إيمان مرسال
(مصر)

ذكري نوم

إيمان مرسالالجدة شبه النائمة تغني في الغرفة العمياء
يصطدم خفاشٌ بالشباك ولا يتلوث أحدٌ بدماء الواقع
ربما لأن الشبابيك مجرد فكرة
تغني الجدة،
فيخرج سندباد من مدينة أخري
وتعود سندريلا علي أطراف أصابعها إلي البيت
وينادي ديك كسول علي قوس قزح
أشباحٌ تتكوم في الركن
فتتنزل أجنحة النوم علي مراتب القطن
وننام.

سلم إلي القمر

أفهم أن تبتلع الخلفية الخضراء الأرض والجدران
أن يُثبت السلم علي فراغٍ أخضر
حيث تبدو أي شجاعة في الصعود
قبول بأن لا شيء يحمي من التهشم
لكن ماذا يعمل قمر جورجيا أوكييف في لوحتها؟
قمرٌ بلا معني
إنه حتى لا يصلح نافذة علي حديقة المصحة.

أشباح

صديقتي التي تركتني آخذ ترام مصر الجديدة القديم، بقميص مبقع بالدم، لم تكن قاسية.
لقد أرادت أن تجعلني قوية، فحاولت ألا أخيب ظنها، وواجهت عيون الذاهبين إلي وظائفهم
بالجلوس علي كتف السائق، أغني، بقميصِ مبقع بالدم، ولا حرج؛
حيث لا يجرؤ علي الغناء في القاهرة إلا المجانين. نزلت في محطة لا أعرفها
واشتريت فستاناً مكشوف الظهر، وكتبت في بار سبعة رسائل غرامية
لشخص أكرهه ثم خلعت حذائي مقلدة بطلات أفلام الأبيض والأسود الهاربات من الماضي
وأتذكرني الآن بكارت للتليفون الدولي بين أسناني؛ أطلب الرقم الخطأ بآخر قروش معي وأبكي
ولكني لا أذكر من هو الآخر الذي لم أطلب رقمه صحيحاً
وهذا هو ما يحزنني بعد كل هذه السنوات.

قطة

لابد أن العينين اللتين تحدقان بي في العتمة هما لقطة ، قرينتي وتوأمي في العالم الآخر.
تنشق الأرض وتلفظها لتتنفس قربي كلما جاء موعد تغيير أحد ملائكة الرحمة بأحد ملائكة الرحمة.
لأكثر من مرة اخترعت قطة أدبية؛ مرة كانت "قطة في المطار تخربش رائحة الراحلين،
لينفصلوا عن خطاهم ويتصلوا بالحقائب والأحزمة"، ومرة كانت " قطة لها أصابع امرأة محبطة، تحاول بهستيريا قلب سلة المهملات المليئة ببقايا نهارنا معاً، سلة المهملات التي أتركها في أعلي السلم؛ لأثبت للجيران أن لدي عائلة آمنة". قطة هذه المصحة حقيقة لأنها لا تعرف بالضبط ما الذي يحدث؛ لا تفهم لماذا تحاول دولة حديثة أن تنقذ كائناً كان في الأصل قد فشل في أن يكون مواطناً في دولة غير حديثة من المنايا التي تمشي خلفه ، قطة هي توأمي الباطن، تتفرج.

د. ليفي

يقول لي إنه لا ينسي المرضي الذين يتعذبون بلغات مختلفة.
أقول له إن علاجه لا يحترم وجوداً منشطراً في اثنين،
وأنه لم يجرب جحيم أن يتفرج علي نفسه من كوة في جدار ذاته.
لو كان د. ليفي مصرياً لأصبح نجماً في السينما
لو كنت ما زلت مصرية لوقعت في غرامه.
لكنه هاجر من روسيا لأسبابٍ اقتصادية ومن اسرائيل
لأسبابٍ أخلاقيةٍ ومن جنوب أفريقيا لأسبابٍ عاطفيةٍ
ويبدو أنه يتعذب بلغاتٍ مختلفة.

من مجموعة شعرية جديدة تصدر قريبا
عن دار شرقيات في القاهرة

القدس العربي
21 ديسمبر 2005

أقرأ أيضاً: