اللغوي

أسعد الجبوري
(العراق -الدنمرك)

أسعد الجبوريبالأمس
لم يستطع حمل الاغترابِ أكثر.
كَسر الزمانَ في جسدهِ
متفتتاً بخاراً
بَلَغَ التفاحةَ الأولى في عميق الضباب.

بعدها خرجَ بهِ القارئون من البلاغة
إلى آبار الضلال.
كان الليلُ يقتبسُ عينيه نظارةً
يتجمدُ على زجاجها بخفوت.
والرأسُ الذي يتعددُ فوق عنقهِ،
حانةُ مَلذّات تهيجُ
وتحرسُها جيوشٌ غابرةٌ من الأساطير..

وجاء في صورتهِ:

لستُ من سكان الغيوم.لكن شمساً أشبعتني من رحيقها،وسرحتني من رحم كان يفور بنار وترياق. فنزلتُ في جسدي حالماً ومعي كتبٌ مُشكلّةٌ بطينٍ صوفيين وسعال شيطلائكة.لم أكترث بما كان وكنتُ. يا للفتنة.نزلتُ كأنني البرتقالُ بعد نضوج كآبته على الموائد.هناك تذكرتُ الدنيا وما في عروقها من قرنفل وشهوات وبروتين.أنا المضيتُ أرى ذئباً، يقرأ لي ما في الكبد المُسجى على سبورة من الرمل.المدنُ في الذاكرة حديد ٌسائلٌ.رأت ذلك أقدامي حينما خاضت النار.ولم تكن حول معصمي غير ساعة الدهر،كان يوماً باهراً.لم أغب عن نفسي طويلاً. إلا أنني سألتُ:منْ النحاتُ مرسلاً لتطريزات بالياقوت عند صدور جمع المؤنث العائم ما بين الأفاريز والبريد العاجل للأرواح .ما كنتُ متأكداً من مهنتي في أسئلة الآلهة.أو في نساء الأنوركيسا بعد،ولا كيف سيمتلئ فراغ أجسادهن النحيلة باللحوم.الأجساد فنادقٌ على أطراف المرايا ترتفعُ وتغيبُ.وهي ملاجئ لتماسيح تبكي بالغاز .كذلك إنها ألواحٌ مستنسخةٌ عنُ الغرنيكا كما جاء في الأسفار والآيات . كل شئ يتهاوى على مقربة من راديو الظلام ،بدءاً بساعة الجسد البيولوجية ومروراً بمباني الأجساد المليئة بكريمة البحار الطازجة وشرائح لحم المفلفلة بجوزة الطيب والكاري .يا لها من أجساد.قناني .براميل.لوحات عميقة فيها غارقون بكؤوس. وفيها مستسلمون للغرق تحت الدوش .فيها الريحُ العذراءُ وفيها عابرو زقاق الأفئدة الموزورة..
بكل ذعر ..أرى الآن فهرساً لكائنات من السُّبَات اللغوي.وكيف تغرقُ فينا الآلامُ ،ثم تفيضُ للسكن في صناديق الغيوم.

لكنني غير معني بجسمٍ يركبني ويمشي بي نقطةَ غبارٍ فوق بحر ميت أو مسرح أطلسي أو فوق بئر يوسف.أنا مكترثٌ بالطريق السيكولوجي .لذا أجدني رمحاً في مقدمة قطاري ،أحفرُ في الضباب شقاً عميقاً من أجل رحلةٍ ما بين الله وبين زنازين نفوس مليئة بنقوش مسمارية وبورقٍ مشبعٍ برائحة كييركيغارد .

هامش:

