في رثاء البقية الباقية
(Marc Chagall)

عبد الخالق كيطان
(العراق/ )

إلى ضياء في غربته ،
ومنه إلى رهط الضائعين

أين أنت الآن ؟
غبت ، تماماً مثلما تغيب الأيام الجميلة بغتة
لسنا من هواة التصوير ،
موسيقيون كنا
يستمعون لخطى الموت فلا يجدون غير الفرار منه وسيلة دفاعية
لسنا من هواة التصوير
وسأشرح فأقول : لا ألبومات صور بيننا أيها الغائب
أتطلع لذاكرة أنهكتها أحداث جسام ، وبالرغم من ذلك تنبثق منها الأعاجيب ..
أو بالاحرى ما كنا ننعته أعاجيباً :
سكرة في بار
شجار في مقهى
حريق في مسرح
وبساطيل في ساحة عرضات
هذا كل ما أستدعيه
فيما تغيب أنت
غياباً قاسياً
ملعوناً
هل أغيب أنا الآخر عنك ؟
كنت أنسج صورة الملاك لنفسي
ورويداً رويداً أجدني أذبل
يبيضّ شعري وأواصل كوني مضحوكاً عليه
كان علي حبيب ظاهر أشجع منا نحن الأثنين
مات بسرعة قياسية
مات وهو يعلك
فمه مفتوح من أثر ابتسامة خالصة
وجدوه في فرشته وجواره بدلة عسكرية
تذكر ساعة بكينا عليه ؟
وبالسرعة ذاتها قررت أنت أن تغيب
ومن مدينة إلى مدينة ظللت أبحث عنك :
علمت أنك ما وجدت ضالتك في تونس
تونس التي عدت منها قبل الحرب وبيدك منشفة أنيقة
سكرنا نخب عودتك ، وتقصد قرارك بالعودة إليها
صديقك الفيلسوف التونسي وعدك
وككل الأصدقاء في المنائي
يوعدون ولا يفون
ترى أين أنت الآن ؟
مثلي تدشن مواهبك بتنظيف المطاعم ؟
أو ربما سرقت حلمي بأن أصبح سائق تاكسي ؟
عفواً ،
كنت أقصد أنني أنا الذي يسرق أحلامك !
في النتيجة
صرنا كلنا بلا أحلام
أقصى ما أفكر فيه رؤية أمي قبل أن تلحق بأبي !
هل ترى كم صارت أحلامي عادية ؟
على أن العيش في البقعة النائية يا صاحبي
هو القسوة التي لم يتحدث عنها الموسيقيون

 

12/9/2003 أديلايد