حاورته: مليحة الشهاب
(السعودية)

(أحب أن اسمي قاسم حداد : هبة الطبيعة الثمينة)

أمين صالحأمين صالح من الطاقات الإبداعية النادرة التي تتجلى كظاهرة يصعب تكرارها تاركا بصماته كوردة غائرة على صفحة الإبداع ؛ تتجاوز لحظتها إلى زمن غير قابل للاندثار . هو ذات متعددة الإهتمامات وصنوف الكتابة، ينتقل من فن إلى آخر بسهولة وبنفس درجة الإتقان، لا يستقر على ضفة لون وكأنه مدمن على نشوة الولادات الجديدة .. لذا وصف بالرقم الصعب في معادلة الأدب البحريني . أمين صالح صاحب تجربة خصبة ومتباينة فهو يكتب الشعر والقصة القصيرة والرواية والسيناريو ، وأفلاما سينمائية ، وله دراسات في السينما ، ويجترح الترجمة والمسرح والمقال.. وفي كلها أبدع وتجاوز لكنه ظل قابضا على روح الشعر وهذا مما دفع أسرة الأدباء والكتاب في اليوم العالمي للشعر أن تصنف أمين صالح بوصفه شاعر السراد وسارد الشعراء .

نلتقيه ونتحاور معه لا لنتصفح مراياه بقدر ما نحتفي به

- الكتابة عندي ليست عملية عقلانية، ذات دوافع واضحة ومدروسة، محكومة بمنطق وأسباب ونتائج، قابلة للشرح والتفسير.
هل يعرف المرء لم يحيا؟ أو لم يحلم؟ إنه يحيا فحسب،
يحلم فحسب. التأويل والمعنى يأتي في ما بعد. هل يعرف المرء لم يكتب؟ إنه يكتب فحسب.
هكذا أتنفس هواء الكتابة تاركاً التأويل للآخرين. الكتابة حاجة تقتضي الإشباع، لكنها حاجة مستمرة، تبدو أزلية، لا نهائية.. هي بالأحرى رغبة دائمة لا تعرف الإشباع ولا الاكتفاء، مهما تعددت أشكال وأنواع الكتابة. لذلك لا أعرف كيف أجيب على السؤال، لا إجابات لدي..

- السينما عشقي الأول.. عرفتها وأحببتها قبل أن أعرف وأحب الكتابة، واعتقد أنني من النوع الذي يخلص لمن يحب و لا يخون.
لا أبالغ إذا قلت أنني تعلمت من السينما (عن الحياة، عن العيش، عن المشاعر) أكثر من أي مجال آخر.
اهتمامي بالسينما يتعدى المشاهدة، إلى الكتابة عنها وفيها. كتبت سيناريو فيلم "الحاجز" للمخرج بسام الذوادي، كتبت الدراما التلفزيونية (شقيقة السينما)، وقبل ذلك حاولت أن أدرس الإخراج السينمائي لكني أخفقت.السينما عالم لا أتفرج عليه، لكن أعيشه.. كيف ولماذا؟ كأنك تسألين عاشقا لماذا عشقت هذه المرأة بالذات وليس غيرها، والتي ربما تكون أجمل وأغنى وأذكى.

- من خلال مشاهدتي للأفلام القصيرة، في عدد من دول الخليج، أشعر أننا في السنوات المقبلة سوف نشهد انبثاق وبروز حركة سينمائية نشطة وفاعلة ومهمة.. هناك أسماء بارزة وناشطة، تعمل الآن بجدية وبحساسية أتوقع لها أن تتنامى وتتطور.. إن وجود مسابقات ومهرجانات سينمائية، كما في أبو ظبي ودبي ومسقط ومناطق أخرى، ساهمت إلى حد كبير في دعم المحاولات السينمائية وتشجيعها.

- بيننا اتصال حياتي يعمّق الجانب الإبداعي، واتصال إبداعي يعمّق الجانب الحياتي. بيننا لغة مشتركة، حلم مشترك، ورؤى نتقاذفها في جذل.الحديث عن قاسم هو حديث عن حضور مشع، يدفئ القلب ويضئ الروح. أحب أن أسميه: هبة الطبيعة الثمينة.شفيفا يأتينا، في جيب سترته ما لا يحصى من بشاشة، وفي الجيب الآخر صور شعرية ينثرها كالبذور، لا ليقتفي الآخرون خطاه، لكن ليدل الجهات إلينا. ودوما يرش الطريق بنثار الحب.

- "الجواشن"، بالنسبة لي ولقاسم، كانت تجربة استثنائية في مسارنا الأدبي. وبعيدا عن التفاصيل التي قد لا تثير اهتمام القارئ، يمكن الإشارة إلى أننا مع الجواشن شعرنا، ربما على نحو أكثر كثافة وعمقا، بضرورة القيام بمغامرة فنية لا تعرف إلى أين تأخذك أو تقودك، تماما مثل الحالم الذي يعهد بكيانه إلى الحلم، فتمضى مستسلما إلى حيث تأخذك اللغة والمخيلة والذاكرة.. أو مثل المسافر الذي يبيح ذاته لمصادفات ومجازفات السفر.
كنا أيضا، مع الجواشن، نختبر لذة الحرية.. حرية أن تلهو بالزمن، بالأمكنة، بالسرد، باللغة، بالمعنى، بالقارئ.. ليس اللهو الصبياني، الفوضوي، العابث، بل هو اللهو بصلصال العناصر من أجل أن تخلق شيئا لا تعرف شكله وملامحه إلا بعد اكتماله.

- الآن، في الساحة العربية، لا يوجد إلا قلة من النقاد الذي يهتمون، بدرجات متفاوتة، بتحليل ونقد النصوص.
بالطبع هناك محاولات جادة، تتسم بالعمق والجدية. وهناك من يحاول أن يكسب رزقه بكتابة انطباعات عجولة، لا قيمة لها، عن كتاب أو نص.
النقد ضروري، لكننا تعودنا على غيابه.

مجلة المبتعث
الأربعاء, 26 أكتوبر 2011