نبيلة الزبير
(اليمن)
nabilah_z@hotmail.com

يحدث

نبيلة الزبيريحدث أن
نلتقي بادئا،
لا وراء نغادره..
لا قصيدة
لا شجرة
يحدث
أن نلتقي،
يفرقنا الوقت
نهرب.. شفةً لشفة
يحدث أن نلتقي
يغربنا "الشيء"
لصيقين
تقصمنا شعرة

***

عطر بري

وحده كان يمخر،
يوقظ الحصو،
يؤم الرمال..
إلى حضرة الروحِ:
سافحي زغب الآلهة..!
لا تسأليه لماذا هو الحي..!
       واعترفي :
إنني أنثر الأرضَ،
لتسفحها،
لأنبع من عين موت

***

خارج الأجنحة

إلى الشاعر الموقف.. عبد الله البردوني

تركت عباءة وجهي،
أعرضت عن رئتي،
وأمي
- إلى أين ؟
.. إلى خارج البدن المتكلس
خلف الإمام
كسرت الدواة ـ دمي
أهلّة عمر الحصى
إلى…
ما سوايا
يالفاحشة الحرب
اكتشفت بأن دمي خائنٌ
ضدّي
حتى خطاي على جمرات اليقين
- فهل كنت..؟
.. لما أكن..
كل شيءٍ تخثّر في وطني
.. قلت في (وطني) ؟
خطأ دموي
تحت جلدي أقمت
أعجبتني قطاة الكروم
أوغلت في حضرة الإنفناء
وأتبعت من سبب
وطنا..
.. قلته..؟!
… خطأ الأبدي
لمّا أقم..
أخرجتني الغرابيب من وطني..
.. قلت من …..؟
.. خطأي..
- وهناك..؟
.. لي.. بـ.. ـلا…
بقايا بلاد
لي طفلة وأواخر أم
أب لم أنله..
أخوة.. أمنية..
- هربتِ.. ؟
.. أحادية الشمس كل الجهات..
- إلى….؟
.. آوي إلى الظل يعصمني،
أتعبني عسس الكبرياء
يا الذي منه لا ملجأ
أكنت إليك أهاجر من بدني..؟!
- لماذا إذن تنظرين..؟
.. لـ…. إن بي جنتين
لعنةً
تخصفان على وطني ـ
خطأي الجسدي
- أما كنّ..؟
.. لما تلد..
أخرجوا الجند من فمها..
لفظت وطنا:
لا تطيلوا الوقوف على ولدي..
- من أين..؟
.. من نزف..
شظايا ورود..
أباة يشعون في غمدهم
يصقلهم وارث الظلمات
- فمت يزهرون..؟
.. حمدت ….. له الحرث
" حصيدا جرزا"
متى انتصر الوعلُ
قبلوها إلى كبدي
وانتفلوا:
" فاقع لونها"
- يا لفاجعة الوطن الجب..
.. تصدعت العير بالأوسمة
عن مائه سال نهر الجباه
بدلت الأرض سيماءها
فاض بها القيظ…
هذا الملأ..
أعين..؟
أم نشيدٌ أبابيل
للمدن الآفلة
للمائدة..
مر طعم السكوت..

كل شيء يهاجر من بلدي
( إلا الذين تبرملوا:
كلوا..
واشربوا..
واشكروا..
- " فاقع لونها " )

موقع علي المزهر - http://www.alimizher.info/side.htm

****

برنيس *

الجسد الذي أخطأه عود ثقاب

"سأشعل العالم بعود ثقاب.. برأس عود ثقاب.."
كان يقسم ثقابه لمرتين.. مع أنه ؛ العالم لم يجئه أكثر من مرة..

أستطيع أن أحمل للعالم وردة..
وأستطيع قبل أن تتيبس ويفتتها "الطاهش" أن أطبق عليها فم العالم.. ثم أفتحه
العالم حجمه فم وردة.. وينفتح ويذبل بنفس الطريقة..

