ماريو لوتزي

ترجمة: اسكندر حبش

تمطر بغزارة...

ماريو لوتزيتمطر بغزارة،
الربيع العتيق الماطر
على الجدران العتيقة،
يفتت المدينة
يغمرها
بالسأم والزمن،
يحمل إليها الحياة،
يستوفي
بنشوة
الشتيمة الأولى
في حدائقها كلها،
على مقاصفها كلها
التي لا تزال جافة بعد
يريحها من غنائمها أيضا،
حمم بركانية، رماد، أقذار
تتساقط في المجاري والسواقي،
كل شيء يسرع في اتجاه النهر...
لا يرفض النهر شيئا،
يستقبل كل ما يرمي به إليه
زمن البشر والطبيعة، من دون أن ينسى
أنه يفيض في اللحظة التي ينتفخ فيها،
ومن ثم يغفر لها ببهائه،
ويهيئها للاندثار
وللعودة، إلى أين؟ إلى الضفاف عينها،
خلل البيوت، الأسوار، الصخور، إلى وجوه على نوافذ
إلى أوراق شجر، ومن جديد،
إلى سراب السماء المدينية.

(?) من كتاب <<على صورة الإنسان>>، العنوان من وضع المترجم.

إلى أين تقودني...

إلى أين تقودني، يا فني؟
في أي مكان
منعزل، قاحل،
ترميني فجأة؟
في أي جنة خلاص،
جنة حرية ونور،
تواكبني، بسحر، أيها الفن؟
أهو لي؟ ليس لي هذا الفن،
أمارسه، أصفيه،
أفتح من أجله الذخائر
الإنسانية، ذخائر الألم
ولي، يحضر الذخائر
الإلهية، ذخائر الاحتدام
والتأمل،
في السماوات التي ألتزم داخلها...
آه، يا شَرطي الذي لا يقرأ
يا تجسدي الذي لا يُحتمل.

(?) من كتاب <<رحلة سيموني مارتيني الأرضية والسماوية>>، العنوان من وضع المترجم.

إلى الأم

ربما، تحطم السر، في وميض
ذاكرتي تظهرين ظلا،
عدما مرتديا الألم.
أنت، لا مختلفة، أنت كما دائما.
وحدها الطبيعة تبدل لونها.
في غيمة من الرماد والشمس،
متماثلة، لكن قريبة من بياض
السماء تمرين بدون أدنى كلمة.
أراك تدومين في موجة
النظرات، في المساء، في تأخر
النيران التي تنطفئ في إبرة
نور أحمر حيث ترتجف النظرة.

(?) من كتاب <<إراقة الخمر>>.

أين ترحل الحركة؟

إلى أين ترحل الحركة؟
في أين مكان هو سلام
الأشياء الكوني؟
أيها الرسول،
تدرج ضوء من نظام إلهي
ووحي
ينتشر قليلا.
في موعده
يخرج من النور المعاكس
من جهة البحر،
ومن الفوهة، طائرا
على سطح الماء
هكذا يصعد النهر
مع قوة الأجنحة
والوركين المطمئنة
هكذا
يغور
تحت عقد جسوره،
باتجاه الشرق، الفقر،
النبع.
أهذا هو المعنى، أم خطوة
من الرقصة الأبدية؟

(?) من كتاب <<على صورة الإنسان>>، العنوان من وضع المترجم.

لغة الأسلاف...

في لغة الأسلاف
إلى أين
لغاية أي بذرة أولى
من التأتأة الإنسانية؟
يُنزل وعورته، يترك نفسه
تسقط في اللجج
على طول تعريقة الخشب والليف
بعضها مهتز
بعضها ظمآن
من الهجران ومن الزمن.
وفي قلب
زاوية مخبئهما الديني،
تسحبهما المتاهات وبحيرات
الظلمة العميقة
نحو الجذور الزهيدة
حتى
الكلمة التي لا تزال بكماء، لكن
التي أعلنت، عبر قرب حدوثها.

(?) من كتاب >>رحلة سيموني مارتيني الأرضية والسماوية>>،