جويل فيرنيه
(فرنسا)

ترجمة : يعقوب المحرقي
(البحرين)

جويل فيرنيهنهار شمس بطيئة، ففي الصباح يلتهب الحصى في الشوارع الفارغة في هذه القرية التي أعبرها. ينقصنا كل شيء: الهواء، الماء، الانتعاش، في زاوية الزقاق الضيق، تراءت، ناحلة، هشة، متشظية، كصورة حياتنا، صَوّان صغير محترق في الضوء. كانت هناك، جالسة على تل على الحصى، ساقاها متشابكتان، أنظر إليها، من الصعب فصل الوجه عن الجسد، محو الأعضاء الهزيلة، البشرة المشققة لليدين، هذا الجسد الممزق، التالف بخطورة شديدة. صعب الولوج في نور نظراته لأن نظراته، نظراته، مؤثِرة، شاسعة، فسيحة فوق فم أدرد مجوف، مظلم، ما يشبه هاوية حيث تهزأ الحياة، تئن، بزعيق يفتت الصخر. نظراتها المتوسلة، التي أتهرب منها، هاربا بذلك من المأساة القديمة لوضعنا. هذه المرأة لا شيء لديها، لا تمتلك سوى زرقة السماء المحيطة بالجسد. كانت عارية أمام التاريخ الذي يجهر به وجهها. كان أزرقا و أسود، ممزقا بأخاديد حيث ترتسم خطوات الزمن، آتيا من الجحيم، من العواصف، من الظلم العميق لهذه الحياة. كانت المرأة وببساطة تعاني الجوع. كانت جائعة. لم نعد نعرف ـ بكل تأكيد ـ معنى أن نجوع. لم نعد نعرف البتة، هنا، في غرب العالم. مالت بوجهها نحوي في الظلمة، في النور، لم أعد أميز جيدا. كنت باحثا عن الومضة الأخيرة خلف كل زرقة هذه السماء حيث يختلج اللامُتخيّل. تبيّنت القلب أسفل الجلد، شكل صغير ذابل منهك، أحسسته ينبض بوهن متناه. شعر مائل إلى الرمادي يسقط على كتفيها الهزيلين، منهمرا على الصدر الجاف، مستعيدا نبعه من أسفل البطن حيث انبعثت صرخة، أول صرخة سُمعَت على الأرض. أية صرخة؟ ولأي مصير ؟ أمنا.في كل الأجساد الذابلة أرى من جديد جسد أم ما تزال حية. أمنا . نعم، الشائخ لأمهاتنا، لكل أم على الأرض المشمسة خلجان ذهبية تتأرجح من أذنيها. نعم ، أعترف بجمال بؤسها ، ينمقها،حتى لو كان مفزعا ادعاء ذلك . كانت كالعارية تحت الشمس، أيقونة حقيقية حية، تهبني صدفة المشي في ممر صخري. مقتربا لمستُها، شمَمتُ رائحتَها الحيوانية، رائحة شحم قوية، وخشب محترق، مطر، عفونة. عِرق رهيف يغني بخفوت تحت جلد ساعديها من جديد، لأنها تضحك بملء فمها، الهاوية المظلمة لفمها، هذه البؤرة التي تنادي، تتوسل وهذه النار في العينين. هذه الشعلة الرهيفة في اللازورد. تتقدم بخفة نحوي. تداعب شعري، وجهي، وتحتضن يديّ بيديها. أنفها على خدي الأيمن، تستنشق رائحتي، رائحة عرق، تعب و أسى. تلج عيناها تحت جلدي بينما يتأرجح طائران ذهبيان من أذنيها.كم كان عمرها ؟ من أي رعب قديم انبثقت ؟ أتسكن مغارة في الصخرةالتي مجّدَها منشدو عٍلم الأنَاسة الحديث ؟ سن واحدة كانت الأثر المتبقي من فمها. لا تتكلم، رغم إنها عرفت لغتنا، لكنها تلفظ ما يشبه الصرخات الصغيرة، أصوات من قاع الحنجرة تستهدفني على ما يبدو. كان علي الهرب، المغادرة بالسرعة الممكنة، وضعُ حد لهذا اللقاء، وترك هذا الوجه في وهدته، التخلي عنه حقيقة، نسيانه، بمعنى استعادة عزلتي. انتزعت نفسي من قبضة يديها الضعيفتين وركضت تحت الشمس، حاملا في الآن ذاته حطام وشظايا هذا الوجه، الوجه الأول والأخير، ذاك الذي نحمله كقناع، تاركا الضحك ـ للحظة ـ لتَفجُعه، لزعيقه الواهن. اليوم، مني، اقتربتُ من وجه الموت. اليوم ، أحس حتى الآن بشحم هذه الشظية على يديّ ، ولكن زالت بذرة هذا الصوت الرهيف ، هذا الصوت المتناهي الصغر ، الضائع في العالم ، موسيقى هذا الوجه تلاشت إلى الأبد من النور الذي ألقاه في عينيّ .