استوقفني أحدهم.. كان يدس إصبعه في فم العالم هكذا لمجرد الحك..
ولم أقف للآخر.. قال لي أنه يحمل العالم "وردة" نسي والعالم على عاتقه.. لمن سيقدم الوردة..

العالم الذي حجمه وردة.. يستحق أن يوضع على صدر أحد.. ترى
هل سيتنبه: على الوردة أن تذهب وحدها إلى السلة الأخيرة.. على صدره أن لا يصبح هو السلة..


تركته في السلة.. الذي كان يحك لسانه في الكلام..
أريد أن أركض..
أركل..
لا أحب الحصوات الصغيرة في الركل.. سأدحرج سيزيف.. الأحمق سيزيف..
والمغفلة إيزيس.. والمسكين هاديس ماله وخطاءة البنت

ستصلح هذه لأن تكون آية في صلوات ما بعد العصر..

من الذي وضع في يديها هذه الطبشورة
لتسم اليوم من ظهره
هل تنتظر يوما موسوما
ومخططا
ووحشيا

الطَّموح.. الذي شك لحبيبته عقدا من البَرَد
وصل مبكرا
قبل أن تشك حبيبته عنق الماء وتعلقه بالدبابيس على المائدة

هذه لا تصلح معزوفة لخروج الحب من النافذة

بشاي الأعشاب المدلوق على طاولتي (أو الأحقاد المطهوة ببعض الحب)
أرسم بورتريها لسيدة أسميها "نونزاي"
تركل برومثيوس (غير جميل أن تكون الحربة المنغرزة بين جفني الوقت)
لتركل أيضا أقراص الأسبرين التي سرقتها نحلتها
هكذا ستكون لسعة وتسرق رشفتها من شفة الوقت

أخمش
كم غصن ظل في تلك "الفازا"
أخدش الفازة إذن..
ستمشي الأغصان على ساق خربشتي

لو كان أبي شاعرا..
كان نثر رفاة أمي وردة
لا يذبل بعدها أبدا

*****

أقدام كثيرة كأنها واحدة


يوم غدٍ هو يوم أحدٍ أو ثلاثاء
……
….
الأحد يختطف من الثلاثاء أنثاه !!
الأحد.. يستطيع أن يختطف من الثلاثاء الأنثى..
       يصطحبها من الهودج الذي تتباهى إلى الطين الذي تستلذ
             تدحرج من أعلى كتفه إلى البارحةِ
                   ما تبقى من الوجع والزرقة والثلاثاء..




الثلاثاء بالبزّة الأنيقة.. بالجيوب التي تخبئ فيها حنطتها وتسرب
الثلاثاء.. بالاعتيادية ذاتها، بالتلقائية الأقرب إلى التثاؤبِ، بأصابع ليست في يديه تماما
      يجرد أنثاه من تشريها في أعطافه..



الثلاثاء..! الذي كان يصفف شعره بأمشاط الحصاد
وكانت الأهازيجُ و"البالةُ" تغض كل مرة عن تَفاجُئ
شعرتين.. وتجدل العيون المباغتة بالقهقهات..


الثلاثاء..! الواقف منذ الصباح أمام التماثيل..
يأكل شطيرته قبالة الفاترينة وأشجار البلاستيك الملمعة

ستمر.. وسيدخل في حلقات الرقص الانفرادي..
أو سيخرج إلى عازفي الطبل بحبالهم وقرودهم المدربة..

الثلاثاء الذي لا يقف ولا ينتظر أحدا لكنه لا يعرف من الرصيف إلا قدمين، وعشيباتٍ يمكن أن تنمو لولا أنه مستعجل وركلاته بعيدة..

الثلاثاء الذي لا شيء ينتظره..
عند منتصف النهار.. تماما عند منتصف الدفء والأيادي الملوّحة والحاجات ذات الرائحة الشرهة يبدأ وجه الثلاثاء بالشحوب..

****

من أين كان لرقية أن تهرب

في الخرقة التي كان على رقية أن ترتديها
كل يوم
تتجمع الألوان المائلة إلى التمزق
ترتّق بأظافرها لون القرفة
وينفرط في المربَّع الإسمنتي
الذي نسي أن يحلق لحيته
قبل أن تجلس في الرصيف
الذي تتمزق مربعاته
لأن الذين يجلسون ينسون أن يسرّحوا
أقدامهم المرصوفة كأسنان المشط


في الخرقة التي كان على رقية
أن ترتديها
بقعة حبرٍ تمحي
كل يوم
هكذا هي الأصباغ التي تندلق دون أن تدفع ثمنها رقية
لهذا ستشتري الأصباغ التي تخبئ اندلاقها بأهداب طويلة وملونة
بهذه الفرشاة فقط
يمكن لرقية أن تغسل
خرقتها الممرغة
بمزق الرصيف
كل يوم

رقية لن تشتري الأصباغ
لأن أثمان اللبان الذي تبيعه
للسيدات والسادة راكبي السيارات المفخخة
لا تفي إلا ترقيع خرقتها
من بقع اللبان المبصوقة
التي تجلس عليها
كل يوم


لا تدري في أية يقطينة كان
على رقية أن تغمس خرقتها
قبل أن تخرج إلى الشارع

ليبتعد مائة ندم
العاشقون الذين يسرقون سعالها
يعيدون إليها قفص عمرها فارغاً
إلا من نزيفهم
كل يوم

ربما كان على رقية أن تحرق خرقتها
قبل أن تلتقي به
المتسول الذي أعلنت عليه الحب
ذات لقمة مكسورة إلى قلبين..

ربما كان عليها أن تّدارك مزاجه
في جمع أعقاب السجائر
من أفواه الموالعة
بتقشير الحرائق الملونة
قبل أن يلقوا بها من نوافذ سياراتهم


رقية لن تشتري اللون الأزرق الذي ينسرب من خرقتها
كل يوم..
ولن تدفع للإسكافي ثمن خطواتها المنزوعة
من قدميها الشائكتين
لأن رقية لن تخرج إلى الشارع
أيام الانخراط بالمظاهرات..
حيث حبيبها يجمع أعواد الثقاب
من جيوب الثورجيين

****

قصائد ناقصة

لعبة المختلف

سألعب معك أمومتي (لأنني لم أكن يوما أماً تامةً)
وستلعب معي رجولتك (لأنك……..
      ثم سنقلب الأدوار
سيتضح لي أنك أم خالصة..
وسيتضح لك أنني رجل من الدرجة الأولى..

لعبة المغلق

والآن..
         هذان صندوقان
            سنلقي بهما في البحر
صندوقي دخله البحر لأنه مفتوح
وصندوقك جرفه الشاطئ
             لأنك لم تخرج منه..

لعبة السيل

سأفترض أنني حبيبتك (مجرد فرض)
ستقول لي: يا حبيبتي (مجرد كلمة)
سنذهب معا للنزهة..
في الوادي
سنغمض عينينا
وسيجرفنا السيل
آخر النهار.. وقد تعبنا
سنفتح عينينا مستغربين
             لماذا
                     لم يحدث ذلك..

لعبة العقل

سأدعي أنني عاقلة..
وستدعي أنك مجنون
سألعب معك بعقلي
وستلعب معي بجنونك..
   ثم
     سأطاردك
         وأنت تجمع الحصوات وتعدّ مرات سقوطي..

لعبة الكتابة

هذه اللعبة خطرة
أنا لم أجرب أن أكون شاعرة عمودية
     وأنت لم تجرب أن تصبح قصيدة مفتوحة
لكنني لا أعرف ما الذي أكتبه

******

الخرافة

ما الذي سأفعله إذا لم يجئ الصباح
وما الذي ستفعله الظلمة إذا ما بقيت أجفان الحجرة مطبقة هكذا..


