التقاها: غريب اسكندر

هيلين كرمتشير السيرة الذاتية للفنانة اللبنانية هيلين كرم أنها ولدت في بيروت وحصلت علي درجة الدبلوم في الفنون الجميلة من الجامعة اللبنانية عام 1989 وأصبحت عضوا في جمعية الفنانين التشكيليين عام 1996.
وتُدرس، حالياً، في الجامعة الأميركية ببيروت بعد ان درست في الجامعة اللبنانية الأمريكية في بيروت من 1995 ـ 1997.
وقد أقامت الفنانة معارض فردية ومشتركة فمن المشتركة كانت لها عدة معارض بلغ عددها 16 معرضا في بيروت من عام 1990 ـ 2004 وكان هناك معرض في بريطانيا عام 2004 وآخر في باريس عام 2005. أما معارضها الفردية فهي كالآتي:

  • (1997: بيروت ـ لبنان
  • 1998: بيروت ـ لبنان
  • 2001: بيروت ـ لبنان
  • 2004: في غاليري بوشهري في الكويت
  • 2004: غاليري المدى ـ بيروت ـ لبنان
  • 2005 ديوان الكوفة ـ لندن ـ بريطانيا).

وبمناسبة معرضها الأخير الذي أقامته في ديوان الكوفة بلندن كان لنا معها هذا الحوار:

لنبدأ من العنوان (قانا: من بغداد إلي بيروت) بوصفه عتبة الدخول إلي العمل، ما دلالة هذا العنوان وما هي الثيمة المشتركة بين بغداد وبيروت عبر قانا؟

أردت من هذا العنوان ان اعبر عن تلاحم وتوحد الألم الإنساني فالألم هو الألم سواء أصابنا مباشرة اواصاب غيرنا نتحسس فظائعه ومعاناته فما جري في قانا لا يمكن ان ينسي وما جري ويجري في بغداد بلغ من الأسى حد التوحد مع كل آلام الإنسانية فأنا كلبنانية عشت وأعيش آلام قانا وعربيا وإنسانيا أعيش آلام بغداد.

ما دامت نظرة الألم عندك، نظرة إنسانية عامة، إذن لماذا هذا التخصص في تكرار صورة المرأة بوصفها الحاملة الأولى والأخيرة لهذا الألم كما يتضح في أعمال هذا المعرض؟

في المآسي الكبيرة ولا سيما الحروب منها تظل المرأة الخاسرة الوحيدة، فهي التي تدفع الثمن الأكبر والأبهظ، أنها خاسرة الحروب بامتياز حتى لو ربح الرجل تلك الحروب فستظل هي خاسرة، إنها الزوجة التي تفقد زوجها والحبيبة التي تفقد حبيبها والأم التي تفقد ابنها والأخــت التي تفقد أخاها. من هنا حاولت ان اعبر عن هذا الألم بأعمق صوره ولم يتم لي ذلك إلا عبر المرأة، المرأة الصادقة بفقدها وانكسارها لا الرجل المغرور بكبريائه الزائف!

لذلك نري سيادة الألوان الداكنة حتى استخدامك للألوان الصاخبة استبطن وامتزج بظلال داكنة ـ هل حاولت التعبير خلال ذلك عن انكسار المرأة؟

أردت ان اعبر عن حزن المرأة أكثر من التعبير عن انكسارها. وفي الحقيقة أرى ان المرأة فيها من القوة بحيث تجعلها دائما صامدة لا تكسر، نعم المرأة تحزن ويكون حزنها شديدا لكنها لا تكسر وربما أشارت الألوان الداكنة إلى حزنها، والصاخبة إلى قوتها وابتهاجها بالحياة برغم المأساة. واللون عندي هو لغة قائمة بذاتها وأتعامل معه بجرأة لدرجة ان الأسود، أحيانا، يعبر عندي علي الفرح والأحمر عن الحزن مثلا. وأدائي اللوني حر وصدامي وجريء وأظن ان هذا واضح في أعمال هذا المعرض
.
بالتأكيد، ولكن لماذا كانت نساء لوحاتك بلا وجوه، ما دلالــة هذا الاختفاء؟

أردت ان أشير إلى الهوية المطلقة والعامة لا الخاصة لهؤلاء النسوة فهؤلاء النساء وان انطلقن من أمكنة معروفة (بغداد ـ بيروت) خربتها الحروب الحمقاء التي لا تقدم سوي البؤس والدمار والخراب والقتل، وبالطبع، كما أشرت سابقا كانت المرأة ضحيتها الأولى، أقول انطلقت من أمكنة معروفة ومحددة لتعبر عن نساء العالم كافة ما دام الألم هو خير ما يوحد البشرية! واختفاء الوجه، أيضا، يدل عندي علي الكتمان والقمع اللذين يمارسان وبوحشية في عالمنا العربي ضد المرأة حد خنق مشاعرها وإنسانيتها وألمها، إنها كما تلاحظ خاسرة حتى في ألمها بسبب هذه النظرة السلبية عنها.

هذا واضح جدا وقد أجدت في التعبير عنه فنيا في هذا المعرض لكن عملك علي الجسد الأنثوي جاء مغايراً للمألوف كيف عبرت عن ذلك، وما هي المفاصل الرئيسية التي أسهمت في تطوير الفن التشكيلي العربي برأيك؟

أنا في عملي هذا أحاول التعبير عن المسكوت عنه هذا المسكوت عنه في عالمنا العربي والإسلامي هو جسد المرأة بوصفه احد اكبر التابوات انه ـ لو شئت ـ التابو الأول مع كل ما يرافق هذه النظرة من نفاق ودجل هكذا جاء جسد المرأة منزوعاً من جسديته لو صح التعبير، انه محاولة لاستفزاز المتلقي العربي وتحريك حساسيته تجاه هذا الكائن (المرأة). أما المفصل الرئيسي في تطور الفن التشكيلي العربي فهو، في رأيي، دخول السياسي علي الفني والتعبير فنياً، بالطبع، عن موقف مبدئي من خلال التشكيل، أنا أتأثر بالسياسي لكن أحاول ان يكون عملي غير مقيد بالحدث فالسياسي يحفز لكنه يبقي أضيق من الحياة التي يحاول الفن ان يعبر عنها امثل تعبير.

علي وفق هذا ما هو، برأيك، العمل الفني، وهل تتبنين مدرسة تشكيلية معينة أسلوبيا؟

العمل الفني هو فعل ورسالة ولغة وواجب وهو موقف من الحياة والفن والإنسان فأنا والحالة هذه لست حيادية بل أنا، بالعكس ضد الحيادية وأداة التعبير عندي تتطور أسلوبيا ولا مانع عندي من الانفتاح علي أكثر من مدرسة أسلوبية فالعمل الفني هو الذي يفرض أسلوبيته لا العكس.