* نص مع رسم لجان جيل بادر سيصدر قريبا في طبعة محدودة (16نسخة )

*****

أرض الحِبر

جويل فيرنيه من المجموعة الشعرية " على حافة العالم"
من الصفحات 29، 30، 31

ترجمة: يعقوب المحرقي

جرف هناك، في اللسان، لا يطال سوى الصوت، يهتدي إلى الجرح، غراب مهيب ناشب في سويداء القلب حتى السماء، وخاصة هي، الوقحة مدبرة السراب، لن تكون البتة مواسيتنا، لسبب بسيط هو أننا نموت مكروبين
ما من مطر، ولا عاصفة ولا هداة تزيح عن كاهلنا هذا العبء، العصي على الوصف، المعقود بجسد كل ربوة، كل ورقةةشجر، في الصيف كما في الشتاء، في هذا الضوء الخاص جدا لطرقات أقصى العالم، حيث ألقت الصدفة بحياتنا،
أسلمتنا إلى التأمل النقي، إلى الذاكرة الرفيعة للتسكع، تلك التي ولمرة واحدة نرغب ـ إن كان ممكنا ـ في تقديم التحية لها.

الحديث إلى الشجر يلائم البشر، ولكن الحديث إلى البشر يلائم من ؟
غالبا ما راودتني فكرة العيش هنا، محاطا بالبسيط من الأشياء، بالمراعي الشامخة، حيث يهبك الهواء كل الاحتمالات.
لو كان بمقدرتي إتقان الضياع في زاوية غابة دون السعي في العالم أملا في نشوة قصوى. لا شيء حدث.
" ـ عرف مطلقا الحياة بمؤخرة ملصقة بكرسي.
" ـ قالت له أدخل الدير المهجور ، الذي التهمه العليق ، وانتظر ، نعم انتظر ، فالعتبة لن تظن بالبوح بسرها . "
وفهم حينها بأن حياته لن تكون أبدا سوى متواليات لا نهائية من الغدو والإياب. الدير الطلل، في مكان ما،
على طرف غابة أو حلم. تبقى صحارى الطفولة نادرة الاكتشاف "

*****

من "الإشراق الغامض"

جويل فيرنيه

ترجمة : كيتي سالم (1)