إلى أين تسير هذه الدفعة المجنونة في الأجفان المطبقة تماما
كأن لا نافذة جنوبية ولا باب للأهداب التي لم استطع إقناعها بالدخول لحين الشروق..

ما الذي سأفعله إذا لم يلُح ولو وميض من الضوء
على من ستنفتح الأوراق وتخرج من أردانها الكلمات التي لم أستطع أن أقولها..

إلى من ستذهب الصغيرة بزقزقاتها ومِن يد مَن سترتدي جناحيها وتذهب إلى المدرسة..
ما الذي سأطعمه هذه الهرة الجاثمة فوق فرائها..
المتربصة بنوم يتمطى إلى جوارها
كأنما ينتظر هو الآخر الصباح..

في الشارع عربة مجنونة وتسير باتجاه واحد للظلمة..
وأسمع حشرجة كأنما كانت قناديل على وشْكِ الضوء
أو ضوءاً وسقط للتو..
أسمع كأن أقداماً أو قضمةً أو حفحفة أو حشرة أو حجراً تتدحرج

ما الذي تفعله الظلمة في الشوارع التي لا تتقلب ذات الجنوب ولا ذات الشمال..
ولا ترد الملاءات ولا تنزعها.. ولا تبرد ولا تخرج إلى الشرفة..
ما الذي تفعله الظلمة الآن.. وهي تقطع الأصابع مراتٍ ومرات..
وتتثاءب وتنسى أقدامها وتعشوشب..
الجدران ما من جدران في الحقيقة..
الغلالات التي فقدت سوادها كذلك..
وتبحث..! لم تعد تدرك عن ماذا تبحث الهوامش الفائضة؟ هل عن ثياب أم أيادٍ
هاتكة تتحسس فيها انهداماتها وتسميها جدرانا..

لكنها تدور الساعة المعلقة إلى عقاربها، تتصنَّت من خلف إيقاعاتها وتدور..
هل الساعة معصوبة العينين وتسير على حدوات أربع إلى إيقاع آخر..
تحت أي الحدوات اندفن الجيولوجيون وهم ينقبون عن الوقت..


ما الذي تمسخه الظلمة أيضا من الأفكار والدورانات الواقفة..
لأبتكر خرافة بدون حدواتٍ ولا مخاوف من الحدود المدبوغة التي لم تعد
تماسيح ولم تكن ديناصورات ولن تكون يدين تتكلمان المدَّ والضوء..


الظلمة تجثم وعلي أن أبتكر خرافة لا تقضم أظافر ورقتي بأحبارها ذات العوادم الثابتة...

الستائر التي تبدو وكأنها تمشي.. والنوافذ التي تبدو وكأنها من زجاج..
المواءات التي لا قطط من ورائها..
والحفيف، جثة طير (هل من دم ونباح) من صادها..؟ تدعي أنها ها هنا منذ كان صباح..

الظلمة كيف ستتخلص من الجثث الماشية والمكسورة
المواءات المغلوبة على صباحاتها..
والجوارحِ التي تحك أظافرها في الناصية..
ما الذي سيكنس كل هذا والعجوز تعبت من التسكع في الشوارع لا تتذكر ما الذي تنتظره..
ما الذي ستفعله الشوارع بالورقة الناصعة البياض
كأنما قنينة الحبر التي كتبت كل هذا
لم تكن إلا بياضا أملس..
من الذي قال للصباح أن يجيء ولم تزل هذه الخرافة في أول السطر..

***

لقاء

نبيلة الزبير : المقولة بالحدود الصارمة بين الأجناس الأدبية لم تعد سارية

الثقافة ليست جزءا من اهتماماتنا كشعوب

أجوبة من حوار أجراه
معها حسن المطروشي

زمن مفعم بالحداثة

نبيلة الزبيرنحن جئنا في زمن مفعم بالحداثة.. والحداثة ليست فقط في الأدب وإنما في الرؤيا والاتجاه والمتغيرات التي طرأت على المفاهيم الثقافية بشكل عام.. ان مفردات قراءة الواقع هي التي تطورت.. وبديهيا ان يكون هذا الانعكاس على الكتابة بالأخص.. فالمقولة بالحدود الصارمة بين الأجناس لم تعد سارية.. ليس لان ذلك شيء يقال وإنما هو بالفعل أصبح واقعا ملموسا.. لقد انهدمت الحواجز بين الأجناس الأدبية.. فكان من الطبيعي ان تجد في أعمال كثيرة إنها آمنت من الداخل بهذا الانفتاح والتداخل ولو ظل أصحابها متحيزين لفكرة الجنس الأدبي الذي يكتبونه.. أنا اكتب منذ عشرين سنة وكلما نظرت الى قصيدتي وجدت فيها كثيرا من السرد.. إما الرواية فقد كانت شعرا خالصا.. مفرداتها وصورتها والمشهد الذي تقوم عليه.. فالشعر داخل في كل شيء.. وربما لفيضان في الشعر علينا ان نجد له مصبات جديدة.

( .........)

هنالك من يجيء ليكتب بهدف انه يعيد هندسة العالم.. يعيد تنظيمه.. إذ يرى ان العالم عبارة عن فوضى وعليه ان يعيد ترتيبه.. إما في الحداثة فأرى ان العالم منتظم أكثر مما ينبغي وعلينا ان نخلخل هذا النظام وان نحدث لنا ثغرات تشبه فقاقيع الأطفال وألعابهم من اجل الخلاص من هذه الرتابة وهذا النظام الفائض عن حاجتنا.. أما بالنسبة لي فانا ابحث عما هو فوضى في الكتابة.. لا لأنظمه ولكن لأعيد (فوضوته) على طريقتي.. ان كل شيء مهندس ومنظم وعلينا خلخلة هذا النظام لنجد لأصابعنا مكانا.. فعندما نكتب فنحن لا نفعل أكثر من البحث عن متسع قليل من البياض.
وأنت تسعين الى خلخلة هذه الهندسة الصارمة.. ماذا تشكل لك الكتابة في إطار الخروج من رتابة هذا العالم ؟
لا أريد ان أقول إنها عبث.. الكتابة إعادة لترتيب الفوضى ولكن بفوضى جديدة اقترحها على العالم.. فلي فوضاي التي أريد ان أقولها للآخرين كتابة.. أي ان أفسح لها مجالا للكتابة.. ومهما ادعينا فوضانا فهي نظام جديد بمنطق آخر.
هذه العبثية الجارفة مقابل الهندسة الصارمة.. هل هذا ما تبشر به نبيلة الزبير ؟
العبثية مصطلح محمل لا أريد ان ننساق اليه.. دعني احد وأقول إنني (أعابث) ولا اعبث.. فالعبثية أصبحت مصطلحا فلسفيا محملا منذ عقود ولا أريد ان أزج بنفسي في ما انتهى منذ عشرات السنين.. أنا أعابث باللغة ولا اعبث بها.
قطيعة غير مبررة

(............)

من الصعب ان أجد تفسيرا لذلك ولكنني أرى ان طبيعة الاتجاهات التي نحن فيها ليست بيئات ثقافية.. نحن نتجه كشعوب الى التنمية.. فنحن لسنا مخططين استراتيجيا على صعيد معرفي قبلي.. ان الثقافة ليست جزءا من اهتمامنا كشعوب.. إنهم يهتمون بالجيش والتربية والتعليم والصحة.. إما الثقافة فلا ينظر إليها على إنها ذلك المعيار الذي يرتقي بالأمم.. وعلى أية حال فالمسألة ليست لدينا نحن كعرب وإنما حتى في الشعوب المتقدمة.. فمثلا الثورة الفرنسية احتاجت مائتي سنة.. فالخمسون سنة الأولى كانت عبارة عن حروب وطقاطق بندقية الى ان جاء الحراك الثقافي الذي عدل مسارها وأنتج منها ثورة كبيرة أصبحت معيارا لكل الثورات في العالم.. إنني اعتبر الثورة الفرنسية ثورة ثقافة أكثر من أي شيء آخر.. ولكن هذه الثقافة لم تأت إلا بعد إلحاح عظيم وتطاحن خمسين عاما.. إما بالنسبة لنا نحن فما زلنا شعوبا مبتدئة ما زالت في الحرف الأول.. لا أقول إننا سنسير في ذات الخطى التي سلكها الآخرون ولكن هو من قبيل التفاؤل وطمأنة الذات ان هنالك أملا.. فالثقافة تشهد الآن حراكا.. والجميل ان الجميع مستشعر لهذه الفجوة والهوة في الغياب.. فأينما اتجهنا في أي قطر عربي.. نجد نفس السؤال ونفس المشكلة والعطش.. وهذا هو الجميل.. عطش الشباب والمبدعين على كافة الأصعدة سواء الصحافة أو القصة.. هناك عطش مصحوب بسؤال.. أين نحن ؟ .. وأتوقع من هذه الأسئلة ان تنتج إجابات فعلية في كيف يمكننا ان نحدث هذا التواصل.


(..............)

في كتاباتي أتناول الانسان من خلال علاقاته.. هذا هو التوسط بينه وبين الأخر بين الفرد / الذات والآخر.. أي العلاقة فمعظم كتاباتي تحط رحالها في هذا التوسط.. لا أناقش الرجل أو المرأة وإنما أناقش العلاقة.. (أنقش في العلاقة) حتى فيما اسمية ويسميه الآخر (نسوية) أنا لا استهدف الرجل وأقول له أنت ظالم ووو.. ولا أخاطب المرأة على أنها مظلومة أو مجروحة.. فهذا خطاب ميت.. والحق ان الرجل والمرأة ليس كلا منهما على حدة.. وليس كلا منهما معا.. وإنما هي مجموعة العلاقات التي يفرزها واقع وهي على قدر كبير من القهرية ينتجها واقع قهري.. ففي كتابة الموسومة بالنسوية لا أناقش الرجل ولا أناقش المرأة ولكني أناقش هذه العلاقات من صورها البعيدة والدقيقة التي توضح ان كليهما في حالة قهر وسلب يتمثل في سلب الإرادة والذات والوجود والحضور بحيث يؤدي نصي رسالة.. بالإضافة الى كونه نصا قائما بذاته.. وهذه المفردات التي اتعاطاها.

كوابيس النص

(..................)

إنني بودي لو اكتب النص لذات النص ليس بمعنى ان الفن لذات الفن ولكن بمعنى ان النص ليس محملا بأي قضية محملا بكوابيس الليل ولست مضطرا لان تجد في هذا النص ترجمة لما رأيته.. ان تقرأ جمالا بذاته كما تقرأ الشجرة أو الهواء أو البحر.. هذا ما أتمناه واحلم به ولكن بيدنا ذلك فقدرنا ان نجيء في ظروف ليست جاهزة.. فنحن لسنا مهيئين ان نجلس ونقرأ الشجرة بجمال خضرتها وانتشارها في الهواء.. لسنا بتلك الجاهزة.. فلابد ان نقول ذاتنا بكل ما فيها ومن هنا جاءت القضية والرسالة.. جاءت تالية للنص وليست سابقة له.. لا اجلس مع سبق الإصرار والترصد لأكتب هذه القضية ولكنني أجدها سربت الى أصابعي.. فبقدر ما تكون كلماتي رشيقة وجميلة وأنيقة ستكون أيضا مليئة بالوجع والألم.

(.......................)

