 
 
   في 1979، كنّا في بيروت، بين أضلاع ما سُمِّيَ الكيلومترَ الأخير، وقد تأكّدَ أنه أخيرٌ، بعد أن طردتنا دباباتُ آرييل شارون في صيف 1982 وخريفها ، فلم نجدْ، بَعدها، أرضاً ثابتةً ثباتَ ذلك الكيلومتر المربع الأخير.
في 1979، كنّا في بيروت، بين أضلاع ما سُمِّيَ الكيلومترَ الأخير، وقد تأكّدَ أنه أخيرٌ، بعد أن طردتنا دباباتُ آرييل شارون في صيف 1982 وخريفها ، فلم نجدْ، بَعدها، أرضاً ثابتةً ثباتَ ذلك الكيلومتر المربع الأخير.
كنتُ أعرفُ أن سليم بركات مقيمٌ مثلنا، في الفاكهاني.
سألتُ عن مَظانِّهِ، وعرفت عنوانه . ( أعتقدُ أنه كان يسكن عمارةً يحرسُها مُرابطو عبد الله قليلات )
دخلتُ المبنى ، وتوجّهتُ إلى باب المسكن . 
ضغطتُ الزرَّ .
مضت دقائقُ ، حتى لقد خِلْتُ أنني أخطأتُ المقصدَ …
البابُ يوارَبُ بطيئاً .
ومن الفتحة بين الباب والجدار تظهر فوّهةُ مسدسٍ، تتلوها " سبطانةٌ " كأنها لطولها وشناعتها سبطانةُ بندقيةٍ .
من ؟
- أنا سعدي يوسف ، يا سليم بركات … أرجوكَ اخفضْ فوّهةَ المسدس !
يفتح سليم البابَ متهللاً .
  ***
  أي قراءةٍ لشعر سليم بركات، لها مستلزَماتٌ ( كما أرى )، ومن أول هذه المستلزَمات الإلمامُ بجانبٍ أساسٍ من شخصية سليم، هو جانب الطفولة والفتوّة المبكرة .
آنذاك ستُفتَحُ مغاليقُ عدّةٌ ' وتنكشف أسرارٌ كانت تبدو مستغلقةً. الكلماتُ والأعلامُ ستتجلّى، بسيطةً،
ذاتَ معنىً مؤصَّلٍ في الحياة والسيرةِ .
المدخلُ الأولُ لهذا الطريق الطويل هو كتابه " الجندب الحديديّ " - سيرة نثرية.
  قلتُ لسليم بركات ، مرةً :
إنكَ أعظمُ كرديٍّ بعد صلاح الدين !
واليومَ ، بعد رُبع قرنٍ من مَرِّ الزمان ، أعود إلى القولة ذاتها ، وأنا أكثرُ اطمئناناً إلى صوابها ، بعد أن شهدتُ ما شهدتُ ، و عرفتُ من عرفتُ .
.
  لندن 12/5/2004
  ملحوظة : كُتبت المادة بطلبٍ من الشاعر قاسم حداد الذي يستضيف في موقع "جهة الشعر" على الإنترنت، هذه الأيامَ، سليم بركات