عماد فؤاد
(مصر/بلجيكا)

محاولة للطَّيران

عماد فؤادلم أكن أقلدُ الطَّيرَ
فليسَ لي أجنحةٌ
لكنَّني كنتُ أجرِّبُ صدْقَ أمِّي
قالتْ لي يوماً:
الأطفالُ ملائكةُ اللهِ
على الأرضْ.

أغسطس 2004
Gent

حجاب

لو قاومته منذ البداية
لو دفعته بعيداً عن صدرها النَّاهد
لو ركلته بين وركيه بركبتها الملفوفة
ما تجرَّأ على رفع عينيه في عينيها
وما استباحتها يداه

ابنة العشرين
أزالت احمرار شفاهها
بضربةِ منديل
ونزعتْ سوتيانها بإصبعين
الصبيَّة الهشَّة كطبقة ثلج
القصيرة القامة
الملفوفة الأرداف
تعرَّتْ فجأةً تحت ساقيه
إلا من حجاب عربيّ
بقى متماسكاً كعمامةٍ منصوبة
أو كشاهد قبر.

فبراير 2004
القاهرة

رقصة

وحدَها في البيت
أنهكتْها الموسيقى
وأتعبَها الشَّجنُ الغريبُ في صوت الكمان
ظلَّتْ ترقصُ سبعَ ساعاتٍ
كان جسدُها يختزنُ الإيقاع كنبْتةٍ عطشى
وصدرُها العفيُّ
يترجرجُ بزيتونتيه المنتصبتين كدرويشٍ
رمتْ نفسَها في الفراشِ عاريةً
بعد أن خلعتْ قميصَ نومِها الحريريَّ
هذا الذي
واصلَ الرَّقصَ وحدَهُ
من دون موسيقى
ولا عرق
ولا بحَّةِ الكمان الحزين.

أغسطس 2004
Gent

سيمترية

صبحٌ
وزهرتان أسفل الشرفة
حين تفتحتا
كان انتهى للتوِّ من قبلته الأخيرة
على نهدها المترع
وكانت تخفي دمعتها التي أطلتْ بين جفنيها

صبحٌ
اثنان في الفراش
وزهرتان
واحدة ولدت لتموت تحت قدم عابرة
وأخرى ستصبح بعد زمن
أماً لعائلة من الزُّهور.

ديسمبر 2004
القاهرة

شتاء

مطرٌ
والشَّوارعُ مغسولةٌ ومُزْرقَّةُ الوجناتِ
العاشقونَ لصوصٌ يسرقونَ المحبَّةَ علانيةً
ويرجعون إلى أسرَّتِهم بشفاهٍ مُحْمرَّةٍ
وسراويلَ مبلولةْ.
وحدها الأشجارُ تظلُّ واقفةً
ترقبُ أوراقَها التي تتهاوى في العتمةِ
لتطفو فوق المياه

وعلى البعد
شبَّاكٌ وحيد
خلفَ زجاجه المصقولِ دفءٌ، وكأسُ نبيذٍ
وروحٌ معلَّقةٌ في الفراغ
روحٌ
كانت تجاهدُ كي تمتصَّ داخلِها
بصبر الجبال
قطرات المطر.

نوفمبر 2004
Gent

شجن

ليسَ من ألمٍ
ولا من حَجَرٍ في الكلام
لكنَّها عيناكِ
حين ترفُّ فيهِما دمعةٌ
وتتعلَّقُ على جفنيكِ
دون أن تسقط.

نوفمبر 2004
Gent

وحدة

يهربُ من الزحام
وحين يغلقُ عليه باب حجرته
يسمعه الجيران لساعات طويلة
وهْوَ يستعطف آخرين
ويرجوهم المغادرة
كانوا متأكدين أنه وحده
وأنّه لا يعرف أحداً
بعد دقائق
يسمعون أصوات أقدام
تهبط السلَّم.

ديسمبر 2004
القاهرة

طيور

ثمَّة ما يوجعُ في المرأةِ التي تجلسُ قبالَته
ثمَّة كفٌّ تعصرُه حين يراها وهْي تسيرُ
تشدُّ خلفها سرباً من الحَمَامِ
والطيورِ التي لا تعودُ لأوطانِها.

سبتمبر 2004
Gent

طعنة

لي في المحبَّةِ قلبان
واحدٌ مِلْكُها
وواحدٌ عالقٌ بشصْ
كلَّما هزَّهُ نبضٌ
غارَ فيه النَّصلْ.

نوفمبر 2004
Gent

Emadfouad74@hotmail.com
http://efouad.jeeran.com