خلات أحمد
(سوريا)

الترياق

1

خلات أحمد شبقة ً إلى دمي
تسبلين يد يكِ لمرور الغرباء
يطبعون أختامهم على
نهديك ، حيث أضع شفتيّ في
شوقي الأزلي لارتخائك لي
هادرة ً تحت صدري بعمامات ٍ
تساقط من المشانق..، لا تنسي
أن تعيدي إلي بطاقة غربتي من
تحت وسائدك المغرية
لأمرّ من بواباتك في عشقنا السريّ
يكونُ أحمرها تصريح
دخولي إليك، خروجي منكِ
تعالي أسقيكِ الخمر من فمي ولننسَ
خيامنا المنصوبة في العراء
اغمسي وجهكِ في صدري المستعر لك، ولننسَ
حنان ا لجبل الزمهرير، شموخه
بأقدامنا العارية
هاتي شعركِ ألفه على ذراعي خصلة ً، خصلة
لأحُكم الرسن في جريكِ المتواصل إلى
الموت، يستفزكِ إليه، ويفر من فتنتكِ ا لبليغة
سأحكم ساقيّ على خاصرتكِ، وأنت
تختضين لاهثةً تحت أسمالي
أوزعكِ على جهات الأرض وجع عذارى في تفتحهن
الأول على أسرةٍ تعد لليلة ٍ واحدة
تعالي نغلق المغاور على رسومنا العتيقة، ونترك لأزاميلهم
كِسر قوارير البخور
وفخارٍ مشتعل في ابتسامتنا الصبا حية.

2

ارشقيهم بالزيت يا امرأة فاتنة، وتعالي دفئي
يديك المزرقتين تحت إ بطي ّ
دسيّ أنفك المزكوم بالخردل في صدري
تنشقي لهفتي إلى ا لتمرغ فيكِ.
تعالي نفرد جناحينا لسقوط ٍ طويل
استرخي
دعيني أمسح عن ساقيكِ
أزيح أوحال هجراتكِ الوعرة
وبقايا رائحة الثلج
تتبع دفء دماءك، سقطت في عشقها ا لجارف
أتجرع أصابعك واحدةً واحدة
أتلقى عينك الحلوة طلقة ً في عنقي
أرشفيني، وأزهري يا جميلتي في الربيع القادم
ترصدي هفهفة الصبايا الكرديات
رشرشي على مرورهن بك شيئاً من أنفاسي
احترق عشاقهن في عامودا 1960
امنحيهن حلماً آخر
ضمّي أغصانكِ على العاشقين، يتوحدان فيك
يبتسمان لزوج حجل.

3

حافلة ً بك ، أغازل عشيقاتي تتوزعن
على أزقة البرد في أوروبا
أدفء لياليهن بمحارق تاريخك، وحزنك
المتغضن على ذراعي حتى آخر السُكْر،
طويلاً سأدور بكِ قبل أن أصد قَ
طهارة فخذيكِ من بدعة ا لعهر، واستلقائكِ
على أبواب السلاطين.
أيتها المسبية من قلبي، الموزعة ُ
على راياتٍ لا تخفق
ليس على نهديك إلا صكوك سبيك
خيول تأديبٍ تمر من تحت ساقيك، تتقاسم قطرك وتتركني
في عطشي
أنا المنتظرة تدللك اللجوج
المكترثة لسماع أنينك يزدان في فمي
أيتها ا لعشيقة المتدلية أبداً من صوتي المكابر
تبزغين من شهقتي كاملة
البهاء
لو أقدر أن أكون خيالك
المتصاعد من حوافي دجلة.

4

غريبة ٌ أنتِ
وأنا لك غريبة ٌ
وهذي الأرض لا تعرف رائحتي
مليئة ً بالأسطورة
غائبة ً عن الخرائط
نبيلة ً حتى البكاء
دون وصايا أخوض زمني
أنا الوردة تجف في كتب الرحالة
أهب عشاقي كمشة ً من الخرز
لتزهر أنقاضي.

5

يا فارسة ا لجهات المغلقة
ترجلي
من تمنعك المكابر
انتهكي طقوس وحدتي في
استفحالها المتواتر
رويداً، استليني من خَدَر الغياب
هات ِ يدك على خصري المشيق، النائي
في خيال الرحيق
الثمي أنساغي المقدسة
نوروزُ عشاقي
وسَمّي على صد ورهم، تخفت في إضمامة التراب
على أنفاسهم الفتية
أكفكف عنهم دمعي ، وأنين عظامهم يناديني في
آخر مرور الكاميرات بها
عشاقي
عشاقك.
المنتظرون في الفراغ الممتد
يخذل الصمت عيونهم
والصليل يوسع لهم
في التراب أكثر
مردومة ٌ الخطوات بيني وبينك
فماذا نفعل بكل هذا الغياب؟
وصدرونا تصطلي للوصال
وحدها أمي في مواويل قديمة، تروي
أسطورة عشقنا الكامل

6

يا بهية
أديري الكأس ملياً
إلتفي عليّ ورداً وشعراً
اعصريني إ ليكِ، حتى أتقيأ
رطوبة أقبية ا لشام، وأستعيد صوتي المسحول من
لغته المستحيلة قداسةً
هبيني من لدنك وسناً
لأصعّد عتبات الجزيرة لـ" حمو" في ارتباك الفجر
المشتعل بأجسادٍ لم تسعَ إلى وشمك
المطبوع على ألسنتهم
كالمسيح حملوا صلبانهم
وساقهم سحرك الفاتن إلى
أطيافٍ تروم بجروحك المستديمة
عامودا 1960
الحسكة 1993
وللحريقين يصعد " الديركي" ا لعشريني صليبه
المدبر.
قربان غوايتك، المتجدد
كل صباح
في بخار الأرغفة الساخنة تحملها
الأمهات
تفتقدن يديه ا ليتيمتين تلقفا ن
منها في مشاكسة
توارب الجوع والانكسار.

7

انبثقي من ضمور جوانحي
تهادي إلى ولهي
لأجمع من كل حريق ٍ شيئاً من صهيلك
استدرجيني إليك
أنا الموشكة على نداوتك حتى إزهارات
النرجس في رئتيك
وتفتح الأجنحة في جوا نحك المصطفقة بلهفة ٍ
حرّى، أنا الأجد ر بها.

8

لائقة ً بك هذا الصباح
منتشية ً بصباحي ا لخالي
أرشف قهوتي
أتلمس بهدوء ٍ سَرَيانك الجميل في د مي
أيقظ همسك الرجف ملا محي
لما دردشات الأمس عالقة ٌ بأصابعي
يفيض الصباح بنا بهجة
نوسع المساء، قُبل
فلا أجد من تدللك بداً
أسد ليه على كتفي جذلة ً
استدرجيني إليك
صوغي من جسدي المتمنع رغبة
تنحو إليك
اغويني بتفاحة
تدخلني الجنة.

9

متمهلة ً في مكر يدي
أجس النبض تحت الجفن
أدغدغ الحلم كيما يتأجج
متوجسة ً من نأيك الممكن عني، أداري
رغبة ً خفية
تكاد تردني عن مزيد ٍ من
التوغل في مساما تك المعطرة
المتأهبة للتعرق في دوراني حول خالاتك
أميرتي الغافية في المدائح وطقوس
المآذن الخضراء
ذريني للريح تمايل قامات ا لسنابل
تميد بأسراب الإوز
تداني طقوس ربوبيتك
وتبتل نيسان في ملا مستك.

10

كثيرةٌ أنت
وأنا لك كثيرةٌ
أنا، تطريزة شراويل ٍ غابرة.
البغال , ساقها جدي جنوباً
أنا، أبي أضمرته جدتي
غافلت به صلف ا لحدود
مكحلتها ا لطاووس
ريشه الملكي
نحت ا لشمس على معابد الزرادشتيين
خيام " ا لكوجر"
قطعان الغزلان تجوب
الصيف من ديرك حتى سنجا ر
نقرات الحنين
وجه أمي الصعب ورائحتها الخبيرة
نغمات ناي ٍ مجهد
ذاكرة المطر المتأخر
أصد قاءٌ بعيد ون
ابتسامة الغرباء يلقون السلام
الرسائل لم تصل عناوينها الغريبة
ذكرياتٌ صعبة ٌ لا تبذل المسافة إ ليّ
مهملة ٌ, كجريدة ٍ قديمة
ما من حفاوة ٍ تعد لي
لا نظرات ٍ تسترق إليَّ
ولا لوقع خطواتي صدى.

11

هاتِ يا أميرتي
علميني أن أرفع ذراعي عالياً في الهواء
كفراشة ٍ تضم جناحيها في نشوة الرشف
قبل أن يسرقوا نرجسي
ويصبغوا عبقي بلغة الغرباء
دوني.

12

تلمسي ظهري العاري
غوري في الجرح عميقاً
لنسوم أطياف الموتى ونصوغ
أحلامنا الحجلية المبهمة الحدود
نهرق في امتحان دجلة، جدائل ا لعذارى
وأول الزغب على شفاه الوعول
تتقافز إلى عرسك المؤجل
يا د جلة
أيها الفائر بالأجساد الطافية
تغريها بجريانك الممعن جنوباً
وتردها عن شهوة
الشمال المستحيل
هامدة ً
مترعة ً بأحلام ٍ لا تغادر ضفاف الطفولة
محي الدين
أحمد
زنار
زوزان
نفضتهم يا دجلة
ليرشق دمهم وجه قرىً تلعثمت
في توجسها
فتخمر عفاف قاماتهم الفتية حتى
شمس الظهيرة
وما مددتَ يداً إلى يفاعتهم
ولا هم د نو من تململك في ا لنعاس أميرتي
مضرجة ً بالوله، أصوغك نأمة ً نأمة
وأقبل رفرفة نهديك الفاختين على وجهي
هات ، أ تلمسك في تمنعك
المجنون
وأتصوف لنقصانك
مني.

13

يا " ماه شرف خان "
أيتها الأردلانية الأميرة ،
هلميّ إليّ
أعينيني على كل هذا
الشوق
ودوني تشقق صوت "آسيا"
واستعصاء فتنتها على الجدران العالية
تذوقي بعضاً من ظلالها الندية
واستشفي أنحاءها الفيحاء
كلما أتاحت لك من بسالتها
متسعاً شقياً.

14

أعصر لك كل أصفر البابونج
لينضح جلدي بك
أدخل شفتيك.
بفمي
لشفتيك الرقيقتين
نولم للنحل
يتوثب كل ما فينا
أسقيك بريا حين أصابعي
لأتجشم أنوثتكِ
لأرغبك حتى الحمى
ممتشقة ً نبضي اللاهث
تغريني نضارتك
أتذوقك منتشية ً بأقراص الزبيب
مزهوة ً بك في شغف التماس
أدخل طراوتك
كما يد خل الحبيبُ الحبيبَ تياهاً
تبثينني فيوض إشراقاتك
في انسلال الغلالات.

15

مهتوكٌ ستركِ يا حبيبتي
خِدرُك ِ منزاحة ٌ
ستائره
والثكنة الفرنسية القديمة
دَهِشة ٌ من ازرقاقك وأنت
تتلوين بين يدي
مهجورة ً كانت من أطيافها
من حذاقة الصناع الأرمن
فرنسيون
إنكليز
ألما ن
بجزماتهم الطويلة
غذوا الخطا إليك
وعدوا عينيّ بك مزناً
خانونني على رؤوس الأشهاد يا حبيبتي
أيتها الغريبة
في فردوسكِ المقيم.
وتجيدين اختراقي بكل
هذه البراعة.

16

مستمتعة ً بتوددي اللحوح إلى عليائكِ العصي
يا امرأة ً من نور
تتخللينني أنى شئت
وتتركينني في التفاتة جيدك
ليورقَ ا لحزن داخلي خفيفاً
رقيقاً كالبنفسج
حتى انبلاج الفجيعة من
تملصك المعاند
لتدمى قروحي حتى التقيح.

17

أسترجع إ زباد أبي
وأُشهد جذع التوت المستقيم
أحاذر حركة الهواء في خطوات أبي
وأشهد عين البقرة المفقوءة
خطواتٌ أ رجعها للوراء من نظرا ته
وأشهد بيطرة البلدة وقرن الماعز المكسور
ألوذ بتفتح الشمس بين ذروتيْ
جبلين أجهل اسمهما
أودع نعاسي في ا لبطيخ الطازج
ترشح برودة ليله إلى أصابعي الصغيرة
أسد ل شعري على عينيّ
أتلافى صوته
أجدُّ السعي إلى جوارب ٍ قديمة،
تذود عن عروق يدي التفصد في باقات
الحمّص الأخضر.
متوجساً كان أبي
من رسائلك ا لصفراء في يديّ
وكل الأسى الذي يقطر على متاهتي
فأمعن في الابتعاد
ويدخل الموت هزا لي.

18

فاتنا موسم الحصاد هذا العام
التفاتة الصبايا ا لحلوة
ووشوشاتٌ مغرضة
عن تلا مس ٍ ما
بيننا
عندما في الظهيرة
سيبدأ الأصدقاء الغناء
غموض النبع أسفل ا لتين
حال دون ان أمد إليك عنقي
وآثرتُ أن أطويَ حلمي ليوم غد
حتى يكون الإنحناء تحت شمس ٍ قائظة
أكثر تحيزاً.

19

لا زلت ُ صاحية ً تما ماً
وأنا أتلو عليك مدائحي
لكن أياً منها لم يكن كافياً
لتمنحيني أ كثر من التفاتة
وآثارك على جسدي كاد
يمحوها ا لهواء

20

بأناقة أميرة ....أتوسد وجعي هذا المساء
منحازة ً لك تماماً
دون أن تكوني قبض يدي
متحررةً من أروقة القداسة
أبحث عن تدوين ٍ لحريتي.

21

لن أكونَ أكثر مما أنتِ
لن أكون أقل مما أنت
سأبدل أغطية سريري
وأستقبل عشاقي
بكل قد رتي على المداورة
واضرام الشموع على
نوافذي المغلقة
سأنتظر أن تطرقي بابي
وتدعينني إلى
مطارحتك الغرام.

22

لو أنك قادرة ٌ على شيء ٍ من الفرح
سأسعى بك إلى كامل الإزهار
لا زال فيّ من ريق العذوبة ما يكفي
لأكون هادئة ً على صدرك
ضعي مهاميزك جانباً
فإن بيّ من العشق ما يكفي
لأتبع تموجات شعرك بلا انتظام

23

انفضّ مجلس ا لخلا ن
وها نحن ثانيةً وحدنا
يدكِ على يدي
رائحة الرماد تضوع من منخري
ملا ك ٌ ما ينسحب من عينيك
والوقت ينفض
لهاثي عن مراياه
بخفوت ٍ أمسد نبضك
لتنهضي من أناقتي كل مرة ٍ أكثر
نحولاً.

24

ملعونة ً كشيطان
معشوقة ً كشيطان
أستظهر لك دواخلي
أغافل عشاقي في نشوتهم
أنسل إليك تتسلقين ضلوعي
وأعرض لك
للريح
زينتي
متنسكة ً لك
أكحل عينيّ
أُحني شعري
وأمتحن بالريش ملاستي
أفرد لك كل ما في طفولتي من
فرح ٍ مؤجل
مستعدة ً للإنبهار بك
يشد النهر من إ زري
ومشاكسات الماعز الجبلي.
تنوء المقاعد المهجورة
بصوتي
لا يفتئ يمتحن نبرا ته في استدعائك
ولأنك أبداً لن تكوني هنا
أدخل حلقة الدراويش
أ د ور لك
أ د ور بك
أ د ور فيك
حتى نسقط كلانا
قريبتين
متداخلتين
حتى التنافر.

25

لم تعلمني أمي أن أتقصدك من
أ ول الرمق
ولا علمتني معاشرة الإوز غير محا ولا ت ٍ
فاشلة ٍ في الطيران.
لم أتعلم الاهتزاز الأنيق لرأسك في
الرفض المحا ذ ر
ولا غمزة عينك في الرفض
المشاكس
لا اختزنتُ تعابير
وجهك في الغضب المفاجئ
ولا جانبت ِ
أظافري الطويلة تخط ظهرك
ولا حاذرت ِ حافة السرير
حيث أهرقك برغبة ٍ جارفة
ولا أرى من عينيك سوى
نصف إغماضة
عميقاً نتلمس مكامنك
وجواربك السوداء الرقيقة
في مكان ٍ ما من الغرفة
تراقبنا
نجتاز التفاح
وثمرة تين ٍ
ناضجة.

26

لم أ درك سر صعوبة
الهواء خارج رئتيك
هذا الانزلاق المرن للأسماك بين يديك
حين غاصت شفتايَ الرقيقتان في
صدرك البض
عند النافذة
حين كنت تحصين المحطات ا لتي لم تقولي لها
وداعاً.
كان هواء الغرفة يستعد
لخفق أجنحتي

27

شاحذة ً كل فراستي
أحاول إدراك انسكابك المستمر فيَّ
لكننا لن نجعلَ الأمر أصعب
هاتِ يدكِ
ند خل الليل سوياً
سأتوقف عن ا لبطولة والتفاصح
وأنتخب لك من نبرات صوتي ما يزيدك صهيلاً
سنقفل الباب
نسد ل الستائر
نترك السرير في ترفه
وعلى الأرض
نبدأ أول العناق
نخلع للضوء لوننا ا لباهت
نساعد الأشياء كلها أ ن
تبتسم لنا
في الصمت ا لباذخ يا حبيبتي
سترن القبلة
تسيل على الجدران
تهمي على
باقة القرنفل
وأول الترياق سيملأ
بالكاد كفي.

****

(*)بدعم من اتحاد الأدباء الكورد في دهوك صدر الديوان الأول للشاعرة خلات أحمد عن دار -هاوار-في إقليم كوردستان العراق تحت عنوان (أوشحة الفجر - الترياق) وقد صمم الغلاف الفنان عصام حجي طاهر والديوان يقع في 84 صفحة من القطع المتوسط .
خلات أحمد شاعرة كوردية من مدينة -ديرك- في سوريا وقد نشرت نتاجها في العديد من الجرائد والمجلات العربية والكوردية وكذلك في المواقع الأنترنيتية كما وترجمت للعديد من المؤرخين والباحثين والأدباء الكورد .
ترجمت العديد من قصائد الديوان قد إلى الكوردية من قبل أدباء كورد مخضرمين مثل أحمد الحسيني وجان دوست وعزيز غمجفين.

أقرأ أيضاً: