آية الخوالدة - الأردن

هيمت محمد علي

يؤمن بأن الفن يحمل رسالة التغيير، فيجعل من الورق الياباني المصنوع يدويا، لوحات شاهقة الارتفاع تضيف إلى المكان رونقا أندلسيا بزخرفاتها وألوانها الوردية.
بدأ العراقي هيمت محمد علي مسيرته الفنية في وطنه العراق، ومن ثم أضاف إليها خبرة طويلة في اليابان قبل أن يستقر في فرنسا ويقيم هناك.

الفنان المولود في العراق عام 1960، أقام 25 معرضاً، عشرة منها في اليابان، وبقية المعارض في بلدان عربية وفي فرنسا وهولندا والنمسا وسويسرا. شارك في عشرات من المعارض المشتركة في أنحاء مختلفة من العالم. صدر عنه كتاب «تمائم العزلة» من تأليف برنارد نويل وفاروق يوسف. أنجز جداريات في اليابان والبحرين والمغرب. أقام سبعة معارض مع شعراء عالميين هم: أدونيس وأندريه فيلتر وكوتارو جنازومي. كما أصدر أكثر من ثلاثين كتاباً بالاشتراك مع شعراء، منهم ميشيل بوتور ومحمد بنيس وقاسم حداد وسعدي يوسف. وأُنتج عن أعماله فيلمان، الأول من إخراج فؤاد ميمي عام 1991 والثاني من إخراج فريال بن محمود عام 2003. «زهور يابانية في كركوك» استوحاها الفنان من زيارته الأخيرة لليابان، ففي حديقة المرسم وجد حوض ماء مليئا بالزهور، فعكف على تصويره في أوقات مختلفة من اليوم وجسّد من خلاله انعكاس شروق الشمس وغيابها وعتمة الليل وجمعها معا في لوحة واحدة.

التقته «القدس العربي» وكان هذا الحوار حول فنه وهجرته.

■ ما هو سر الربط بين اليابان وكركوك في معرضك؟
□ المكان المقصود قريتي الصغيرة النائية «علي سرايا» التي تربطني بها علاقة روحية كما هي علاقتي مع الأرض، ذكرياتي التي بقيت معي واستفيد منها من غير وعي. كل الأماكن التي زرتها أقارنها بقريتي، وأينما هاجرت أفكر بموطني كثيرا. معرضي الأول كان في كركوك قبل ثلاثين عاما بعنوان «الأرض والإنسان»، وعلاقتهم الخالدة، لكن مع مرور الزمن اختفى الإنسان من لوحاتي وبقيت الأرض، كونها مهمة جدا بالنسبة لي وارتبط معها بعلاقة قوية. كما تأثرت كثيرا بالورود والطبيعة، وليس لأنها تملك جمالية خاصة بل كونها نابعة من الأرض، فكل مكان له زهوره الخاصة فيه بألوانها المميزة، والورود تعكس الإضاءة على كل ما حولها مشكلة ألوان متنوعة تجلب الحياة. قد يكون الجمع بين اليابان والعراق أمرا خياليا أتمنى أن يصبح حقيقة، فلطالما تمنيت أن يكون هذا الحوض المليء بالأزهار موجودا في كركوك.

■ ما مدى تأثرك بالفن الياباني والفرنسي نظرا لإقامتك الطويلة في كلا البلدين؟
□ حينما ذهبت إلى اليابان لأول مرة، كان بغرض إقامة معرض هناك، لكن خلال زيارتي حصلت الحرب وبقيت هناك 6 أشهر، أحببت المدينة وأهلها، فهم قريبون جدا من أجوائنا الشرقية يتصفون بالاحترام والمحبة وحسن الضيافة. أما في ما يتعلق بأعمالي، فقد تميزت بالورق الياباني والحبر والألوان اليابانية، التي بت لا أستطيع الاستغناء عنها. ومن ثم عدت إلى الأردن وأنشأت العديد من العلاقات في الوسط الفني وأقمت المعارض أيضا. لكنني سافرت إلى فرنسا بغية الحصول على الإقامة، ولا أستطيع أن أنكر أن ثقافتي ونظرتي تجاه الأمور تغيرت كثيرا بسبب طابع الحياة الثقافية والفنية في أوروبا عامة وفي فرنسا خاصة، ودوما أبحث عن الأشياء الجديدة مع الحفاظ على طابعها الشخصي.

■ في معظم معارضك الفنية تجمع بين الرسومات والشعر، فهل تؤكد بذلك على أن العلاقة بين الفن والشعر علاقة جذرية وعلاقة تأثر وتأثير؟
□ أحب قصائد الشعراء الذين أتواصل معهم، فمعظم شعرهم يشبه لوحاتي، فمنهم من يكتب القصيدة بعد أن يرى لوحاتي متأثرا بها، كما رسمت بعضا من لوحاتي بعد قراءتي لقصائدهم. ومثال على ذلك قصيدة أدونيس التي كتبها بعد رؤيته للوحاتي وعنوانها «رسالة غيمة» وقصيدة «برزخ» التي استلهمت منها إحدى اللوحات.

■ هل سبق وكتبت الشعر؟
□ كتبت الشعر في بداية مراحل الشباب، لكنني سرعان ما أدركت أنه ليس مجالي ولا أستطيع الإبداع فيه.

■ ما هو الطابع الذي يميز أعمالك الفنية؟
□ تمر اللوحة بثلاث مراحل، ففي البداية أنا واللوحة في المرسم، ومن ثم اللوحة والمشاهد، وأخيرا اللوحة حين تغادر. ذلك هو تفكيري في اللوحة، فلا أبحث عن طابع معين ولا سمة خاصة تميز أعمالي عن غيـــــرها. وحول ما يعتـــــبره الكثير تكرارا من بعـــض الفنانين، فالتكرار أمر خاطئ إذا ما تم في الأسلوب نفسه، لكن إذا اتسم بأسلوب جديد وطريقة عرض جديدة، يقنعك بأسبابها، ذلك هو ذكاء الفنان. فعليه أن يحافظ على أسلوبه لكن بطرق ابتكارية، لا أن يغلق على نفسه في الماضي.

■ بحكم إقامتك في الخارج لسنين عديدة، لماذا التأخر في الإنجازات الفنية العربية مقارنة بتلك الغربية؟
□ تكمن المشكلة في الثقافة العامة والسياسة والمجتمع، ونحتاج إلى وقت وجهد وعمل دؤوب في كل شيء، أن نكون جديين ونسعى للنجاح.

■ ما هو مشروعك الجديد؟
□ في الحقيقة لا أملك أي خطط للمستقبل، العمل بالنسبة لي يساوي الحياة، لكن لا أحد يعلم ما يخفيه الغد. لدي فكرة في إقامة معرض أجمع فيه اللوحات التي في المدن الأربع التي تعني لي الكثير، «كركوك وعمان وباريس وطوكيو»، لكنه مشروع كبير يحتاج إلى الوقت والتنظيم الجيدين.

القدس العربي- SEPTEMBER 23, 2015

أقرأ أيضاً: