حسين بن حمزة
(سوريا/لبنان)


كمال سبتيتبدأ قصيدة الشاعر العراقي كمال سبتي بمفتاح لأبواب كثيرة ستنفتح للقارئ لاحقاً. قد تكون البداية كلمة أو جملة ولكنها، في كل الأحوال، استهلال أو توطئة لعالم شعري واسع يتحرك في مناخات متعددة ويتدرج بين طبقات أسلوبية وأدائية ولغوية عديدة، سواء كان هذا التدرج إيقاعاً خارجياً أو تبدلات داخلية وعميقة للمعنى وهو يتصدر الجهد الذي يبذله الشاعر.

المعنى، على أي حال، هو أحد استراتيجيات الكتابة وأهدافها حتى حين يكون هذا الهدف متوارياً أو مدفوناً أو محجوباً بنبرة تجمع بين صوت الشاعر الشخصي وصوت التجربة. هذه النبرة التي أنضجها كمال سبتي عبر سبع مجموعات شعرية (تكاد كل واحدة منها أن تمثل إعلاناً شعرياً ذاتياً) كان آخرها (بريد عاجل للموتى) التي يعلو فيها، بدون صخب، صوت التجربة وهي تؤرخ لأمكنة وأزمنة وحيوات ما عاد ممكناً استعادتها بروحها القديمة.

رغم ذلك فإن قصيدة كمال سبتي هي قصيدة معنى لا قصيدة موضوع، والأرجح أن هذا الوصف يتعزز بالطابع التعددي لبنيتها القائمة على شبكة هائلة من الصور والاستعارات والإحالات النصية وليس على إنشاء خيطي تفصح بدايته عن نهايته، ويساهم طول القصائد في ذلك أحيانا.

كمال سبتي المقيم في هولندا عاد مؤخراً من زيارته الأولى لبغداد بعد سنوات طويلة من المنفى. هنا حوار معه:

* من أين جاء عنوان مجموعتك الأخيرة (بريد عاجل للموتى) هل هناك قصد ما من اختيار هذا العنوان.

**(بريدُ عاجلٌ للموتى) كتاب جديد لي كتبتُ نصوصه بعد هربي من العراق في الثمانينيات، ونشرتُ أولها بالعنوان ذاته في جريدة الحياة اللندنية بتاريخ السادس من أيلول عام 1993، لكنه لم يكتمل إلاّ قبل شهور. وهو ليس مجموعتي الشعرية الأخيرة. بل هو كتابة سردية عن الماضي تشبه المذكرات، وأخرى تشبه المقالات، ومقدمات أولى لقصائد طويلة نُشِرتْ في مجموعتي الشعرية السادسة (آخرون قبل هذا الوقت)، وقصائد موزونة كتبتْ في عام 2003 بعد انقطاع طويل عن الكتابة الموزونة، يمكن أن تُعَدّ مجموعتي الشعرية الجديدة (السابعة). وقد أضفت للعنوان الأساس عنواناً فرعياً هو (في البذخ الحزين للفعل كان) لاستصحاب القارئ معي إلى ماضي الكتاب. وأما هل كان هناك قصد من اختيار العنوان، فبالطبع: بريد من شاعر هارب من الدكتاتورية في المنفى إلى الموتى الأحياء والموتى المدفونين في البلاد الأم.

* أنت من الشعراء الذين كان ميلهم وطموحهم النثري واضحا منذ البدايات، ولكن يلاحظ أن حضور قصيدة النثر أقل في الشعر العراقي مقارنة ببلدان أخرى كلبنان وسوريا ومصر مؤخراً. هل السبب عائد الى قوة التقاليد في الشعر العراقي؟

**نعم هناك تقاليد قوية في الشعر العراقي، لكنها تقاليد لصالح الكتابة الشعرية لا ضدَّها. التقاليد ضرورية لحماية الكتابة ذاتها، لحماية الفنّ الشعريّ من الضياع. عندما كنّا شباناً يافعين كنّا نريد تهديم الشعر وتراثه كلّه من أجل الحداثة كما كنا نفهما آنذاك، ولو لم تكن هناك تقاليد لما صلب عودنا ولما تعلمنا الطريق الحقّ في الحداثة.
كثيرون في البلاد العربية ومن أجيال مختلفة، بعضها سابق لجيلي حتى، يكتبون الآن القصقوصة النثرية (قصقصَ الشيءَ : كسَره، والاشتقاق مفهوم لكنه قد لا يكون سليماً) المتكونة من ثلاثة أسطر أو أربعة. وكأنهم يحاكون الهايكو اليابانية مع الفرق في القوة المعنوية للأخيرة وفي تراثها الروحيّ وضرورتها التاريخية. إنهم يظنون مع أنفسهم بأنهم يكتبون شعراً جديدا، لكنهم في الحقيقة مقلدون، ومضحون بقوة الشعر ذاتها وبإمكاناتها الفنية العالية في الوقت نفسه. ليس ثمة شاعر في القصقوصة له تفرده عن الآخرين. هناك شاعر واحد للقصقوصات كلها.
ليس ثمة شكل خاص، هناك شكل واحد للقصقوصات كلها وفيها يتساوى الجميع: الشعراء وهواة الكتابة. أنْ يكتب شاعر قصيدة بكلمة أو بثلاثة أسطر في ظل تجربته الشعرية الطويلة، فهو أمرٌ لا عيب فيه لكن أن يتحول الأمر إلى تيار للجميع فهذا أمر يشبه المهزلة التي يتم فيها ضياع الفن الشعريّ كله في وضح النهار. لو كتبوا في العراق القصقوصة العربية ونشروها كل يوم لكانت نكتة تدعو للضحك. الكتابة في الحداثة العراقية أعمق من الاستسهال الكتابيّ عند غيرهم وقد يكون العراقيون قد سبقوا غيرهم في كتابة قصيدة النثر في مطلع القرن العشرين لكنهم يميلون عادة إلى جعل المشروع التجديديّ جاداً في الشعر أكثر منه تنقلاً من موضة إلى أخرى. لذلك فتجاربهم في كتابة قصيدة النثر عندي هي الأعمق عربياً على الرغم مما تأخذه عليهم في سؤالك.

لا يذهب الشاعر العراقي مباشرة الى قصيدة النثر. بل يأتي إليها من تجارب عديدة وطويلة في الكتابة الموزونة. شخصياً كنت أحاول أن أكون خارج الإيقاع الموسيقيّ العام للقصيدة الموزونة في السبعينيات فجربت بحوراً ممزوجة مركبة بلغة العروضيين هي غير تلك البحور الصافية الشائعة فكتبت قصيدة (الوجه النائي) في تدوير مجزوء الخفيف عام 1974 ثمَّ قصيدة (غابة في نهر) في تدوير السريع، ثمّ كتبت قصيدة (الماء) في تدوير العروض العربيّ كلّه. وبينهما كنت أكتب بين الحين والآخر قصائد غير موزونة حتى استقرّ الأمر في الشكل الكتابيّ المعروف عن تجربتي وبخاصة في دواويني الشعرية الأخيرة، الأربعة. يعني لا يأتي الشاعر العراقي، بفعل قوة التقاليد، الى الكتابة النثرية بدون غوص عميق سابق في الكلاسيكيات. وهذا أمر نفتخر به ونعده ميزة لنا. لأنَّ الغوص في الكلاسيكيات سيقوّي من مشروع الحداثة الشعرية لغوياً ومعرفياً وجمالياً، فلا يجعله ركيكاً مهلهلاً لا طعم له ولا رائحة.
وقد أكون قد بينتُ سببَ ما سألتَ عنه.

مشروع لغوي


* يلاحظ أن القصيدة التي تكتبها لا تتخلى عن فصاحة ومتانة وجزالة لغوية واستعارية معينة. بل إن القصيدة مكتوبة، أحياناً، بنواة الفصاحة وعصب المتانة. إلى أي حد ما زال استثمار المتانة اللغوية مجدياً ومغرياً في الشعر العربي الراهن الذي تكثر فيه تجارب الشعر اليومي وركاكة التفاصيل وشعرية المرئيات الواقعية؟

**كلّ شاعر هو ابن كيانه الشعري واللغويّ وأنا ابن الكيان الشعريّ واللغويّ الذي عاش فيه بشار وأبو نواس وابن الروميّ والمتنبي والجواهريّ والسياب وغير هؤلاء كما تعلم، كثير. وهذا إرثٌ ثقيل قد لا يتحمَّله غيرنا. ومن هو ابنٌ لمثل هذا الكيان سيعتني بلغة كتابته حتماً. وقد لا يخلو عراقيّ شاعرٌ حقّاً من عناية في كتابته باللغة، لكن هذه العناية لن تصبح بديلاً عن الفنّ الشعريّ. أنا أعتني باللغة في قصيدتي وهذا حقٌ لي، والاعتناء باللغة عندي هو ألاّ تجعلها ركيكة وغير سليمة البناء شكلاً ومعنى وألاّ تخطئ فيها نحواً وإملاءً وصرفاً وأن تنتبه بدقة إلى المفردة التي تختارها استعمالياً ومعنوياً وإيقاعيا.. إلخ. لكنني أبداً لم أكتب بنواة الفصاحة وعصب المتانة كما تقول. هناك إشكالٌ مّا في ملاحظتك، فتجارب الشعر اليوميّ وركاكة التفاصيل وشعرية المرئيات الواقعية كما تقول أنت لا تعني ألاّ نعتني باللغة التي نكتب فيها. ألا تقول عن شاعر مّا أنك لا تحبه لأنّ لغته ركيكة؟ ركاكة اللغة قادمة من فهم خاطئ لقصيدة النثر أوجده كتّاب لا يجيدون الكتابة بالعربية أصلا، بحجة عدائهم للجزالة اللغوية ومتانتها وغير ذلك. وبالمناسبة أنا كنت أكتب ضد كل ما قلتَ في نشاطي التنظيريّ في ما يسمى بالحداثة العراقية منذ بدايتي. هل تُستثمَر الجزالة والمتانة في الشعر؟ هل ثمة جدوى؟ سأقول لا. لأنَّ الشعر لا يحتاج إلى ديكور أو عمليات تجميل. أنا أحبّ الاعتناء باللغة وهذا أمر آخر، لا يمتّ بصلة إلى عصب المتانة والجزالة. والاعتناء باللغة هو أيضاً غير أن يتحول المشروع الشعريّ كله مشروعاً لغوياً ذهنياً. ولقد فصلت في هذا كثيراً في كتاباتي عن الشعر.

* من تواريخ كتابتك للقصائد يبدو أن الكتابة قد تأخذ منك سنوات حتى ترضى عن النسخة النهائية للنص. لماذا تعمل بهذا الأسلوب، هل تنحت من صخر كما كان يقال عن الفرزدق مقارنة بجرير الذي كان يغرف من بحر؟

**أنا أكتب قصيدة معنى، أي إنني لا أحبّ السقوط في الفخ اللغويّ البارد.
أنا أستهجن النص اللغويّ الذي هو عندي كبٌّ للقاموس على الورق، إنْ كان شاعره بشهرة الصديق أدونيس أو بشهرة أحد مقلديه. الكتابة اللغوية كتابة ذهنية باردة لا تجربة لها، يستطيع كاتبها أن ينجز نصاً طويلاً بساعة لأنَّ الأمر لا يتعبه كثيراً. ركامٌ لغويّ يتكوم جملاً فوق جملٍ ليس إلاّ.

أطمح، وهذا ادعاء، في كتابتي الى أن يكون نصي نصَّ معنى يتماسك مع بنائه، فلا تستطيع أن ترفع منه جملة دون أن يفقد البناء شيئاً واضحاً. ولأجل أن أصل إلى هذا الهدف، أو ما أظنه وصولا، أتعب كثيراً في النص. ونصي كما تعلم هو نصّ حياة شخصية وتاريخ عام وتاريخ شخصيّ وهو نص مفتوح أحياناً في استعانته بإمكانات الفنون الأخرى وفيه شخصيات وأحداث.. إلخ وكلّ هذا يحتاج إلى وقت وقد لا تكتمل كتابة نصّ واحد إلاّ في سبع سنوات ونص قصيدتي (البلاد) مثل، أو في تسع سنوات ونص قصيدتي (آخرون قبل هذا الوقت) مثلٌ آخر، فلا أضجر أو ألعن العالم بل أبقى أتلذذ بالتكوين وإدارة عملية الخلق الشعريّ في قصيدتي. لا أتعجل كتابةَ قصيدة على العكس تماماً من مزاجي في الحياة.
وأنا لا أحبّ الشعر المتكلف الذي ينحت من صخر بل أحبّ الشعر المطبوع بلغة نقادنا القدامى. ولا أظنّ أنّ التأني في إكمال نصّ هو نحت من صخر. بل على العكس، هو احترام للكتابة الشعرية ولقارئها.

السبعينيات

* ما هي في رأيك خصوصية تجارب السبعينيات في الشعر العراقي وهل صحيح أنّ الشعر السبعينيّ تعرّض لمحاولات إهمال وطمس من الجيل الأسبق؟

** أنا لست ممن يتعصب لجيل ضد آخر، بل عندي إنّ أمر الأجيال برمته نكتة بدأت عراقية ولبنانية وتوسعت لتشمل البلاد العربية الأخرى.
لكن لا أحد يستطيع أن يلغي الصدفة التاريخية للوجود الفيزيقيّ ونتاجه الفكريّ والشعريّ في مرحلة مّا. أي إنّ الأمر يشبه القدر.
لذلك سأحاول قدر الإمكان أن أكون موضوعياً فأقول: تمتاز التجربة الشعرية في السبعينيات بميزات عديدة. أولها تكوّن منظور زمنيٍّ كافٍ عند شعرائها لمعرفة الإنجاز الشعريّ الرائد وما لحقه من تجارب في الخمسينيات، وفرز الأصوات الهامة عن الأخرى محدثة الضجيج، والأهم من كلّ هذا هو تعرّف شعراء الفترة السبعينية على ضعف عدد غير قليل من شعراء الجيل السابق لهم (جيل الستينيات) بسبب تكوّن المنظور الزمني الكافي لدراسة التجربة الرائدة وتأملها.
هذا من الجانب المنهجيّ والموضوعيّ في النظر إلى التجربة السبعينية، أمّا من الجانب الشعريّ فهو أمر شخصي حتى إنْ بدا أحياناً جماعياً لأنَّ الشعر مشروعٌ فردي، ولكن يمكنك أن تقول بأنّ الشعر العراقيّ قد تغيّر كثيراّ بنماذج شعرية لشعراء السبعينيات وبخاصة تلك التي كتبوها في فترة الثمانينيات، لم يألفها سابقاً. وقد سعوا في تلك النماذج إلى همّ شعريّ خالص هو غير الهمّ الحزبيّ والسياسيّ الذي كان يشكل المناخ العام لقصائد زملاء لهم خرجوا قبلهم من العراق ببضع سنوات. فأعلوا بذلك حقيقة الفن الشعريّ فوق أية حقيقة في جرأةٍ تُحسَبُ لهم وقد لا يفهمها من لم يعش في عراق الأحزاب المتناحرة في الداخل وفي الخارج. وقد يعود الفضل إليهم في تغيير وجهة دفة الذائقة الشعرية، والنقدية حتى، تلك التي تضع الحزب المنفيّ وفضائله فوق الشعر. وهم الذين أوجدوا معنى (الخروج الشعري) حتى إن كان خارجُهم من البلاد أو هاربُهم منها قد حُكِمَ بالإعدام علنا، فأسقطوا الأخلاق السياسية البائدة التي كان يعتاش عليها في المنفى كتابُ شعارات موزونة وصراخٍ عصابيّ.
ومن الجانب السياسيّ فقد كان شعراء الجيل الأسبق في بغداد يشكلون المؤسسة الحاكمة ثقافياً بعد انقلاب 1968، وعن طريق دوائرهم الثقافية كانوا يتحكمون بالنتاج الثقافي. وقد مارسوا إرهاباً واسعاً ضدّ نتاجنا في تلك الفترة التي سبقت الهرب من البلاد.

* عدت إلى العراق بعد سقوط النظام، كيف تصف اصطدام لحظة المنفى بالوطن بالنسبة لك؟

**كان لا بدَّ أن أعود إلى العراق. أَوَلم أهربْ من الدكتاتورية لأعود منتصراً عليها؟
لكنني لم أرَ شيئاً من انتصاري على الدكتاتورية. رأيت مشروع جمهورية إسلامية، سائباً ولم أر شيئاً من التطورِ الاجتماعيِّ العراقيّ الحديث، الذي بدأ في القرن التاسع عشر وتقوّى في مطلع القرن العشرين قبل تأسيس الدولة العراقية عام 1921. وفي ظني إنّ قوات الاحتلال تتحمل ظاهرة اختفاء المنجز الاجتماعيّ العراقيّ الذي ناضل المثقفون العراقيون في عصرهم الحديث لتحقيقه، فكل تطور اجتماعيّ في مجتمعاتنا الشرقية يُحمى بجيش الدولة وشرطتها وحين تنهار الدولة ويُحَلّ جيشها وشرطتها يختفي التطور الاجتماعي تحت ضغط قوة أخرى معادية له هي قوة الميليشيات الإسلامية المسلحة. كان الشاعر الزهاوي، من بين آخرين، قد كتب في مطلع القرن الماضي شعره ضدَّ الحجاب: (أسفري فالحجابُ يا ابنةَ فهرٍ / هو داءٌ في الاجتماعِ وخيم) وكانوا يضعون شعره هذا في كتب مدارسنا المتوسطة لندرس كفاح مثقفي العراق من أجل التحرر الاجتماعي. الآن لا تستطيع امرأة واحدة في مدينتي الناصرية، حيث كنت، أن تخرج بلا حجاب وإلاّ قُطِّعَتْ إرباً. والناصرية هي مدينة الغناء العراقيّ بدون منازع ومدينة الأدباء والفنانين وقد ولِدَ فيها جميعُ الأحزاب العراقية التحررية منذ ثلاثينيات القرن الماضي. لا صالات سينما ولا حانات. دوريات من الميليشيات الإسلامية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، تجوب الشوارع ليلاً لاقتناص شارب خمرٍ والمضيّ به إلى شيخ معمم ليحكم عليه بالجلد، وقد التقيت شاباً كان قد جُلِدَ حديثاً. وأمّا القانون الوضعيّ الإنسانيّ العام فلا وجود له بالمرة، لا يوجد غير قانون الميليشيات المسلحة التي تحتل المدينة كلها بشوارعها وبزواياها ولا يستطيع أحد أن يتفوّه بكلمة واحدة ضدّ قائدها المعمم وإلاّ قُتِلَ في الحال، وأمّا مثقفو المدينة فلا يتناقشون إلاّ سراً أو بالهمس.

السفير- 2004/05/14