الموروث موجود في كل شيء فيما ألبسه وأتعلمه حتى في ثقافة الطعام فأجدني أميل الى أنواع من الطعام دون قصد فالموروث ليس في حاجة الى نبش أو ان أضعه على الطاولة قبل ان اكتبه.. انه موجود في داخلي وفي عمقي كانسجتي وخلاياى الحيوية.. فانا ممتلئة بهذا النسيج الحضاري والارثي.. ربما كنت في حاجة لان أتخلص منه بعض الشيء ومع ذلك لا افعل هذا إنني أتكلم به ولا أتكلمه أو أتكلم عنه ولكنه جزء من لغتي التي أجدها والمسها في كلامي.. هذا بالنسبة للعام. أما بالنسبة لكتابتي فإنني أشعر بزهو ان يشعر القارئ ان هذا النص ينتمي الى بعد تاريخي يمثل جنوب الجزيرة لكنني اشعر بغبطة عندما اتسع على ثقافة العالم.. بحيث أكون ذلك الانسان العربي الذي ويرث الكل وان يورث للكل.. وبالتالي تنفتح لغتي على الثقافة الإنسانية بشكل عام.. سواء البابلي.. أو الإغريقي.. أو الروماني.. فليس لي حواجز.
للرفض وأحاول توظيف المفردة بحكم ما يتطلبه النص.. فليست الجغرافيا هي التي تحكمني.
النقطة الثالثة والمهمة لدى في تعاملي مع الموروث هي أنني استجلب المفردة من آلاف السنين لكن لن أجيء بها كما هي.. فوظيفتها ان تجلس معي.. هي من آلاف السنين وأنا من هذه اللحظة وعلينا ان نتفاهم لا أريدها بكل حيثياتها.. فالذي افعله هو إنني أفرع هذه المفردة وأستعيرها ترمز وأعيد توظيفها فيما هو أنا مثلما فعلت في قصيدتي (الخارجة) حيث استحضرت شخصية أنثى طهرانية من 2500 سنة فأقنعتها بأنها شاعرة أو ألبستها ذاتي وجعلتها تدافع عن طهرها بظواهرها البيولوجية والجسدية الاعتيادية ..
فهذا هو الجديد الذي أدخلته على الشخصية فانا أعيد إنتاج واقع من 2500 سنة وهو ليس بحاجة لي ان أعيد إنتاجه فهو منتج وقائم.. وعلى ان أحاوره وأعيد صياغته.. ولكن احتفظ له بتماس يحفظ له تاريخه وشخصيته وزمنه وجغرافيته وادخل فيه أنا بزمني وجغرافيتي وبيئتي وإرادتي.. فما الذي أريده من خلال هذه الرمز التاريخي في النص الشعري.

عن (لوطن الثقافي)- الوطن القطرية -

إصداراتها الأدبية:

  • متواليات الكذبة الرائعة /شعر / د/المستقبل دمشق91 ط 1. ط2 عكرمة دمشق 97
  • ثمة بحر يعاودني / شعر /الفكر دمشق ط الأولى 97
  • محايا / شعر / الهيئة العامة للكتاب صنعاء 999
  • إنه جسدي / رواية / الهيئة العامة لقصور الثقافة - القاهرة - 2000
  • تنوين الغائب / شعر / دار الآفاق - صنعاء - ط1. 2001.
  • إلا شهقة / مجموعة قصصية/ تحت الطبع
  • زوج حذاء لعائشة / رواية / تحت الطبع

كتبت الشعر أواسط الثمانينات

  • أنهت دراستي الجامعية في جامعة صنعاء /آداب/ علم نفس.
  • خمس مجاميع شعرية وروايتان ومجموعة قصصية
  • منذ خمس سنوات يشكل بيتي ملتقى أدبيا ولطبيعة الظروف التي يحلو لنا أن نسميها "خصوصية يمنية" فاللقاء
  • في البيوت يقتصر على أفراد الجنس الواحد ليسمى عند الذكور "مقيلا" وعند الإناث "تفرطة" ولرغبتنا في خطاب
  • الآخر أعلنا ملتقانا مؤسسة: "لُقى" مؤسسة الثقافة النسوية وحوار الحضارات" وخرجنا بنشاطها ليشمل
  • الجنسين. مع استمرار ملتقانا الأدبي في البيت.

أقرأ أيضاً: