الشارقة - محمد ولد محمد سالم:

حمدة خميس“ربما كان (الشعر) استجابة للصوصيتي السرية على الكتاب الذي كنت أخبئه تحت الفراش حتى يغرق البيت في نوم ساذج عميق لأخرجه من مخبئه السري وأقرأ على ضوء فانوس ضئيل حتى صباح يقظة الجميع .

بتلك الجمل بررت الشاعرة حمدة خميس توجهها إلى الشعر دون غيره من فنون القول. وذلك في أمسية مساء أمس الأول في اتحاد كتّاب وأدباء الإمارات في الشارقة. تحدثت فيها عن تجربتها وألقت مجموعة من قصائدها. وقدمتها الشاعرة الهنوف محمد. وقالت حمدة خميس إن عوامل كثيرة منها مكتبة المدرسة وتشجيع مدرستها ومؤازرة خالتها كانت وراء الاستمرار في تلك المطالعة الحرة التي قرأت فيها وهي في الابتدائية أغلب أدب ذلك الزمن الخصب. سواء لدى أدباء تلك العرب في تلك الفترة الخصبة أو ما حصلت عليه من ترجمات لأدباء غربيين. وزودتها تلك القراءة بحرية التفكير الذي سيكون الدافع وراء تمردها و”خروجي الأبدي ورفضي لكل المفاهيم والتقاليد والأعراف المتيبسة التي تستلب الإنسان: الرجل والمرأة وتجعل منهما كائنين خانعين قانعين وتابعين مستعبدين أبداً على حد عبارتها” .

وذكرت خميس أنها بدأت الشعر في السبعينات بعد تخرجها في الجامعة وكان لأدب المهجر وبالأخص الشاعر إيليا أبوماضي تأثير في تجاربها الأولى لكنها لم تضع نفسها رهينة له. بحثت عن لونها الشعري الخاص بها. وكان ديوانها الأول “اعتذار للطفولة” تعبيراً عن ذلك اللون الذي انحازت فيه لذاتها في وقت كان الشعراء ينحازون فيه إلى القضايا الوطنية والإنسانية. وقد أكدت لها الأيام كما تقول سلامة توجهها “كنت مغتبطة بالمزاوجة بين اكتشاف الذات وسبر أغوارها التي تعمل أنساق الثقافة بمختلفها على طمسها. وبين الحلم العام والتوق إلى حرية الوطن والإنسان”. وهكذا واصلت الشاعرة ذلك التوجه “الترانيم” و”مسارات” ثم انتقلت إلى أفق آخر من التأمل مع ديوانها “أضداد” وجاء ديوانها “مس الماء” مبللا بماء الإنسانية في عمقها وغموضها وذاتيتها وتمردها وبهاء عتمتها. وكان ديوانها “تراب الروح” .

وتخلل الحديث عن تجربتها قراءات شعرية لمجموعة متفرقة من قصائدها. وخاصة من ديوانها الجديد “أس إم أس” الذي كتب أصلا كرسائل نصية قصيرة عبر الهاتف المتحرك. ثم جمعته كديوان. ويتميز بكونها ومضات قصيرة ودالة .

واستهلت قراءاتها بقصائد تأملية تساؤلية منها هذا المقطع:

ما العشق؟
كم أن هذا اللفظ
محدود وضيق
كم خانني لفظ الهوى
وتعبت من وله
كموج في النشيج
رب أن البحر
إذ يحتد يدركني
والجرح في اليم الغريق
إن فاضت مرارته
سيشبهني”

وفي قصيدة “ظن” تدرك الشاعرة أن وطأة الفناء أثقل من أن تتحملها حقيقة هشة ليس لها جذر يغذيها. ولا أساس تركن إليه:

“غير أن يقيني
في لحظة الوجد
وفي حرقة الشوق
وفي لهفة الروح
أن اللقاء الذي
صهر الجسدين
إلى نجمتين وماء
لم يكن
غير حلم سخي” .

الخليج
03/05/2011