ياسين عدنان
(المغرب)

(Alexia Sinclair)في ديوانها الجديد "ورق عاشق" فاجأت الطبيبة الشاعرة فاتحة مرشد الجميع بانسلالها خارج الأنوثة حيث تقمصت صوت الرجل وتلبَّست نبرته العاشقة، ليس في تبادل طريف للمواقع بينهما ولكن في محاولة للتماهي التام بالرجل وإعادة اكتشاف الذات/ المرأة جسداً وروحاً من خلال نظرة الرجل، هذا الآخر الأليف إلى الحد الذي لم تتردد معه الشاعرة في أن تصيره ولو لبضع قصائد:

"جئتكِ
عاري الروح
حافيَ اليدين
دثريني
بالرموش
فأنا حين أعشق
أصير وليداً
يعانق الكون
في ثديين".

الصوت صوت رجل، والإحساس المرهف لامرأة. وما بين الصوت وذبذباته كانت فاتحة مرشد تغزل أشواقها الشفيفة البيضاء برقة متسامية استحال معها العشق حكايةً أنبل وأرق من أن تبقى شأناً ذكورياً محضاً.
استعارة الشاعرة صوت الرجل في ديوانها الجديد لم تكن تحدياً نسائياً فاضحاً، ولا استفزازاً للرجل، أو هجوماً فظاً على مجاله التخيلي والاستيهامي، بل هو صنيعٌ صادرٌ عن الأنوثة ذاتها. عن الإسراف في الأنوثة بما يستدعيه ذلك من رهافة في الإحساس والتّمثُّل. أنوثة كريمة غامرة فاضت على ضفاف السريرة لتمحو الحدود بين المذكر والمؤنث، وبين الروح والجسد:

"أُلقي بناظري في أحضان الموج
تنتعش السريرة
ويسبحُ
نحوكِ
البوح".

"ورق عاشق" هو الديوان الثاني الصادر لفاتحة مرشد عن دار الثقافة في الدار البيضاء بعد باكورتها الشعرية الأولى "إيماءات". وكانت مجموعة من قصائد "ورق عاشق" صدرت في أيار (مايو) الماضي ضمن حقيبة فنية للفنان أحمد جاريد حملت العنوان نفسه وطُبعت في عشرين نسخة في محترف الحفر الفني في الرباط. لوحات أحمد جاريد عاودت الظهور في هذا الديوان الذي جاء في 173 صفحة استضاف فيها الشعرُ التشكيلَ بأريحية بالغة واحتفى به على طريقته، بل كان يسامقه من حين لآخر خصوصاً في بعض المقاطع التي أبدعتها فاتحة مرشد بروح الرسام:

"ستهز ريحُ صرخاتي
أشجاركِ الصماء
ويرعشُ تحت ظلي
غصنكِ البري
ويسقط رجع الصدى
يوم أسقط في النسيان".

الديوان ضم أكثر من أربعين قصيدة سمتها البالغة هي القِصَر والرهافة، والكثير من العذوبة. عذوبة نسائية بدأت تتقدم تدريجاً في المشهد الشعري المغربي وتحرره من بلاغة الخشب والصور الذهنية، وهما السمتان اللتان طبعتا القصيدة المغربية الحديثة لمدة طويلة.

الحياة- 2005/04/15