لبنى الأمين، وعبد الجبار الغضبان، وعباس يوسف .. ثلاثة في واحد

أحمد رمزي

أحمد رمزيتجربة رائدة أمتعت محبي الفن التشكيلي أقدم عليها ثلاثة من كبار فناني البحرين: لبنى الأمين، وعبد الجبار الغضبان، وعباس يوسف .. عندما قاموا بعرض مقتنياتهم وفنهم على الجمهور في معرض واحد ضم الفنانين الثلاثة، من خلال ثلاثة معارض مختلفة في الفكر والإحساس والتناغم، ولكنها مرتبطة بروح التعاون وروح الفنان المبدع الذي يستلهم أفكاره من الواقع الذي يعيش فيه داخل وطنه، كان السؤال الذي يدور في خلد المشاهدين، ما الذي جمع بين هؤلاء الفنانين الثلاثة لتكون رسومهم مادة لمعرض مشترك؟ قد لا يكون ضروريًا البحث عن إجابة اضطرارية لتقنين هذه الواقعة، ولكن الأهم أن لغة الجماعية ما زالت مسيطرة على هاجس الفنانين العرب، والتي بلا شك يكون المستفيد الوحيد منها هو محبو هذا النوع من الفن.

الفنانة لبنى الأمين تقدم في هذه التجربة معالجة جديدة تتناول الخشب القديم كخلفية، ثم تقوم بتغيير القديم إلى حديث، وبألوان براقة عصرية، وانفعالات من سخن وبارد مع استخدام طريقة الكولاج "قص ولزق" مثل الورق القديم الذي يحمل من الزمن الجميل حكايات، وكلها عناصر من تراثها تستخدمها لبنى لتخدم الموضوع فرمز الورق القديم المدون عليه بعض الكلمات يمثل الإنسان داخل العمل، فأشخاصها دائمًا رموز استخدمها الإنسان، واستهلكها مثل الأبواب القديمة والشبابيك والمسامير وغيره.

أحمد رمزيفالفنانة لبنى الأمين .. تتعايش مع هذه الخامة وتخرج من باطنها موضوعاً، فهي تعشق الزمن القديم، وتقول إن الخشب القديم يشكو من الوحدة، فهذا الخشب يحمل على عاتقه ذكريات فتخاطبه وتتعايش مع نسيج لتخرج ما بداخله من ذكريات، وما كان يدور بداخله في الماضي حين كان عامراً بالبشر والحياة، فأحببت أن أعيد توظيفها بشكل تعطيه الحياة من جديد ورؤية جديدة، مع الاحتفاظ بأنها شرقية الأصل مهما تغيرت من قديم إلى حديث .

والفنانة لبنى الأمين درست في كلية الأعلام في جامعة القاهرة، ثم انتقلت إلى الجامعة الأمريكية لدراسة علوم الحاسب الآلي، ثم تابعت عدة دراسات حرة في الفن في البحرين والقاهرة وسويسرا، ولها ثلاثة معارض فردية في البحرين 1999 ودمشق، ثم البحرين 2003، وشاركت في عدة معارض دولية ولها مقتنيات داخل متحف موناكو للفن الحديث والبحرين والكويت ولبنان وسوريا والأردن، وهولندا وفرنسا.

الحس الداخلي

أحمد رمزيأما الفنان عبد الجبار الغضبان فيتعامل مع اللوحة بشكل تعبيري، فهو مهموم بالشكل الإنساني، والشكل يتحرك ويتفاعل لخدمة مضمون خفي لا يجوز ترجمته أو تفسير دوافعه كيان العمل ذاته، ولكن هذه النوعية من الأعمال الفنية تحتاج من المشاهد المتذوق رؤية العمل مرات متعددة كي يكشف أسراره وتكويناته، يصل لحالة تحليل، فأحيانًا تكون ساكنة وأحيانًا تكون متحركة، مختلفة في الشكل والإيقاع اللوني والخطي.
فتجد الغضبان.. روحه تتجه إلى التكوين الذي يحمل شكل التصميم، ولكن عناصرها من منظور تأثره بموروثه الثقافي لبلاده، وأيضًا تجد لوحات تقتصر على التعامل مع الحس الداخلي من انفعالاته، فهو يبحث داخل نفسه، ثم يترجمها في خطوط متناغمة لهذا الحوار الحركي في عناصره ورموزه، فيصبح العمل فيه كتلة إيقاعية متزنة.

