عبد الرزاق عربون: طموحي جعل الصورة رمزا للتسامح والتعايش

الرباط ـ المصطفى الصوفي: قال الفنان الفوتوغرافي عبد الرزاق عربون ان الفن الفوتوغرافي يعتبر من الفنون الجميلة التي تساهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في جعل الصورة رمزا من رموز الفرح والتسامح والتعايش، إنها واحدة من البطاقات البريدية التي تحمل إلى العالم سحر الطبيعة والوجود، وهوية البلاد، وحضارتها، وتاريخها وقيمها الإنسانية وتقاليدها وعاداتها.

وعن بداياته الأولى مع هذا الفن الجميل أكد رئيس الجمعية المغربية للمصورين الرياضيين فرع الفقيه بن صالح، أنه في بداية الأمر كان مولعا بالرسم بالألوان، وبقلم الرصاص، الأمر الذي خلق لي نوعا من العلاقة الحميمية مع الصورة، وما لها من سحر وجمال، خاصة بالأبيض والأسود، في بادئ الأمر هاذان اللونان اللذان يعطيان للصورة نوعا من الهبة والجمال، وذلك من خلال تقنية الظل والضوء.

وأضاف أن الصورة الجميلة هي اللقطة التي لا يمكن أن تتكرر، وبالتالي يمكن للصورة أن تعيد التاريخ إلى الوراء، من خلال تحليل شفرة الصورة، كما أن الصورة تتحدث كل لغات العالم. وحول المسابقة السنوية التي تنظمها وزارة الاتصال، أوضح أن هذه التجربة المغربية تعتبر صورة حقيقية للاهتمام بالصورة الفوتوغرافية، كما أنها تعد من وجهة نظري تكريما للمصورين الفوتوغرافيين لما يقدمونه من خدمات جليلة لفن التصوير، وفي مناسبات كثيرة، حيث الحصول على صورة معبرة ورائعة ليس بالأمر الهين...في هذا اللقاء الذي أجريناه معه يكشف عربون القناع عن علاقته بالصورة، وعن تجربته ومسيرته الفنية والإبداعية التي تبوح بالكثير من الأشياء الجميلة.

* كيف ولجت عالم الفن الفوتوغرافي؟

منذ طفولتي وأنا مولع بهذا الفن الجميل، حيث كنت في بداية الأمر مولعا بالرسم بالألوان، وبقلم الرصاص، الأمر الذي خلق لي نوعا من العلاقة الحميمية مع الصورة، وما لها من سحر وجمال، خاصة بالأبيض والأسود، في بادئ الأمر هذان اللونان اللذان يعطيان للصورة نوعا من الهبة والجمال، وذلك من خلال تقنية الظل والضوء.
ومع توالي السنين بدأت أميل إلى الصورة بالأبيض والأسود، وما تحويه من قيمة فنية، ثم بدأ الارتباط بالتصوير كهواية في بداية الأمر، وخاصة أثناء الرحلات، والسفر، حيث الآلة كانت لا تفارقني، وشيئا فشيئا تطورت العلاقة مع الصورة والآلة، إلى أن أصبح الفراق معها مستحيلا.

* ما هي أهم الأنشطة والمهرجانات واللقاءات التي ما تزال تذكرها؟

لا يمكن تذكر كل المهرجانات واللقاءات والتظاهرات التي شاركت فيها، لكنها في العموم تتوزع بين المهرجانات الثقافية والفنية والإبداعية، على الصعيد المحلي والجهوي والوطني، فضلا عن متابعة العديد من مباريات كرة القدم الوطنية الدولية على اعتبار أن الصورة لها علاقة وطيدة بالرياضة بشكل عام.
واذكر أن عدستي تابعت كل دورات مهرجان ألف فرس وفرس الذي يقام بمدينة الفقيه بن صالح، وهي من المهرجانات الوطنية التي تكرم في العمق الفرس والعادات والتقاليد، فضلا عن مهرجانات أخرى، وكانت الصورة حاضرة بقوة بما لما من سحر جمال وتاريخ.

* يقال ان الصورة تعتبر نوعا من تأريخ الزمان والمكان كما تتحدث بكل لغات العالم؟

بالفعل، الصورة، أو اللقطة تؤرخ لزمان ومكان ما، وهي اللقطة التي لا يمكن أن تتكرر، وبالتالي يمكن للصورة أن تعيد التاريخ إلى الوراء، من خلال تحليل شفرة الصورة، كما أن الصورة تتحدث كل لغات العالم، على اعتبار أن أي متلق أو مشاهد كيفما كانت لغته أو دينه أو ثقافته، يفهم لغة الصورة، لأن الصورة تعبر، أكثر ما تقول بلغة معينة.
الحمد لله أن تجربتنا المهنية في المجال، وكذا إدارتنا لمختبر غرناطة بمدينة الفقيه بن صالح، تيمنا بسحر وتاريخ الأندلس، منحنا قيمة إضافية لدى الجمهور والمواطنين، وكل من يطمح إلى جعل الصورة نوعا من الاحتفال بالذاكرة وبالتاريخ، في مناسبات عدة، واحتفالات عدة.

* تعتبر الطبيعة من بين التيمات الحقيقية التي تساعد الفنان الفوتوغرافي على التألق، هل بالفعل تجد في الطبيعة طريقا صحيحا لجمال صورتك؟

أكيد، الطبيعة مهما كانت، وفي أي الفصول هي الطريق السيار إلى التألق، الحمد لله أن المغرب الحبيب يمتاز بطبيعة خلابة، تجعل من الصورة، سحرا آخر لا يقام.
في هذا الإطار نؤكد آن المدار السياحي 'عين اسردون' بمدينة بني ملال يعد احد الفضاءات التي تستأثر باهتمام الكثير من المصورين مغاربة وأجانب محترفين، وهواة، وأنا واحد منهم، حيث تعد عين اسردون وجبال الأطلس وكل الفضاءات الطبيعية الساحرة بالإقليم والجهة، منبعا للجمال والسحر وتنور الصورة في أبهى تجلياتها الرائعة، كما أن الصورة الحقيقية منتشرة في كل مكان وزمان، على الفنان أن يكون حذقا ومستعدا في كل وقت لتصوير الأحسن والأفضل.

* ماهي ابرز تحركات الجمعية المغربية للمصورين الرياضيين بالفقيه بن صالح على المستوى الاقليمي والمحلي؟

كثيرة ومتنوعة، والجمعية تابعت العديد من الأنشطة المختلفة، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الوطني، فضلا عن المساهمة الفعلية في تكريس قيمة الصورة كنوع من الإبداع، والممارسة في مناسبات عدة، وعلى المستوى المحلي نحن نتابع كل الأنشطة والفعاليات التي نستدعى لها، كما تحظر كل الأنشطة والمناسبات الرياضية في المنطقة والوطنية، ونأمل آن تتاح لنا الظروف الملائمة من اجل تنظيم معارض فنية، وأنشطة تتماشى ورهاناتنا الفنية والرياضية، وذلك بالتعاون مع فعاليات المجتمع المدني وكل الجهات الأخرى، كما نرحب بالمناسبة بكل المبادرات التي تروم في العمل تعزيز قيم التنمية وإشاعة ثقافة الصورة كفعل فني وإبداعي تربوي، وتطوير الجانب الثقافي والفني والرياضي والاحتفالي لما فيه خير مصلحة المنطقة والبلاد.

* تنظم وزارة الاتصال المغربية كل سنة مسابقة لاختيار أحسن صورة فوتوغرافية، ما قيمة المسابقة في تطوير القطاع والاهتمام بالفن الفوتوغرافي والإبداعي الإعلامي؟

صحيح لقد سبق وان نشرنا العديد من الصور الجميلة في المنبر الإعلامي الذي نتعامل معه، في مناسبات عدة، ونحن نعتبر هذه المسابقة صورة حقيقية للاهتمام بالصورة الفوتوغرافية، كما أنها تعد من وجهة نظري تكريما للمصورين الفوتوغرافيين لما يقدمونه من خدمات جليلة لفن التصوير، وفي مناسبات كثيرة، حيث الحصول على صورة معبرة ورائعة ليس بالأمر الهين، ونحن ندرك جيدا المعاناة التي يقاسيها المصورون من اجل البحث عن صورة رائعة ومعبرة.
عموما إن هذه المسابقة تعد مبادرة حميدة، نشيد بها إشادة كبيرة، خاصة أنها تبرز الاهتمام الكبيرة بالتصوير الفوتوغرافي في المغرب، وتشجيع المصورين تشجيعا حقيقيا، ما يدفعهم إلى مزيد من الخلق والإبداع.

* ما العلاقة التي تربط الفن الفوتوغرافي بالفنون الأخرى؟

لكل فن وإبداع خصوصيته، لكن كل الفنون والإبداعات تتلاقى وتجتمع حول مسألة واحدة وهي الفن والإبداع والجمال، ومن ثمة أؤكد أن التصوير الضوئي له علاقة مهمة مع الرسم والشعر والمسرح والسينما، والفنان الحقيقي أو المبدع الحقيقي هو الذي يستطيع أن يقدم إبداعا جميلا يعجب الجمهور، هكذا هي الصورة، نوع من الإبداع، ان كانت جميلة ومعبرة نالت استحسان الجمهور، وعليه على الفنانين الفوتوغرافيين أن يكونوا أكثر تركيزا من اجل فرض سلطتهم الفنية على الجمهور، فلقطة واحدة يمكنها تغيير مسار الفنان، كما يمكن لمشهد واحد أو لوحة تشكيلية واحدة أن ترفع من قيمة الفنان.

* ما هي الصعوبات التي تواجهكم من اجل البحث عن صورة مميزة؟

كل مبدع أو فنان، قد تكون له صعوبات، في بعض الأحيان من اجل البحث عن عمل جيد، والفنان الفوتوغرافي كباقي الفنانين الآخرين له معاناته، فليس بالسهل التقاط صورة في مناسبة ما بالنظر إلى نوع المناسبة الموقف، كما أن الفنان عليه أن يستفيد من التطور التكنولوجي الذي يتيحه العلم، حيث أصبحت الصورة الرقمية هي التي تفرض نفسها الآن، لكن الفنان المحترف تبقى له تجربته الحقيقية، فكل واحد يمكن أن يمتلك آلة تصوير، لكن الأمر المهم هو كيف تستطيع أن تحصل على صورة جميلة في لمح البصر، وهنا تبرز قيمة الاحتراف.
عموما يبقى الفن الفوتوغرافي من الفنون الجميلة التي تساهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في جعل الصورة رمزا من رموز الفرح والتسامح والتعايش، إنها واحدة من البطاقات البريدية التي تحمل إلى العالم سحر الطبيعة والوجود، وهوية البلاد، وحضارتها، وتاريخها وقيمها الإنسانية وتقاليدها وعاداتها، ونحن من خلال تجربتنا، نحاول أن نعمل على ترسيخ هذه القيمة في الحياة، ونحن نصاحب الصورة وآلة التصوير بشكل يومي في عالم يتغير باستمرار.

القدس العربي
20-11-2011