كلود استيبان
(فرنسا)

ترجمة: اسكندر حبش
(لبنان)

Hillslakegeorgelgتشكل القصائد المترجمة هنا، للشاعر الفرنسي كلود استيبان، جزءا من كتاب يحمل عنوان (أرق، يوميات)، (تضمن عشرين نصا) كان نشره الشاعر العام 1991 عن منشورات (فوربي). وهو كما يدل عنوانه، مجرد (يوميات) على شكل قصائد شعرية كتبها خلال رحلة قام بها الشاعر الى اسبانيا، حيث تجول في مختلف مناطقها. هذه الرحلة، وصفها الشاعر يومها، بأنها كانت بالنسبة اليه بمثابة وسيلة لإعادة اكتشاف لغته الأم. فكما هو معروف، ينتمي استيبان الى منطقة الباسك، حيث ان والده من الباسك الفرنسيين، وأمه من الباسك الاسبانيين. وقد نشأ في ظل اللغتين الفرنسية والاسبانية، لكنه اختار منذ مطلع حياته اللغة الثانية كوسيلة تعبير، من دون أن ينسى اللغة الأولى، التي كتب بها قليلا، وترجم منها، العديد من كبار الشعراء الناطقين بها.

يوميات، تنجح كثيرا لتصوير اليومي والمهمل، وكأنه يعيد بذلك إنتاج أسطورة خاصة به، مع العلم ان اللغة الشعرية هنا، تختلف كثيراً عن لغة استيبان التي عرف بها والتي عرفت توهجها في (مصادفات الجسد والحقيقة) و(مراثي الموت العنيف) وغيرها من المجموعات التي جعلته واحدا من أبرز شعراء فرنسا المعاصرين.

مطار (برشلونة)

لا شيء هنا يسبب
الألم. لا النظارات ولا الرموش.
العالم، لا شيء
غير العالم. أكبر
منك، أصغر.
لا شيء سوى العالم
وربطتي عنق قديمتين
على الأرض. من سيلمّهما؟
يمر رجل مع حقيبته
المقفلة بشكل سيئ. رجل
يسقط.
من سيوقفه؟ الله
مثلما يقال.
ويمضون بطمأنينة.
لنرَ ما ان كان في الشوارع بعد
حافلات
وشرارات المتعة الكهربائية.
ساعة يابانية
تعلن الوقت بدقائق
حمراء.
05:21 وبعد ذلك؟
الأشياء مثلما هي عليه، مثلما
ستكون عليه. متشابهة.
ربطتا عنق بلا اسم
نجمتان
سقطتا أرضا. وهذا الصوت
الذي لا يتوقف عن الترداد:
السادة المسافرون.
ما من ألم.

( 26 ديسمبر 1986)

***

كونياك، الكثير من الكونياك.

يرتدي زيا تنكريا
في كانون الأول. شخص آخر
قال ذلك
بين الغجر.
قالها ومات.
أتذكره).
هنا، بين سيجار
وبهيمة مريبة.
هنا، من دون أن تذرف
الدموع.
لا تفكر مجددا.
نادل مقهى ذو شارب
يشبه
غروشو ماركس
بالطبع يعرف ذلك
كونياك. كأس كونياك آخر.
لا تخشَ شيئا. هنا
بين باريس وبرشلونة
لا أحد يموت.
إنها ثواني الدماء عديمة
الصبر. حتى
الستين. ستون أخرى. لا أحد
ينتبه لذلك.
حتى يختفي دخان أعقاب
السجائر
يندثر بلا نسيج
في الهواء.

(26 ديسمبر 1986)

***

طيران ليلي

رحلوا كلهم.
الجنرالات الأربعة
أعرف ذلك الآخرون أيضا
الذين من دون رتب
الذين، لا يعرفون
ان كانت ستشرق الشمس غدا.
قروي
صار بلا قرية، ضجة
النمال الثابتة على الرمل.
رحلوا كلهم. خطأ
أم صواب. على الشاشة
يصرخ رجل
بدون أن يصرخ.
قاسية هي اللغة، ألمها
أقسى
حين تستنفد
على سفح الأسنان
على الخبز
قروي. يستمر
في الكينونة
عبر عيني اللتين
بلا فضاء.
طيران في الليل. كم
تمتد اسبانيا حولي.
كم الصمت.

(26 ديسمبر 1986)

***

أمام البحر

أنظر، أنظر جيدا
في حال إن.
في حال لم تبحر الباخرة
نحو دروب أخرى، مرافئ
أخرى
بلا كراكي بلا بكرة
البحر، هنا، يقاوم
الشمس، كل ما هو
صلب، بسيط
من يتكلم
يجد هنا جوابا
ووقارا
من يتكلم هنا
يعرف كيف يصارع الظل
وأحلام باخرة غير موجودة.
أنظر، أنظر جيدا
جنوب يدوم، يتشبث
في مداره.
وأنت، بلا نظرة
تنظر الى البعيد

(27 ديسمبر 1986)

***

ممرّات

لنترك الباب مفتوحا
خلال الليل
كلا، من فضلكم. لا ان
كانت الريح تتخثر
الى حجارة ناعمة
الى هواء لا يتنشق، في
الرئة الرمادية.
كلا، من المحتمل
أن يقترب رأس
تسريحة امرأة،
فرضية ما.
دعوها تأتِ، لتمر
ولتتوه،
ظل مسكين بلا جسد
بين الجدران
بين بقع الدماء
التي بلا رائحة
اتركوا الباب
مفتوحا لمن يرغب
في الذهاب والمجيء
بين نافذتين
من دون غد.

(27 ديسمبر 1986)

***

فندق سياحي

انكليزي يقول: أأنت على ما يرام؟
لكنني لا أهز ساكنا.
امرأة تفقد مشطها وتبكي.
لكنني في مكان آخر.
عصفور أي عصفور؟
ينتظر فتات الخبز
لكنني لا أراه
موجود وغير موجود. تنقصني
الكلمات الكبيرة
التي كانت كلمات أمير
على سوره.
فاسق، الوقت
في الدانمارك
والحفرة في أمانتها
بارعة، مطمئنة.

(27 ديسمبر 1986)

***

صباح

النهار الذي لم يكن
يستمر في العودة
يهبط الى الشارع
ويتسكع
بين السترات الجديدة والقناني
لاحسا الواجهات
مذهبا التماثيل
النهار الذي لم يكن
لا يدافع عن نفسه. ليس
بحاجة لأن يرى. يعرف
كل شيء.
من سيحيا ومن سبق
وحمل
شارة الموت في عروته
النهار الذي لم يكن
لا يعرفني أبدا
ويصطدم بي على الأرصفة

(28 ديسمبر 1986)

***

اسم محفور

أعادوه الى الأرض
كي ينسوه.
طبعوه
على الورق
حفروه على الحجر الأسود.
غطوه بالملح
والاسمنت
لينام وحده
بلا هدف،
ولكي لا يعود ويتألم بين الأحياء.
هذا ما حصل. خلال
يوم إضافي
القانون بالضبط
وهو في الأسفل، بلا
شفتين، بلا وجنتين
لتكشفه الشمس!
ليرسمه النور
بريشته الصغيرة.

(28 ديسمبر 1986)

***

مضيق

التاريخ هو نفسه
دائما ريح وقبضات.
والصرخة
فيما وراء البحار، حتى
الشمس
هنا، كما
أنفسنا، منذ عشرة قرون
منذ عشر سنوات، لم أعد
أعرف.
لحاء شجرة
يقاوم بشكل سيئ
ان لم يعتن به الاه
لكن الاله رحل.
فبقيت السيوف
القبضات
الرياح وجملها التي بلا معنى.
أتوقف
وأراك تصعد السلالم
بلا نهاية.

(28 ديسمبر 1986)