والغضبان يحمل حديثاً وصراعاً داخله ويحمل رغبة في أشياء تستهويه، فأحيانًا يكون صامتًا وفجأة يثور ويغضب في خطوطه وأشكاله المعروف بها.. فهذا نوع من الرفض لهذه الحياة رغبة في حياة أفضل.
والفنان عبد الجبار الغضبان مواليد البحرين 1953 بكالوريوس فنون جميلة "جرافيك"- دمشق، أقام أحد عشر معرضًا ثنائيًا مع الفنان عباس يوسف في كل من البحرين والأردن ومسقط ودمشق وحلب كوبنهاجن والكويت ولندن، وله معرضان في جمعية البحرين للفنون التشكيلية سنة 1988، والمركز الثقافي السوفيتي- دمشق، وشارك في عدة معارض دولية في أكثر من دولة أوروبية وعربية، وله مقتنيات بمتحف البحرين والأردن وقطر وسوريا ولندن، ومقتنيات لدى أفراد من أكثر من دولة أوروبية وعربية.

التجربة الأبجدية

وثالث فناني البحرين في هذا المعرض الفنان التشكيلي عباس يوسف والذي قدم في هذا المعرض تجربة استخدمها الكثير من الفنانين وهى "التجريدية الأبجدية"، ولكن الفنان يوسف قدم لنا أسلوبه بطريقة مختلفة في الشكل، فاستخدم الخط العربي في تكويناته التجريدية التي تظهر فيها بشكل صريح ألوانه الساخنة والباردة، فالمعروف في تاريخ الخط العربي بأنه شكل تجريدي يتبع المدرسة التجريدية، ولكن حين ينظم يقرأ فيصبح معنى ويتبع المدرسة الواقعية.. فبعض الفنانين العرب استخدموه من حيث الشكل كتكوين لوني، وهناك مذهب تجريدي أكثر يعتمد على الكتابة بأوضاع متنوعة ومعتدلة أو مقلوبة متكررة، أو يغطى بعضها البعض، المهم أنها عند تكرارها تنتهي بتشكيلات تجريدية مثيرة، وقد تابع هذا الاتجاه الفنان الأمريكي مارك توبي "1890 - 1976"، واستغل نفس الظاهرة في الخط العربي، حيث بدأ بعض الفنانين العرب استغلال هذا الخط بحروفه المتنوعة، بصرف النظر عن المعنى الخاص لكل حرف وتراعى المعاني المرتبطة به، وهذا ما قدمه لنا يوسف بحروف عربية، ثم توظيفها تشكيليًا وتجريديًا، وهى أدوات تشكيل فقط تخضع للإيقاعات والتوافقات، وليست حروفًا في ذاتها.

والفنان عباس يوسف مواليد البحرين 1960م. أقام معرضين 1994 البحرين 2002 ، وعن المعارض المشتركة فقد أقام أحد عشرة معرضًا ثنائيًا مع الفنان عبد الجبار الغضبان في كل من البحرين والأردن ومسقط ودمشق وحلب وكوبنهاجن والكويت ولندن، وله مقتنيات في متاحف مثل البحرين والأردن وسوريا وقطر ولندن وبرشلونة وأوكرانيا.. ومقتنيات خاصة لدى أفراد في أكثر من دولة أوروبية وعربية.

العرب أونلاين اللندنية 9-6-2005