خالد الرويعي
(البحرين)

(جعفر العريبي- العراق)يخطر ببالك (ليلياً) الاتصال بالشخص، لكن شعوراً سيوقف يدك وهي في طريقها إلى الهاتف.. لا لشيء.. إلا لأن هذا الشخص الذي تحاول الاتصال به قد رحل..
فجأة
.. لحظتها فقط:
ستعرف حتماً ما معنى أن يرفع الطرف الآخر خطه ليكلمك، ستعرف كم من انتظار عليك تجاوزه وأنت تحاول الكف عن هذه العادة، ستعرف كم كانت اليد - وهي أقرب إلى القلب منها إلى العقل - تحنو على الهاتف لتدفأ فيك غربة ليل بأكمله، ستعرف ما معنى صوته، وهو يتدفق إليك، يحمل حلمك الذي كان مصدره ذات يوم، يغدق عليك اليسير من محبة، ويرفع بذلك عبأ يوم عادي لا أكثر.
لحظتها.. ستعرف كم هي طويلة تلك السنين وكم هي قصيرة لأنها لم ترفق بكما، ستعرف - كأن الحجاب مرفوع عنك - كم كبيرة تلك المساحات التي شغلها ويشغلها وسيشغلها، ستعرف - كأنك في القلب - ما معنى أن تحب وتُحب، ستعرف - كأنك لا تجد في البشر كفايتك - الشخص الذي فقدت.
ليس باستطاعتك أن تتسول، لكنك في حضرته تتفنن التسول.. أقول لك التسول وليس التقرب.. ألستما جديرين بذلك.
من غيره يأخذك إلى نفسك، يبصرك بها، يكون عينيك كلما أبصرت حلماً، والأذن والقلب... والروح، من غيره يثق بنواياك، من غيره يطال القلب، يهدهد نبضه كلما تسارع خائفا من ظله الذي لا يراه، من غيره ينصب الشمس دليلاً لظلك، من غيرك فيه ومن غيره فيك.
عندما تناديه كأن الكائنات تنصت لسماع اسمه، من سواه يكبر أمامك ما إن تطأ الدمعة مقلتيه، إنه لا يبكي عليك - عليه - إنه يبكي لك.
وأنتما مشغولان بنفسيكما، تهندسان الحياة، وتزوقان الغيم القادم، تحاكي خطواتك الذاهبة بك إلى الجديد وتنشغل بنفسك... ... ... بينما هو ذا:
مشغول بك.. يؤثث لك الدرب ويرفع عنك عبأ اليوم والدرب وما ينتظرك في الغد وما يشغلك بالأمس ويؤنسك بالحكايات منتظراً إياك عند سفح الليل.. ترفع السماعة تناديه مشتاقا.. كأن كل ما في حلو الكلام اصطفاك، من سواه مشغول بك يفتح لك أبواب النهارات الجميلة.
من سواه..
يخلقه الله لك ويأخذه من أجلك.