(موسوعة بأربعة أجزاء عن الأديبات العربيات منذ 1873 إلى 1999)

عبد الرحيم العلام
(المغرب)

المرأة العربية.. شاعرة أولاً أصدرت مؤسسة المرأة العربية للأبحاث والنشر «نور» بالاشتراك مع المجلس الأعلى للثقافة بمصر، في بادرة تعتبر الأولى من نوعها، «موسوعة الكاتبة العربية: ذاكرة للمستقبل»، في أربعة أجزاء، يهتم كل جزء منها بأقطار معينة، حيث تم تخصيص الجزء الأول للكاتبات في لبنان وسورية، والجزء الثاني للكاتبات في مصر والسودان، والجزء الثالث للكاتبات في العراق وفلسطين والأردن والمغرب العربي، والجزء الرابع للكاتبات في الجزيرة والخليج واليمن، والكاتبات باللغات الأجنبية.
وقد بدأ هذا المشروع، كما ورد في كلمة هيئة التحرير، كفكرة طرحتها مؤسسة «نور» على الدكتورة لطيفة الزيات التي تحمست له وأسهمت في وضع تصور أولي له واقترحت أسماء للمشاركة فيه. ورحلت لطيفة الزيات، بعد ذلك، فواصلت المؤسسة العمل في إعداد هذه الموسوعة منذ عام 1996، وبعد ست سنوات من ذلك أتمت المشروع الذي جاء مشتملا على ثبت ببليوغرافي ضخم يتجاوز الألف كاتبة، وعلى منتخبات إبداعية من نصوص مائتين من الكاتبات.
وتجيء هذه الموسوعة، كما ورد في التعريف الذي قُدمت به أجزاؤها الأربعة، كمحاولة لرصد الكتابات الإبداعية للمرأة العربية الكاتبة، منذ الثلث الأخير من القرن التاسع عشر وحتى نهاية القرن العشرين، وتحديدا من 1873 إلى 1999، بما يتيح للقراء معرفة أفضل بذلك الحضور الثقافي والأدبي المؤثر للمرأة العربية الكاتبة في مجتمعاتنا العربية. ولا يكمن الغرض من هذه الموسوعة، في نظر هيئة التحرير، في التعظيم من شأن المرأة ونصوصها، بل رصد ظاهرة، وتقديمها للقراء العرب بما يتيح لهم معرفة أفضل بذلك الحضور الثقافي المؤثر، وربما أيضاً وضع مرآة أمام الكاتبة لمساءلة الذات وهي تتطلع إلى الرصيد الذي حققته في ما يزيد قليلا عن مائة عام.
وقد تم تقديم ثبت مرجعي شمولي لما كتبته المرأة العربية، بلغتها وبغيرها من اللغات الأجنبية، إضافة إلى دراسات مركزة ترصد تطور كتابة المرأة العربية في كل بلد أو وحدة من البلدان، ومنتخبات أدبية لبعض المبدعات العربيات، تم فيها مراعاة القيمة الفنية والقيمة التاريخية الوثائقية، كما تم ثبت كشافات بأسماء المبدعات والمجال الإبداعي لكل مبدعة في نهاية الموسوعة، تيسيرا للاطلاع والبحث.
وقد انتدبت مؤسسة «نور» لإعداد هذه الموسوعة مجموعة من الكتاب والباحثين والنقاد العرب، هم أعضاء في هيئة تحرير الموسوعة: رضوى عاشور وفريال جبوري غزول وأمينة رشيد ومحمد برادة وحسناء رضا مكداشي وعماد أبو غازي، ممن أسندت لهم كتابة الدراسات التمهيدية لكل جزء واختيار المنتخبات، إلى جانب مجموعة أخرى من الباحثات والباحثين المساعدين في وضع الببليوغرافيات، وهم من المغرب عبد الحميد عقار وعبد الرحيم العلام، ومن مصر أماني أبو زيد ومنال يس ومنيرة سلمان وداليا مصطفى، ومن اليمن انطلاق المتوكل، ومن لبنان رفيف رضا صيداوي وليلى الخطيب، ومن السعودية منال عيسى.
ومن خلال قراءة الموسوعة، نتبين أن حضور المرأة العربية على مستوى كتابة الشعر يأتي في المرتبة الأولى، ويتوازى مع حضورها على مستوى كتابة القصة القصيرة، يليهما حضورها على مستوى كتابة الرواية فكتابتها لأدب الطفل والمسرحية وكتابة السير الذاتية والمذكرات، بما يعني هنا أن ثمة حضورا فعليا ولافتا لها على مستوى جل الأجناس الأدبية الرئيسة، وهي تقريبا الوضعية نفسها إذا ما تمت ملامسة طبيعة الاهتمام الأدبي للمرأة العربية الكاتبة على صعيد كل قطر عربي على حدة.
وتمكننا الموسوعة كذلك من تكوين تصور شبه شمولي عن إبداع المرأة العربية الكاتبة باللغات الأجنبية، وتحديدا الإنجليزية والفرنسية، من خلال تخصيصها لحيز للتعريف بهذا النوع من الإبداع الأدبي وكاتباته.
وقد توقفت فريال جبوري غزول، في تقديمها لإبداع الكاتبات العربيات بالإنجليزية، عند كل من ثريا جورج أنطونيوس وأهداف سويف وإتيل عدنان، وبعض الشاعرات ممن لم يجمعن شعرهن بعد في دواوين، كحنان عشراوي ومهجة قحف ونادية بشاي وبولين قلدس. وقالت في تقديمها إن الكتابة باللغة الإنجليزية ليست نفيا وإنما خيار ترجحه خلفية المبدعة وذائقتها وتعززه دراستها لتلك اللغة وتبحرها في الأدب الإنجليزي.
أما حول إبداع المرأة العربية باللغة الفرنسية، فتشير أمينة رشيد، في تقديمها لهذا الجزء، إلى أن هناك فروقا عديدة بين كتابات النساء اللائي يكتبن بالفرنسية في العالم العربي، ومع ذلك تربط بينها علاقات واضحة، من أهمها تعدد الأصوات في الأعمال، وغيرها من الخصائص الكتابية والتعبيرية الأخرى.
وتبقى أندريه صعب شديد، الكاتبة المصرية ذات الأبوين اللبنانيين، أكثر الكاتبات العربيات إنتاجا باللغة الفرنسية، بحيث يصل إنتاجها الأدبي، الذي يشتمل على الرواية والقصة والشعر والحكايات والمسرحية والخيال العلمي، إلى أزيد من ثلاثة وخمسين عملا.

الشرق الأوسط
نوفمبر- 2006