إن
هذا التقسيم إلى مراحل ثلاث له ما يسوغه في طبيعة القصائد التي كتبها
الشاعر خلال 24 سنة (1941- 1964) وقد بلغت 244 قصيـدة، وهو إنتـاج
غزير بجميع المقـاييس. ولكني أرى من جهـة أخرى أنه يمكن قسمة هذه القصائد
إلى مرحلتين اثنتـين من ناحيـة نـوعية: الأولى يمكن تسميتها (أغاني
البراءة) وهي البواكـير حتى تاريخ صدمته الأولى في تجـارب الحياة،
التي تمثلت بفصلـه من دار المعلمين العاليـة بتاريـخ 1946/1/2 لما
تبقى من سنتـه الثالثـة في العالية (وهي سنته الأولى في قسم اللغة
الإنكليـزية بعـد انتقالـه من (قسم اللغـة العربيـة)
وعندمـا
رجع ليعيـد سنته الثـالثة في العـالية (1946- 1947) بدأت تجربته في
الحياة بعد أول سنة من انتمـائه إلى اليسـار السيـاسي تتخـذ مسـارب
جـديـدة، وعـرة في طبيعتهـا الانتقالية، تجمع مشاعر النقيضين وتبدو
في شكل ازدواجية حتى على المستوى اللفظي كما أشـار عدد من البـاحثين.
يتضـح هذا كلـه في ديوانه الثاني أساطير (1950) الذي تعـود أغلب قصائـده
إلى ثلاث سنـوات سابقـة في الأقل. من هنـا بدأ مـا يمكن أن يـدعى (أغاني
الخبـرة) وهي خبرة متـرددة أول الأمر، لا تلبث أن تنـدفع في شكـل "مطولات"
من القصائد يسميها بدر "ملاحم"
وممـا
يدعم مـا ذهبت إليه أن سنة 1949 لم تصلنـا منها أيـة قصائـد، وهي السنة
التي فصل فيها من أول وظيفـة له بعـد تخرجـه والعمل في التـدريس في
(الرمادي) نصف سنة دراسية. الملاحظ أن فصل بدر من أول وظيفة له في
مطلع سنة 1949 يوازي فصله الأول من العالية في مطلع سنة 1946 وللأسباب
نفسها. هذه التجربة، في نظري هي التي قادت إلى (أغاني الخبرة) التي
ما زالت تتطور حتى نضجت بشكل خاص بعد نبذه الالتزام السياسي نهائيـا
في حدود عام 1960. وبعد ذلك نجد الشاعر يعود إلى طبيعته الأقوى، وهي
الرومانسية التي يدعمها قـدر غير قليل من الثقافة وقدر كبير من تجارب
الحياة المريرة التي تبلورت في شكل المرض الذي أقعده في سنواته الأخيرة
وما زال به حتى قضى على البراءة والخبرة معا
وثمة
ملاحظة ثانيـة تدعم القول أن التجربـة كانت وراء غزارة الإنتاج الشعري
عند بدر بشكـل خاص. وهذا قول قد يبدو بـدهيا ينطبق على غيره من الشعراء.
ولكن نظرة واحدة على جدول بالتـرتيب الزمني9 لقصائد بدر تسترعي الانتباه
إلى مسألتين: الأولى أنـه كتب 35 قصيـدة في سنته الأولى في العـاليـة
(1943- 1944) ولم يكتب قبل ذلك نصف هذا العدد. وهذا قد يشير إلى الأثر
الكبير الذي تركه انتقال هذا المغني الريفي، المستعد للعشق دوما، إلى
حيث وجد نفسه في محيط أشبه بعالم الأحلام المثالي عند المراهق، فرفع
عقيرته بالغناء
ديوان شعر ملؤه غزل "
"بين العذارى بات ينتقل
ويقترب من هذه الظاهرة أنه في صدمته الأولى بالفصل من الكلية في مطلع
عام 1946 وجد نفسه يكتب 24 قصيـدة. كلتا الحـالتين تجـربة جـديدة،
الأولى انغمـاسه في محيط من الإناث لم يعهده في مـراعي (جيكـور) حيث
(هالة) الراعية هي الأنثى الوحيدة التي عرفها خـارج محيط الأسرة. والثانية
انغماسه في الحماس السياسي الذي لم يعهده في دار جده ولا في اجتمـاعات
الليـالي السياسيـة في (جيكور)
هـذا الانغماس وهذا الحماس يقعان في الأساس من (أغاني البـراءة) بما
في ذلك مرحلـة (أساطير). والمسألة الثانية التي يظهرها الجدول الزمني
بما كتب بدر من قصائد أنه عند اشتداد ووطأة المرض عليه عام 1963 كتب
43 قصيدة وهو أكبر عدد من القصائد كتبهـا بدر في حيـاته التي كـانت
تقترب من نهايتها. وهذه تجـربة من نوع آخر. فـالشاعر هنا تحت وطأة
مرض مـا زال يشتد برغم ما فعلـه الأطباء في بغداد والبصرة وبيروت ولندن
وباريس. في هذه المرحلة كـان بدر يقـوم برحلـة وداع لدنيا ما أحبته
يوما. لكنه كان يجد نوعا من الحب في السنوات العشر الأخيرة من حياته
تلك، يتمثل في موقف صاحب مجلة بيروتية أو عطف ناشر لبناني أو رعاية
مؤسسة ثقافية لم تتضح هويتها إلا بعـد فوات الأوان؟ وكـان كل هـذا
العطف والرعاية يؤدي إلى قـدر ضئيل من المكافآت المادية لا تسوغ ما
تعرض له من هجوم وعتب بسببها، وهو الشـاعر المتهدم الذي كـان يضع قـدما
في القبـر ويوشـك أن يضع الأخرى ويستريح، حالما تصيبه رصـاصة الرحمة
التي راح يطلبها من الإله
هذا الاقتراح بتقسيم شعر بدر إلى (أغاني البـراءة) و (أغاني الخبرة)
لا يستدعي التسمية لدى الشاعر الإنكليزي (وليم بليك) أول الرومانسيين
إلا في الظاهر وحسب. ولا أعتقد أن بـدرا عرف (بليـك) وليس هناك ما
يدل على أنه قرأ شعره أو سمع به سوى تلـك الإشارة إلى محـاولة المستميت
لتـرجمة إحدى قصائـد (بليك) بعنـوان "إلى الصيف" وهو في سنته الأولى
بقسم اللغـة العربيـة يحاول أن يقـرأ الشعر الإنكليزي بعد الاستعانة
بالقاموس عشرين أو ثـلاثين مرة في القصيدة الواحدة" كما يـذكر سيمون
جارجـي عن الشـاعر10. لكني أجد قصائد بدر جميعهـا تقع في بـاب الأغاني،
بمـا في ذلك قصـائد الالتـزام السياسي. كمـا أجد جميـع هـذه القصـائـد
رومـانسيـة في طبيعتها، تقوم على الانفعال من نوع أو آخر، وعلى الاستجابـة
الآنية، بمـا في ذلك قصـائد الالتـزام السيـاسي. فمن الصعب عـلى البـاحث
المنصف أن يتلمس في قصائد بـدر فلسفة أو مـوقفـا مدروسـا من الحياة
يقوم على تأمل هادئ وتعمق في النظر إلى ظواهر الأمور كما نجد في شعر
(بليك) سواء في براءته أو خبرته
من أية مصادر يستقي السيـاب قصيدتـه؟ من الموهبـة بالدرجة الأولى.
والموهبة مسألة طبيعية لا تستطيع تفسـيرها إلا إذا استطعت أن تفسر
لماذا لا تغرس إلا في منابتها النخل. ويبدو لي أن ما في جنوب العراق
من ماء وتراب وهواء ونار، تتجسد في آب اللهاب، هي عناصر الطبيعـة الأربعة
التي تجعل للنخل من طلعها قنوان دانيـة، تحمل التمر... والشعر. وإلا
فكيف تفسر كثرة النابهين والشعراء في البصرة وجنوب العراق، ابتداء
من الخليل وأبي نواس وانتهاء ببـدر وسعدي يوسف ومن تنسم هواء الجنوب
من أمثال عبد الرزاق ولميعـة وغيرهم كثير؟ في عام 1932 كان بدر اليتيم
في السادسة من عمره فبدأ يسـير إلى المدرسة في قرية (باب سليمان) غرب
قريته (جيكور) التي لم يكن فيها مدرسـة. وهناك في سنتـه الأولى راح
ينظم الشعر بـالعـاميـة العراقية، واللهجة البصرية العـذبة. ولا ريب
أنها كانت أصداء مما يسمع من "صاعود نخل" أو "أبو مشحوف" ينساب على
صفحـة ماء "يرجه المجذاف وهنا ساعة السحر". لكن هذا "الخلال" المبكر
ما لبث أن تطور إلى "رطب" في شكل قصيـدة نظمها بـالفصحى عام 1937 وهو
في سنته الخـامس 11 في المدرسة الابتدائية، قصيـدة صحيحة وزنا و غير
ذلك نحوا، تماما مثل الرطب، نصفـه خلال ونصفـه تمر أو ما يشبه التمر.
