ظبية خميس
(الامارات)

إهــــداء

ظبية خميسإلى الصديق الشاعر محمد الحسيني في يوم رحيله من دار الفناء إلى دار البقاء. مضت الأعوام بيننا كأنها لحظات. كان حضورك شفيفاً وصلباً في الوقت نفسه ، وتركت لنا أشعارك ، دفئك ، وذكريات صداقتك النادرة .. وإلى أن نلتقي أيها العزيز.

ظبية
16/12/2008
مساء يوم الثلاثاء
القاهرة - مصر

مفتتح

"ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم ".
(من سورة الأنعام : الآية 94)
وأنظر إلى من حوى الدنيا بأجمعها
هل راح منها بغير الزاد والكفن.
" اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون ".
(من سورة يس : الآية 65)
" الله خالق كل شيء ، وهو على كل شيء وكيل ".
(من سورة الزمر : الآية 62)
" هي الأرض ، ذلك الكائن الذي يحمل الأحياء فوقه ، حتى إذا دنت ساعتهم فارقوه ".
(ص 78 – كتاب أم القرى لفؤاد علي رضا)
" الحياة ركام من الإنطباعات ، والإحساسات ، والأحلام ".
(من كتاب حصان نيتشه لعبد الفتاح كليطو)
“ Creativity is the greatest rebellion in existence”. osho
وما أنا ، يا أنا ، إلا أنا
" وما المال والأهلون إلا ودائع
ولابد يوماً أن ترد الودائع "
لبيد.

" وإني لمعط ما وجدت ، وقائل
لموقد ناري ليلة الريح أوقد "
حسان بن ثابت.
" وكيف يصول في الأيام ليث
إذا وهت المخالب والنيوب ؟ "
المعري.

" من رامني لم يجدني
إن المنازل غربة "
المعري.

(1)

يال أناشيد أخناتون
كم يلزمنا من الصلاة على الأرض
من أجل الأرض.

كم يلزمنا من القرابين
ومن الغناء
ومن الموت الطهور.

فراغات الغيب
تتلو رجومها لمن أضاءت عيناه بالصلاة.

نوافير بهجة ، ودعاء

أقمار وأسحار
وشواهد
وتوابيت.

(2)

في غرفة الأعمى يسكن النظر
وعلى صهوة الجواد الفتى الحي قد ولى.

كرامات الأدعياء والأنبياء
مغارف الغيب
في جب الشاهد.

أو لسنا من طين وماء
تغدق علينا السيول ببشريتها
وترتص الشواهد فوق التراب.

أفعال التفضيل فوق مهرة التفصيل.
كواكب ودر
وجماجم ورمل.

فليذهب الفتى إلى فتواه
ولتكن الزعانف طريقنا إلى لجة البحر.

كل إلى مبتغاه
وغايتنا مدركة ومتروكة
في حناجر الصهيل.

مغارب الشمس
تنداح كالجبال

وخلاخيل المطر تضرب سهولها
والنسور قد ولت على القمم
المضيئة بالثلج والنور.

سمعاً وطاعة يا أبتي
الذي في الأرض والسماء.

(3)

صفر اليدين تتجلى
وفي أسفارك عشرة الوجع.

تبارك الذي في السماء
ولا تسل قيصر إن وهب.

جمار الليالي مهرها
وفتات العيش لمن شقى.

نرث الإرث مضاعفاً
للمن والهباء.

تصاوير بحر ماءوها
أنشودة القس
في فيه من رأى.

ثمر الكلام قلبه
قلبه إن شئت أو عصى.

سوق الأدب إلى ما مضى
تفانين طفل إذا حبى.

كسرة خبز كفاف يومنا

مر هذا الجندل أن يطوف بركبه
رغم الإباء يتحدر
قوس ونشاب ومفتونة بالرجز تفتح بابها
سعى العناء في الحب ووصله
ككاشح عن نابه
              من الأصل.

نوب وتوب وقد فنى
من قبل الطريق في النوى.

كان المتيم كاذباً
كوجه الربيع في الأنا

ردف الرديف يسوقه
طوق الأماني إلى النوى.

كابر ، وغامر باللتي إن
رشفتها ذقت المنية أو
وصلت الأنجم

من سره البديع إذا هجى
ماج المحيا منه
بالسهام والقذى.

جن الجنون إذا نوى
سهل الطريق أمامه
وإنتهى.

من كل خاوية وخلوها
جابت سهول الفيض
رجومها.

عف العفيف عن تلطف قوله
إذا ما الخبايا أشهرت في وجهه
جني المحصل في التقى.

خف الطريق فإتعظ
ما كل نول للطريق تزود.

رمي الجمار من فوق كعبة
طال الذي لم يتبدد

صفر اليدين قد أقبل الفتى
وقد كان قبل القناص مثقلاً

إن كنت تسألني العطايا
فأدثر بثوب النحالة والشقاء
ما كنت معطيك الجزايا خانعاً
فلليث أعدد حسامك
وللبرى.

مكث المكيث ما مكث القطا
فإذا تشنشن
من سنانه السهم
طار الذي بين يديه الملك
قد سما

سعد السعيد بيمنه
أما الشقى فللرماح قد كبى.

القاهرة.
19 أغسطس 2007

(4)

الخلق وشأنه
تراكيب وحروف

كن ويكون.
ما لذ منه ، ولم يطب
ما طاب منه وإتعظ.

مشي العروق إلى العروق
ونزهة المشتاق إلى نور الوجود.

طلاسم بادية
والمرء أمامها خاشع
أو غافل لم ينتبه.

8/10/2007

(5)

خارج الحواس
رقائق الأبدان الإليكترونية

مضاف ، ومضاف إليه
في نزعة الروح الوحشية

قلادات التأمل
وكبو النظر إلى أسطورته.

مشي الخزامى
مشهد الريح وآثارها
إقتناص الأثر لخطو المعلم في دروب الهوى.

إقتفاء الأثر
يبدأ بالنظر
ثم طمس الرمال لما لن يكن
وأفول النهار
على محدق في النجوم
ينتظر.

لملمني ولا تلمني
هوادجي تشتت
الصحراء ... أبعد من جس النظر.

سفينة الخيال
متاهتي.

أنا زورق يكتب
في مداد البحر.

ثوبي أبيض .. أبيض
أنصع من نور الشمس
ومن بياض الموت.

رفيعة حواجزي
أدلف منها متى ما شئت
ليس اليوم ، إلا أمس آخر.

قماط الوليد
أيادي الآخرين تحكم
حدوده في دنياه.

21/10/2007

(6)

هل النور هالالاويا
من أعلاه إلى أسفله
العالم يتمنطق بالنور
والجبال كأنها أهلة الكون

سر التاج الساطع على بحيرة النور
قد ذاع بين الأسماع

جاءووا يغتسلون بالنور والضياء
لا خطايا ولا ذنوب
لا بؤوس ولا كروب

اليوم نهار العالم الأحلى.

2/1/2008

(7)

ومن اليوم فتات
ومن القلب تقتات

بك الضوء يجيء
ومنك ، وإليك

سرور النفوس إرتضيت
إليك ومنك الحياة والممات.

(8)

لاعبتني في حجرها
حية ذات أجراس

فلما رضعت سمها
صار ترياقاً منها ، بها.

(9)

خرق الصوفي
تشتهي سندس الآخرة.

من سار على الطريق لم يصل
وكيف وهو الطريق إلى الطريق.

مس الخطايا
سجادة للذنوب

وفي الثياب تحل مغفرة الذي بها
لبس التوبة
فجاءته كما يرسل الله
النفوس في بدنة الأبدان.

(10)

حل ، وحال ، وترحال
فيما المقام لابث حيث كان
للأبد.

لا تنضو عن المرء حزنه
فالملائكة تزوره بين دمعة ، وآهة
وإصطبار.

من وجوه الأطفال ترقص وجوه أرواح من رحلوا.
وبين أياديهم
تجلس الدنيا والآخرة.

(11)

صفو الحبيب في عزلته
وصفو المحب في لوعته.

أكبر من كل زمان هو الآن.

لا تصحو ففي الصحو الهذيان.

رفقاً بأولي الحال
فهم هناك ... هناك
فلا تطالبهم بأن يكونوا ... هنا.

6/1/2008

(12)

يا عصافيرك المهاجرة .... يا أندلس
رغم القرون
فإنها لا تزال مهاجرة

حطت هنا ... ثم أعشاشها غادرت
قصوراً صارت
وجوامع وطرقات.

