قَصَائِدُ تَانْكَا لِلشَّاعٍرَةِ اليَابَانٍيَّةِ تَاوَارَا مَاشِي
TAWARA MACHI

تَرْجَمَةُ وَتَقْدِيم: أَحمد لوغليمي
( المغرب/إيطاليا)

TAWARA MACHIدَائِماً نُشْبِهُ مَنْ/مَا نُحِبّ. دَائِماً تَسْتَوِي مَلَامِحُنَا عَلَى مَقَاس مَوْضُوعِ وَلَهِنَا حَتَّى أَنَّنَا نَبْدُو تَوَائِمَ، مَنْ يُحِبُّ الأَحْصِنَةَ يُشْبِهُهَا، حَدَّ أَنْ تَرَى فِي عَيْنَيْهِ الصَّهِيل وَمَرَاتِعَ الفَيَافِ، مَنْ يُحِبُّ العَصَافِيرَ يَزْفَرُ قَلْبُهُ زَقْزَقَةً لِأَصْغَرِ صَبَاحٍ، ... تَوَارَا مَاشِي TAWARA MACHI تُحِبُّ الطُّفُولَةَ...وَحِينَ نُشْبِهُ الطُّفُولَةَ فَلَنْ نَكْتُبَ سِوَى عَلَى مَقَاسِ الدَّهْشَةِ.
رُبَّمَا بِسَبَبِ حَدْسِهِ اللَّوْذَعِيِّ، أَوْ رُبَّماَ لِنَفَاذِ نَظْرَتِهِ المُشْبَعَةِ بِالتَّأَمُّلِ، بِرُوحِ الهَايْكُو، التَّانْكَا، الرَّانْجَا، الهَايْبُونْ، الزَّنْ، التَّاوْ...المُرْهَفَةِ حَدَّ اسْتِشْعَارِ جُثُومِ فَرَاشَةٍ عَلَى بَتَلَةِ فَاوَانْيَا، وَلَكِنْ حَتْماً، بِسَبَبِ كَوْنِهِ شَاعِراً مُعَلِّماً، مُرْشِداً لِمَبَادِئِ كِتَابَةِ التَّانْكَا، تَنَبَّهَ سَاسَاكِي يُوكِيتْسُونَا Sasaki Yukitsuna مُبَكِّراً، لِلْمُوسِيقَى العَمِيقَةَ، المُنْبَثِقَة مِنْ بَرِيقِ عَيْنَيْ تَاوَارَا مَاشِي مُذْ اِلْتَقَاهَا لِأَوَّلِ مَرَّةٍ فِي الجَامِعَةِ، فَخَالَهَا بِشَكْلِهَا الضَّئِيلِ وَحَرَكَاتِهَا النَّزِقَة، تِلْمِيذَةً تَسَلَّلَت إِلَى مُدَرَّجِهِ، وَمُذْ ذَاكَ أَدْرَكَ أَنَّ الطِّفْلَةَ الَتِي حَافَظَت عَلَيْهَا بِدَاخِلِهَا هِيَ السَّبَب، وهي مَا جَعَلَ قَصَائِدَهَا تَحْمِلُ حَقِيقَةَ القَلْبِ.
مَا كَانَ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْزَرَ النَّجَاحَ المُنْقَطِعَ النَّظِير الَذِي حَقَّقَهُ العَمَلُ الشِّعْرِيُّ الأَوَّلُ لِهَتِهِ الشَّاعِرَة الشَّابَّة ذَات الأَرْبَعَ وَعِشْرِينَ رَبِيعاً 'عِيدُ مِيلَادِ السَّلَطَة' وَلَا حَتَّى هِيَ نَفْسُهَا. ظَفَرٌ صَاعِقٌ، غَيْرُ مَسْبُوقٍ.
تَهْجِسُ لَعَشِيقِهَا ذَاتَ قَصِيدَةِ:

'تقولُ لي: 'إنها لذيذة'،
و هكذا
يصير
السادس من تمّوز
عيد ميلاد السَّلَطَة.'

فِي الأَشَهُرِ الثَّلَاثَةِ الأُولَى فَقَطْ، بِيعَتْ مِنَ الدِيوانِ ثَلَاثَةُ مَلَايِينِ نُسْخَةٍ، لِتَتَجَاوَزَ فِيمَا بَعْد الثَّمَانِيَةَ مَلَايِين. شَيْءٌ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ مَثِيلاً اليَابَانُ نَفْسُه حَيْثُ التَّقَالِيدُ الشِّعْرِيَّةُ طَقْسٌ شَعْبِيّ، وَحَيْثُ كُلُّ شَيْءٍ يَنْضَحُ شِعْراً مُذْ طُقُوسِ الشَّايْ حَتَّى فَنِّ تَنْضِيدِ الأَزْهَارِ...
ثَمَّ مَنْ اعْتَبَرَ الظَّاهِرَةَ سُوسْيُولُوجِيَّةً مَحْضَة أَكْثَرَ مِنْهَا أَدَبِيَّة، بَيْنَمَا التَّفَاسِيرُ الثَّقَافِيَّةُ لِلظَّاهِرَةِ تُعَلِّلُهَا بِالاِرْتِبَاطِ العَمِيقِ لِلْيَابَانِيِّين، بِالطَّبِيعَةِ وَالشِّعْرِ، بِمَهَارَاتِهِم الغَرِيزِيَّة، القَصِيَّة فِي المُزَاوَجَةِ بَيْنَ الحَدَاثَةِ وَالتَّقْلِيدِ فِي تَأْلِيفٍ جَرِيءٍ، وَهْوَ مَا جَسَّدَتْه بِجَدَارَةٍ تَاوَارَا مَاشِي، فَقَطَفَتْ، اِبْنَةُ مَدِينَةِ أُوسَاكَا Osaka، شُهْرةً سَامِقَةً تَجَاوَزَت شُهْرَةَ بَطَلَاتِ السِّينِمَا وَالمُوضَة...
مُحْتَفى بِهَا بِاعْتِبَارِهَا أَعَادَتْ إِنْعَاش، وَعَصْرَنَة التَّانْكَا ـ هَذَا الشَّكْلُ الشِّعْرِيُّ الفَادِحُ العُذُوبَةِ، اللَّذِيذ، المُمْتِعُ، الطَّرِيفُ، وَالخَفِيفُ الظِّلِّ ـ بِلُغَةٍ حَدِيثَةٍ، لُغَةُ التَّدَاوُلِ اليَوْمِيِّ، بِأُسْلُوبٍ يَجْمَعُ اللُّغَةَ المُعَاصِرَةَ بِالشَّكْلِ الثَّابِتِ لِلتَّانْكَا وَبِالمَقَاطِعِ الصَّوْتِيَّةِ أَلْ 31.
تَشْرَحُ لَنَا مَاشِي: ' أَنْ يَتَأَلَّفَ التَّانْكَا مِنْ كَلِمَاتٍ مَعْدُودَةٍ، وَأَنْ تَكْفِي لَحْظَةٌ لِكِتَابَتِهِ، لَيْسَ بِأَمْرٍ يَنْقَلِبُ لِغَيْرِ صَالِحِهِ، عَلَى العَكْسِ تَمَاماً... بِالتَّمْرِينِ عَلَى كِتَابَةِ التَّانْكَا نَتَخَلَّصُ شَيْئاً فَشَيْئاً مِنْ كُلِّ الدُّهُونِ الزَّائِدَةِ، مِنَ العَوَالِقَ الَّتِي تَشُوبُ التَّعْبِير. ذَاكَ القَلِيلُ الَذِي يَفْضل هُوَ مَا يَدُومُ.
التَّمَرُّسُ عَلَى الاِنْفِعَالِ المُفْضِي إِلَى التَّخَلُّص وَالطَّرْح.
الكَمَالُ الَذِي يَكْمُنُ فِي الإِنْقَاصِ مِنْ أَجْلِ الحِفْظِ وَالإِدَامَةِ. هُوَذَا سِحْرُ التَّانْكَا'.
عَمَّنْ هِيَ مَاشِي الصَّغِيرَةُ، تُجِيبُنَا: ' أُحبُّ الطُّفُولَة، أُحِبُّ الطَّبْخَ، أُحِبُّ البَحْرَ، أُحِبُّ كِتَابَةَ الرَّسَائِلِ وَتَلَقِّيهَا. وَمَعَ أَنَّنِي أَشَدُّ نُوسْطَالْجِيَّةً ، وَأَشَدُّ حُباًّ مِنْ كَثِيرِينَ، فَأَنَا أَعِيشُ وَحِيدَةً بِطُوكْيُو. أَنَا سَكْرَانَةٌ بِالحَيَاةِ، سَرِيعَةُ البُكَاءِ، وَيُذْهِلُنِي كُلُّ شَيْءٍ وَأَيُّ شَيْءٍ. لَا شَيْءَ لِأَقُولَهُ عَنْ تِلْكَ الأَرْبَعَة وَعِشْرِينَ عَاماً، لَا شَيْءَ لِأَقُولَهُ عَنْ تِلْكَ التَاوَارَا مَاشِي. وَلَكِنْ مِنْ هَذاَ أَللَّاشَيْءَ يُمْكِنُ أَنْ أَقُولَهُ، أُرِيدُ أَنْ أَسْتَمِرَّ فِي كِتَابَةِ شِعْرٍ حَقِيقِيٍّ عَنِ اليَوْمِيِّ.
مَنْ يَدْرِي؟ رُبَّمَا أَنَا نَفْسِي لَسْتُ سِوَى قَصِيدَة تَانْكَا.'
إِذْ تَحْضُنُنِي، فِي الهَوَاءِ البَحْرِيِّ، أَصِيرُ بَيْنَ ذِِرَاعَيْكَ صَدَفَة

قصائد تانكا

- 1 -

بِأَرْبَعَمِائَةِ يَنٍّ
صَارَتْ فِي مِلْكِي،
لَكِنَّهَا لَا تُبَالِي،
وَتَذْبُلُ
هَتِهِ الأَزْهَار!

- 2 ـ

حَبَّاتُ الفُولِ هَتِه
المَنْثُورَةُ
مِثْل رَنَّاتٍ مُوسِيقِيَّة
تَنْثُرُ مَعَهَا
حُزْنِي فِي المَطْبَخ!

- 3 -

سَأَتْرُكُهُ
كما هُوَ،
تَقَعُّرُ قُبَّعَتِي القَشّ،
تَمَاماً
كَذِكْرَى.

- 4 -

فَقَطْ
لِأُثِيرَ ضَجَّةً
فِي شُقَّتِكَ الخَالِيَّة
فِي ظَهِيرَةِ الخَمِيسِ هَتِهِ
أُرَكِّبُ رَقْمَ هَاتِفِكَ.

- 5 -

إِجْمَالاً،
كُلُّ الفَوَاكِهِ حَامِضَة
فِي
مَدِينَةِ كْزْيَانْ هَتِه
حَيْثُ الرِّيحُ تُولَدُ هَذَا الصَّبَاح.

- 6 -

بِقَدْرِ مَا تَكُونُ أَكْبَرَ
بِقَدْرِ مَا أُحِسُّ
أَنَّنِي ثَرِيَّة،
حَقَائِبُ اليَدِ
في طوكيو.

- 7 -

أَتَذَكَّرُ
فَجْأَةً
دُعَابَتَكَ
فَأَضْحَكُ خِفْيَةً
وَسْطَ الحَشْدِ!

- 8 -

فِي عُلْبَتِهِنَّ الحَافِظَة
حَبَّاتُ البَازِلَّاءِ الصَّغِيرَة
فِي قَلبِ اللَّيْلِ
تَصْرُخُ:
'افْتَحُوا، افْتَحُوا !'

- 9 ـ

مُبَاعَة
بِخَمْسمِائَةِ يَنٍّ
لَا تَبْدُو رَاضِيَّةً،
هَتِهِ الطَّمَاطِمُ
المَصْفُوفَةُ فِي الوَاجِهَةِ!

- 10 -

مِلْأُ الصَّيْف،
مِثْلُ أَنْفَاسِ طِفْلٍ صَغِيرٍ
رَعْشَاتٌ خَفِيفَةٌ
تُجَعِّدُ المَاءَ
عَلَى سَطْحِ النَّهْرِ الأَصْفَر.

- 11 ـ

يَدُكَ اليُسْرَى
الَّتِي تَبْحَثُ عَنْ أَصَابِعِي
وَاحِداً بَعْدَ الآخَر.
رُبَّمَا هَتِهِ الحَرَكَةُ
هِيَ عَيْنُهاَ الحُبُّ.

- 12-

بَعْدَ صَمْتِناَ الطَّوِيلْ،
هَذَا التَّلَعْثُمُ
فِي بَحْثِكَ عَنِ الكَلِمَاتِ،
كَمْ
أَجِدُهُ مُمْتِعاً!

- 13 -

ِدَقِيقَةٌ وَاحِدَة قَبْلَ المَوْعِدِ،
جِئْتُ إِلَى المَحَطَّةِ،
وَخِلاَلَ تِلْكَ الدَّقِيقَةِ،
فَكَّرْتُ،
فِيكَ!

- 14 -

يَالَلْعُذُوبَة
الَتِي تَكْمُنُ
فِي طَرِيقَةِ انْحِنَاءِ أَزْهَارِ النَّرْجِسِ.
فَجْأَةً، إِنَّهُ مَوْطِنِي الأَصْلِي
مَا أُفَكِّرُ فِيهِ فِي كَانُون الثَّانِي هَذَا!

- 15 -

'Ciao' 'تْشَاوْ'!
فِي هَتِهِ الكَلِمَةِ
الَّتِي هِيَ الكَلِمَةُ نَفْسُهَا دَائِماً
ثَمَّةَ شَيْءٌ مُخْتَلِفٌ
هَذَا الأَرْبِعَاء.

- 16 -

'بِالنِّسْبَةِ لِي لَيْسَ ثَمَّةَ مُشْكِلَة'
مَا الَّذِي
لَيْسَ مُشْكِلَة لَدَيْكَ،
لَا أَدْرِي.
وَمَعَ ذَلِكَ، أُوَافِقُكَ بِحَرَكَةٍ مِنْ رَأْسِي!

- 18-

حِينَ تَخُطُّ حَرْفاً
بِيَدِكَ اليُسْرَى
تَكُونُ حَرَكَتُكَ هَتِهِ زَرْقَاء...
وَحِينَ تَنْزَعُ نَظَّرَاتِكَ
تَكُونُ حَرَكَتُكَ هَتِهِ خَضْرَاء ـ صَفْرَاء.

- 19 -

عَلَى هَذَا الشَّاطِئِ الرَّمْلِيِّ
جَنَاحُ الطَّائِرَةِ المَكْسُورِ
الَذِي دَفَنَّاهُ مَعاً،
أَرْجُوكَ،
لاَ تنْسَاه.

- 20 -

مَعَكَ
حَتَّى قَرْقَرَةُ المَاءِ
الَّذِي أُغَرْغِرُهُ
فِي حَلْقِي
لَهَا جَرْسُ امْرَأَة!

- 21 ـ

'هَاتِفِينِي!'، 'انْتَظِرِي!'
هَذَا الهَوَسُ
فِي التَّعْبِيرِ
عَنْ حُبِّكَ لي
بِصِيغَةِ الأَمْر!

- 22 -

فِي غَابَةِ الخَيْزُرَان
مِثْلُ نَشْوَةٍ
يَتَنَاهَى صَرِيرُ زِيزَانِ الحَصَادِ،
وَفَجْأَةً أَصِيرُ
خَيْزُرَانَةً.

- 23 ـ

مَعْرِضُ فَانْ غُوغْ
حَيْثُ لَا أَرَى
سِوَى
انْعِكَاسَ وَجْهِي عَلَى زُجَاجِ اللَّوحَات
طَوَالَ زِيَارَتِي!

- 24 -

إِنَّهَا لَا تُزْهِرُ
وَلَا تَفْقِدُ أَزْهَارَهَا
مُلْتَفِتَةً نَحْوَ السَّمَاء
أَعْمِدَةُ التِّلِغْرَافْ
الَتِي تَهُبُّ عَلَيِهَا رِيحُ الرَّبِيع!

- 25 -

لا زَالَ الوَقْتُ مُبَكِّراً
لِلْحَدِيثِ عَنِ الغَسَق،
فِي هَذَا المُنْتَزَه،
حَيْثُ مِشْيَةُ تِلْكَ المَرْأَة الحُبِلَى
بِكُلِّ بَسَطَاةٍ، جِدُّ رَائِعَةٍ.
ـ 26 ـ
تَقْرِيباً لَا شَيء فِي تِلْكَ الدَّرْدَشَاتِ
تَقْرِيباً لَا شَيْءَ فِي تِلْكَ الاِبْتِسَامَاتِ
وَلَكِنْ بِالضَّبْط
بِسَبَبِ ذَاكَ أَلْـتَقْرِيباً لَا شَيْئَ
أَعْشِقُ مَوْطِنِي!

- 27 -

رَجُلٌ لَا يُفَكِّرُ إِلَّا فِيَ
سَيَكُونُ مُمِلاًّ،
أَعْرِف.
وَلَكِنْ،
هَذَا مَا أُرِيدُهُ مَع ذَلِك!

- 28 -

سَانْ فَلنْتَايْن هَذَا
الَذِي لَمْ أَتَمَكَّنْ
مِنْ رُؤْيَتِكَ فِيهِ
مِثْلُ عِيدِ العَذْرَاءِ
قَضَيْتُه!

القدس العربي
2011-07-15