شذرات
ألن بوسكي

ترجمة وتقديم: هشام فهمي

ألن بوسكيألن بوسكي Alain Bosquet الشاعر الفرنسي المعروف ، ولد عام 1919 ، اشتغل كاستاذ جامعي للادب الفرنسي في عدة جامعات أمريكية ن واستاذا للادب الأمريكي في جامعة ليون الفرنسية ، كما كانت اهتماماته متنوعة وإنتاجاته غزيرة ما بين الترجمة والنقد والصحافة والرواية.
حصل سنة 1968 على جائزة الشعر للأكاديمية الفرنسية على مجموع مؤلفاته ، ثم حصل سنة 1978 على جائزة الرواية لنفس الأكاديمية عن رواية "أم روسية" كما حصل على جوائز أخرى كالتي عن روايته "الاعتراف المكسيكي"
من بين الأشياء الرائعة في تجربة هذا الشاعر علاقته مع مارلين ديتشريش Marleine Dietrich التي انتهت بكتاب جمعته هذه الأخيرة يلتقط قصة حب عبر الهاتف.
"الخرافة والسوط" حصيلة سنوات من الانهماك في هذا النوع الكتابي الخطير الذي لم يعرفه تاريخ الأدب فحسب، بل تلاقح مع حقول أخرى مما جعل آلان بوسكي يخوض أيضا في القذف بشذراته في معمعان السؤال الإنساني بكل إمعاناته ، الشذرة عند آلان بوسكي قاسية وشرسة كألعاب شفرة الحلاقة في الوجه ، أو كما أرادها بوسكي ضربات سوط دامية فوق ظهر الخرافة ذي الجلد الإنساني ، نتذكر هنا حكايات لافونتين الخرافية Les fables de la Fontaine (قبلها كليلة ودمنة طبعا) التي أنطقت الحيوان بلسان بشري ، في شذرات بوسكي ربما يحدث العكس ، لم لا؟
لننصت بشيء من الغثيان الضروري لهذا الشيخ الخرف قبل ذلك لنقرأ التقديم-الشذرة الذي خص به كتابه:
من مونتيني Montaigne إلى سيوران Cioran ، ومن لابروبيرLabruyére إلى باشلار Bachlard ضاعف مفكرونا الحِكَم Sentences لكي تصبح ملائمة للأخلاق، وللعبث أو للتمرد، هذه الشذرات Aphorismes ليست سوى وسائل لوعي تارة صاف و طورا قلق.
بعض الآداب الاخرى، خاصة الادب الألماني مع ليشتنبرغ Lichenbureg وشوبنهاور Shaupenhaeur، أعطى للشذرة مفهوما أكثر جنونا، طليقة تتدفق كضربة سوط أو مداعبة: إنها نفسها حادة وقصوى .
منذ سنوات عديدة، ويوما بعد يوم أصبحت ملتزما بهذا النوع الأدبي الذي من الجائر اعتباره تابعا. تكون الشذرة عارية، بدون سند من احد، أو من نشيد، أو من أداة كيف ما كانت. نقبلها أو نرفضها كما هي . أكشف هنا تقريبا، عن ربع ما كتبت. سنقرأ واقعيين كنا أو مخرّفين، تعريفات وخرافات، ومفارقات، وتفاهات وأحاديث موجزة وأقوال مأثورة وأقوال مشاهير وأحكام، وأمثال وأيضا مشاريع حكايات، وتلغرامات ومشاهد هزلية.
ضمن وساوسي تجدون الشيخوخة والشبق، وعافية الروح والحاجة إلى قلب العادات ، بوضع التفجيرات الشعرية.
أتحدث مع نفسي أو مع اله أو مع رئيس جمهورية، أو مع حوض استبراء غادرته امرأة مجهولة للتو.
المبتذل والمطلق لا يبدوان أكثر تعارضا من الهندباء البرية والسحلب، الذبابة والطائر الغنّاء.
روح تحمحم مثل فرس، مزاج متقلب، ذاكرة تتمزق أو تلتئم.
ذات تنطّ على أخرى : هل من أجل تقبيلها أم ذبحها. الوميض الأكثر خصوبة والذي يتغذى من الانخطاف والسخرية دون فصلهما .
أن تكون في قلب متناقضات الذات لا يفتقر إلى الانتهاك.
أكتب اليوميات الحميمية لغلياني الخاص.

ألان بوسكي

****

أحب أن أرضي قارئي : أنا عاهر هرمة، أحب أن أنفره مني : يجب أن يلتزم حدوده، على أية حال أكتب كي أسحقهم…

*

لا تحتاج الشذرة إلى شخصية ، أوسيكولوجيا، أو غنائية، ليست في حاجة حتى إلى مؤلف.

*

أخاف بإفراط، أخاف أقل عندما أكتب: "أنا أخاف"

*

لنبحث عن ديكتاتور جدّي ونشط سيقبل بفكرة
اغتياله بعد السنوات الخمس من الحكم، أنه شهيد
محتمل للنقاش.

*

يا عزيزي الصغير يجب عليك أن تختار بين هاتين الحقيقتين : الحياة جميلة و الحياة مزبلة

*

بعد حصوله على جائزة نوبل قفز ألبير انشتاين من
النوم صارخا :
ـ أريد أن أصبح آكل لحم البشر

*

أقبل فيّ القصيدة وليس الشاعر

*

في أي حكم ديموقراطي الحريات الفردية تؤدي إلى التخريب الجماعي.

*

إن كنتم لا تملكون شيئا آخر تمنحونه للشعب، اقذفوا
له بعض التعصبات .

*

عوض أن أكون شخصية متواضعة من لحم وعظم
أفضّل ان أصبح شخصية لكاتب مشهور، شرطي
تحريات عند ادغار الن بو، قتالا عند دويستوفسكي،
مصرفيا معرّضا للسكتة عند بالزاك، شابا طموحا عند ستاندال، روحا معطّلة عند بروست، دمية متحركة ومتهمة عند كافكا، بامكاني اذن زيارة
مبدعين رائعين، من اجل ان نناقش مصيري بشكل ودي.

*

رواياتي تشبهني : السيكولوجيا.
قصائدي لاشيء مشتركا بيني وبينها: الخيال.

*

أنا الذي لا يتحمل حتى الأفراد ،
اكتشف للأسف ان الاله جماعي

*

قصيرة ومضحكة هي قصة بلادي في القرن العشرين، فرنسا يتم تخليصها
من ألمانيا بواسطة روسيا وأمريكا
خمسون سنة فيما بعد، روسيا ماتت،
فتزوجت بألمانيا لمقاومة أمريكا.

*

اشرب الكوكاكولا أيها المنحلّ الصغير، ودع
التلفاز يفكر مكانك.

*

أريد أن أعيش في عالم حيث كل واحد منا يستطيع أن يقول دون ان نتهمه بالكذب: "لقد اخترعت وردة"

*

بسُوا Pessoa يتحدث عن "بهاء عدم الاعتقاد بأي شيء"
أستطيع أن أضيف: " أي أن اقدس ما يرضيني"

*

لست أكثر قساوة من البعض، أقول لثلة من أصدقائي:
"اقتربوا كي أفتح بداخلكم بعض النوافذ " يتخيلون على الفور أنني سأشرّحهم.

*

نعم، نعم ، أنا مثلك ، مثل أي شخص يحلم أن يخلق عالما.
كن متأكدا بأنه سيكون بدوره أكثر بشاعة من هذا
الذي نعيشه.

*

لكي تكون حرّا، سارع لإهانة المعجبين بك.

*

ـ هل لديك أصدقاء
ـ كأي حيوان ثديي لدي بعض الطفيليات

*

ضمن الستة مليارات نسمة التي تسكن الكوكب،
هناك أربعة مليارات غير نافعة لا أقول بأنه يجب إبادتها: بل أقول انه سيكون من الخطير علينا ان نضعف كي نساعدها.

*

كل ديكتاتورية تنتهي بالرعب، كل حرية تنتهي بالانهيار

*

ـ من أنت؟
ـ حصيلة كتبي بشرط ان تحرقوا ثلاثة أرباعها على الأقل.

*

الشعوب المتحضرة تخلق الحرب لجيرانها، الشعوب البدائية تكتفي بالحرب الاهلية.

*

الروائي الصربي فيدوساف ستيفانوفيك يلخص بإتقان في الجمل الأخيرة مـن كتابه : christos et les chiens نوع التقزر الذي يستحوذ على أوروبا سنة 1993: " إن لم نمت بعد، كل شيء سيكون على أحسن ما يرام ، وان متنا ، كل شيء سيكون على أحسن ما يرام .

*

المراهق يلتهم السنوات، الكهل ينظمها، الشيخ يعدّها
والشاعر ينساها.

*

كل مبدع يخرّب

*

أحلم بكتاب ضخم، صفحاته بثلاثة أمتار: سأنام
داخله، وستداعبني كلماته، أو أحيانا ، سأطعن بها

*

الحب ، بلبلة الأجناس، أتقدم إليك إن تقدمت إلي.

*

كل اعتقاد هو انتحار للانا

*

المطلق اكزيما

*

منذ آلاف السنين، كنا نبحث لتحويل دائرة إلى مربع
منذ آلاف السنين نسينا أن المربع يبحث من اجل أن
يصبح دائرة

*

الحقيقة ليست فنا، الفن حقيقة

*

حتى سن السبعين كنت أقول :"الفن من اجل تأخير الموت"
والآن أقول :"الموت كي لا نضيع الفن"

*

السلام ، السلام ؟ لا أريد السلام: أريد حربا مختلفة

*

الانتحار ليس فلسفة لكنه وسيلة نقل عادية،مثل
القطار، والميترو، والسيارة، لنجعل التاكسي بلا سائق.

*

أحلم بدوستويفسكي اكثر حداثة: العقاب أولا ثم الجريمة فيما بعد.

*

الحياة ليست تفسيرا للحياة

*

آه ! مدمنو المخدرات في زوريخ ، فقراء البرتغال ، سكّيرو ستوكهولم … وحدها الشعوب التي لم تعرف الحرب هذا القرن تجد السلام غير محتمل.

*

ـ أسوأ مصيبة ؟
ـ أن يكون هناك فعلا فردوس

*

نعرف شيئا ما عن رامبو أنه الملاك الرّث ، أو الشيطان وننسى الدجال.

*

أكرر : سياسيا أريد الإنتماء إلى المركز المتطرف .

*

الحرية : عزيزيتي الحرية ... " بمثل هذه الأناشيد نفرغ السجون ونملأ المقابر.

*

تكلمت شعرا مع أحد الوزراء، قال لي : الجمهورية لا يمكنها قبول أن تحلم ، أن تكذب مقبول .

*

سأدافع حتى موتي عن حقك في ان تكتب قصائد أحسن من قصائدي.

*

مع أمي أتحدث عن الحب ، مع أبي أتحدث عن الكوكب

*

يحب الشاعر أن يكون له الحق في قتل كل من تجرأ على أن يقول له: "لقد فهمتك".

*

الحقيقة ليست فنا ، الفن حقيقة

*

والآن أقول : "الموت كي لا نضيع الفن".

*

نعم، نعم ، أنا مثلك، مثل أي شخص يحلم أن يخلق عالما. كن متأكدا : أنه سيكون بدوره أكثر بشاعة من هذا الذي نعيشه.

*

أسوأ عدو للفن هو الأخلاق.

*

القصيدة لا تخدع : إنه الشاعر

*

في الثامنة صباحا أكون سعيدا لأنني أنبض بالحياة، في التاسعة أتساءل ابتداءا من العاشرة أرتعش.

*

بالزاك : ستون مجلدا ولا فكرة مبتكرة ، بالزاك ليس سوى معدة

*

أنا عنصري ما دمت أؤكد أن الشاعر أرفع منزلة من الروائي والفيلسوف

*

صادفت زرافة رخوة، مثل ساعة دالي

*

الاسم هو لا نهاية الشيء

*

كل عمل رائع فضيحة.

عن موقع (الذبابة