اليوم هي متحف .. مفتوح
حجر وماء وشجر
وعصافير

غير أنها ... عصافير الأندلس
أينها ؟!

7/3/2008
فاس - المغرب

(13)

هذه المياه آسنة فلا تلمها
إن لم تنبت من جديد
طهارة الأشياء.

لا زهر فيها .. ولا حياة
فقط الموت معفناً ، مؤجلاً ،
يطل عليك كعفن ناقص للحياة.

تخترع لها الليل فلا يطل القمر
وتخترع لها النهار فتطمرك في خوائها.

مثل خيط يجرك للنسيان والهذيان
وفقر دم مزمن لمعنى الحياة.

16/4/2008
القاهرة

(14)

ليس الأمر كما تظن
الأحياء ينسون ..
وهل الموتى كذلك ينسون الأحياء.

شعلة أو ثقب نور
هوة أم كوة

والكلام كيف يدور الكلام
من التذكر إلى النسيان

من دقة الآن إلى وهم الأمس
من ، كيف ، ولماذا.

لا شيء يفوق هزلية الحياة الكبرى :
تبادل النسيان.

3/6/2008

(15)

لقد نزل علي هذا الحزن

بكامل أغصانه هذا اليوم

13/8/2008
القاهرة

هامش : مات محمود درويش الشاعر يوم 9/8/2008 وتم دفنه في فلسطين يوم 13/8/2008.

(16)

ما أحضرك !
وجدان ينادي وجدان
وضفائر منسية يلفها الحنان.

ما مات من مات
كل له قلب ينبت فيه من جديد
كترانيم في بداية التكوين
ونتذكر لننسى
غير أننا ننسى لنتذكر من جديد !
كم مضى من الزمن ؟!
وما الزمن غير طرقات نهجرها ونعود إليها
من جديد.
وهل الحب لا يموت ؟
لا يموت أبداً فبالحب
كن فيكون
وبالحب وغيابه تزول وتمحى الأشياء !

وكيف نعرفه ؟
لا نعرفه بل نحياه من بطون أمهاتنا
وإلى بطون ذلك الذي ندعوه الموت
ميم لا ثالث لها.

ممات ... مم أنت آت.

في خندق المسرات يختبيء
نبحث عنه ... ونطيل
غير أنه يفاجئنا في بريق العينين
وضحكة الشفتين
والتهدج بإسمه في كل حين.

18/8/2008
القاهرة

(17)

المسافة ما بين الخلود والعدم
نسمة هواء .. هي هنا .. ثم لا تعود.

أفكك هذا الثقل المريض. ربما لأكتبه. محمول نعش
الأحياء الرحل على كفة وجود لا يرحل ولا يقيم.

أفئدة كالصهد .. وصلصال فضة وطين.
أن نكتب العدم هو أن تحيا من جديد.

تعويذة تترجم همهمات لا تتدركها إلا وهي حبر يسيل
على حياة. مضت.

من وجنة الطفل تقطف القبلة. هذا الصوت المطمئن كزهرة ربيع أو نسيم خريف أو ثلج شتاء أو فاكهة صيف.

تحلحل الأمور كي تتمكن من المشي ، من النوم ، من أن في هذه الحياة – الموت تسير.

لا أفقه قولك غير أنني مصغية لك منذ زمن بعيد.

يا للشعراء المذهولين هؤلاء يخلطون الشعر بكل شيء ويمضون ليغيروا ألوان العالم وخرائطه وشراسته وحروبه ونذوره وطقوسه خالقين أساطيرهم التي تسري بين الناس فتضحي تاريخاً وعقيدةً وأمثولةً يختلط فيها المنحول بالناحل.

جنازاتهم لا تشبه جنازات الآخرين. فالعويل فيها للأحياء لا للأموات.

للفكرة وللحلم لا للإرث المفقود.

منذ سنين وأنا أنظر وأنتظر. قدماي مثقلتان برحى الفكرة وعالمها وشخوص الأكوان السائرين والقادمين يدوسون عليها .. دون أن يدركوا أنها هناك بإنتظار أن تقفز عالياً نحو أحلام اليقظة التي لم تعد تصدقها منذ زمن بعيد.

هنيهات والقافلة تجيء حاملة فيها:
أوراق زيتون وأكاليل غار وصليب يخفق بقلب ما زال مرسوماً عليه.

حييتك ، وأحييتك ، وأمتك ، ثم ها أن أنثى ما تلدك من جديد.

اللهو والمهزلة – اللهو اللعبة – اللهو الجاد تماماً مثل سيف يقطع رقبة لم تتهيأ له ولم تعرف أنه مسلط عليها منذ بدأت ترفع ذلك الرأس وتدور وتستدير.

(18)

لا جادة أمامك ولا طريق.
هذا هو الضباب الكثيف ، والماء الأملس ، وخفقان قلبك يرشدونك أين تبدأ اليابسة وأين هو المغيب.
جلدك المسمر على الطريق هو الطبل الذي تقرعه الريح يعلو ويخفت فيما الضباب الأبيض والليل الدامس وأمواج الماء تلاعب ذلك الطين الأعمى حتى يفتح عينيه رويداً ، رويداً ، ويتلمس في الفضاء أغنيته ، أنشودته ، دعائه ، دموعه ، وخوفه بين خطوة وأخرى.
أغشتك الدنيا طويلاً بتدريباتها المستمرة على نظام واضح ، وحدود محددة ، وشخوص معينة ، وآمال تظنها تأتيك بالترتيب غافلاً عن قهقهة الفوضى التي تكتسح كل ما قد دربت عليه لتقول لك بجرأة لا تحسد عليها :
الآن ... الآن أرني معالم الطريق !

من سوء الأدب إحسان الظن بالدنيا ، والأنفاس ، والأشياء ، وبمن سموك وسميتهم إذ لا بقاء للأسماء ، ولا ذاكرة للأشياء ، لا تراكم إلا للعبث المولع بالعدم والسير أماماً ... تتقدمه ضحكات مجلجلة ، سادية ، ترقب تعثرك في الكاف وفي النون .. كن .. فتكون .. أنت .. المفتون.. ثم لا شيء سوى النوون والنوون .. ون.

أحبر البياض ... كي ألون العدم.

(19)

من صفو الأيام ومن كدرها
نشرب يا صاحب السبيل
وصفوها قليل.

ولا نرتوي ...
شغاف الشعاب ظامئة
محفور فيها العطش
نسيه الماء يا صاحب السبيل.

من نحن في هذه الصحراء
من نسينا ... ومن يتذكرنا
حينما يصمت العدم صمته الطويل.

قد نسينا في البئر إبتساماتنا

فطال هزال الفرح
تحت بدر يجيء ويروح
فوق صمت صحارينا
وآهاتنا التي تتوزعها الكثبان
ضالة طريقها نحو الدار
أين دارها
في مكان ، لا يحتمل حتى
أوتاد الخيام.

" وجعلنا من الماء كل شيء حي ".
فأي حياة هذه التي تتوسل
ماء الحياة تحت جلود يذبل
فيها المسمى
وتذبل فوقها الشفاه

القاهرة
24/8/2008

(20)

أيتها الوحدة المرابية
كم تراكمين فيك من المزيد
المختلف
والموحش.

تتمادين في عزلتك
لافظة أرواح لآخرين
ما إقتربوا إلا ليبتعدوا

الجدار الفاصل
الجدار العازل

وكالضبع تستديرين غير حافلة
بوليمة العالم
الوليمة القاسية

25/8/2008

(21)

وأبدأ من بدايات يا خالق الأكوان
صلاتي تبدأ ذاتي
حلولاً وسجوداً
وإنتفاضاً من رجفة الخلق
ومن خطايا الطريق
ونفحة الإيمان.

وكم سرت قروناً إليك
يبيد الزمان
وخطاي لا تبيد.

ومن قصص وآثار
عبرات وعبر
وأهاويل لمن تبدووا وبادووا
فهل نرث الطريق ، والخطايا ، والخطى.

ما الحياة إذن
ولم المجيء والغياب
وكل كائناتك سوانا لا يشغلها السؤال والجواب

تجيء وتذهب بفطرتها ووحشتها
تقتل وتقتل
أو تموت قانعة بالرحلة كما هي
إلا نحن.
إلا نحن نسأل ، ونجيب ، ونسأل من جديد
والجواب ناقص أبداً
والحيرة كجلودنا تتلبسنا ثم تذوي معنا في القبور ،
والهباء ، والشتات ، والعدم.

من يؤنس السؤال
من يقول لنا كم لبثنا خارج الفردوس
وأين يكون.

(22)

في دفتر الأحوال
تشهدنا ذاكرة الأهوال
والسؤال
تاريخ العصيان والإستسلام ،
التذكر ، والنسيان.

ونقول : من خلقنا كفيل بنا
غير أننا نفقد البوصلة في الزحام.

من فجر التكوين إلى زلزلة النهاية
يمشي البشر مجبولين بخطايا الآخرين
يحملون رصيداً من خطايا البشرية
وذنوب لم يرتكبوها
غير أنهم ورثوها
وبها ، ولها ، يمضون مكفرين عن ما يعرفون
وما لا يعرفون.

متوجين بالأشواك ، وبالصليب ،
وبالنحر ... أضاحي لجهاد القلب ، والبدن ،
والسيف ، واللسان.

في بهو الله محتشرون
وحتى الأجنة في بطون أمهاتهم يسئلون.

بأي ذنب قتلت ، والجلود شاهدة ، والأيادي
والعيون.

وفي لطف الرب يطمعون.

هذه هي جهنم التي لم يختاروها
وهذه الجنة التي يطلبون

وفي البرزخ يجولون في فوضى السؤال
من نحن
ولم نحن ، وإلى أين نحن ذاهبون.

(23)

ما الكتابة ، إذن
وما الكتاب
ولم الحروف أشد وطأة
في رسائل التكوين مما تشهده العين
ويجيله الخلد
وتتداوله الظنون.

كتاب ، ومكتوب
في حروف صغيرة نصنعها
ونقوش على الطين والصخر نحفرها

وهناك الكتاب الذي لا ريب فيه.
والحياة كتابة هي ، أم مكتوب
وهذه الذنوب التي نقع فيها
ثم عنها نتوب
غير واثقين من أن من يمسحها
عنا يتوب.

(24)

كن .. فكنا
قال الله.

وبين الكاف والنون
نضم ذواتنا الهشة
نجرحها ونضمدها
ونطمع في أن يتولاها بارئها
بالتقوى والإحسان.

من ذا يحلم بحياته فيكون
ومن ذا في عالم الأرواح يدور
ليحل في بدن جديد
له ذاكرة تبدأ من بدء الأكوان.

ألهذا يخاف النمل الموت مثلنا
تماماً
ألهذا حذر بعضه من سليمان وجنده
كي لا يطأ الموت رؤوس الدابين على أرض
لحياة واحدة ، قد لا تتكرر.

(25)

نرث الأتراح والأفراح
وننتقم لمن مثل به التاريخ.
وكأنه قد قتل اليوم.

نكرر حزننا على الحسن والحسين
ونحمل صليبنا وكأن المسيح للتو
دقت فيه المسامير.

وللتو كنا شهود الصمت الذين طال العويل
بهم حتى توقف عندهم الزمان.

ما الموت ...
راحة النفس تلك
توقف الثواني والأنفاس ودفتر الحساب
والحقوق والديون.

والتراب إذ يأكل بعضه بعضاً
والعظام تتفتت وهي رميم

والشعر النائم على مخدة النسيان
فيما الباطل يتقافز مسلماً شعره
للريح والنسيم وأمواج البحار.

وآدم وبنيه من تراب إلى تراب.

(26)

يا صاحب الحال
مقامي فريد في الإرتحال
إليك صعدت
ومنك هبطت
وخطاي تطير بي
من صوب إلى صواب
ومن عثرة الهواء
إلى طي السحاب
ثم شيئاً فشيئاً كبذرة خوخ
في الأرض
تضم التراب إليها
وتصعد في سماء الزهر
غير حافلة بأن آخر الزهر
ذبول ...
وإحلال.

من أنا في دفتر التكوين ، إذن ،
ولم جئت
أو يحق لي السؤال.

كن ، فيكون ، فكنت
وأصبحت وأمسيت
بتوالي الليل والنهار

شببت ، وشبت
تذكرت ، ونسيت
وفي أرذل العمر لا يتفكر المرء في من قد كان
كن ، فيكون ، فكنت.

(27)

طل ، وأطلال
وسلالات من نسب الماء والطين

من كائن لكائن
ومن غابر الزمن إلى أقصى الزمان.

بيوت ، وأعمال ، وأولاد ، وأحوال
وجهش الفؤاد
وجمع الأموال

وحصيد السنين ، وآخرة الأعمال.

(28)

ترنم بإسم الذي خلقت من أجله
وصلي وسلم على نقاط النور في حلكة الطريق
وتوضأ بالمحبة وأسلم روحك
لبارئك الرحمن.

في باب الزهد كفناك
بالأبيض
وبماء الورد غسلناك.

القاهرة
25/8/2008

(29)

بالنور تدثرنا
ومن النور أتينا
بورك الذي نوره في السماوات والأرض.

خشع الكون له ، وخشعنا.

تلفنا الظلال
في بطون الأمهات
وفي ليل المنام
وفي حفرة الأرض التي
إليها نعود من حفرة الأرحام.

والنور يسري بين هذا وذاك
في الروح ، وفي العقل
وبفضله طهارة الأجساد
وخفة الأرواح
والصعود إلى السماء.

يا ملقي البذرة في الأرحام
إرحمنا
أنت السميع العليم

ومن نورك أمددنا
أنت المنير القدير

ومن ألطافك أمدنا
أنت اللطيف الخبير.

(30)

بوركت يا نفس بما نلت
وطهرت عذابك الآثام

طرت ، وحلقت فماذا رأيت
بين يوم ، وأمس
جلت بين الخلق
وأحسنت وأسئت

فما يتبعك مغفور
وبعد العثرة والزلة
تقومين وتتوضئين في بحيرة من نور.

يا رب الحكام والمحكومين
ورب الضعفاء ، والفقراء
ورب الغزاة
وقاهر القاهرين

تعاليت في السماء وفي الأرض مددت يدك العليا
رأفت بمن رأفت
وسخطت على من سخطت.

أريتنا عبرة في السالفين
وفي من تجاوز حد الحق
نكلت
حتى صار عبرة للمعتبرين.

ما من شر في الأرض ممدود
وما من ظالم إلا وإليك يعود

محوت من محوت
وأحققت من شئت
وغيبت من غيبت.

فبك وإليك وعليك
توكل المتوكلون
ومشى السائرون
وأناب إليك النائبون
وآب إليك الآوابون

سر من رأى نورك في السماوات
والأراضين.

31/8/2008

(31)

في كتاب المحو
أودعت ذنوبي

وقلت لها ذوبي
في صكوك النسيان
خاتمة الوجع
وفي الترانيم نشيد الحياة.

غفور ، رحيم ، لكل منيب
شفيع للخطاءين والمدركين
لنور الحياة.

(32)

خمسة أبواب للصلاة
والصوت يرتفع من البدن
رقراقاً
إلى ضوء الرحمن

لا نور إلا أياك.

من رجفة السكون نأتي
قاصدين رجفة الإيمان

والبلاء إمتحان
مثلما القوة إمتحان

كلاهما الطريق إلى قبر الإنسان.

1/9/2008

(33)

حروف وأحاسيس
جليد ونار

العتمة في الوهج.

مقابر تكتظ بقتلاها
لا حافر للقبور
الجبل يندك

وتحته تتوقف الأنفاس ،
إلى الأبد.

المقطم كأنه عاد أو ثمود.

(34)

ركام على صدري
يجثم من الهواء الثقيل
رمادي وأخضر كابي

ووحوش مستنفرة
تنتظر أن تبرد الجثة
كي تنهال عليها بأنيابها.

(35)

خمس دقائق ،
وربما أقل

تكفي لكي يرى المرء
ما صنعته السنون بحياته.

ثم ماذا ...
من قال أن الكاتلوج يولد معنا
وإن ولد
من قال أن بإستطاعتنا قراءته
وإن قرأناه ألا يعني ذلك
أن المكتوب سلفاً
معاش سلفاً

فما الحياة إذن !

(36)

لا تماس
مس ومساس

كعبة الروح
وإنخطاف اللائذ في هواه

أشعار وأذكار
وتواشيح حب وإعتذار.

