يحيى السماوي
العراق)

(1)

كل ٌ يذهب في حال سبيله :
النهر ُ نحو البحر ِ...
الوطن ُ نحو الصيارفة ...
العصفور نحو العش ّ...
الصلوات نحو الله...
وقلبي نحوك ...

(2)

لا الامطارُ..
لا الأنهار ُ والينابيع ُ ..
إنما: مياهُ أنوثتكِ
أورقتْ في حقل رجولتي
عشبَ الفحولة ..

 

(3)

لا يرى الصيّاد من البحر
غير َ موضع الصناّرة ...
هل يرى الصقر ُ من الفضاء
غير َ الحمامة ؟
والطفل ُ ؟ هل يرى من الشجرة
غير حبل أرجوحته ؟
كذلك قلبي :
لا يرى من نساء الدنيا
إلآك ِ !

(4)

لن يكون بعيدا ً اليوم الذي ينتقم فيه :
الجرحُ من السكين ِ...
الدموع من دخان الحرائق ...
الشجرة ُ من الفأس ِ ...
الأقدام الحافية ُ
من الأشواك ..
القيودُ من صانعيها ...
الأوطان من السماسرة ...
وظباء يقيننا
من ذئاب الظنون !

لن يكون بعيدا ً اليوم ُ الذي يتآلف ُ فيه :
الخبز ُ مع الجياع ...
العشب مع الصحارى ...
الذئب ُ مع الشاة ...
الوسنُ مع الأجفان المسهدة ...
هذا ما قرأته في كتاب عشقي
المكتوب على فمي
برحيق رضابك !

(5)

ثمة بياض
أكثرُ عتمة ً من قعر بئر ٍ
في ليلٍ يتيمِ النجوم والقمر...
بياض الأكفان مثلا ....
ثمة سواد ٌ يشعّ ُ نوراً
كصباحات الفردوس ..
الحجرُ الأسودُ
وشاماتك مثلا !

(6)

كيف سألتقيك
لو أنّ الله
خلق الدنيا لي وحدي
ووحدي خلقني للدنيا ؟

(7)

لأنك اللؤلؤة
فقد شكرت الله كثيرا
حين خلقني صَدَفَة ً
في بحر عشقك !

(8)

للطبيعة كتابها :
الأشجار حروف ٌ..
النبعُ مداد ٌ..
والأرض الورقة ُ..
لا ثمة مَنْ يجيد قراءته
كالطيور والأطفال والعشاق !

(9)

فمي قلم ٌ
لا يُحسِنُ الكتابة َ
إلآ في دفتر شفتيك ِ

(10)

أعرفُ أين يرقدُ "نيوتن "
وأين كانت الشجرة ُ..
لكن ْ
في أية معدة ٍ استقرّت ْ التفاحة ُ ؟
نَعَمْ
العبيد ُ هم الذين شيّدوا الأهرام وسورَ الصين
لكن ْ
أين ذهب عرَقُ جباههم ؟
وصراخهم تحت لسع السياط
أين استقرّ ؟

 

(11)

السفينة غرقت ؟
لا ذنب للميناء
إنه ذنب السفينة ...
لا ذنب للسفينة ِ
إنه ذنبُ المجاديف ...
لا ذنب للمجاديف
إنه ذنب السواعد ...
لا ذنب َ للسواعد
إنه ذنب الرأس ...
آهٍ
كم مملكة عشق اندثرت
لأن رأسا واحداً
رمى فتيله في الغابة المسحورة
ليذيب الجليد المتجمد
في قلبه !

(12)

حطبك أنت وليس تنوري
أنضج رغيف قصيدتي ...
دخان ظنونك
وليس بخور احتراقي
أسال دموع حروفي ...
ريحك ِ وليس شراعي
أوصل سفينتي الى الضفة الآمنة

(13)

لا شيءَ عديم النفع ..
إنّ وتدا ً مغروسا ً في صحراء
قد يكون الدليل َ
للقافلةِ التائهة ...

(14)

ما جئت لأختطفك ..
أنا الضائع منذ عصور النار الأولى
جئت ُ لأبحث فيك
عني .

(15)

لم يسمعه أحد
ليس لأنه يصفق ُ بيد ٍ واحدة ٍ
ولا لأنه مذبوح الحنجرة
إنما
لأنهم اعتقلوا الريح !

(16)

كيف الهروب منك

إذا كنت متحدا بك
إتحادَ العطرِ بالوردة
والرايةِ بالسارية
والخضرةِ بالحقول ؟

(17)

ليس عيبا ً أنْ أكون حصاناً للناعور ِ
أو
ناعورا ً مربوطا ً الى حصان ...
العيب ُ ؟
ألآ أكون شيئا ً في حقولك ..

(18)

ثمة وقوف ٌ أسرعُ من الركض ِ ..
هذا ما قاله البئر للساقية
في وصفه الناعور !
ثمة ركض ٌ أكثر بطأ ً من الوقوف ..
هذا ما قاله جبل اليقين
في وصفه غزال الظنون

(19)

ـ لماذا ينفرد الانسان من بين الكائنات
بكونه الوحيد الذي يخجل ؟
ـ لأنه الوحيد الذي يفعل
ما يثير الخجل ؟

(20)

القلم ليس مصيدة َ عصافيرَ..
لماذا تهرب عصافير الافكار من شجرة رأسي
حين أمسك القلم ؟

(21)

خطيئتك ِ أنك ِ دون خطيئة ٍ
في المدن المستريبة...
لا عيبَ فيك
سوى عذابي!

(22)

الفارغون
يظنون الكأس َ فارغا ً
مع أنه
مملوء بالهواء !

(23)

ماء المعنى
هو ما يبعث النبض
في تراب الحروف

(24)

أنا أخطر مجرم في التاريخ...
ميزتي عن كل المجرمين
هي
انّ ضحاياي هم : أنا وحدي !

(25)

الآهاتُ حبل ٌ من قِنّب الصبابة
ينشر عليه قلبي
ثياب نبضه !
الجبال ليست مصدّاتٍ للرياح ...
إنها مساميرُ اللهِ
في خشَبَة ِ الأرض ..
كمسمار عشقك في لوح حياتي
أنا المُعَلقُ فوق جدار الزمن
في اللامكان !

(26)

أيها العابر ُ
لحظة ً من فضلك ..
هلا التقطت َ لي صورة ً تذكارية
مع الهواء ؟

(27)

الريح ُ ساعي البريد بين :
الحنجرة والأذن ..
الشفة والمزمار ..
المياسم والتويجات ..
الأشرعة والضفاف ..
عبيرك وروحي ..
وبين حطبي ونارك أيضا !

(28)

أوداع ٌ
ونحن لم نلتق ِ بعد ُ ؟

(29)

من نِعَم ِ الله ِ على عاشقك ِ المطعونْ
مكرمة ُ الجنونْ

(30)

كي لا أكون قاتلا ً أو قتيلا ً :
هربت ُ ـ
فقد يحتاج العالمُ الأعمى
شاهدا للإدلاء ِ بصمته !

(31)

لست جبانا ـً ما دمت أمتلك الشجاعةَ
لأعيش حياة ً
ليست جديرة ً بأنْ تُعاش

(32)

العالم ُ ملتهب ٌ!
لا تكوني حديدا ً..
كوني طينا ً يا حبيبتي

(33)

على ضفاف نهر الضوء الصوفيّ
هيّاتُ لي قبرا ً من الماء
لأبعث َ حيّا في عشبك

***