، مقبوض عليه اخِيرًا، غامض عند اولئك المَسْكُونين بالانْفِعَال المُطْلَقِ، ذَلِك الذي يُصَاحب كلَّ شيء وَيَحمل الكونَ.

القدس العربي
23/07/2008