نبيلة الزبير
(اليمن)

نبيلة الزبيرفي الخرقة التي كان على رقية أن ترتديها
كل يوم
تتجمع الألوان المائلة إلى التمزق
ترتّق بأظافرها لون القرفة
وينفرط في المربَّع الإسمنتي
الذي نسي أن يحلق لحيته
قبل أن تجلس في الرصيف
الذي تتمزق مربعاته
لأن الذين يجلسون ينسون أن يسرّحوا
أقدامهم المرصوفة كأسنان المشط

في الخرقة التي كان على رقية
أن ترتديها
بقعة حبرٍ تمحي
كل يوم
هكذا هي الأصباغ التي تندلق دون أن تدفع ثمنها رقية
لهذا ستشتري الأصباغ التي تخبئ اندلاقها بأهداب طويلة وملونة
بهذه الفرشاة فقط
يمكن لرقية أن تغسل
خرقتها الممرغة
بمزق الرصيف
كل يوم

رقية لن تشتري الأصباغ
لأن أثمان اللبان الذي تبيعه
للسيدات والسادة راكبي السيارات المفخخة
لا تفي إلا ترقيع خرقتها
من بقع اللبان المبصوقة
التي تجلس عليها
كل يوم

لا تدري في أية يقطينة كان
على رقية أن تغمس خرقتها
قبل أن تخرج إلى الشارع

ليبتعد مائة ندم
العاشقون الذين يسرقون سعالها
يعيدون إليها قفص عمرها فارغاً
إلا من نزيفهم
كل يوم

ربما كان على رقية أن تحرق خرقتها
قبل أن تلتقي به
المتسول الذي أعلنت عليه الحب
ذات لقمة مكسورة إلى قلبين..

ربما كان عليها أن تّدارك مزاجه
في جمع أعقاب السجائر
من أفواه الموالعة
بتقشير الحرائق الملونة
قبل أن يلقوا بها من نوافذ سياراتهم

رقية لن تشتري اللون الأزرق الذي ينسرب من خرقتها
كل يوم..
ولن تدفع للإسكافي ثمن خطواتها المنزوعة
من قدميها الشائكتين
لأن رقية لن تخرج إلى الشارع
أيام الانخراط بالمظاهرات..
حيث حبيبها يجمع أعواد الثقاب
من جيوب الثورجيين
وعمال النظافة
والباعة
والذين يدهنون الهواء بأصواتهم المصفوفة كأسنان المشط

ولن تبيع لبانتها
في الإشارات التي تقف عندها السيارات
بالأبواق السريعة المضغ
بماسحي الزجاج
الذين ينسون أن يمسحوا
وجوههم في الملصقات العاكسة

من أين كان لرقية أن تعرف
أنه بمجرد وقوفها
بميدان التحرير
تتجمع كل هذه البقع من عوادم العابرين
في خرقتها..

أقرأ أيضاً: