المتوكل طه
(فلسطين)

إلى سيلفيا بلاث *

AlMutawakel.. كيف لها أن تعدَّ الحليبَ وتمضي إلى الغازِ !؟
كان الشعاعُ قريباً من الرأس،
والبنتُ تبكي على مسندٍ في السريرِ،
وصاحبُها في طريقٍ بعيدٍ مع الشِّعر،
يبكي ويشربُ،
كانت تُعدُّ الفطائرَ والجُبنَ والبرتقالَ،
وتبني نواقيسَها من زجاجٍ ،
وتفتحُ نافذةً للبعيد.
أحبّتهُ،
لكنَّ غيرتَها مثلَ وحشٍ أليفٍ،
وتعرف أنَّ الحقيقةَ تأتي إليها،
فتبكي، وتحرقُ ما يترك الشاعرُ العاشقُ المزدهي من قصائد ..
تبكي وتكسرُ صوتَ المغني "لويل"،
وتطرده من عشاءِ النبيذ !
لقد فرّ للبرعم الغضّ،
راح إلى عتمة الكأس للّيل،
كان أباها الذي غابَ،
والعاشقَ الذي نابَ،
والساحرَ الذي أرسل الحرفَ حُزناً،
فعاد له وردةً في البريد.
من الظلماتِ إلى غضبٍ فائرٍ شِعرُ هذي الغيورةِ،
تمشي إليها الرسالاتُ من آلهاتِ السماءِِ،
وتعرف أن السنينَ بياضٌ بتجويفِ أيامها الخاويات،
فلا ظلَّ لليومِ والليلِ،
أحمرُها مثلُ جرحي،
وأفياؤها مثلُ ماءِ الغروبِ؛
كثيفٌ ودامٍ،
وخطوتها مثلُ قَطْعِ الوريد.
فظاعاتُ مُنتحرٍ، قبل أن يفتح الماء،
ما كتبتْ عن أبيها،
نذيرٌ كتابُ الروايةِ،
ضارٍ وَيدْهَمُ دونَ أصابعَ تستأذن القشعريرةَ ..
ماذا سنعترفُ الآن،
بعد الذي أهرَقتهُ الحنونةُ ؟
تلك التي شعرت أنها صورةٌ عن كيانٍ غريبٍ،
وأنّ الذي بادلته الجنونَ شبيهٌ بها ؟
- كلُّ نِصْفٍ له نِصْفُهُ كي تكون الملامحُ -
لكنّها السنواتُ التي كسرت بالسعادة تمثالَها !
فارتَخَتْ للحكايةِ،
وليبدأَ البحرُ لعبتَه من جديد.
بعد ثلاثينَ،
يأتي على الصمتِ،
يذبحه مثلَ فهدٍ،
ويحملُ رأسَ الخُرافةِ؛
هذي رسائلُ عيدِ الولادةِ،
بعضُ الخياناتِ،
صُبحُ الكؤوسِ،
وبِكْرُ الشَّواطئ
موقدها في الفِراشِ،
وصورتُها في الحديد.
فمَنْ سوف يقرأُ أشعارَها،
قبل أن تكبرَ البنتُ،
أو يشعلَ الجارُ شمعتَه للتي ضحكت دمعتاها لهُ ؟
ويخطو على ثلج "ديفون"،
أو يجعل الموجَ شَهداً إذا انغمست صُرّةٌ في الجليد ؟.
شاعرٌ جاء من موتها، قد أحبّته،
لكنّه تائهٌ
أو شريد.

رام الله 23/8/2005م

* سيلفيا بلاث، زوجة الشاعر الإنجليزي تد هيوز، التي أحبته، وانتحرت في فبراير 1963، وكشف قصتها معه بعد ثلاثين عاماً من الصمت، وقبل أن يقضي بالسرطان العام 1998.


إقرأ أيضاً:

أقرأ أيضاً: