مختارات للشاعر الإيراني بيژن جلالي

ترجمة: سليم هاشم

بيژن جلاليبيژن جلالي من كبار شعراء قصيدة النثر في إيران، تشكل تجربته الشعرية مساراً جديداً في الشعر الإيراني المعاصر بعيداً عن عباءة " نيما يوشيج "، ويعتبر جلالي المثال الأنصع على العلاقة التأملية بين الشاعر والعالم . وهو الصوت الشعري الذي تجاهل الزمن التاريخي من أجل حوار شعري مع الخلود، وخرجت من قصائده تأملات شرقية عميقة حول الأخوة الكونية، واستنطاق شعري أخآذ للجمال في الوجود الأرضي، وعِبر تجارب وتحولات شعرية متعددة عكست تعلقه كروح شعرية بالحياة والعالم كتب نصوصاً شعرية أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها نشوة شاعر عميق المعرفة والحس والخبرة بالقلب البشري، بالطبيعة، بالنظرة المغايرة للحياة اليومية، واجترح جلالي أفقاً شعرياً يمكن أن نسميه تواضع روح الشاعر الكبير أمام جمال الحياة، أمام مسرة العيش، وقبل ذلك إزاء أهمية الشعر في الوجود، فضلاً عن مواساته للذات الإنسانية وهي تغرق في أسئلة القلق والحزن . جلالي الشاعر استوقفه الجمال المبهر للعالم، وعاش هوساً مدهشاً بترفع الروح الشعرية، وليس التعالي البشري الزائل حسب نظرته لمأساة الزوال، ما جعل من أسلوبه الشعري ورؤيته الشعرية ملاذاً يقينياً للكثير من الشعراء والقراء في إيران بدلاً من الغيب أو كلمة السماء، وامتدت تأثيرات هذا الموقف على أجيال من الشعراء في إيران. استطاع بيـژن جلالي أن يحرِّر روحه الشعرية من مجمل مشاكل الإنسان المعاصر، بل من أغلب حلقات القلق اليومي الذي حطم أرواح الكثير من الشعراء وحوَّلهم إلى كائنات تعيش داخل اللغة، وليس في الرؤيا أو الموقف أو حتى الواقع . امتازت نصوص جلالي بصفاء الرؤيا، والقدرة على الانتقال بالعقل الانساني إلى جوهر الشعر بلغة تلقائية عالية الدقة، مقصياً كل الافتعالات البلاغية، مبتعداً عن التعقيد اللغوي، أو الاهتمام بصناعة الشكل، لينصب جهده على اجتراح لغة تلقائية صافية تخلو من أمراض الشعر السائدة، فكتب نصَّاً يقوم على ركنين هما الوضوح والعمق، ما جعل منه الشاعر الأكثر تأملية ووضوحاً في نفس الوقت في الشعرية الإيرانية المعاصرة، وعكس أفكاره الفلسفية بلغة حميمة استقرت كصور حية في ذهن القارئ الإيراني. ولم تكن انشغالاته الشعرية لتندرج ضمن الانشغالات السائدة، وإن تأمل كثيراً في معنى حياته، وفي الموت، وفي الوجود الانساني برمته . الجزء الأكبر من نصوصه ملاحقة شعرية طريفة للاسئلة الكبرى، للمشكلات الوجودية، وتحويلها إلى حدث شعري عابر، وفي الجزء الآخر من نصوصه حلقات شعرية متسلسلة تتعلق بالألم الإنساني، الألم الذي استقر في أحلام جلالي الشعرية، وقاده إلى كتابة نصوص غارقة في الحزن، نصوص احتفالية بالموت والحقيقة، لكنه لم يكن يائساً أو متناغماً مع أي شكل من أشكال العدم كما قال بعض النقاد الإيرانيين، إنما تجاوز ذلك بفضل معرفته الباطنية، وذوقه الشعري المتميز مستنداً إلى مصادره الثقافية في الحكمة الشرقية وتجلياتها في نماذج من الشعر العرفاني، والنصوص الفلسفية الكبرى في الثقافة الايرانية .لتمتزج مع قراءاته الشعرية لكثير من الشعراء الاوربيين وخاصة الفرنسيين.فتخلَّقت لديه رؤية شعرية أعادت صياغة أكثر التجارب الشعرية حساسية في العالم ضمن معرفة رصينة ووعي شعري متقد، ليكتب نصاً إلهامياً فيه جمال هائل تجسد في شكل شعري مكثف اختزل شعر الشرق والغرب .
ولد بيـژن جلالي في طهران عام 1927، والده إبراهيم جلالي، ووالدته أشرف الملوك هدايت، أخت الكاتب الإيراني الكبير صادق هدايت، وتمتد أصول عائلة والده إلى " تفرش " . جده شمس الدين جلالي " فطن الملك" الذي تقلد مناصب عدة في وزارة الداخلية أواخر عهد بهلوي.
لم تستمر الحياة المشتركة بين والديّ جلالي كثيراً، فالأب الذي درس في ألمانيا في مجال الزراعة اختار زوجة أخرى، واختار أن يكون ابنه الأكبر بيژن معه، ليتربى ابنه الأصغر مهرداد مع زوجته الأولى.
تنقل جلالي مع والده وزوجة أبيه في أماكن عدة من إيران بسبب تنقل والده في وظائف مختلفة في " شمشك " و" تبريز "، فدرس في مدارس "رشديه" و" فردوسي".
لم يستطع جلالي أن يكمل دراسته للفيزياء في جامعة طهران، ليتابع بعد ذلك دراسة العلوم الطبيعية في فرنسا وبقي فيها خمس سنوات اطَّلع خلالها على التجارب الشعرية الأساسية مثل " بودلير" و "مالارميه " و "رامبو" و " فاليري " و " إيلوار" الذي ارتبط معه جلالي بصداقة طيبة . فضلاً عن الجدل الأدبي والفكري والعرفاني الطويل مع خاله "صادق هدايت"، حيث عاش مدة من الزمن في بيت هدايت المشبَّع بمناخ أدبي وفكري مليء بالالهامات الشعرية، وهو ما دفع بجلالي إلى الشعر تحديداً وبقوة، ويمكننا تلمس مساحة كبيرة من الأفكار التي كان ينادي بها صادق هدايت في شعر جلالي، الذي لم يستطع مع كل تلك السنوات أن يكمل دراسته للعلوم الطبيعية، ليعود بعدها إلى طهران للدارسة ثانية، فحصل على شهادة الليسانس في الأدب الفرنسي من جامعتها.
ومن الضروري الإشارة هنا إلى أن جلالي تتلمذ في إيران على يد " مهدي مجتهدي "، " يد الله سحابي"، "رضا جودت "، " ذبيح الله صفا "، " محمود بهزاد "، " عبدالله شيباني " و " محمد حسين مشايخ فريدني " .
كتب جلالي شعره باللغة الفارسية التي عبَّر عن تعلّقه بها، وكتب مراراً بالفرنسية ولكنه لم يكن جاداً في تلك النصوص التي كتبها بالفرنسية. وأشار مرة إلى شغفه الكبير بقراءة النصوص الشعرية بالفرنسية، إلا أنه قال مرة في كتابه الشعري " عن الشعر " : ( يتكلم العالم معي باللغة الفارسية، لذا أکتب بها، ولكن يا للدهشة، إن العالم يتقن اللغات کلها، ويتحدث بلغة الشعراء کلهم ).
لم يتزوج جلالي وعاش في عزلة حقيقية، وعمل موظفاً إدارياً في شركة البتروكيمياويات حتى تقاعد بداية عام 1980، وتعرض لسكتة دماغية عام 1999 أدخلته في غيبوبة لأكثر من شهر، وفارق الحياة بعدها في عمر 72 عاماً .
لن نحتاج إلى جهد كبير لنتلمس تاثيرات جلالي الشعرية على تجارب الكثير من شعراء قصيدة النثر في إيران، وعلى مساحة كبيرة من الشعر الايراني المعاصر بصورة عامة، وتعد الجائزة الشعرية التي باسمه اعترافاً شعرياً حقيقيا بروح شاعر حقيقي، وإيماناً صادقاً بانتمائه للشعر فحسب، حيث تعد جائزة بيژن جلالي من أرفع الجوائز الشعرية في إيران التي تمنح سنوياً لأحد الشعراء.
ترك جلالي أعمالاً شعرية عديدة نشر منها أكثر من خمسة كتب شعرية في حياته، وتحمل شقيقه الأصغر "مهرداد" مسؤولية نشر أعماله بعد وفاته في أشهر دور النشر الإيرانية، ومنها مرواريد. من أعماله المنشورة في حياته : "الأيّام" 1962، "قلبنا والعالم" 1965، "لون المياه" 1971، "الماء والشمس" 1983، " لعبة النور "، "يوميات" 1994. أما الأعمال الشعرية التي نشرت بعد رحيله فمنها : " قصائد التراب قصائد الشمس "،" عن الشعر " "خريطة الكون"، "قصيدة الصمت " . وترجمت الكثير من نصوصه إلى عدة لغات . وتعاد سنوياً نشر أعماله الشعرية باستمرار من قبل دور النشر الإيرانية.

عن الشعر وكتاب اليوميات

1

يا لها من سعادة
عندما تهطل الثلوج
ندرك أن
أجساد الطيور دافئة.

2

الممكنات فقط
ضحكن عليَّ
مرَرْن بي
وتعانقن
مع غير الممكنات.

3

خُلِق جسدي من أجل كلمة،
وروحي وُجِدت
لصورة ما
من ثم تحت سنابك خيل القدر
أطلقتُ آهة.

4

أدوِّن اللحظة
لكنها ليست اللحظة إنما هي الأبدية
التي تشع كما النجمة.

5

تنسكب الدنيا من نافذة الغرفة إلى داخلها
ومن عينيَّ
تتصل بعالم آخر،
كالنهر أنا
أكون بين مزرعتين .

6

هو الموت
واقفاً أم جالساً
أو ماشياً،
أنظرُ
إلى الشِعْر
وأرى الشِعْر
واقفاً أو جالساً
أو ماشياً
كالموت.

7

آت
من نهاية العالم أنا
بكلام جديد
عن بدايته .

8

كلّنا سنتقادم
مثل فنجان الشاي وحائط الغرفة،
ولكنني أتنفس أسرع
وأعجز أسرع.

9

سأقول لكِ شعراً عن العشق
كي أعشقكِ
سأتفاءل بكلام الحب
خدعتُ ظلكِ بِشِعْري
وأريد أن أُخدع أيضاً بشعْري.

10

وكأنَّ الموت
كان
عشيقتي
وقد كتبتُ كل هذه القصائد
من أجلها.

11

العالم طبقا لروايتها
هو العشق،
وطبقا لروايتي
هو المأساة.

12

بالشعر
أهرب نحو عزلتي
وأعبرها،
لأصل إلى عزلة العالم .

13

لأي جهة التفتُ
أجد مكاناً عميقا من الخزي والأسى
لأي جهة أتوجَّه
ثمة جدار من الصمت والعزلة
لأي جهة أنظر
ثمة طريق تؤدي الى الخروج
أسالُ أين رسول الخارجين والحيارى والحزانى
حتى نهدأ ونرتاح زمناً من رسالته
ونفوز ونسعد قليلاً في ظل الهزيمة والانهيار.

13

يبدأ
الشعر
حيث
تنتهي الكلمات قاطبة .

14

للعالم خريطة في قلوبنا
لا يمكن لأي طوفان أن يمحوه،
للأبدية سرّ في قلوبنا
لا يمكن لأي لسان أن يقوله،
للعشق في قلوبنا كمد
ليس لمعشوق أن يجد الطريق إليه،
للوجود كنز في أجسادنا
بعد الموت فحسب
يتفوّق عليه التراب المظلم .

15

مع الشعر يزول
كل ما يزول
يا لشاعرية الموت
وهو يحوم حول رؤوسنا .

16

إلهي رأيت عالمك
وهذه المعرفة
لن ننساها لا أنا ولا أنت .

17

بقي من اليوم نسمة،
ومن الأمل يوماً،
ومن الروح تراباً،
ومن التراب ابتسامة،
ومن الوجود والعدم
ظلاً،
ومن الظلال غمّاً،
بقي من العالم قصة،
ومن الحب ذكرى،
البقية حسرة بحلاوة العسل
البقية حسرة لم تكتمل .

من كتاب اليوميات ومصادر الشعر

1

لن يكتبوا ما يردّدونه
أعلم تماماً
إنهم يخشون أن يغدوا شعراء .

2

البكاء على موتنا
يثير الدهشة،
ولكن من لا يتذكر الأمس
ولا يحزن
لغيابه.

3

لننظر إلى أنفسنا
مرة أخرى في مرآة الموت
قبل أن يتمكّن منا
وتغدو صورتنا والمرآة واحدة

4

أنظرُ في عين الشعر
لحظة
وأتذکَّر العالم
في مآسي الكلمات .

5

الموت وحده
من يحطم الكلام
في أفواهنا
واسمه أيضا
يُكْسر في أفواهنا .

6

يأتي أحدهم، ويذهب آخر
كم تصبح ابتسامتهم الحلوه مرَّة
يا للأسى .. على أسطورة
ننسجها كل مرَّه كنسيج العنكبوت
وتأتي امرأة مجهولة
لتمزقها وتمسحها وترميها.

7

أكون خارجاً عن نفسي
كما الريح خارج النافذة
أو الماء في البحر
أنا في كل مكان، ولكن خارج نفسي
وكل ما هو موجود، فهو في الخارج
ممتليء بي.

8

تبدأ الكلمات
حيث أنتهي
وأبحث عني
في ظلالها المضيئة .

9

لدي كلام
لم أكتبه حتى الآن
لأنه أكثر بياضاً من الأوراق.

10

بكل كلمة
أكرر الصمت ثانية
وبكل عبارة
أنطق الصمت .

11

أكتب للنور
لو كانت الأمكنة كلها، وعلى الدوام
مظلمة
لما كتبتُ أبداً.

12

لو كنت أعلم
من يريد
ومن لا يريد
لاتضح لي أكثر
ما أريد وما لا أريد.

13

أمضيتُ عمري كلّه
في روضة الشعر
فإنْ كانت لي سماء
فهي الكلمة،
وإن سمعت صوتاً
فهو كلامٌ عن الشعر .

14

كي نمضي صباحنا
لنصل إلى المساء
يجب أن نوجِّه تفاهاتنا
ونقول لأنفسنا منْ نحن
ولماذا وُجِدنا
ولماذا وُجد كل شي؟

15

أرى الشعر
هنا وهناك
هو العابر
أو الطائر
أو الكلمة
تطير إليَّ .

16

كم هو صعب قراءة شعر لم يكتب كشعر
نتوقف عند كل كلمة،
ويتوقف ذهننا عن الحركة
كما لو كنا نمشي فوق أرض حجرية
ونقع أحيانا بوجوهنا على الأرض
أريد الكلمات دخاناً أو ناراً
أُسلمها للريح
ثم أبكي حبها.

17

كم يجب أن تكون شاعراً
كي تشاهد وردة
وتقول ما هو الورد.

18

الكلمة
هي الفائزة
والورقة أيضاً،
سنمضي جميعاً
والشعر وحده من سيبقى .

19

اغتسل بين صوت الأمواج
وكأنَّ البحر يتلاطم
آلاف السنوات
وأنا كالحجر استقر
في قعره.

20

يبدأ الكون من نهايتي
وعندها
توجد جبال شاهقة
وأنهار جارية،
وأنا أبدأ من نهاية الكون،
وفي المكان الذي تستوي فيه الجبال
وتتوقف الأنهار عن الجريان
هناك قلبي يخفق في أعماقه
كالبركان.

21

لا أدري
هل يغيب العالم
خلف اسمه
أم أن العالم باسمه قد أشرق .

22

أحلم بالموت في صوتكِ
أو الرحيل مع صوتكِ
أو السكون في صوتكِ
مرَّ صوتكِ كالريح
وأنا معلّق
بذيل الظلام.

23

أعشق كتاب الشعر
منتهیاً،
والكلام
منطوقاً
وأحلم بالقيامة .

24

أرغب أن أتسلل تحت جلد الحيوانات
لأرى الدنيا بعيونها
ربَّما أجد معنىً
بحجم تعاستي.

25

يُزهر كتاب الشعر
فيأتي العالم
ويغدو عالماً
وتحمل الورقة البيضاء دوماً
هدية معها .

26

لا أفهم لماذا أكتب
هل أتحدثُ عن نفسي
أم عن الحياة ؟
أأكتب لنفسي
أم للآخرين ؟
فأدركتُ أن شيئاً ما، أو شخصاً ما في المسألة
أكثر مني ومن الحياة،
وأكبر مني ومن الآخرين .

27

أن تفتح كتاب الشعر
أو تغلقه
الشعر يحلّق
في كل زمان وكل مكان .

28

هل هو التعب الذي يبكي
أم الجوع
أم العطش الذي ينوح،
أم الحياة التي تبحث عن نهايتها
مصحوبة بالآهات والألم .

29

علقت في مخالب ( السين)
وفي مظلة (ج)
متى سأحيا من دون كلمات
قبل الموت .

30

أخاف نهاية القصيدة
حين تخطُّ أصابعي
حرفها الأول .

31

لنفكر فقط في الجوع
والعطش
كالتمساح أو السّمور،
نجرِّب
في زمن سكوننا
عزلتنا الروحية .

32

هربتُ بالشعر
وسُرِقتُ من نفسي
فلا جدوی من مناداتي
لأنني موجود في ( ما لم أکن ) .

33

ظنَّت بلقيس
أن الخمرة ماء،
فرغبت في أن تدخل عمق الماء
لكن المياه أرجعتها
إلى الخمرة .

34

الكلمات كلها ترتعد
من هيبة برکان الشعر
وتهرب إلى
قلب الشاعر .

35

الشمس
يا لها من مصباح كثير الضياء
أنارت حجرتي كلّها
من مكان بعيد.

36

مثل ورقة
معلقة بالكون
أنا .

37

ليس للشعر بداية
أو نهاية
الشاعر کالبستاني
يعدّ باقات الزهور
من دون أن يعلم
لمن سيسلِّمها
أوعلی أي عتبة سيضعها .

38

في كل يوم
القليل من الموت
وأحياناً الكثير من الموت
من أجل أن نعيش .

39

سأسميك الشعر
أو عري العالم
أو مجاعته
سأناديك بآلاف الأسماء
أنت
یا من تفتحت في قلبي
کوردة لامرئية .

40

عندما أنظر إلى السماء
هي السماء
لا أجد بعدها شيئاً ؛
لأن السماء في السماء
أنا فقط أحدق في السماء .

41

بكل قصيدة
نؤجل الموت
بزمن شهيق واحد
کي نتنفس يوماً آخر
بقصيدة أخری
حتی فرصة أخری .

42

سأتوقف عن الكلام
وأسير مغمض العينين
ربَّما أسمع حرفاً قلته
قد أرى شيئاً.

اليوميات ومحنة الكلمات

1

يأتي الموت ويغمض أعيننا بيدٍ
وبالأخرى يقطف فواكه الشمس

2

بأصابعها
تكتب الأشجار على السماء
ما يتكرر
وبجذورها في الأرض
تتحدث عن السعادة .

3

نوقظ العالم
بقصيدة
ونحدق في عينيها للحظة
عندها
نغفوا نحن مع العالم أيضاً .

4

هي كل شيء
الوردة
حينما تنظر إليها جيداً،
كأنَّ الكون الكبير
ينظر إلينا بعينين لامعتين
ويحيّرنا.

5

سيبقى اسمي بعدي
ولكن ما صلة اسمي بي
وبِشْعري
لا أعرف؟

6

يقف الشاعر
في بداية العالم لحظة
ولحظة أخری
يكون في نهايته
لكن للأسف
لن يحيا الشاعر إلى الأبد.

7

أغمضت عيني
واستخدمت الإشارة للكلام
وذهبتُ لمكان أعرفه
وعرفت النهاية وأنا مغمض العينين.

8

متی ستأتي فصول الشعر؟
ومتى
سيطير العالم علی أجنحة الكلام ؟
متی تأتي فصول الشعر
وتنقذنا
من كآبة العالم وسأمه ؟

9

الوجود حِملاً على كتفيَّ ..
ولكي أرتاح
أنزل في أي بيت متهالك
كي أتخلص من هذا الحمل،
وأبحثُ في كل يوم مشرق
عن الشمس.

10

أتزحلق علی الكلمات
كأنني على فراش من ماء
أو من نور
فلا أميز نفسي
عن الكلمات .

11

رأسي على عتبة الحجر
وشفتي على شفة الماء
وأصافح الريح
وأذهب كي احترق .. إلى أين ؟
لا أدري.

12

أرسلتُ الشعر
في رحلة طويلة
فلربَّما يتيه
لكنه عاد إليَّ
سالكاً الطرق التائهة
وجلسنا ثانية
وجهاً لوجه
يكتب أحدنا الآخر .

14

دائما هناك نافذة تفتح على الظلام
ونظرة ترنو إلى خاطرة بعيدة.

15

اليوم الساعة السابعة صباحاً
ستظل الساعة السابعة هكذا
لروحي التي تستمر
ولروح الدنيا التي تستمر .

16

هو الصوت ذاته
يأتي
الآن وسيأتي
ویكرر الحدیث ذاته .

17

لنتأمل الشعر
وکأنه سماء
ملآى بالنجوم،
ولنتحدث عن السماء والنجوم
کأنها قصيدة جميلة .

شاعر ومترجم عراقي، النرويج
salim.hashim99@yahoo.com

عن (كيكا)