مختارات شعرية بالجزائر

ابتسامة النائمصدرت عن جمعية البيت للثقافة والفنون وضمن مشروع "المكتوب العربي" المدعم من طرف الصندوق العربي للثقافة والفنون، مختارات شعرية للشاعر العربي نوري الجراح بعنوان "ابتسامة النائم"، أختار نصوصها الروائي السوداني محسن خالد، جاء في تقديمه للكتاب:

"هذا شاعر يكتب على نهر هارب، كل قراءة لشعره تأتي بجديد. فنصه حي لا تميته قراءة ولا تأتي عليه قراءة. نوري الجراح شاعر يأتي من المستقبل. فهل يمكن قراءة شعر ينتمي بجمالياته إلى مفاجآت المستقبل، أكثر مما ينتمي إلى "انكشافات" الحاضر بأدوات نقدية لذائقة كسلتْ واستنامت وتقادمت مباهجها الجمالية وما تزال توصف بأنها حديثة ؟

أستهل هذه الكلمة بالأسئلة وأدرج مع الأسئلة، فشعر صاحب هذه المختارات يفتح النوافذ على شتى الأسئلة، لكونه شعراً تشتبك لغته في بنايتها وعناصرها وأخيلتها، مع أصوات الأسطورة والسرد والشذرات النثرية وإيماضات التاريخ والخيالات الجماعية، والانفعالات الوجدانية، وتتداخل فيه الأزمنة، وتتعدد مصادره الثقافية بين شرقي وغربي؛ وهو شعر يحمل آثاراً وندوباً عميقة تركتها فيه التجارب المؤلمة لعصر مضطرب، وقد أكسبته هواءات السفر في العالم شرقاً وغرباً وخبراته الجمة ملامح إنسانية لا شبهة في فرادتها؛ فهل يمكن لشعر كهذا تتداخل فيه أصوات الشاعر وتحولاته الفردية بأصوات التجربة الملحمية لجيل كامل من الشعراء العرب المنفيين في انفتاح تجاربهم على تجارب شعراء العالم، هل يمكن لمثل هذا الشعر أن يقرأ بيسر، وتتجرع كأسه بحواس بريئة؟

إن عمل الشاعر، كما تفصح التجربة، المجتمعة في هذه المختارات، لهو عمل -على ما يوحي به من طلاقة وعفوية وتدفق وتطرف- مركب ومعقد إلى أقصى الحدود، ومن سماته أنه عمل يتجاوز التقاليد الكتابية الحديثة كما قَرَّت في الشعرية العربية، إلى حيوية فياضة في ابتكار الصور والخيالات والمشاعر والحالات وشتى الفيوضات التي تؤسس لشعرية خلابة وبالغة الحداثة معاً.
هذه المجموعة من المختارات الشعرية متصلة حقيقة بذائقة شخصية اختارتها لسبب جوهري، وهو أننا نفرد تجربة نوري الجراح الشعرية إفراداً يؤكد نفسه مع كل سطر من سطوره الشعرية المدهشة والمفاجئة في طاقتها المتطرفة والموضوعية معاً. إنه، كما يخيل إليّ، شعر يقد ذاته من مصهر أقوى من الشاعر نفسه. حتى لأكاد أقول إن العنصر الإلهامي في هذه التجربة له دور حاسم في خلق قصيدة تستطيع أن تستقل عن شاعرها بقوة عجيبة وتؤسس وجودها في عالم موضوعي.

إن ما يلح علي هنا مع شعر نوري الجراح هو الرغبة في العودة إلى روز المصطلحات التي تتداخل لتصف عمل الشاعر أو تكون خلاصته، موضوع التشبيه والاستعارة والقناع والصورة والأخيولة، والمجاز.
ولكم يغويني هنا، في هذا المقام، أن أستعمل تعبيراً لنوري الجراح في محاضرة له حول الشعر وصف فيها الشعراء الذين لا يغوصون تحت العالم المنظور، بأنهم "أسرى يلهون بالمعلوم". بينما الشعر مغامرة مذهلة مع ما لا نتوقع كنهه ولا صورته قبل أن نعود من الرحلة. قلة هم الشعراء العرب الذين يغامرون، ويمكن وصفهم بأنهم خالقو لغات. نوري الجراح واحد منهم.

إنه شعر هارب كنهر. أو كما وصف قصيدته بشراب غريب".
والشاعر نوري الجراح من مواليد عام 1956 بدمشق.
أدار تحرير العديد من المجلات الثقافية كمجلة: فكر، الناقد، الكاتبة، القصيدة.
صدرت له 10 مجموعات شعرية هي: (الصبي) بيروت 1982، (مجاراة الصوت) لندن 1988، (نشيد صوت) كولونيا 1990، (طفولة موت) الدار البيضاء 1992، (كأس سوداء) لندن 1993، (القصيدة والقصيدة في المرآة) بيروت 1995، (صعود ابريل) بيروت 1996. (حدائق هاملت) بيروت 2003. (طريق دمشق) و(الحديقة الفارسية) في مجلد واحد 2004.

كما له:

  • كتاب "الفردوس الدامي / 31 يوماً في الجزائر"، الذي جاء ثمرة رحلة في الجغرافية الدموية الجزائرية سنة 1998، صدر أولاً بالفرنسية في باريس في 6 كراسات منفصلة سنة 1999، ثم صدر بالعربية سنة 2000 عن دار رياض الريس في بيروت.
  • كتاب "الأولمب الإفريقي / الجزائر بعيون عربية 1900 ـ 1905".
  • حقق وحرر عدد من الرحلات العربية في إطار مشروع "ارتياد الآفاق" صدرت عن دار السويدي.
  • ترجمت أعماله الشعرية إلى لغات عدة.
  • يشرف حالياً ما بين لندن والإمارات على "المركز العربي للأدب الجغرافي / ارتياد الآفاق"، و"جائزة ابن بطوطة للأدب الجغرافي"، و"ندوة الرحالة العرب والمسلمين".