فاروق يوسف
(العراق/السويد)

(عشر قصائد عن النأي)

صابون

بإمكانها أن تسيل على جسدي
نارها تخترع رمادا يسليني

الغائبة: خطوتها في قدمي
النائمة: حلمها يعبث بأهدابي
وهي المترفة بشقاء امتعتي

لاؤها هي النعم الميسرة التي يلثغ بها أطفالنا الطالعون من غموضهم بالمسرات، دعاؤها يثلمني فانزلق إليه خاشعا

يدها المسافرة لا تزال علي الباب تومئ
بعد أن حلقت حمامتها بجهاتي عاليا

البذرة

ماذا لو أنه لم يقف إجلالا،
وقرر أن يغفو
أيغفر له أن لكلامه رغوة

بذرته تقاومه
نعاسها يزدريه

من بين أعشابه تتسلل أدعية لزجة
تذكر به مفترس فراشات

وهو ميت

لديه ما يقوله
لديه ما يفعله

صمته فاصلة
وكسله اريكة
الميت، نعاسه ثقيل.

رسوم

من زيت يدها يصنع مزيج أصباغه
ليبعث في وقع خطواتها أشكالا تعيدها إليه
خفقة جناحين
ورشقة فجر،
وهي التي تمر بالكتاب مثل كلمة
تضع يديها علي الصخر لتخفي قبيلة من النمل
تستخرج من النوم طيورا

وحش زهرتها علي يده فيما البياض ينتظر.

ثلج

خياله يصف فيما أغصانه تحلق
الحطاب ذراعه تمحي

وصيته لا تقع علي الارض
هناك يد خاملة تقبض علي الهواء
يد تصنع أصواتا متشنجة من الزجاج
لتجرح اللسان الذي لم يتقن الوصية بعد

آثار قدمه علي الثلج
تتبعه مثل لص، بيده مرآة

لا شيء

نجد الغصن مختبئا تحت الماء، سطح البحيرة مرآة، البحيرة كلها ناعمة مثل ليل بطيء، يتدفق الرخام كما لو أن الغصن محشور في صرخة لا يذكر بالشجرة، بل بمنقار حمله وألقاه، في الأفق تبدو الغابة ممتلئة بالاغصان، غير أن الوقت لا يزال مبكرا، بحرير أنفاسها تحرس الطيور الخضرة الميتة. ولا شيء آخر.

غرام

صوته الذي يري في الزهرة مثل قبلة
هو طريقه الي
أسمعه لأنني أريد أن أراه

يتسلقني ليهبط
فاكهته تطوقني بعطرها

ما لا أراه من شقائه هو قوتي
في غربتي عنه

كل هذا الغرام من أجل أن لا أجده.

ضجر

أفتش لكي لا أجد
التلفت يغويني

ربما صخرة تخبئ ريشة مبللة بحبر حيرتي لأكتبها

في نومي هنالك زاد لعصفور ضجر.

القدم

الطريق هي التي تهب قدمي شكل خطوتها
هنالك العشبة التي تتنفس نورا يرافقني
هي الأخري تهذي، تظن أن الطريق اخترعتها
وهمها يشتبك بخطوتي فأنسي قدمي

كل خطوة هي فكرة طريق.

وداع

لو أنها مثلما هي حين تكذب
لو أنها تسبق تثاؤبها
لو أنها تصمت
اللغة

ليست لسانا لتقول
ليست يدا لتكتب
ليست عينا لتري
بل الخطأ

حين نقول: وداعا، هنالك هواء ما يجرنا الي الخلف، ليعلن أننا موجودون في مكان آخر، مكان هو آخر أيضا، لكن ليس كما نظن
اللغة طبيعة، تثاؤبها ينوب عنها.

القدس العربي
17-3-2007

أقرأ أيضاً: