أشرف يوسف
(مصر)

أشرف يوسفبأكثرَ من ذاكرةٍ للغد
حصيلتي اليوم : قُبلةٌ
سأهَبُكِ إياها من كبائنِ التليفوناتِ المنتشرةِ
على الطريق الذي يمرُّ بسفارة العدو الأمريكي ,
وبجوار إخناتونَ ورفاقِه .
صباحُ الخيرِ يا عراقُ ,
صباحٌ مخلوطٌ بجميع الوجوه
المنكفئةِ خلفَ عُريْكِ
كالفلاحينَ في زمنِ حصاد القمح .
جئتُكِ من المخابئ ,
تجويفاً موصولاً بالضجيجِ والشائعات .
من الثائرُ ؟
من المُرْتَشِي ؟
صوتُكِ بعيدٌ وآتٍ
إلى قارةٍ تحتضنُ نهرَ النيلِ الذي يبدو
كملاكٍ يشتغلُ بالإبرة
لتكملة أيادٍ وسيقانٍ مبتورةٍ
في حوادثِ القطارات .
وتحت شرفةِ شاعرٍ
ينقصه الإيمانُ بالحجر
كأجملَ جمادٍ
في يد الأطفال .
بـ تلويحةٍ ما
في ليل المعتقلاتِ التي في رغْوة عتمتها
نصف إلهٍ يحكى عن نصفه الآخر
أرى وجهَكِ مرهوناً بالبُطء .
هل أنتِ صفاتي ؟
يا أختَ العناقِ السريع كالمسافرين .
بعد كلِّ لقاءٍ
أُخصِّبُ فشلي مع صديقاتي القديمات
بالبكاء الجماعي على بغدادَ .
ما الخطأُ ؟
ما الصوابُ ؟
ماتَ حنيني إلى الثورة
ولا أحدَ يحتضنُ فضيحتي .
عشتُ كثيراً
من غرفةٍ إلى غرفةٍ
أحملُ مصباحاً
يُنسيني لمعانُه في الظلام
صدمةَ أن أكونَ مشروعَ خائنٍ
يداه في بنطاله ,
يتحسسُ بهما رزمة الأوراق المالية .
ولا يأسفُ لكلِّ عابرٍ
حاول أن يفكِّ أزرارَ وحدتِهِ
بالتساؤلِ عن هدفٍ عامٍّ .
أيُّها البعيدُ
أقبلْ بالجُرْحِ ,
وأنا بالقُبلةِ
لعناقٍ لا يُحتملُ
قبلَ اكتمالِ خوفِ الخائفينَ .
يسقطُ النسرُ من زيِّ القادةِ والعَلمِ
يسقطُ ؛
لِيُنادونِي باسمي .
ويبقى من الحمائمِ ريشُها
يتخبطُ فوقَ رأس الصَّغِير .
أنا الموصوفُ بالغريبِ
أُريدُ مذياعاً ومؤخرةَ عربةٍ
أَطوفُ بهما بلداً ببلدٍ
وأعلنُ احتجاجي .
أبعدَ كلِّ دورةٍ للأرضِ
حولَ نفسها
يتحدثُ باسمي الذي صارتْ الميادينُ العامةُ
وأماكنُ عبادتي
- بحَمْدِه وتَسْبِيحِه - ثكناتٍ عسكريةً ؟!
أتساءلُ :
لِمَ حشَدْتَ جنودكَ هُنَا بعيداً عن الحدود ؟
هل أنتَ خائفٌ منى ؟
لا حيلةَ لك
ما هو قادمٌ يلدُ رصاصةً
تدورُ خلفَكَ في كلِّ مكانٍ .
فما بالُكَ لو حدثَ ذلك وأنتَ قابضٌ بكلتا يديك
على عُضْوِكَ الرَّخْوِ ؟
لنْ يكتملَ ما بدأتْ .
أقترحُ عليك ولستُ فداءَكَ
بعدَ وضْعِ ملاءةٍ على وجهكَ
مخصَّبةٍ بدَمِ طفلٍ
أنْ أنادَيكَ
يا خائنُ .
هل حان الوقتُ لكي أتمنطقَ بكراهيتي
وأُعْلِنَها لك ؟
حيثُ لا يوجدُ ظلمٌ يملَؤُنِي بالحنين
إلى الحرية
ولا يوجدُ عدلٌ يملَؤُنِي بالحنين
إلى الطيران
كُلَّما رأيتُ صورتَك كبيرةَ الحجمِ
متجاورةً مع لافتةِ " حافظوا على نظافةِ مدينتكم " .
عارٌ عليك أن تتحدثَ باسمي
علانيةً وبدونِ مواربةٍ
فلكلِّ طاغيةٍ هاويةٌ
ولكلِّ ثائرٍ حزبٌ مُرْتَشِى
ولكلِّ جاسوسٍ مركزٌ لحقوق الإنسان المحلى
ولكلِّ ثورةٍ ميدانُ رمايةٍ برصاصٍ حيٍّ
ولكلِّ مولودٍ فى رحمِ أمِّه
ولكلِّ بيتٍ ... ولكلِّ يومٍ
حِلْمٌ بالصُّرَاخْ .

مارس 2003
المنصورة

أقرأ أيضاً: