فاطمة البريكي
(الإمارات)

فاطمة البريكيفي ظل الإيقاع التكنولوجي الطاغي، الوسيط الورقي لم يعد كافياً للتعبير عن الأطياف المتعددة للعصر الذي نعيشه.

ميدل ايست اونلاين:
كثيراً ما تحدثنا بأسى ومرارة عن عزوف شبابنا عن الأدب، ورغبتهم عنه إبداعاً وتلقياً، وتحليقهم في مختلف الفضاءات البعيدة عن فضائه. وقد مثّلت ثنائية الشباب/الأدب هاجساً ثقيلا وملحّاً لدى كثير من المعنيين بالشباب، والمعنيّين بالأدب، من حيث كيفية التوفيق بين طرفيها، اللذين لم يكونا يلتقيان إلا قليلاً خلال العصر الورقي للأدب، حين كان النص الأدبي ينتقل من المبدع إلى المتلقي عبر الوسيط الوحيد المتوفر آنذاك، وهو الورق.

ولأن الوسيط الورقي لم يعد الآن كافياً للتعبير عن الأطياف المتعددة للعصر الذي نعيشه، ذي الإيقاع التكنولوجي الطاغي، فإنّ التوقف عند هذا المفصل قد يُعدّ أمراً خارج العصر، ولا بدّ لنا، ونحن في أوج الرقمية، والمعلوماتية، والإلكترونية، وما شابهها من مفردات مرتبطة بالشبكة العنكبوتية والفضاء الافتراضي، من إعادة النظر في الثنائية السابقة الشباب/الأدب، ووضع علاقة شبابنا بالأدب تحت المجهر النقدي مجدداً، ولا مفرّ أمامنا حينها من التوقف أمام المشهد التكنولوجي، الذي عمّ جميع جوانب حياتنا، لنتساءل عن موقع الأدب والتجربة الأدبية عموماً من التكنولوجيا.

لقد مرّت التجربة الأدبية عامّة بتغير كبير في طبيعة كل عنصر من عناصرها، بحيث اصطبغت هذه العناصر: المبدع، النص والمتلقي بالصبغة التكنولوجية، بمجرد أن أصبح المبدع يستخدم الشاشة الزرقاء لكتابة نصه وتقديمه للمتلقي. ومن الطبيعي أن تنتج عن هذا التغير الطارئ على المنظومة الإبداعية الأدبية تغيرات أخرى على مستويات مختلفة. ولو توقفنا عند أحد هذه المستويات، وهو الثنائية السابقة: الشباب/ الأدب، لوجدنا أنها قد تحوّلت إلى ثلاثية: الشباب، الأدب، والتكنولوجيا/الإنترنت، ومن الواضح أن كل ركن من أركانها يمثل فضاءً مختلفاً تمام الاختلاف عن الركنين الآخرين.
وتمثّل هذه الثلاثية أحد المفاصل المهمّة في علاقة الأدب بالتكنولوجيا، التي تستحوذ على حيّز كبير من اهتمام الأدباء والنقاد الغربيين، وقد بدأ عدد من الأدباء والنقاد العرب بالالتفات إليها أيضاً، وان كان المنجَز العربي فيها لا يزال ضئيلاً ومحدوداً.

ونظراً لأهمية هذا المفصل، يجدر بالمعنيّين بفئة الشباب، والمعنيّين بالأدب، أن يوحّدوا جهودهم، وأن يولوهم عناية وافرة، وأن يفردوا لهم مساحة من دراساتهم وأبحاثهم للتعرف إلى مدى تأثير الركن الثالث التكنولوجيا، والمتمثلة في أهم أبعادها بشبكة الإنترنت، على الركنين الآخرين.

لقد آن الأوان كي نتوقف مطوّلا أمام علاقة شبابنا بالأدب، الذي طال إعراضهم عنه، ولكن هذه المرة في ضوء الحضور الطاغي لشبكة الإنترنت. ويجدر بنا قبل ذلك أن نتعرّف إلى طبيعة علاقتهم بهذه الشبكة، وبمدى الحميمية التي يشعرون بها خلال إبحارهم فيها، وتنقلهم بين مواقعها، ثم الانتقال بعد ذلك لمعرفة أثر التغير الجذري الذي طرأ على المفهوم الكلي للتجربة الأدبية الإبداعية في إقبالهم على الأدب أو إعراضهم عنه.
ومن المعروف أن شبابنا، أقصد الشباب العربي عامة والإماراتي خاصة، لا يجدون في أنفسهم الرهبة التي يجدها من هم أكبر منهم سنّاً في التعامل مع جهاز الحاسوب أو في التواصل عبر شبكة الإنترنت. ولكن هل قام شبابنا بتوظيف هذه الشبكة، والإفادة من الألفة الحاصلة بينهم وبينها، في الإبداع الأدبي، وفي كسر الحاجز النفسي القائم بينهم وبين الأدب منذ زمن؟

والسؤال أو الأسئلة، إن شئنا الدقة، التي يجدر بنا أن نبدأ فحص ثلاثية: الشباب، الأدب والتكنولوجيا/الإنترنت، من خلال الإجابة عنها هي: أين يقف شبابنا من الأدب في هذا العصر الرقمي؟ وما دورهم فيه على صعيد الإبداع والتلقي؟ وهل حافظوا على تحليقهم خارج سربه، أم أن الصيغة الجديدة التي اتخذتها النصوص الأدبية استطاعت أن تجذبهم إلى عالم أدبي جديد في رحاب الفضاء الافتراضي، ذي ملامح مختلفة عن تلك الملامح التي ألفوها في النصوص الأدبية المتجلّية لهم عبر الوسيط الورقي؟

إن شبكة الإنترنت تعدّ واحدة من وسائل الاتصال السريع وغير المكلف، القادرة على الربط بين مشرق الكرة الأرضية ومغربها، من دون جهد يُذكر، متجاوزة عنصري الزمن والمسافة، اللذين عجزت وسائل الاتصال السابقة عن تجاوزهما، معاً، بشكل كلي، كما هي الحال مع هذه الشبكة. وقد سبقت الإشارة إلى هشاشة العلاقة القائمة بين الشباب والأدب، في العصر الورقي للأدب، نظراً لعدم وجود قنوات تواصل حقيقية بين الأديب الشاب والمؤسسة الثقافية في كثير من البلدان العربية.

وفي ظل هذه العلاقة الهشّة في العالم الواقعي، والتي لا تسمح للأديب الشاب بتقديم نفسه للنقاد والجمهور، ومع توافر فرص ومنافذ أخرى، تسمح لكل من يأنس في نفسه موهبة الكتابة الأدبية، بتقديم نفسه ـ بأي صفة شاء ـ لعدد لا يُحصى من المتلقين في مختلف بقاع العالم، نجد أن كثيراً من الأدباء الشباب يمّموا شطر هذا المنفذ، الذي يتيحه العالم الافتراضي، من دون قيود أو موانع من أي نوع. ومن الواضح للمتأمل في المواقع الأدبية الإلكترونية، والمنتديات المعنيّة بالأدب والثقافة، كثافة الحضور الشبابي في هذه المواقع، وهذا يعدّ أمراً بدهياً في ضوء المعلومات الإحصائية التي تفيد بأن معظم مستخدمي شبكة الإنترنت، عالمياً وعربياً، هم من فئة الشباب. وقد قام عدد من هؤلاء الشباب باستثمار شبكة الإنترنت أدبياً، فاعتلى كل من شاء أن يكون أديباً منبرَ الأدب، ومارس دوره بوصفه أديباً أمام جمهور افتراضي مجهول غالباً، ومقنّع بقناع شبه موحّد، هو الشاشة الزرقاء التي تحجب خلفها عقولا، واتجاهات، وديانات، وتخصصات مختلفة، تظهر جميعها وكأنها في مدرسة عالمية موحدة، يلتزم جميع المنتسبين إليها بالشكل الخارجي نفسه، مما يوحي بسيادة الروح الجماعية، وذوبان الفردية، في خضم هذه الشبكة التي زالت معها الحواجز المكانية والنفسية بين الشعوب والحضارات المختلفة.

ويستطيع كل شاب، من خلال استثمار إمكانات السرعة في الوصول والتواصل التي تتيحها شبكة الإنترنت، أن يقدم نفسه للأوساط الأدبية "الإنترنتية" بوصفه شاعراً، أو قاصّاً، أو روائياً، وأن يعرض إبداعه الأدبي من خلال المواقع والمنتديات الأدبية المتوافرة بكثرة من خلالها، ثم متابعة التعليقات التي تُكتَب حوله، والتي تختلف مستوياتها، ما بين انطباعات شخصية، ونقد موضوعي يتناول النص الأدبي تناولاً فنيّاً، ومجاملات عامة للتشجيع أو لمجرد المشاركة.

وقد ساعدت هذه المنافذ الأدباء الشباب على التنفيس عن إبداعهم، وإخراجه من أدراج مكاتبهم، وتقديمه لجمهور لا يعرفون له ملامح محددة، لكنه يصل وهذا هو المهم، والأهم من ذلك أنهم يستطيعون التواصل والتفاعل مع هذا الجمهور، فيسمعون رأيه وملاحظاته حول نصوصهم على اختلاف مستويات تلك الآراء والملاحظات، مما يعني أن هذا الجمهور الافتراضي غير معروف الملامح، أو محدد الهوية، يستطيع أن يصنع أديباً ببضع طرقات خفيفة على لوحة المفاتيح، أو بقليل من النقر على الفأرة، بعدما كان مشروع إعداد أديب يستغرق سنوات طوالا من قبل.

يبدو أن الأدباء الشباب أرادوا من ذلك توصيل رسالة إلى المؤسسات الثقافية العربية عامة، يخبرونهم فيها بقدرتهم على الوقوف من دون انتظار مساعدة من أحد، لاستجداء فرصة قد تأتي وقد لا تأتي. إنهم الآن أكثر تحرراً وقدرة على التحكم بمصيرهم الإبداعي، بعيداً عن أي سلطة خارج المنظومة الإبداعية نفسها: المبدع، والنص، والمتلقي، تمنح نفسها حق الاختيار والمفاضلة بين أديب وآخر. ولكن هل كان هذا المنفذ الذي لجأ إليه أدباؤنا الشباب صحيحاً؟ وهل يصلح لإعداد أديب حقيقي يحمل شعلة الأدب الذي يمثّل جيله وأمته أمام الأجيال القادمة والأمم الأخرى؟ سؤال جديد يستحق التوقف عنده، والبحث بين ثناياه عن إيجابيات تعاطي الأدب عبر الإنترنت وسلبياته.


***

أدب الإنترنت: محاولة في التفكيك (2)


تعويض سلطة المؤسسة الثقافية الرسمية
تبيّن من خلال الحلقة الأولى أن الأدباء الشباب توجهوا إلى شبكة الإنترنت، حين رأوا فيها البديل المناسب عن المؤسسة الثقافية التي يشعرون بنوع من الغربة تجاهها، فكانت هذه الشبكة ملاذًا يقدم لهم الدعم المعنوي والنفسي الذي كانوا يبحثون عنه. وإذا كان الأدب بأسلوبه ووسائله التقليدية قد ساهم، إلى حد ما، في إعراض الشباب عنه، سواء على مستوى الإبداع أو التلقي، فإن الحلّة الإلكترونية الجديدة التي اكتساها الأدب بإفادته من المعطيات الفنية والتقنية التي تتيحها شبكة الإنترنت قد ساهمت إلى حد كبير في تقريب الشباب من الأدب، وتقليص الفجوة التي كانت قائمة بينهم وبينه.

