أميل معلوف

عن المعبد الغريق

إن إحساس السياب بعد اكتمال كائن هو الذي أكسبه صفة الوجود ككائن في العالم، و إن محاولته الدائبة لتجاوز ميزة عدم الاكتمال في شخصه الإنساني هي التي ولدت في نفسه عنصر القلق فحقيقة الشاعر لم تبلغ، في هذا الديوان، وجودها المكتمل، لأنها لو بلغته أدى هذا التحقق إلى ضياع الشاعر ككائن في العالم

و نحن نجد أن صاحب (المعبد الغريق) قد تحرك صمن حدود الزمان و المكان، وحاول لان ينزع عن العالم قشوره الصدئة، ليعانق ابعاده الصافية ولما كان شاعرنا موجودا في قلب العالم، فهو كائن للموت. و لا موت عنده لا يعني مطلقا خروج الكائن من العالم، بل ضياعه ككائن في العالم. هنا تبرز الخاصية الوجودية في أجلى مظاهرها

فالسياب لا يرى في الموت ما تراه النزعة الشعرية الرومانسية، من أن الذات تتمنى حلول الموت لتخلص من اسر العالم وتفلت من رغبات الأرض. فالرومانسي يوجد حاله شعورية بعد الموت يعجل السفر إليها أما صاحب (المعبد الغريق) فيرى أن في الموت قضاء على الكائن، وبالتالي على أية حالة شعورية ممكنة ويرى أن الإنسان لم يفقد بحدوث الموت هويته في العالم وشوقه إلى الاكتمال الانساني

لذلك كان الشاعر الرومانسي يسعى إلى أن يكتمل، ولكن خارج حدود العالم، خارج إنسانيته أما شاعرنا فهو طلعة إلى أن يكتمل بالحياة، في قلب العالم، لأنه لم يولد فيه ولادة كاملة

مجلة حوار - عدد 3 مارس-أبريل 1963