تسحبُ ((ناسا)) رأسها من الغيوم لتضعَ
في بريد الفضاء بيضةً تُسمى ديسكفري.
الآلاتُ تشقُ الطريق بتقنيات عالية.
والملائكةُ
في ارتباك عظيم .
ولا تعرف ما لذي يمكن فعله.
حتى أن مفاتيحَ السماوات تكاد تذوب
بين أصابعهم المبللة بالنار.
يحدث ذلك سريعاً.
لتواصل الحيوانات المعدنية صعودها على سلالمَ
ألياف الكربون.
فيما يتخلصُ الهواءُ بالرقص من طبقاته
الجيولوجية.
ويعود مخلوقاً بالانضمام إلى الحانة الكونية.
السماء تفقدُ سقفها وتصبح
حقول حمراء شاسعة من المعكرونة.
وطواحين النار التي كانت تعمل في الأساطير
بلا توقف.
ليس من دخان لها.
ربما بسبب نفاذ الحطب أو العظام الرميم.
كأنها فوضى الانقلاب.
أيها الشر وحدكَ تسدُ رمق العارف هنا..
ولا بأس للرواد بكأس من روم المريخ
مع بطلٌ اليوغا المندمج تأملاً
في حركات السعي لطرد الشياطين
من مدارس النار أو فراديس الإيروس.
ولا بأس أيضاً
بكأس عرقٍ مع الفستق الحلبي
لشاعرٍ ملتهبٍ بمداعبةِ المكوكِ العائمَ بخيالهِ.
الأحلام المضغوطة بأكياسٍ تنفلتُ.
ويمكن الإصغاء إلى تسرب الصور من خزان
وقود الهيدروجين إلى الرأس.
ولأكثر من امرأة غائمة الجمال،
يمكن للنص أن يقف على منصة
الإطلاق
ويرصدُ نزهةَ التليسكوب الشعري ما بين أزقة
المجموعة الشمسي وتخوم (سيغنوس ليرا)
المُراقِب لتقلبات نسلِ النجومِ والكواكب.
في غضون ذلك..
المروحةُ ستكسرُ العتمةَ في العقل
الساكن.
إلى ذلك الجاحظ في ضريح.
إلى ذلك حكمة الفانوس الذابلة.
إلى ذلك
من الآن فصاعداً ،
لا تُقاسُ المعاني بغير الإلكترونات.

وجاء في صوتهِ:

إنه وفي ذات يوم.. اقتبس لموسيقاه من أورفيوس خلايا جذعية ، غنى بلاداً بين أرواحه وأعالي الجبال،دون أن يذهب عنه الظمأ.كما وإنه تجالسَ إلى طاولة محايدة ما بين البرد والذكريات،فكان الحنينُ على مرمى الكؤوس. أليس العمرُ ثوباً على اللحم .أم العكسُ هو المنطق. لنقل الأعمار ديكورات في روزنامة العقل.تهرولُ في مراثون ،ومنا تساقطُ الذبذباتُ المؤلمة على الورق والتراب. فيما البلادُ قديماً ذائبةٌ فينا كصوتٍ رومانسي دون خارطة.إنها أرضُ الانتداب الحسي. الآن .البلدان القديمة ربما هلكت لحومها وتساقطت منها العظام.بعبارة أدق:لم تبق فيها سوى فئران تقرضُ كارتون أرواحٍ جف فيها الطربُ،وصار فيها الحبّ (كمشة) نسوةٍ يقبلن القسمةَ على أكثر من غرفةٍ ومحبرةٍ وأغنية وعمود كهرباء.
سيكون القمر بانتظاري خارج سجن الكون.القمرُ معجبٌ بي. وسيحينُ الوقتُ حتماً ،ليسمعَ عني المدثرون بترابهِ أغنيةً عن هبوط الحبّ قرب أشجار المانجو . حنجرتي مختمرة بقشور الكمنجات.ولم يكن معي نومٌ ولا معي جعةٌ ولا أسبرين . قالها المُقتبسُ وأضاف:كنتُ فيما مضى نيزكاً تتجاذبهُ ألف هاوية في السحيق وألف أخرى في الأرق.والآن..لا فرق هنا لا فرق هناك .القيلولةُ صنو الغيبوبة.والحتفُ هو الكتابة قبل دخول الموت غرف الأرواح.لقد تعرفتُ على ما يُسمى بلمسة التكاثر في اللحوم .أقصد كم نتكاثر في الموت وكم ستبقى الحياة فارغة. لقد كنتُ والموت في عروق الزمن اليومي. مثلما نحن سويةً في هذا القفر الإلهي المزمن. ضجرين يأكلنا المللُ. ليس أفضل من مصافحة العدم تحت رذاذ ساخنٍ ،تصافحُ ثم افتراقٌ كل باتجاه .لم تكن خلفي هراقلةٌ أو جبالُ يورانيوم لأعلن هزيمته.كنتُ حطباً فقط، لقاموس إليكتروني في مخيلة الريح.أنا الذي تقطعتْ به أناشيدهُ ،فجلس على طريق الحرير نقطةَ الماسٍ تكسرُ غلافَ الظلام.
كم مرةً رأيتُ السرابَ قبعةً صوتية للغة.ولا تحتملُ انتظاراً لشدّة ما في البلاغة من منافٍ وأفران وقصف يُشردُ الأصواتَ ويجعل من قاماتها دخاناً ممزقاً وراء زجاج .

هامش:

الكمنجةُ ذابلةٌ قرب الشوفاج
المطفأ
العاشقون حملوا بقايا عشيقاتهم
ومضوا متسللين إلى اسطوانة كانت تدور
بارتباك.
لم يستطع أحدٌ سماع لحنٍ
ولا تداول صوت.
الملهى علبةٌ مفعمةٌ الرياح الايروتيكية.
والمغني الرومانسي يفضلُ شواء القلوب
واجترارها عاطفيا.
كل هذا إلى جانب تصاعد موجات الليل ،
حيث يأتي جنودٌ يحرسون نساءً
في أرشيف الإذاعة.
الأصواتُ أنقاضٌ
والرقصُ تيارٌ مقاوم ٌ للبرد
في الكابلات الرقمية لغرام الملاهي الممتلئ
بنسبة لا بأس بها من الجنس المُدمج بالضوضاء .
الحناجرُ تسيلُ لعاباً على السيقان.
والحب مرةً أخرى دبلجة تسجيلات .
حيث تختزنُ المطربةُ الموجات الصوتية بصدرها
أو بين الأرداف.
نهاية :
الغناءُ فساتينٌ بفولتية كهربائية تحطم
الميكروفون قبل البث.

وجاء في ذهنه:

سأهدمُ جدرانَ الصحراءِ وأفرُ من القريض القديم والمستحدث،لن أحيكَ من الرمل ثيابي مرة أخرى.سأخرجُ من البرزخ المقفى بزيّ الوعل النثري.أناي شعوبي وشعوبي أناي في قصيدة مُراهقة،تستبدُ بها المعاصي ولا تقترف اللعبَ تحت خيوط عناكب أو فوق ظلال صنوبر في لوحة خريف قادم. كأنها هجرتنا الآن في هذه الباخرة .هجرتنا إلى منابع الكلمات وأعاظم الولادات في التيه.حيث تشتدٌ الخبرةُ بترك العقل البارد غارقاً في مربى الحديدَ .الباخرة في أعالي الشمس ،تستحمُ بنا وتطردُ الصدأ عن جيناتنا الموسيقية .
واللغةُ مرآةُ شاسعة كثيرة كثيفة لا تنتهي بالوقوف على طلل الجثث والمعاني المترملة .فيما تهيمُ تماسيحُ المجاز في وجبة شهوات شاقة. هواءٌ مرٌ يتمددُ ساكناً كرماح فوق مستنقعات تنهبُ المدى.إنه الورقُ الشتاتُ الهباءُ يغطي عهد ما بعد الكلاسيكية وطواحينها التي أكلت لحوم الأضرحة والكاتدرائيات دون غثيان.يقالُ أن الكراسيّ من آثار الأمكنة.وسيقال أن الشعر لا مكان.لا قريحة .لا نياشين.لا دواليب.لا أنتيكا رعوية.لا دخان .لا شرائع.لا ذباب.الشعرُ انصرافٌ فقط. من أجل ذلك تنهضُ القطيعة العظيمة.. لندفع بالقصديين إلى الحتف،بعدما بلغوا سنّ الرشد وقحطت بهم نصوصُهم من الأرواح الشريرة .

هامش:

يفتحُ الشاعرُ رأسهُ أو رأسَ المكان
يجدُ سلماً هناك
فيصعدُ بطيارات الورق .
يفتحُ قبةَ الزمن أو ستارة التاريخ،
يرمي بزهر النرد
ليلعبَ بالمحرك المراهق
والعجلات المتهورة
ودواسة المكابح السكرانة بالبنزين.
كأنه يَستكملُ المغامرة
كقصائد تتأرجحُ بحبل شوكي في مرآة
هاوية سعيدة
هاوية من نسل الزلازل
هاوية مهجورة كعينٍ ابتعدت
عنها الخمورُ وبصرياتُ العاشقين.
حراسُ العقل قتلى أو يقتلون
على التلال المتاخمة للخرائط اليباس.
فيما
الشاعر اللا أنتيكي
اللا رعوي اللا مقيم
يستخرج من الحبر زمنهُ
مستعيداً اكتشاف نساء دون أرصفة
دون عنوسة دون حواة الأفاعي .
دون
مناطق لغوية يملؤها
الكولسترول .

وجاء في سريره:

ما كان نوماً .ولكنهُ يسهرُ بعيداً عن جسدهِ. أو نومهُ زورقٌ تفككت أضلاعهُ ،واحتشد على متنه اللقالقُ وقراصنةٌ جاهليون.أو إن الرجلَ كان يصطحبُ النومَ معه إلى البار. حتى إذا بلغ الغبشُ السهرةَ في المرآة المقفرة،استدعى من مخيلته الندى ليكون وسادةً قبل أن يستسلمَ لظلمة العينين ،ويروح بين شراشف الكتان في هجرة الكوما.
ما أطول لسان الثعبان تحت الوسادة .وما أقصر الطريق إلى سيرك المنامات. قالها الشخصُ الذي ثلاثة أرباع جسده ليل،وربعٌ آخرٌ من حنين يشبهُ زبداً محروقاً .
كان ينامُ ويبصرُ نومهُ شجرة صفصاف يابسة قرب سريره..عيناهُ ملطختان بالعتمة المجردة.يتراءى له ظناً أن ينتظرَ سائحين من الفضاء الخارجي .ويفكرُ بنزهة سفاري في براري اللابتوب. أو لحملة حصاد في الأشباح .رأسهُ الآخرُ مرسمٌ تحتشدُ في لوحاتهِ حملاتُ المغول ورماحُ الرومان عندما تطايرُ كالجراد لالتهام الأرواح المشبعة كالأكباد بالنار.كان يقاتلُ في نومه ويُقتل.يرى السيوفَ عروقَ ملحٍ تذوبُ في الدم،فيما تدورُ طبولُ الحرب حول العينين،لإغراق النظر بالأنقاض .قد يتعبَ .فتأخذهُ الغفوةُ على مقربة من قدور تفورُ بحشرات غاضبة تشبه السباغيتي.
لم يلد النومُ ولا يولد في آنية من أوانيه.لا يعرف.لكنه يرى نفساً مسهدةً فيه،فتمتدُ أصابعهُ نحو جدار الغرفة ،ربما من أجل تلمس صورة فوتوغرافية لعروة بن الورد. تلك ذاكرة الاغتيال.تلك تربةٌ لم يتنبأ الدمُ من أية فلزات تكون.

هامش:

يسألُ عن تكوين الأحلام
ومنْ من الكائنات تنمو في آبارها
السحيقة.
هل للأحلام عائلاتٌ وللحالمين أرشيفٌ
للشعوذة.
وكم من الخشخاش في تراب النوم.
يسألُ وتنهبهُ قرابينه في الدلالات.
لذا لا يتوانى عن النار
لا يتوانى عن الريح
يتركها تشقُ طبقات سريره الغارق.
ثم ينهضُ كذكرى مدفع خذلهُ إيقاف
الحربِ قبيل بلوغه العطس.
ولكن..
ما الذي يدفعهُ يرى الجبالَ
دنانَ خمر
تنبتُ عليها الصخورُ والثلوجُ والماعزُ
وشجرُ اللبان.
ولماذا
كلما بلغَ شوطاً في بلاغة النص،
جاء منْ يكسر الأرواحَ أمامهُ بالفأس
القديم.
وحيداً
قال سأصعدُ بقارئ النجوم وبقارئ
الماء في الأرحام البعيدة.
سنتصورُ عند حديقة اللغة
بكاميرا التلامس.
ونستحضرُ من النسوة البخورَ لبعض
ما في الشهوات من تقاليد .
لن ننادى على أي نائم
في أضرحة الأساطير.
هناك أيضاً
وحينما تنظرنا الأرواحُ مخمورين
تحت خلاصة الحليب،
ستتقنُ وداع سراويلها على الرمال.
وتلحق بنا في عربات الشياطين.
كيسُ النومِ كيسٌ حافلٌ
قمصان الرجال إلى طاولات دون أزرار.
والفتياتُ بالنرد يلعبنّ
مُدخنات أراكيل الديناميت مع نبيذ شيانتي
الأحمر.
كنْ في مثلث المسرّات .
ينادي على نفسه.
الجنون لا يبعد عن هنا غير لحظة
توت برّي .
وأسعدُ
يعرفُ إن الليل يتجمدُ على نظارته.
وإنه مشغولٌ بنكهة سحر الموسيقات.
وأن النجومَ التي شاركتهُ فراشهُ ذات يوم
تركت سريرهُ ذاك..
مرةً مجرىً تملؤه البواخرُ والأغاني
واسماك السلمون والبردُ الاصطناعي.
ومرةً
بانيو يغوص فيه المراهقون عبوراً في اللحوم
المدكوكةِ بالفلفل الأحمر.
أولئك هو ..
ومعه الأقوام كما النقاط في ساعةٍ
عادة ما تنفجرُ على الجدار
دون بقية حبر أو فتات مذكرات
أو دقائق.

وجاء في شهادته:

إن امرأة مثقلة بالحنطة والإكسسوارات والحمى الألمانية،دخلت بأزهار الجنس عليه ذات ليلةٍ فائضة بالعناقِ الجنائي.لتنتزعَ منه قلباً يشبهُ بيضةً فاسدةً ،وضعتهُ في حضنها ، لأجل أن يتكاثر قلوباً وانقلابات على وقع بخار ينبعثُ من السرّة .ليس من تاريخ لتلك الحادثة.ولم يسبق لكاتب عدل أو حكيم أو مُدون أن اقتفى سيرة الشهوة في أثناء طيرانها من القبو حتى تكسر النبال .هناك الانهيارات تتوالى.وليس أفظع من جسدٍ يفقد ديكهُ.أحياناً .. لا يجد المرءُ في جسمهِ إلا أعمدةً فقريةً تتهاوى. آنذاك يشعرُ وكأنه فيلم بلا سيناريو مُفعم بالبصريات الفسيولوجية.
بعربات الإسعاف والمازوت.بأخشاب الأبنوس وبكتريا الغرام. بقباب من النصوص الطينية.
المرأة تلك .غالباً ما تنسى إكسسوارات البهرجة جانباً ، لتصنع من الرجل خبزاً على حطبها دون تعثر.نفس الحب في مرآة أخرى:كيسُ طحين يتناثر في هاوية.ربما كل ذلك
يحدث بفعل القذائف.العشاقُ قطاراتٌ وسككٌ. فوق وتحت .مرور واحتكاك .ثم لا أحد يعيق مرور بيوض الأكسجين إلى المحطة المهجورة .تلك التي ستطردُ سكون الربع الخالي من رحمها لاحقاً .

هامش:

8

بماذا الحربُ في النساء تلعبُ.
يسألُ (1)
يسألُ(2)
يسألُ(3)
الأملاحُ تفيضُ في اللغة
والتماسيحُ العاطفية تجتاحُ
الأعزلَ ،
وتجعل منه قطيع عظام في متحف
نفسي .
مع ذلك ثمة تبرير للقتال في الحب.
وهكذا يحفرُ الرجالُ الخنادقَ
على خط الاستواء.
يبنون المدافعَ والسيوفَ على التلال
دون هوادة.
فيما تنشغلُ الإناثُ التعطرَ بالأناناس
استعداداً لمائدة عميقةٍ في البارود
العاطفي.
الدخانُ يلتهمُ الأرقَ المتجمد
على الأجفان.
والحنينُ كلبُ القبيلة ،
ويحاول ذرفَ المزيد من القصص
عن جرائم الغيلان والهجر والمتقرح
الغرامي.
وعلى بئر الحياة الضحل
يقفُ شخصٌ من سلالة الكناري ليهتفَ:
لا أعمق من كؤوس الموتى.
الغرامُ نملٌ
يتنقلُ من سبات شيزوفريني
إلى آخر على كرسيّ الإعدام.
ثمة ثياب ملوثةٌ بالتيفوئيد.
وثمة آلامٌ
لا تخلدُ للراحة في كهوف أجساد
تطايرت أبوابها.
المرأةُ تسألُ الرجلَ.
الرجلُ يسألُ الحبّ.
وكلاهما يصارع الذبول في الفراش
في الموت في الهوتميل في الوحشة.
ليس من الممكن ايقاف التدفق:
الماء والمخيلة.
الثّدي واللغة.
الأرضُ وأنا المُسمى بفلزات الأناشيد.
ثم يخرجُ البردُ من العِظام
ويتقاعدُ.
لهذا تبدو الشمسُ في ثياب الشَطح.
ودخانها قاربٌ يفيضُ.

وجاء في دفتره:

إن الأصابع لغاتٌ تجري في الأفواه أو على الطاولات.في غسق المناطق أو في لحم تنورة الربيع المُخصب بالآثام. هل كنتُ أنتظرُ لأسقي الورقَ وما يجري في عروقهِ من فتياتٍ وأسلحةٍ ونبيذٍ ومحادثات عن ليلى والذئب.الأصابعُ تنهضُ وتغيبُ. لكنها لا تخسرُ شيئاً من معادنها في الأجساد.هي تكتبُ عن الأرواح وعن الأساطير وعن الجوكندا وزحل وسيوف العرب والكأس الذي يسقي به النواسي دجلةَ.ثمة قياماتٌ في الرؤوس.ما اشبهها بالخمارات عندما تفتح أبوابها وتبدأ الأيامُ بدورات من البنفسج والبكاء والكتب والصمغ وغبار الحنين.
تنطفئ الرغبةُ في اليد.لا تريد وضع الأكاليل على تلك السفوح الهائمة ما بين نهود تتلألأ شهواتها كالجبال .اليد ،ربما مريضةٌ.وربما تحييها أغانٍ لمطربين تعتقوا بمياه تمشي بين تلال القات.كنتُ قد مضيتُ بالحزن الأزرقِ لشعوبٍ لي في الطير .لكنْ الرصاص ملأ الأعين.ولم أبكِ إلا كؤوسا بمثابة ما في مخزون التراب من العتبات مقدسة،نقربها أيامَ غطرسةِ الحبّ .ونحن في كامل المتاهة حبراً وتموجاً وخلوداً في الشهيق والمراهقة.

هامش:

لكن
يدهُ تعودُ إليه فارغةً.
فيبدأ ضغطهُ بالارتفاع حتى الهملايا.
كل شئ كان يرتفعُ هناك..
الماء إلى ذروة البخار في الظمأ.
أحجارُ الدم إلى برج السماء .
الموتى إلى القلاع العليا والمراتب .
العقل إلى الشيزوفرينا المركبة .
الفلسفةُ إلى الأنخاب من أجل هتك
آلهة الجحيم.
العربُ إلى صحارى التيه.
كان يمكن أن يقال:
إنه وعندما رأى الأرضَ دودةً حمراء
في دورق الجسد.
اشتدت به العواصفُ على باب اللغات
وقال:
سأذهبُ إلى جبال الألب
لأهرب من هناك إلى حدائق السماوات.
ولن تكون مصادفة لو وجدت أيدي الآلهة
هناك
مغلولةً في لوحة الخلق وجزرها العظيم.
الله دفترٌ
السماءُ دفترٌ
الحب دفترٌ
الحجرُ دفترٌ
ثم القصيدةُ المليئةُ بالكناري
هناك

ثم كل ورقة من الدفتر
إصبعٌ يروي.

وجاء في مرآته:

إنه بئرٌ وإنه يوسف.إنه الذئبُ وإنه القميصُ في علبةِ الجريمة.مفردٌ مُستفردُ والجمعُ هاوية في منتهى الضلال.قالت له النجومُ أنتَ جسد الماء والبئر فيكَ غريقٌ بأخوة ترابهم مشوشٌ بسمادٍ فسادٍ من أرق العمى والذهب والظمأ.كم كان في الأرواح من جراد.سؤالٌ يقعُ على قدم.وبمثل الأوبرا،المرآةُ ترتفعُ إلى ما فوق العين.وشراسةُ البكاء تقصُ على الصحراء رواياتٍ عن كثافة التنبؤ بمماليك وبغبار السيوف.سيستعلمُ الشرقُ لاحقاً، أن أقواماً تساقطُ كالرطب من الأساطير.ثم إن أحداً ما يكسرُ المشكاةَ ويأتينا بجراد عظيم.أهو التاريخُ في صورة السلوقي للصيد بين جبال الأباطيل.خيطُ دمِ على جبّة الحب ينمو مراراً، والأفئدةُ أفلامٌ للشغف تحت أعمدة الهجير .لم يتحدث يوسفُ في الإذاعة بعد.
قال أن جسدهُ كبرَ على البئر ،وصار في صوته مرآةً أعمق من النيل.قد يظنُ أنهُ كهرباء السد العالي ،وبمخيلته يغذي اللغة الآن.أو ربما أقفل الرؤيةَ على نفسه ،وبات من سكان الفَلَك المتقاعدين.

هامش:

يأتي الذئبُ البئرَ
صانعاً من مياهه مجموعة
قنانٍ باسم شركة الإخوة كارامازوف
الشاربون شعوبٌ
ويوسفُ ماركةٌ مختومةٌ بالخداع
الدمُ المزورُ أكاليلٌ
والذئبُ المستعارُ خلوةٌ متقدمةٌ
للطرب تحت سقف عائلةٍ من الهشيم .
يجمعُ الزجاجُ أشلائه ،
تاركاً المرآةَ علبةً تملؤها شخوصٌ
من مختلف الأزمنة والقرون والسلالات.
المرآةُ
سريرُ
الغائب
المرآةُ
أمٌ
ثكلى
المرآةُ
نبيٌ
آكتلهُ
الوحوشُ بأجراسهِ .

وجاء في نصوصه:

الغروبُ صفحةٌ تصلحُ للتدوين.والريحُ تأتي العاشقينَ حبراً على الدوامُ.كأن الحبّ قنبلةً لخلخلة هياكل الشِعر المُجففة.وكان لا بد من التدفق ومن لسعات كهرباء المخيلة. طالما يحدث ذلك .وسينشقُ جبين اللغة،ليخرج منه رعاةٌ لإبل ولنساء بأجساد منسوجة من خيوط الاستواء.أرواحٌ ثقيلةٌ أرواحُنا خلف كواليس الآلهة المشبعين بالتهلكة ونكهة الصيد.أرواحنا القديمة تلك..كأنها سبائك حديد يرتفع منها الأنينُ تحت غبار بوهيمي ملتهب.لم يعد القلب سنتر للعشق.القلوبُ الآن مرتفعة كالإهرامات. وعميقةٌ تشبه أنفاق رفح المهجورة تحت ظلام اللحم والتراب.والحب كما تشيرُ البلاغةُ مُخدرٌ بالأكسدة .إنه قراءة سوداء لمسودة حنينٍ مهملٍ على طاولة أفلاطون.كل شئ سيمضي سريعاً في قطار الليل.وبسرعة قصوى،تمضي الأغاني عربات تنقلُ الوردَ البرّي إلى المدافن.ليس لأن الموت يريدُ ذلك، ولكن حياتنا أشبه بنفق مترو من الصفيح . ما من خارج منه إلا وتنازعه فكرةُ أن يكون سمكةً تقفزُ نحو المياه الفاترة.لتغادر .

هامش:

اللؤلؤ بين النهدين سينبتُ
لاحقاً
الفراشةُ ستهربُ من كتاب المذكرات
لاحقاً
المرآةُ التي يغمرُها السريرُ
بقامته الطويلة،
ستنتقلُ من المنزل المشقق
لاحقاً.
الوقتُ مقهى على شاطئ.
وسنذهبُ إلى هناك
لاحقاً
من أجل رمي الأرواحَ جمراتٍ بين سيقان
العابرات في ترام الحنين.
أيضاً
سنُشغِلُ اللغةَ بتنقيح قصص الرومانس البدينة.
وسنمتطي الخيل لجرَ عربات العنب
والتوابل والزيتون والأقمشة التي تتزينُ بها الأعمارُ.
لكن..
ما أشبه القمحُ بالأجساد.
كلاهما قابلٌ للطحين.
وكلاهما أيضاً
قابلٌ للذوبان في حمامات (جاكوزي)
بعد طيران الثياب.
بعد التوحّش السلفي للعقل.
بعد استدامة التفكير بصنع جهاز
لافتراس الزمن.

الدنمرك
22 مارس 2009