لقد حركت الفضاءات الواسعة والمفتوحة التي تتيحها هذه الشبكة رغبة القراءة والاطلاع عند بعض شبابنا، ودفعتهم إلى البحث والاستكشاف، وساعد عكوف الشباب على هذه الشبكة لساعات متواصلة، على توسيع آفاقهم المعرفية، نتيجة إمكانية البحث غير المحدودة. ومن الطبيعي أن كثرة الاطلاع، والتعرض إلى تجارب مختلفة، والتعرف إلى حضارات وثقافات وعادات متباينة، تفتح العقل، وتوسع الآفاق، وتوجد بواعث داخلية تدفع الإنسان، في أي فئة عمرية كان، إلى الكتابة، وتحفزه على الإبداع. وفي ظل وجود هذه البواعث تحركت بذرة الإبداع في نفوس الشباب، وتحرك معها مؤشر أدب الشباب في الدولة من السلب إلى الإيجاب، فأصبحنا نجد مواقع شبابية، تهتم بالأدب والثقافة، يملكها ويديرها ويكتب فيها ويتلقى ما فيها "شباب". ولهذه الخطوة بُعْدٌ إيجابي كبير، إذ ساعدت على تشجيع الشباب على خوض غمار الأدب بعد طول إعراض، وشجعتهم على الكتابة، لأهداف لا يعنيني الآن البحث عنها ومعرفة تفاصيلها، بقدر ما يعنيني إثبات وجود حركة أدبية بين شبابنا، من شأنها إبراز الوجه الأدبي والفكري والحضاري لنا.
ومن إيجابيات تعاطي الأدب عبر الإنترنت على الشباب والأدب الذي سيقدمونه ما يلي:
- توفر المادة الأدبية والمعرفية بسهولة، من خلال خدمة البحث المتوفرة في معظم المواقع والمنتديات، مما يسمح للجميع بالبحث في الأرشيفات التي أصبحت مشاعًا لكل المبحرين في الشبكة، ولا تقتصر ملكيتها على الموقع وأصحابه.
- عدم وجود رقابة على ما يُكتَب غير الرقابة الذاتية، وهذا يمكّن الأديب من الاطلاع على أي نص مهما كانت فكرته، أو مضمونه، أو التيار الذي يمثله، وكذلك يمكّنه من الكتابة في ما يشاء من دون وجود رقيب عليه غير ذاته. ومن شأن هذا أن يعزز جانب الرقابة الذاتية عند الأديب الشاب، وأن يمنحه دفعة مضاعفة من الثقة بالنفس، بعدما أصبح هو المسؤول عما يقرأه ويكتبه على الشبكة.
ولكن الأمر لا يخلو من وجود بعض السلبيات، ومنها على سبيل المثال:
- كثرة المعروض على الشبكة بحيث يجد الأديب الشاب صعوبة في تمييز غثّه من سمينه، مما يجعل هذه المنتديات بيئة مناسبة لاكتساب معلومات مشوشة ومضطربة، وغير أكيدة.
- تفتح هذه البيئة الأدبية "الإنترنتية" ذراعيها لكل من يريد أن يكون أديبًا، بغضّ النظر عن توفر الموهبة أو عدمها، فيمكن للجميع أن يصبحوا شعراء على سبيل المثال، من دون رقيب يقف على بوابة "ديوان العرب" كي يحول دون دخول المتطفلين إليه.
- عدم وجود متخصصين في الأدب ونقده في معظم المنتديات الأدبية، لقراءة المشاركات الأدبية ونقدها أو التعليق عليها بما يعود بالنفع على الأديب نفسه، وعلى بقية أعضاء المنتدى، بل إن المترددين على المواقع الأدبية هم غالبًا من غير المتخصصين في هذا المجال، ولكنهم يحبون الأدب، ويرون هذا سببًا كافيًا لممارسة دور المتخصص في الأدب ونقده.
ومع وجود هذه السلبيات وغيرها إلا أننا يجب أن ننظر إلى الجوانب الإيجابية، وأن نعززها، مع محاولة تفادي السلبيات والتقليل منها قدر الاستطاعة، خصوصًا إذا كانت الإيجابيات تفوق السلبيات. ولا بد من إجراء دراسات ميدانية تحاول الكشف بدقة عن هذا الجانب، وأن يتم اتخاذ القرارات المناسبة بناء على نتائج هذه الدراسات.
إن المبحر في شبكة الإنترنت، والمتصفّح في مواقعها المختلفة، لا يملك إلا أن يخرج بانطباع مفاده أن هذه الشبكة فجّرت مواهب أدبية كامنة لدى شبابنا، أو حفّزتهم على التحليق في فضاء جديد، طال ابتعادهم عنه، لأسباب قد لا تكون معروفة، لكن يمكن تخمينها، أو توقعها، من مثل: إحساسهم بالحرية في الكتابة من دون خجل تحت ستار الأسماء المستعارة، وحب المغامرة الموجود فطريًا عند هذه الفئة العمرية. ومن المفرح أن في مقابل الأعداد الهائلة من الشباب الذين يستخدمون الإنترنت لتبادل ملفات الأغاني والأفلام والألعاب، يمكن التوقف عند عدد غير قليل من المواقع الثقافية والأدبية الجادّة، التي يترأسها شباب اتخذوا الأدب، إما حرفةً، أو هواية، أو وسيلة للوصول إلى قلوب الجماهير، واتخذوا من شبكة الإنترنت قاعدة ينطلقون منها، بديلا عن الوسيط الورقي الذي أصبح تداوله بين هذه الفئة عمومًا قليلا، وربما نادرًا.
والذي يلفت النظر في هذه النقلة في تعاطي الأدب من الطور الورقي إلى الطور الإلكتروني هو أن تفاعل الجمهور مع الطور الإلكتروني أفضل، كما يبدو من الدخول إلى عدد من المواقع والمنتديات الجادّة، من تفاعلهم مع النصوص المكتوبة على الورق. وفي هذا ما يثير الكثير من الأسئلة، إذ إن الأدباء الشباب وغيرهم كثيرًا ما عانوا من قلّة تفاعل المؤسسة الثقافية والنقاد والجمهور معهم، وعدم إقبالهم على ما يقدمونه من إبداع، ولكن المتصفح للمواقع الأدبية المختلفة على شبكة الإنترنت يجد وجهًا للجمهور، يختلف عن ذلك الوجه السلبي الذي عرفناه له في ما سبق. وبعبارة أخرى، يبدو أن المتلقي الإلكتروني يختلف عن المتلقي السابق، من حيث طاقته على التفاعل مع ما يُطرح أمامه إلكترونيًا. ولعل العلاقة في هذه الحالة طردية، إذ كلما زادت الخيارات المتاحة للمتلقي زاد تفاعله معها، والعكس صحيح أيضًا.
ويمكن التوقف على عجل عند أهم الأسباب التي أوجدت ذلك التباين بين سلوك المتلقي الإلكتروني والمتلقي العادي:
- الفعاليات الثقافية تُفرض على المتلقي العادي، وفرص الاختيار أمامه محدودة، أما المتلقي الإلكتروني فلا يُفرض عليه شيء، بل هو سيد الموقف، وهو من يختار من بين كم هائل من الخيارات المتاحة.
- الوقت خارج سيطرة المتلقي العادي، في حين إنه ملك للمتلقي الإلكتروني، غالبًا، وتحت تصرفه.
- يجد المتلقي العادي صعوبة في البحث والحصول على مراده، في الوقت الذي لا يعاني المتلقي الإلكتروني من صعوبة تُذكر كي يصل إلى ما يبحث عنه، ولا يتجاوز جهده في عملية البحث تحريك فأرة الحاسوب، أو الضغط على لوحة المفاتيح. - لا يمكن للمتلقي العادي تجاوز المسافات أو اختصار الزمن، في حين يستطيع المتلقي الإلكتروني تجاوز المسافات في أزمان قياسية.

للورق جمهوره
لعلّ قراء هذه السطور، من المعنيين بأمر الأدب والأدباء الشباب تحديدًا سيوافقوني الرأي إن قلت: إن نوعية الوسيط الذي يُقدّم عليه النص الأدبي ليست هي المهمة، إنما مدى تفاعل الجمهور المتلقي هو المهم، وإذا كان الوسيط الإلكتروني يستطيع تحقيق قدر أعلى من التفاعل بين عناصر المنظومة الإبداعية: الأديب، والنص، والمتلقي، فلا بدّ لنا من أن نحسن استغلاله، وأن نبحث عن الكيفيات المختلفة التي نستطيع أن نقدم من خلاله مستويات إنتاجية، أكثر من حيث الكم، والكيف، والنوع، من دون أن يعني هذا أننا ننعى الورق، ونطوي صفحته من دفتر الأدب، إذ سيبقى للورق جمهوره، ولشاشات الحاسوب جمهورها، وبحسن استثمارنا هاتين الوسيلتين سنتمكن من النهوض بأدبنا، في عصر، يحاول الأدب فيه أن يجد له مكانًا يتناسب ودوره في تكوين الفرد والمجتمع.

ملحق الخليج الثقافي
16/1/2006


إقرأ أيضاً: