هيلدا الحياري

(نالت جائزة عن تجهيز من 200 طربوش )

حاورها: محمد الحمامصي
(مصر)

الفنانة التشكيلية الأردنية هيلدا الحياري فازت بجائزة بينالي القاهرة الدولي، كما حصدت من قبل العديد من الجوائز من بينالات عالمية وعربية، التقيناها في القاهرة وكان هذا الحوار.

كيف مضت مسيرتك الفنية منذ بواكيرها الأولى وانتهاء بالآني وماذا عن الاستشراف المستقبلي لها؟

- لا أعــرف كــيف بــدأت ومضت فلم يكن عندي أي تفكير في بداياتي بأن تدخل أعمالي صالات العرض وتنتشر خارج الأردن.. كنت في عمر العشرين أرسـم لنفســي وأتلــقى الدروس الخاصة بمبادئ فن الرسم وكان كل تفكيري فقط بالعمل الذي أمامي إلا أنني وجدت نفسي عضوا في رابطة التشكيلــيين الأردنيين بإلحــاح من أصدقائي الفنانين بأن أشاركهم نشاطــاتهم، وبقيت سنتين لست منتسبة لأي جمعية وليس عندي هدف العرض، ومنذ ذلك الوقت بدأت أشارك بمعارض محلية ودولية وأنا أسال نفسي دائما وللآن كيف وصلت الى ما أنا به الآن.. صدقا لم أخطط لأي نجاح فكانت الأمور تأتي وحدها عندي وفي كل مرة أصاب بالدهشة ومشيت بطريق بات واضحا الآن أو بالأحرى أعمالي هي التي أوصلتني لهذا الطريق ولست أنا.

هل لنا أن نتعرف علي رؤيتك ومفهومك للعالم داخل لوحتك؟

- أعمالي هي أنا وما يجول في داخلي وكلمة أنا تعني الكثير فكل انفعال يحدث داخلي لا بد أن يصبح طاقة أفرغها على القماش الأبيض الذي باستمرار أسمع له صوتا يناديني، ومثلي مثل أي فنان محترف خاصة نتأثر جميعنا بكل مجريات الأحداث حولنا سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو أمورا خاصة تحدث في حياتنا اليومية.

الضوء والعتمة ثنائية تمتد في جل لوحاتك.

- لا بد ان أعيش حياة كاملة بكل عمل أقوم بتنفيذه وأدخل بإيجابيات وسلبيات تضاد وتجانس والضوء والعتمة عندي هما الأساس فهما الشعور أيضا بالعمل سواء بنظامه أو الفوضى والقلق وكل هذا أساسه الضوء والعتمة في كل أعمالي.

أيضا تشكل الأشكال الدائرية محورا غالبا علي لوحتك حتى لتبدو أحيانا مثل فقعات الغريق الباحث عن الحياة، أي فلسفة تنطلقين منها في هذا التشكيل الدائري؟

- هو أسلــوب اتــخذته منــذ عام 2000 نتيجـة قراءاتي العديدة وترحـالي الدائم وعــدم ثبــاتي في مكان واحد، فقد كانــت عيـني ومنذ الصغر تبحث عن بيوت النمل وخيوط العنكبوت الدائرية إلى أن وصلت لمرحلة النضج بأن لا يوجد أي مستقيم في حياتنا، وأن كل ما أراه حولي دائريا، وحتى الحياة بمفهومها الواسع لا أستطيع أن أصور أرضا أو طبيعة بخط مستقيم ولا البشر ولا السماء ولا الجنين ولا رحم المرأة.. وزاد بحثي وقراءاتي وقناعاتي بأن لدي أسلوبا سيبقى في تطور دائم دون التخلي عن قناعاتي بأننا ولدنا أيضا من نقطة ونحن في زيارة قصيرة لحياة دائرية سترجعنا يوما لنفس نقطة البداية.

هل ترين أن هناك حركة نقدية تواكب حركة الفن التشكيلي العربي وبماذا تقيمينها ؟

- لا تهمني أي حركة نقدية إنما تأريخ الفن هو المهم حاليا، فالنقد بات لعبة مكررة بدون أهمية وفي كل العالم أيضا ليس فقــط في منطقـتنا.. أهتم فقط بما يكتبه مؤرخو الفن.

الحركة التشكيلية في الأردن رؤيتك لها وتقييمك لحركتها، أيضا أبرز مشكلاتها الفنية والعامة ؟

- الحركة التشكيلية في الأردن توصف دائما بالهدوء وليس لها صوت عربي، لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد لدينا حركة فن تشكيلي أردني ومهمة جدا.. إن اعتماد الفنان الأردني الدائم على صالات العرض هو من أسباب عدم انتشاره، فلدينا صالات عرض في عمان مهمة ومتخصصة باحتراف مما يؤدي على اعتماد الفنان الأردني على الصالات.. معظم فناني الأردن سواء الرواد أو جيل الشباب الآن غير متفرغين وكل له وظيفته، مما يؤدي إلي عدم الــقدرة على الســفر الدائم، لكن جــيل الشــباب في الأردن مختلــف فلديهم الآن تجــارب جديدة ولافتة سواء في الرسم، التصوير أو الفن المفاهيمي وهي في النهاية تجارب لا أحد يعرف نتيجتها.. وبشكل عام الفنان الأردني غير معروف خارج الأردن إلا أن لدينا تجارب مهمة لا تقل أهمية عن الكثير من الدول العربية ولا أقارن هنا بمصر او المغرب العربي لكننا بدأنا الآن نرسخ أرضا صلبة لفن أردني.

جائزة بينالي

فوزك بجائزة بنيالي القاهرة عن أي أعمال وماذا أضاف لك؟

- كانت جائزة البينالي الأولى لهذا العام عن عمل مركب ضخم وهو عبارة عن مسرح جمهوره رجال، تناولت العنصر الذكوري متمثلا بمئتي طربوش أحمر والمسرح أو الجمهور في حالة سكون يشاهد (شفايف) امرأة عربية جميلة بتعابير مختلفة مع تبدل المشاهد وتكرارها.. هي حالة حوار بين امرأة فقدت اللغة ولم يعد للحديث أي معنى فاكتفت بصوت النفس المرهق.

كيف تنظرين إلى المرأة / الفنانة التشكيلية ومكانتها علي خارطة الساحة التشكيلية ورؤيتك لها ؟

- هناك العديد من التجارب النسائية في الساحة التشكيلية العربية لكن التجارب الحقيقية أراها محدودة جدا مقارنة بالفنان العربي أراها أسماء معروفة ومهمة لكنها محدودة جدا وهنا أتحدث عن تجربة كاملة من الإبداع أو حتى يمكن التنبؤ أحيانا من خلال ما نرى.. إلا أن قلة العدد بالنسبة لي لا يعني أني ضدها، فالمهم هو التجربة الصادقة والإبداع الحقيقي وهنالك أسماء عربية مهمة لفنانات فعلا وصلن للعالمية.

وكذلك ما يميز المرأة الفنانة التشكيلية في رأيك على مستوى تناولها لموضوعاتها واستخدامها للألوان ومعالجتها ؟

- لا أحب أن أميز المرأة الفنانة عن الرجل الفنان، وخاصة في الأسلوب أو تكوين وبناء العمل الفني، فأنا انظر للعمل الذي أمامي بغض النظر عن جنس الفنان ولا أؤيد أبدا الفصل، فالعديد من الفنانين الرجال تتسم أعمالهم بشفافية ورومانسية عالية، وهناك تجارب نسائية على سطح اللوحة أو أي مجال إبداعي تتصف بالخشونة والقوة.. أنا ضد الفصل لأن ما يعنيني فقط هو العمل الفني وليس الفنان وطبيعته أيضا أتحدث الآن عن تجارب مهمة وليس عن فنانين تقليديين أو فنانات يمارسن الفن فقط كهواية أو لإشباع حاجة ما بل أتحدث عن محترفين.. لا أرى أي فرق بين الفن النسوي المحترف أو الرجولي ولا بأي مجال إبداعي والتجارب العديدة أثبتت ذلك..

ماذا المدارس الفنية التي ترين أنك أقرب إليها فنيا وما رأيك في حضور هذه المدارس علي ساحة الفن التشكيلي العربي؟

- برأيي أن المدارس الفنية قد انتهت الآن ، ونحن في بحث دائم عما هو جديد، وربما يكون في الفن المفاهيمي أما في الرسم والتصوير والنحت فقد انتهت المدارس وحفظت في التاريخ، لذا أفضل ان أبقى بعيدة عن أي مدرسة وبحالة بحث دائم علنا نجد شيئا ما.. إلا حضور المدارس على ساحة التشكيل العربي واضحة جدا فليس واردا أن نتحدث عن الأصالة المطلقة لفن عربي أو لتجربة عربية حديثة.. أتمنى أن أعرف الجواب إذ باعتقادي أنها تجارب محدودة جدا لا تتعدى فنانا واحدا أو اثنين، والمرجع أيضا لهذه التجارب ليس عربيا.

السفير- 28 يونيو 2007


إقرأ أيضاً:-