(من أنطولوجيا الشعر المغولي الاسلامي في الهند)

ترجمة وإعداد: فوزي محيدلي
(لبنان)

زر الياقوت على قميصكِ الحرير قطرة من دمييعتبر زهير الدين محمد بابر (1483 - 1530) مؤسس الامبراطورية المغولية الهندية. خلال حُكم حفيد بابر، "أكبر" (حكم بين 1556 - 1606)، وحُكم كل من جيهانغير وشاه جاهان (بن تاج محل)، أرست الامبراطورية المغولية نفسها كواحدة من المراكز الاساسية الثلاثة ضمن العالم الاسلامي. من الناحية الثقافية كان لايران تأثير واضح، ومعظم الأدب المبكر لهذه الامبراطورية خُط بالفارسية. وانطلاقاً من اعتراف البلاطات المغولية بالمواهب الشعرية وإغداقها المكافآت عليها عمد، وطوال قرنين، افضل الشعراء الفرس الى الهجرة نحو الهند.

لم يحاول شعراء الهند المغول المسلمون الاشتغال على شكل قصيدة "الماسنافي" (قصيدة طويلة) بل قنعوا بشكل قصيدة "الغزال" (قصيدة ليركيية أو غنائية الطابع وقصيرة)، وحتى اشتغلوا ايضاَ على قصيدة المقطع الشعري المؤلف من بيتين. ومن النوادر التي تروى ان واحدة من أوائل القصائد الثنائية الاسطر نطق بها ببغاء (ربما يساق ذلك للتدليل على سهولة هذا الشكل الشعري. ويتسم هذا الشكل بأنه بديع وسهل:

لقد عبر الرجال
ألن تنطلق أنت من جديد؟

وهاك ثنائية أيضاَ لبابر نفسه:
السنة الجديدة، الربيع، الشراب، والمحبوبة من المسرات؛
استمتع بها، يا بابر، لأنه لا يمكن امتلاك العالم مرة ثانية.

قصيدة لميرشير
كوني عادلة في حكمك، ايتها السماء الزرقاء،
أي من هذين الاثنين سار بخطى أكثر وسامة؛
اشمسك المنيرة للعالم والمنطلقة مع دغشة الصباح،
أم قمري العابر للعالم والمنطلق من لحف السماء؟

قصيدة للشاعر "كبير":
لا تذهب الى الحديقة،
اواه يا أخي لا تقصدها، اذا كانت "ذاتك" هي الحديقة،
انتقي لك جلسة على بتلات
اللوتس، ومن ثم انظر، تأمل،
في الجمال الأبدي.
وحده الانسان العاقل يسمع صوت
اللحن العذب المرتفع في طيات السماء
وحده، ذلك الذي هو مصدر كل لحن عزب
يملأ كل الفلك بالموسيقى
ثم يجلس بحالة كمال وامتلاء.

تتكثف السحب في السماء،
أواه، أصغ الى زئيرها،
يفد المطر من الشرق،
بهديره الراعد.
اعتني أكثر بالسياح والحقول،
والا فإن المطر يتحول فيضاناً هناك.

قصيدة لغاداي دهلفي
الروح أحياناً هي موطن الحب، وأحياناً تكون الفؤاد الموطن؛
أحمل معي حبكِ من مكان إلى آخر
لا تغفلي عن صاحبك الحزين جداً اليك،
لانه لا ينساك بعض لحظة.
شددت وثاق فؤادي المفتون بك بخيوط ضفيرتك
وقعت في شرك ذاك القيد الأشهى من المسك؛
اذا كان تسليم الحياة للمحبوب يحوّل العمل سهلاً،
لن يبقى امام الأحبة صعوبة من اي نوع.
اواه، يا أنا، انتهت الحياة بالفشل،
لم أنل من الشفتين الياقوتيتين للمحبوبة.

قصيدة لسايب:
اختلاس قبلة، سرقة بديعة. كيف وبلوغ المرام!
في حال استردت القبلة، تضاعفت!

قصيدة لمولى شحاديا:
ليلاً ونهاراً دأب معلمنا طالب
الهرولة وراء جيفة هذا العالم
لعله لا يتذكر كلمات سيدنا التقي
هذا العالم جيفة ومن يشتهيه هو كلب.

قصيدة لنور جاهان:
الزر الياقوتي الذي يتلألأ على قميصك الحرير
قطرة من دمي أمسكت بخناقك.

قصيدة لميوزي:
شاهد "الملك" العلي النار المستعرة في داخلي:
رفعني جلالته من الأرض الى ما فوق القمر:
مني قصيدة بانسياب الماء بلغت أسماع الناس،
وسرعان ما راح يعدو حصان أصيل مطهم.

المستقبل
نوافذ 23 كانون الأول 2007