لكن الوزن والنحو وجدا تمثيلا أكثر صحة بعد أربـع سنوات، إذ نظم بدر
"أولى قصائده الوجدانيـة" عام 1941 وهو في آخر الدراسة المتوسطة (الثالث
الثانوي) كما تشير رسائله ومن بحث هذا الموضوع. هذه القصيدة التي تحمل
أقدم تاريخ تشير إلى موهبة تعد بالكثير. وقد شهد بذلك أقران بـدر في
ثانوية البصرة، إذ كتب محمود الحبيب يقول: "واستمعنا إلى أولى قصائد
بدر فأحسسنا رغم حـداثتنا بميـلاد شاعر سيهز القلوب والعقول والضمـائر"12
إن الموهبة الأصيلـة لا تحتاج إلى أكثـر من شرارة خبرة لكـي تتصاعد
لهيبا؟ ومع أن اللهيب قد لا يحرق، فإنه دائمـا يضيء. كانت قصيـدة بدر
الوجدانية الأولى من هذا النوع. وكانت شرارة الخبرة في صورة "وفيقة"
إحدى قريباتـه، التي كان يـراها أحيـانا فتعلق بهـا دون أن تدري. فلما
خـرجت من معين عاطفته الفطـرية وتزوجت وابتعدت، تكونت لدى بـدر خبـرة
أولى في شكـل خيبـة عـاطفيـة، فنظم عن (وفيقـة/ هند) قصيـدته الأولى
بعنوان "على الشاطئ". ورغم ما في هذه الزهرة البرية الأولى من طبيعة
فطرية فإنها "صادقة" في التعبير . عن عاطفة الحب. وبقي هذا الصدق مرتبطا
بحب وفيقـة حتى آخر أيـامه، إذ راح يضفي عـلى "شبـاكها الأزرق" كثيـرا
من الصفـات والنعوت، ويفلسف لونه الأزرق بلون السمـاء التى غيبتها
بعـد حين، فيعجب القارئ من (لوسي) جبلية تغنى بها (وردزورث) تجسدت
في (وفيقة) جيكورية تغنى بها بـدر بما لا تحلم بـه ألف (لوسي). صـدق
العاطفة والموهبة الفطرية بقيتا تلازمان الشاعر اليافع ولم ينل منهمـا
تعرضه لتأثير جماعة (أبولو) وجماعة (الديوان) ولا حتى علي محمود طه
بما وفر لبدر من مواد أولية في صوره. فأنت ترى صدق مـا أشار إليه الدكتور
إحسان عباس أن في القصيدة "جميـع المواد التي كـان "علي محمود طه المهندس
يصنع منها قصائده: فيها الفجر و الشـاطىء والأحلام وموكبها والموج
والزورق والتسبيح وما إلى ذلك " 13 لكن عـلي ش 227
محمود طه (هل كان مهندسا حقا؟) لم يقل ما قالـه وهو في الخـامسة عشرة
من عره، ولم يصف (وفيقة) من وفيقـات فينيسيا الإيطالية وسواحل تلك البلاد
الساحرة. بل انه تحدث عن "ساقي" في خمـارة ولم يقل "ساقية". أم تراه
كان يتغزل بالمذكر؟
أين من عيني هاتيك المجـالي
...يا عروس البحر يا حلم الخيال
مر بي مستضحكا في قرب ساقي
يمزج الراح بأقداح رقاق
قد قصدناه على غير اتفاق
فنظرنا وابتسمنا للتلاقي
وهو يستهدي على المفرق زهرة
ويسوى بيد الفتنـة شعـره
حين مست شفتـي أول قطرة
خلتـه ذوب في كـأسي عطره
كم من الصـدق يوجـد في هذه القصيـدة وأمثالها من شعر عـلي محمود طه؟
أم أن أعذب الشعر أكـذبه؟ في قصيـدة بدر الأولى هذه عاطفة صادقة لازمته
إلى أواخر أيامه. ترى هل عاشق فينيسيا يذكر "الساقي" حتى أخريات أيامه؟
بدر صادق حتى في اعترافه بالإخفاق في هذه التجربة العاطفية الأولى: "سدى
قضيت أيـامي/ على شطآن أوهامي". ويكفيه أنه استطاع أن يقول ذلك في "فترة
القرزمـة" ولم يشأ أن تسجل عليه بعد ذلك فقال في عتب "أتسجـل هنا مـا
قلته في سن الخامسة عشرة؟"
ومن تجارب الفتى الغرير حكاية (هالة) الراعية، واسمها الرعوي (هيلة)
تضيف شذى إلى قهوة الرعيان، فيصغرونها للتحبب (هويلة). وهذه تجربـة
صادقـة أخرى لا تـزيد شرارتها عن تجربـة (وفيقة) السابقة. لكنه هنا
يقول لنا بكل براءة القروي أنه كـان يقبل الأغنـام التي كانت (هالة)
ترعاها في أنحـاء (جيكور) لأنـه رأى راعيته تقبل تلك الأغنام، فراح
الشاعر الفتي يبحث في الكأس عن فضل يناله: وقبلت حتى البهم لمـا رأيتها
تقبل تلـك البهم قبلة ثـائـر فقد اهتدي في قبلة إثر قبلـة إلى أثر
من ثغرها غير ظاهر14
وفي هذا أصداء من شعر مجنون بني عامر الذي يسأل عاشقا إن كان قد قبل
ثغر الحبيبة ليلى. هنا نجد موهبة الفتى الفطـرية تتلقف التجربة أنى
وجدتها وتصنع منها شعرا فيه "أصـالة التجـربة" رغم ما فيها من تضخيم.
فـلا أحسب الكثير منـا قد سمـع بعاشق يقبل الأغنام لأن معشوقته الراعية
قد فعلت ذلك. وقد تكون التجربـة أكبر من مداركه لكنه يسمع بها، فلا
تلبث أن تنصهر في بوتقـة موهبتـه شعرا. مثل ذلك أولى قصائـده "الوطنيـة"
بعنوان "شهـداء الحريـة" التي تعود إلى عام 1942 وتتحـدث عن رجـال
ثـورة رشيد عـالي الكيـلاني عام 1941 لا أحسب أن ذلك الفتى اليـافـع
في حـدود السادسة عشرة كان يدرك تماما ما يقول عندما كتب
أراق
عبيد الإنكليز دماءهم
ولكن دون الثـأر من هو طالبه
أراق ربيب الإنكليز دمـاءهم
ولكن في بـرلين ليثـا يـراقبه
وهي مرثية تستـدعي "محل عـلى القاطول أخلق داثره/ وعادت صروف الدهر
جيشا تغاوره " أو "إذا الملك الجبار صعر خده/ مشينـا إليه بالسيوف
نعاتبـه" وتكاد تشفق عـلى الفتى الشاعر الذي ركب مركبها الصعب. لكن
الموهبة الفطرية كـانت تتقحم الصعاب معتمـدة على ما تيسر للفتى من
دواوين الشعر العربي التي يبـدو أنـه كـان يتمثلها بنهم، ويطلب الخبرة
أنى ثقفها ولا ينتظر أن تـأتي الخبرة إليه لينظمها شعرا. يظهر هذا
من رسائله إلى صديقه الشاعر خالد الشواف في حدود ذلك العام. فهو يحسب
أن صديقـه في بغداد يمارس التجربة فعلا وأنـه وحده في قريته الجنوبية
يتخيلها تخيلا وحسب
لكن الفتى بدر وصل بغداد التي جمعته بصديقه صـاحب الخبرة غير القروية.
و ها هو "يدخـل" دار المعلمين العـالية ليجـد عالمـا من "الخبرة الحضرية"
كاد يبعده عن "أوهامه الريفية". ولم تكن سنوات ثانوية البصرة مقطوعة
الصلة بـأصياف جيكـور
لكنه في بغداد في عامه الأول (1943- 1944) توسعت أمامـه آفاق "الخبرة"
وأفاق "الثقافة" معا، فاكتسبت "الموهبة" لديه صنـوفا من النسـغ جديـدة.
وإذا كـانت الموهبـة قد وجـدت لها مسـارب جديـدة وصنوف هوى جديدة فإن
البواكير الرومانسية ما زالت على عهـدها الأول، لأن "من كنت أحذر أن
تحجب طيفها/ عن ناظري نزلت بأبعـد منزل)، لا تغير في قـانون العشق
المـراهق الذي يعلن "كم منـزل في الأرض يـألفـه الفتى/ وحنينه أبدا
لأول منزل". هنا تزايد عدد "الحبيبات" في خيـال الشاعر، لكن الخبرة
لديه، بفضل تحية من زميلة، أو لمسـة ذراع غير مقصودة جعلت المسافة
بينه وبين "المحبوبة" في حاضرة الخبرة أقرب من المسافة بينه وبين الراعية
في ريف البراءة. وكانت هذه الدرجة من "التحسن" قد دفعت الموهبـة لديـه
دفعا شـديدا. وهذه هي مرحلـة "ديوان شعر ملؤه غزل/ بين العـذارى بات
ينتقل". وكان الديوان فعلا ينتقل بـين العذارى في دار المعلمـين العاليـة
في تلك الأيـام. كم يختلف الأمر عن قولـه في رسالة من البصرة أنه لا
يستطيـع زيارة بغداد لأن "الصبايا العذارى الريفيات يتشبثن ببقائه"
15 لقـد كبرت الشرارة قليلا فألهبت الموهبة كثيرا
ومما ساعد على "تطوير" الموهبة عند يدر في سنته الجامعية الأولى توسع
قراءاته في الشعر العربي وبعض الشعـر المترجم، كمـا تشير مراسلاته
وشهادات من عرفوه في هذه الفترة. هنا نجد بداية التفكـير في "تطوير"
القـوافي، وشكـل القصيدة واستمـرار المعنى إلى البيت اللاحق، وقد تكـون
جميعها محـاولات غير واعيـة
لكن "الثقافـة" في معنـاها الأول تفيد تهذيب العـود من غصن ينمو عـلى
طبيعته، لكي يستقيم. وهذا ما كان يجري لموهبة بـدر الفطريـة التي بدأت
النظم بـالعاميـة وهو في سن السـادسة ثم أتقنت وزن الشعـر قبل أن تتقن
قواعد النحو
في صيفه الأول بعد الكلية نجد في رسائلـه بوادر"نقـد أدبي" ممـا يدل
عـلى وعي الشاعر بالحـاجة إلى التجـويد وتطوير الموهبة، وهو ما سيعبـر
عنه بشكـل صريح في عـدد من المقابـلات الصحفية والمحاضرات بعد أن استوى
شاعرا موهوبا مثقفا خبيرا بأدواء النساء، غير طبيب، وخبيرا بداء السياسة
كذلك.
"لقد مضى الزمن الذي لم تكن فيه الثقـافة ضروريـة للشاعر"16، قـال
بدر عام 1956، "فالموهبة وحـدها لم تعد تكفي لخلق شعراء كأيدث ستويل
وت. س. إليوت"
وفي رسالة إلى يوسف الخال بتاريـخ 1957/5/1 يسـأل بدر: "هل قـرأت مـا
كتبـه ت. س. إليـوت عن الموهبة الفردية والتراث وعلاقتهما؟ الشعر يجب
أن يبقى خيطا يربط بين القديم والجـديد... يجب أن نستفيـد من أحسن
مـا في تراثنـا الشعري في الوقت نفسه الذي نستفيد فيه مما حققه الغربيون...
في عالم الشعر"وكرر هذا القول عام 1962 في مقابلة مـع رياض نجيب الريس
ببيروت، فصرح أن الموهبة الشعرية يجب "أن تدعم بالثقـافة، والخطوة
الأولى للثقافة هي قراءة الشعر العربي كلـه، وقراءة الشعـر الأجنبي..
والفلسفـة والنقد". لقـد بدأ بـدر، منذ سنتـه الثـانيـة في العالية،
يدرك أهمية توسيع الثقافة لمن "يـريد أن يبقى شـاعرا بعـد الخامسة
والعشرين من العمر" على رأي إليوت في مقالـه المعروف عن "التراث والموهبة
الفردية". وإذا كان إليوت قد وضـع هذا الرأي في عبارات محددة في ذلك
المقال، وعبر بدر عن مثل هذا الرأي بعبارات محددة كذلك ابتداء من عام
1956 فإننا وجدناه يباشر في تطبيق هذا الرأي، ربما عن غير وعي عامد
منذ عام 1944 كما يخبرنا محمود العبطة الذي يصف الشـاعر في تلك الأيام
"جـالسا في مقهى مبـارك وأمامه قدح الشاي يـرتشف منه ويعود إلى قراءة
ديـوان المتنبي أو أبي تمام أو البحتري وغيرهم من فحول الشعراء"17
لكن شعور بـدر بالحاجة إلى توسيـع آفاقـه الثقافيـة دفعه إلى "الاطـلاع
على روائـع الأدب الإنكليزي" كما نلمس من أحاديثه وصحبته مع الأستاذ
جبرا، تلك الملازمـة التي أوصلته إلى الاحتفـال بمسودة فصلـين من كتاب
الغصن الذهبي وقد تـرجمها الأستـاذ جبـرا من كتـاب (فـريزر) ونشرها
في العدد الوحيد من مجلة (الفصول الأربعة) التي أصدرها الشاعر بلند
الحيدري. اتخذ بدر خطوته المعروفة في سبيل هذه النقلة الثقـافية فتحـول
إلى قسم اللغة الإنكليزية في عـامه الثـالث بالكليـة (1945- 1946).
كان هذا أقصى ما يستطيع الشـاعر فعلـه في تلك الأيام في سبيل الاتصال
بثقافة غير عربية. والواقع أن ما كان يقـدمه قسم اللغة الإنكليزية
من "ثقافة" أجنبية محدود جدا، وقد أشرت إلى هذا في مكان آخر18. لكن
الجهود الخاصة التي بـذلها بـدر في سبيل توسيع اطلاعه على الآداب الأجنبية
مترجمة إلى العربية أو في نصها الإنكليزي مسألة تكثر الإشارة إليها
في أحاديثه ومـا روي عنه. وهنا لا بـد من الإشـارة إلى نقطتـين: الأولى
أن حـديث بـدر عن "سعـة اطلاعه"، على الآداب الأجنبية فيه نوع من المباهاة
غير الناضجة التي يدفع إليها الفرح بالجديد والقريب. والنقطـة الثانيـة،
وهي الأهم في نظـري، أن الشاعر كان بـارعا في التقـاط السمات البـارزة
والمعاني الرئيسية في مـا يقرأ من شعر أجنبي ولا يلبث أن يلـون ذلـك
كلـه بشخصيتـه ويطوعـه لأغراضـه. وهذا جـانب من جـوانب الموهبـة والأصالة
لدى الشاعر. والأمثلة عـلى ذلك كثـيرة جدا وبخـاصة في شعره من أواسط
الخمسينات فصـاعدا. ومن دلائـل اهتمامـه الجاد بالآداب الأجنبية إقدامه
على ترجمة عيون الزا أو الحب و الحرب عن ترجمة إنكليزية من شعر الفرنسي
أراغون (1951؟) وقصائد مختارة من الشعـر العالمي الحـديث (1955) إلى
جانب قصـائـد من ناظم حكمت وأخرى من أيدث ستويل. إن قراءة هذه التـرجمات
تـدعو إلى القول أن فيها من طـلاوة الشاعر أكثر ممـا فيها من دقة العـارف
بأسرار اللغة الأجنبية، لكنها جهد مشكور إذا أخـذنا بعـين الاعتبار
ظروف الشـاعر في الزمـان والمكـان وربمـا كـان بـدر في أواسط الخمسينات
يذكر إعجابه القديم في أواسط الأربعينات بترجمات عدد من الشعراء المصريـين
لمختـارات من الشعر الإنكليزي والفـرنسي وحاول أن يجرب يده في نقل
مختارات لا أحسبها تتبع خطة واعية. في أواخر الخمسينات تـوثقت صلات
بـدر بمجلة شعر البيروتيـة وبصـاحبها يـوسف الخال وعدد من الشعراء
المتصلـين بها مثل أدونيس وغيره. وربما كان في اللب من اهتمامه بتلك
المجلة والمتصلين بها من الشعراء، عـلى الرغم ممـا قيل عنها وعنهم،
اهتمام المجلـة الواضح بنقل أمثلة منتقاة من الشعر الأوروبي والأمـيركي
وما يتيسر من دراسات نقدية عن ذلك الشعر. أحسب أن هذه الناحية في مجلـة
شعر هي التي استهوت السياب لأنها استجابت إلى ما لديه من رغبة دائمة
لتوسيع ثقافته الشعرية واطلاعه على الآداب الأجنبية. وفي هذا الصـدد
يقول يـوسف الخال "وكـان إذا وقعت في يده صفحـات من الشعر الجيد، باللغة
الإنكليزية، انصب عـلى فض مغاليقها والغوص إلى عميق معـانيها. وكثيـرا
ما استنجـد بالقـاموس، فـإذا هوامش الصفحات تضيق بالألفاظ والشروح.
وكان متى عثـر بالشعر الجميل الرائع، سعد به و تحسر له في وقت معا،
فأسمعه يقول: أين نحن. من هذا الشعر؟… ولو أتته الفرص الروحية والثقافية
والمادية، كما تؤاتـي الشـاعر الكبـير، لكان لنـا فيه، دون سـائر مجـايليه،
ذلك الشاعر الكبير"19. لكن الفرص الروحية والثقـافية والمـادية لم
تكن يـوما إلى جانب السياب، فموهبته الكبرى هي التي قولبت القليل مما
تيسر لـه لخدمة تلك الموهبة، فكان لنـا منه ذلك الشاعر الكبير. لا
أحسب أن بمقدور أحد اليوم أن يتخيل في أي اتجـاه من الإبداع كـانت
موهبـة السيـاب ستسير لو لم يقعده المـرض، ولو امتـد بـه العمـر ليشهد
الاندفاعة الكبرى في الترجمة عن الآداب الأجنبية مما عرفه العراق وبعض
البلاد العربيـة بدءا من عقد الستينات إلى اليـوم. في دراسة شاملة
مدعمة بالأرقام والشهادات، يقدم الشاعر سامي مهدي صورة عن حدود ثقافة
السياب20 خلاصتها أن مصادر "الثقافـة الحديثـة" أي الثقافة الأجنبية
كانت محدودة أو ضئيلة في سنوات التكوين لدى السياب، أي منذ نهاية الحرب
العالمية الثانيـة وحتى وفاة الشـاعر. وهذا صحيح جـدا، تدعمـه الأرقام
الطريفة الكـاشفة التي يوردها الكاتب عن إعداد المتـرجمات المنشورة
في العراق وعدد من الأقطار العربية. فـإذا وضعنا هـذه المترجمات إلى
جـانب مجـلات الأديب البيروتية (1942) والكـاتب المصري (1945) والآداب
البـيروتيـه (1953) ومـا تقدمـه من ترجمات اتضح لنـا الحجم المتواضـع
من مصادر الثقافـة الأجنبية المنقـولة إلى العـربية، عـلى فرض أن هـذه
الترجمات كانت تقع بيد السياب بشكـل من الأشكال. وإذا تـذكرنـا محدودية
معرفة السياب باللغـة الإنكليزيـة لغدا لزاما عـلى الباحث المنصف أن
يتوصل إلى أمرين: أولهما أن من الخطأ تضخيم معرفـة السياب لمصادر الثقافة
الأجنبية، كما أن من الخطأ التحامل عليه لأنه لم يكن مطلعا على تلك
الثقافة بما نعده مقبولا بمقاييس اليـوم. كان حساد شكسبير، وخاصة (بن
جونسن) يعيبون عليه أنـه "يعرف قليلا من اللاتينية وأقل من ذلك من
الإغريقية". ومعنى ذلك أنـه لم يكن "جـامعيا" بـاصطلاح تلـك الأيام،
أو "مثقفـا" باصطلاح هـذه الأيـام كانت معـرفة شكسبير باللاتينية هي
مستوى "مـدرسـة ستراتفورد" في تلك الأيام وربما لم يكمل دراسته فيها.
لكن شكسبـير استطاع عن طريق تلك المعرفة المحدودة باللاتينية أن يقرأ
شيئا عن الفرنسية وربما من الإيطالية. وبعد حوالي ثلاثـة قرون جـاء
(ت. س. إليوت) أكبر شاعر مثقف في العصر الحـديث لينصف شكسبير بقوله
المشهور أن شكسبير "استطاع أن يفيد من كتاب (بلوتـارك) بترجمة (نـورث)
أكثر ممـا استطاع كثـيرون أن يفيدوا من مكتبـة المتحف البريطاني بـرمتها".
أعرف أن هذا القـول يسير بمحـاذاة التجديف الأدبي: ولكن السيـاب، في
نظري، استطاع أن يفيد من فصلـين من كتاب الغصن الذهبي (الذي لجيمز
فريزر) بترجمة جبـرا أكثر مما أفـاده كثير من شعـراءنا أضعاف ذلك من
كتب أجنبيـة، قرأوها في النص أو في التـرجمة. وهذا معنى أن يكون التـراث
غذاء للموهبة الفردية، لا ثوبا من الرياء يكشف عمـا تحته. يكفي أن
نقـرأ "من رؤيا فوكاي " لنلمس كيف استطاع بدر تطوير الأسطورة والرمز
لموضوع خاص وموهبة فردية. ويكفي أن نقرأ "المعبد الغريق "لنـرى كيف
تفرعت حكاية صغيرة أجنبية مغمورة إلى موضوع كبـير، ذي خصوصية. ومثل
ذلك القول يصح عـلى"أغنية في شهر آب"وغيرها كثـير إذا رجعتـا إلى المصـادر
والهوامش و الإحالات، فضـلا عن "أنشودة المطر". في هذه جميعا تغدو
الثقافـة الأجنبية نسـغ حياة ولقـاح صحة، يكـون الإفراط في أحـدهما
عـلى حساب حيـاة الشعـر وصحة الشاعر. تجـارب السياب في حيـاته القصـيرة
أكبـر من موهبتـه الكبـيرة. وتجـاربه في "الوقوع في شراك الحب" ابتداء
من قريبتـه (وفيقـة) الجيكورية وانتهاء بالكاتبة (لوك نوران) البلجيكيـة
أوضح دليل على نفسية رومانسية يكون الخيال فيها حـاكما بـأمره، دون
العقـل. وكل هذه التجـارب الإحدى عشره في الحب تشكـل مصـادر مهمـة
قي قصائده، تجدها في ديوانه تلميحا و تصريحا، يضيء التلميح فيها عدد
من رسـائله وشهادات من عرفوه. تجـاربـه في "الوقـوع في شراك السياسة"
من أواخر عام 1945 إلى حدود عام 1960 تشكل مصادر أخرى من مصادر قصائده،
ابتداء من مجموعة أساطير (1950) إلى تاريخ فتور حماسه للسياسة وخروجه
على الانتماء الحزبي مما أورده في مقالاته في جريدة (الحرية) أواخر
عام 1959. سوء حالته الماديـة، تكرر الفصل من الوظيفة وتهديده في مورد
رزقه، وبـدايات اعتـلال صحته تجارب أخرى قادت إلى فترته "المأساوية"بعد
حضوره مؤتمر روما عام 1961. قصيدته المنشورة في الآداب عدد حـزيران
1960 بعنوان "رؤيا في عام 1956)، لم يخدع في مضمونها إلا رقيب المجلات
شبه الأمي، لأن الاشارات إلى "يـا حبالا تسحب الأحياء من شيخ كبير
/ من فتاة أو عحوز…" لا يمكن أن تخفى على من عرف أحداث العراق السياسيـة
وبخاصـة ثورة الموصل عام 1959. كيف تخفى الإشارة إلى "عشتار بحفصـة
مستترة... تموز تجسد مسمـارا / من حفصة يخرج والشجرة"، أو "شخنوب العازر
/ حيا يتقافز أو يمشي"؟ هنـا استطاعت موهبة بـدر تطويـع الثقافـة القـائمـة
عـلى الأسطورة والرمز بالدرجة الأولى لمكون في خدمة التجربـة الخاصـة،
فاستوت تجربة ذات مغزى إنساني شامل. من نوع ذلك التماثل بـين عشتار
وحفصة التماثل، بـين تموز والشـاعر "بـين المسيح المصلوب والشاعر:
"من يصلب الشاعر في بغـداد؟ "، بين السندباد في جـولاته طلبا للمغامرة
والشاعر في جولاته طلبا للشقـاء" بين يـوليسيس الهائم في البحار ليعود
في الأخير إلى زوجته (بنلوبه) وبين السياب الهائم في "بلاد الثلج والضبـاب"
ليعود في الأخـير إلى "أم غيلان". هذه أمثلة قليلة تبين كيف كانت الأسطورة
مصدرا من مصادر قصيـدة السياب لكنها أسطورة تتمثل التجربة الشخصية،
ومن هنا غناها ومعاصرتها. أمـا تجـاربـه المريـرة في الضيـاع والبعـد
عن العـراق في أوائـل الخمسينـات فهي فم يغني قصـائد مثل "غريب على
الخليج"ومـا احتواه ديوان أنشودة المطر بشكل خاص
ومما يتصل بالتجربـة مصدرا مهمـا من مصادر قصيـدة السياب "الوقوع في
براثن المرض". بدأت هذه المرحلة بشكـل بارز من حـدود نيسان 1962 عندما
ذهب إلى بيروت طلبا للعلاج. ومن هذا التاريـخ إلى أواخر ذلك العام
والعامين اللاحقين نجد قصـائد بـدر تستقي من مصدر واحد في الغـالب
هو تجـربة مرض عضال احتـار فيه أطبـاء بـيروت ولندن ومـا بينهما. هنـا
تتبلور تجـربة الغربة في بـلاد الثلج والضباب فتذكرنا بـالغربـة الأولى
قبلها بعشرة أعوام (1953). في الغربتين يشتد الحنين فتغـدو "الشمس
أجمل في بـلادي من سوأها والظلام/ حتى الظلام هناك أجمل فهو يحتضن
العراق". ذل السؤال والوقوع تحت رحمة حزب سياسي غريب في غربته الأولى
توازي ذل الوقوع تحت رحمة طاغية هجاه بالأمس، واليوم يطلب منه "تخجيلا"
أن يمدح من أحسن إليه في الشدائد. ليس هـذا الانقلاب من المـدح إلى
الذم شبيها بمن كذب مرتين. وليس بدر شبيه المتنبي يمدح كافور الأخشيدي
ثم يهجوه، طلبـا لنوال وعرض زائل. إنـه كفاح الغـارق يتعلق بقشة وقد
تخلى عنه رفاق الأمس إلا أقلهم. من هنا رومـانسية الانكفاء على الذات
واستحضار الماضي وتجاربـه. نجد هذا في "ليالي السهاد" في لندن وباريس
والعراق، حيث يعصف به الحنين فيصرخ
أعدني يا إله الشرق والصحراء والنخل
إلى أيامي الحلوة
إلى داري، إلى غيلان ألثمه، إلى أهلي
(ليلة في لندن)
باقة زهور تحملها إليه (لوك نوران) كل صباح وهي في طريقها إلى عملها
في باريس تجعل الشاعر العليل يقول
وتركت لي شفقا من الزهرات جمعها إناء
كالأنجم الزرقاء والحمراء في أفق به حلم الصغير
...أرجعن لي عمر الطفولة
لو صح وعدك يا صديقة،
لو صح وعدك. آه، لانبعثت وفيقة
.من قبرها، ولعاد عمري في السنين إلى الوراء
(ليلة في باريس)
هذه العودة إلى الأيام الحلوة، وعودة العمر في الشين إلى الوراء صور
يضمها اطار من الرومـانسية المنكفئـة على الذات حين غدا الشاعر المتهدم
لا يرى في غير ذكرياته غذاء لروح أسقمهـا افتقارهـا للحب حتى عادت
المحبوبة الحادية عشرة (لوك) متجسدة في المحبوبة الأولى (وفيقـة) وكلتاهمـا
تجربـة حب من صنـع خيـال غرير أو مريض. غير أن "الشعر، شأن كل الفنون
الأخرى، موهبة. لكنـه أكثر من أغلب الفنون الأخرى موهبة لا ينميها
غير الدرس والاطلاع وتجـربة الحياة" هذا ما قاله بدر قبل وفاته بعام
وبعض العام 21. ونجد في رسائله التي تعود إلى أواخر عام 1963 شكوى
مستمرة من قلة التجارب لديه لأن المرض أقعده عنهـا، لذلـك قال "لا
أكتب،
9 |
حسن توفيق، أزهار ذابلة وقصائد مجهولة (بيروت.
المؤسسـة العربيـة للدراسـات ا والنشر،1981)، ص 308 و ما بعدها |
10 |
المصدر نفسه، ص 18 بدر شاكر السياب منشورات "أضواء"
(بيروت)، (1966)، ص 19 |
11 |
المصدر نفسه، ص 18 |
12 |
مجلة الأديب البيروتية، (حزيران/ يونيو1965)، ص
55- 56 |
13 |
( ).... د. إحسان عباس، بدر شاكر السياب:
دراسة في حياته وشعره، ص 29. |
14 |
ديوان إقبال، ص 73 |
15 |
رسالته من البصرة إلى خالد الشواف 1942/5/26 |
16 |
نقله خضر الولي في كتابه. أراء في الشعر والقصة
(بغداد، 1956)، ص 19 |
17 |
محمود العبطة. بدر شاكر السياب والحركة الشعرية
الجـديدة في العراق (بغداد، |
18 |
ينظر 7 بين السيـاب وستويـل" في كتابي بعنوان النفخ
في الرماد (بغداد، 1982) |
19 |
(عيسى بلاطة، بدر شاكر السياب حيـاته وشعره (بيروت.
دار النهـار للنشر،1971 |
20 |
سامي مهدي، بدر شاكر السياب. دراسـة في ثقافتـه
وفنه الشعري، " افاق عربية، 1985/8، ص 50وما بعدها |
21 |
جريدة صوت الجماهير، 26/ 0 1963/1، ص 3 كما نقلـه
عبد الكـريم راضي جعفر في 6 مجلة الأقلام، 5/ 1989، ص 38 |
رجوع
|