كل ما أعرف عن المغامرة الشعرية ( لكن كيف أجرؤ حتى أن أسمي ما يخصني هكذا)، إنه نزر يسير جداً، يضاعفه بئر الجهل الذي لا قعر له ( الذي ليس هو بادرة كسل )، يكاد يكون معرفة أمية. كأن الأمر قد حُسم حتى قبل مغامرة اللغة، قدرة خارقة على المغنطة، وعلى الدفع والتسيير، قد قادتني إلى الأبجدية في هرجها ومرجها. إلى ضجيجها. كلا، بصراً ما مُنحت حين أكتب. كلا ، بل العكس تماماً ، إنه استلاب مطلق . لم أعرف البتة كيف كُتِبت تلك الحفنة من الكتب. إلاَّ أنهيوجد،لك، كما تقدرون، لم تسقط من السماء ولم تأتِ على الإطلاق إثر معجزة، بالرغم من قول ميشو " على المرء أن لا يصنع أبياتاً إلاَّ بعد القيام بمعجزة، لأن ليس غاية الأبيات إلاَّ الإشادة بتلك المعجزة." هنا لا يوجد، في اعتقادي، أية معجزة، أو أي وحي. إنها، ربما، كلمات تؤكد، في محك الأحداث، دهشة الإنسان من وجوده في العالم، تلك الدهشة التي غالباً ما تكون مؤلمة. أجل، موعظة تأتي من الطفولة حين وجب علينا، مهما كان الثمن، أن نحتفظ بالشمس في سماءٍ مظلمة. أجل ، إن تلك الشمس هي رجاء واه يود أن يرسم أفقاً مشتركاً؛ ذلك أن اللغة التي هي أداتنا الأكثر فاقة ، قد تسمح لنا أن نفتح منظوراً كهذا

إن الموت هو نور القصيدة. هنا، لا يمكن لأحد أن يخادع. فهو يبطل كل ادعاءاتنا. القصيدة وحدها هي التي تهم وليس الصخب الذي يحيط بها. وبالفعل، فإن الكلام يقتل الشعلة، والبراهين ترهق الحقيقة، على حد قول الرسام جورج براك.

إننا نأتي من السد يم الضبابي، من المشاعر المضطربة، من الجسد الذي عانى لسعات التاريخ الرهيبة. إننا نأتي أيضاً من أفراح، ومن نشوات. ومن الجبل ذي السفحين المحرقين. كانت هناك أم، وكان هناك أب، وفي ذاك المثلث المسرف في الضيق، بسطت الحياة كلماتها، واحدة تلو الأخرى، بشكل لا متناهٍ. وقد يحدث أن يغيب عنا أحدهما، أو الآخر. وأحياناً، لا يكون هناك أحد. " إلاَّ أنه كما يشير إلى ذلك بيير ريفردي، من البديهي تماماً أنه ( ونعني هنا الشعر ) أقرب إلى الغياب، إنه فراغ ونقص في قلب الإنسان، وبشكل أدق، في العلاقة التي يمتاز الشاعر بفضل موهبته أن يضعها مكان هذا الغياب، وذلك النقص. ليس هناك شعر حقيقي إلاَّ حيث أملأ هذا الخواء الذي لم يكن من الممكن على الإطلاق أن يملأه أي عمل أو أية مادة حقيقية من الحياة."

يصدر قريبا


من كتاب " ليس الصمت بقفر على الإطلاق "
جويل فيرنية

ترجمة: كيتي سالم (1)

إنك تصنع ذهباً من كل ما ينقصك، أنت تبحث عن المنفى في الخارج، أنت حي في النسيان العظيم. لا تهمك كتبهم، ولا رسوماتهم، ولا موسيقاهم، ولا حاجتهم إلى الحب، كما لا يهمك إسمنت دروبهم. إن عليهم أدواراً يؤدونها، فلقد حجَّرَتهم المطامح. إنك تنتصب في مكان آخر، خارج صفحاتهم، خارج أمانيهم، خارج شكواهم، إنك تنتصب كالصاعقة، كالعاصفة، كشق في صخرة، كمَحز على الخد. فات الوقت ليلصقوا لك اسماً، ومهنة، أو معلمين. لقد فات الوقت كثيراً على ذلك. إنك لن تتخلى مطلقاً عن تلك الحرقة للامنتهي.

*******

اليوم، أفكر فيها ولا أدري لماذا. لقد مرت بالقرب من حياتي كنجم، وكوميض. لم تترك أي أثر لهذا العبور. لقد عبرت العالم كما تعبر ذرة الغبار، شأن ريح لطيفة ناعمة، شأن نسمة. لم يتسع الوقت البتة حتى لأقربائها، أقصد أهلها، لأن يروها، لأن يسمعوها، لأن يحبوها. لقد احتفظت في أعماقها بمعجزة صمتها؛ حتى إنها لم تهبنا دوامة الكلمات. لقد حُصِدت حياتها بشكل قاطع تحت قدميها في درجة من السرعة جعلتني أتساءل أحياناً إن لم تكن حياتها مجرد سراب. إنه سؤال يأتي في حياتي شأنه شأن عصفور على غصن، عصفور يرتجف في الخريف، عصفور ينتفض في ظل حجارة جدار. إنه خط مباغت من النور في زاوية قلبي المظلمة.
اليوم أكتب إليها، لأن طيفها راح يجول أمام ناظري، يحاذي جدران غرفتي، يختلس بضع كلمات في حديقتي. أرسل إليها رسالة ليلية تثقبها النجوم ويخترقها الرجاء. إنها بعيدة، لا يمكن الوصول إليها، يبدو لي مع ذلك أنني أمسكها في قعر راحتيَّ، أسمع صوت غنائها المنخفض جداً، وهمسها الخالد. أين ذاك الطيف الذي ألقت به الحياة إلى الحُرّيق ؟ أين تلك الحائرة التي لم تسمع لها صرخة أي مكان ؟
إنها تشبه إلى حد كبير الوجوه التي أصادفها، تشبه الكلمات التي أسمعها أحياناً في الشوارع. يبدو لي أنها لم تمت، كلا. وأن الموت خديعة. وأن الحياة التي تحت الأرض ستمخر دائماً في أي مكان على هذه الأرض. وأن الحياة الحقيقية، هذه الحياة على الأرض قد كسَّرت الأغلال، وأعادت الزمام إلى أسيادنا، وهربت إلى أرض أشد فساحة من الأبدي، وأكبر رحابة من همومنا التافهة، وتحركاتنا التي لا جدوى منها، وبلبلاتنا الباطلة.

*******

تبتكر الحجارة أكفاننا، وتشتت الريح أوهامنا، أحلامنا عند أقدامنا ونسخر منها، فالكتابة هي أدنى مشاغلنا. بقي لنا أن نخترع التمرد، بقي علينا أن ندرك شيئاً لا يمكن الوصول إليه لكننا قد أضعنا المفتاح، لم نعد نملك الكلمات، إننا نهوي في الوادي.
الحبر الأسود على بياض الورق: إنه إشارة، إنه خطوة في الثلج، وصخرة في الصحراء، وصرخة في صمت الأيام المتألق. إن الكتابة تحملني أحياناً بعيداً جداً عن الآخرين، تعني الكتابة إلى حد ما دماء العزلات. إلاَّ أن هذا الانسحاب ليس إلاَّ ظاهرياً. فالعالم بأسره تحت جلدنا، دائماً حتى أن ذلك يصبح أحياناً حِكة حقيقية.

*******

إن أيام الآحاد هي بالنسبة إليك أسابيع، والأسابيع سنوات، والسنون أنوار بوجه الأبدية الوسيم. حين لا تكتب، أنت في المألوف ولا تشعر بذلك. وحين تكتب، يمكنك أن تظن نفسك لحظة كاتباً لكن ما تحاول هنا ليس إلاَّ أسلوباً آخر، وطريقة واعية، للوصول إلى المألوف، لتدرك في ذاتك بصمته ومرماه. إنك لا شيء، حين تكتب. ليس لك اسم أو مسكن، ليس لك قارئ أو حب لأن من تحب شاسع، شديد الفسحة على ذراعيك الصغيرتين. غالبا ما نتصور أننا كي نكتب نحتاج إلى حياة خارقة ، إلى سفرات ، إلى لقاءات غير عادية ، وحفلات ، إلى أشياء أقل ما يقال عنها إنها ترهات . لكنك غالباً ما حققت تلك الأمنيات، واحترقت في قلبها ولم يبقَ من كل ذلك شيء، وحتى لم تبقَ منها كلمات، كما لم تبقَ كتب. وحين اختفت تلك المباهج من حياتك، وحين لم يعد على حياتك سوى قماش عريض من الصمت، والفقر، حينئذٍ، جاءت الكلمات كأنها تمد لك يد العون وتؤازرك، انفتح الصمت كسماء، وحرك الصمت فيك صفحات عتيقة، وذكريات موغلة في القدم، أو أحلاماً لم تتحقق بعد. مجمل القول أن الواحد منا كلما ابتعد عن حياته الخاصة، ذهب إلى الكذب والهوان. ومع ذلك، لا شيء يحدث في حياتنا، لا يطرأ شيء فائق على الإطلاق وما نسعى أن نقوله أو بالأحرى أن ننشده، هو شيء مضيء بشكل لا يُصدق وهذا الشيء لا يخصنا، إنه أكبر منا، يمزق في داخلنا الدمية، وينبثق كما تنبثق جمالات الأيام العادية، ذاك الذي يلامسنا والذي تقل رؤيتنا له شيئاً فشيئاً، وقد أعمتنا الهموم، والحياة الشديدة الوطأة، والمشاغل المضنية. إن الصمت يُظهر، بعظمة، هذه الفكرة البسيطة التي ليست بساطتها ساذجة لكنها تعني بالأحرى البداهة، والنقاء اللامتناهي وربما تعني، إذا تجرأنا على استعمال تلك الكلمة، الحقيقة، الحقيقة ذات الحضور العالي من الرفعة التي لا يجسدها أي إله.

*******

إن أي كتاب هو حي ليس بما يزخر لكن بما لا يحوي، بما لم يستطع أن يدرك، بكل الحياة التي أفلتت من بين أصابعه. إن الكتاب حي بكل ما ينقصه، بكل الحياة التي تمر مرتجفة تحت صفحاته، بكل الحياة التي تقصف عند أبوابه. لأن الكتاب ليس إلاَّ بيتاً فقيراً مفتوحاً على الرياح من كل الجهات. لأن الكتاب، لا يمكن تشييده. كلا، يس هذا النوع من الأشياء التي ننقلها من ساعة إلى أخرى، إنه ليس ضرباً من الكوخ الذي بمقدورنا أن نرسم مخططاته. كلا ، على كل حال ، إن الكتاب ، بالنسبة إليك ، هو طرافة حقيقية . تدركه المياه من كل صوب، يدخل المرء إليه كيفما شاء: من النوافذ التي لا أصفاق لها، ومن الأبواب المخلوعة، ومن السقف الذي ليس هو إلاَّ السماء، وبفضل الريح التي تحملك، وبفضل الأعشاب التي تتشابك بين الجدران الأربعة المتهدمة. في الحقيقة، إن الكتاب هو صورة لم تكتمل، إنه الصورة الفوتوغرافية للحظة منسية في مكان ما، أو لوحة عتيقة جداً تنتظر في حجرة لم تعد تطؤها قدم. فلكي يحيا الكتاب ثانية تحت ناظريك، فوراً، يكفي أن تأخذه، وأن ترفع عنه كل الغبار الذي يعيق النظر، وأن تضع صفحاته على النور، وأن تضمه في ليلك فيبعث من جديد وينبثق بين أصابعك. إن الكتاب هو دائماً بقعة بياض تحت المصباح. إنه يحتاج إلى يدٍ خرقاء، تنقصها المهارة، وإلى رأس قليل المعرفة. كي يكتب المرء، لا تجدي نفعاً قراءة كل كتب الأرض. لأنه إذا ما قرأتها وجب عليك أن تمضي باقي أيامك لتنساها. والأمر نفسه بالنسبة إلى الرسم والغناء. تذكر كلمات عجوز هوغون دو سانغا: إن العري يعني أن يكون المرء بلا كلمات. أن يكون الإنسان صادقاً معناه أن يكون عارياً، متخلصاً من النزوات، ومن المعرفة الثقيلة للعصور كافة، إن عري الإنسان هو العودة إلى أول زمن العالم، إلى أولى أيام الطفولة حين كنت تبحث، وأنت تتأتئ بأبجديتك.

يصدر قريبا