مر ... لا معصية تعصاك
إن الهوى أطياف من الذكر
والتذكر.

(37)

أذيبك أيتها الكتلة
أحولك إلى شيكولاته سوداء مرة
أحليها برحيق الروح.

أذيبك أيتها الكتلة
فلا طاقة لي بحملك في صدري
وأنت كتلة من الغضب والحزن والسأم.

كيف نمشي إذن
ونحن نحملك
ونحمل أرواحنا معاً.

وأي أيام نتعثر بها وأنت تعثرين
علينا في كتلة الزمن.

7/9/2008

(38)

هواء الله تسبيحه
نفس القائم إلى يومه
والذاهب إلى يومه.

هدي الطريق إلى المثوى
وزقزقة الطير الملبي لنداء فجره.

مررت ما بين الركام
وصليت وسلمت
آواهم الله في رياحه الطيبة.

(39)

مر الكلام مرارته
وينهشون في أعمدة السلطان
في البهو الملكي لا يشعر
ومن معه في غيهم يعمهون.

الأرواح الذائبة
تذيب اليوم جلاميد الحديد
في هوة الظلم يسقطون
وفي غيهم يترنحون

تزلزل بهم الأرض زلزالها
وتساقط المساء كسفاً من النار
لتجلو ذنوبهم

خطاياهم قد كبرت
ومعاصيهم يأكل الدود من جثثها.

إن السفيه للسفيه حبيب
تطاولوا في البطش والعمران
وجيوبهم قد عمرت بالآثام.

لم ينظروا الفقراء ولا البؤوساء
وشردوا القمح من الحقول
والطيور من الأشجار
والبشر من الماء ، والأرض ، والهواء.

ما همهم غير بطونهم
فليشربوا اليوم الزقووم
وليأكلوا من حصرم الأرض
وليدفنوا تحت عاصفة الخطايا
والذنوب.

(40)

في مشهد الخطايا نلتئم
وإذا النفس سئلت عن أي شيء
كسبت

يا فقراء الأرض ... يا ملحها
يا من بين دموعكم تتنهدون
وآلام أطفالكم تدارون

يا من سرق قوتكم
وأنتهكت حرمتكم
وأفرغت جيوبكم

يا من مزقكم المرض والجوع
وهدتكم المآسي والجراح

يا من أطفالكم في الحروب يقتلون
ونساءكم في المآسي يغرقون
وشيوخكم إلى الذل يساقون.

لا تبقى الدنيا على حالها
والبطر يقتل صاحبه
والظلم يرمي بمن ظلم إلى
أخدود الله المفتوح
بسعيره وذله حيث لا يتناسل الطغاة
من جديد.

العين بالعين .. والسن بالسن
والبادي أظلم.

تاه في التهافت طريقهم
وظنوا أنهم إن يظلموا
لا يجد المظلوم إلى مظلمته من طريق.

ويخيب ظنهم
وترى أعلاهم أسفلهم
يوم يحق الحق وحق الله ، أبداً ، لا يغيب.

8/9/2008

(41)

على ماذا نفتح أعيننا أيها الرب الكريم
وكيف نواري سوءات يوم آخر.

لا نوارس في الفضاء
وغربان الكون تنعق في خرائبه.

مبجل إسمك في الأرض والسماء
وتحت الأرض يرقد أمواتنا

فيما نذرع الأرض ذهاباً وإياباً
نحو من
وعلى ماذا تمشي هذه
الخطى المرهقة .. خطانا.


نقول الأمس واليوم وغداً
ولا نقبض على شيء
وحتى ما كناه لا نكونه من جديد.

من صبوة الشباب إلى واقعية الشيخوخة
من حبو إلى حبو آخر
يتناقص فينا حب الحياة
وبالأمل ننتظر

ونصبح ... ونصير ... ثم لا شيء بعد ذلك ...
لا شيء سوى براهين الخرائب
وصمت القبور.

(42)

يا شجرة الله الوارفة
أظلينا
يساقط توت الخير منك
ونشرب من ماء نداك
نتشبث بأغصانك

كي نحيا أوراقاً بين أوراقك
وسماداً لجذعك
وحلم خريف وربيع يتجدد

بين موت ، وآخر.

9/9/2008

(43)

مرتاحة في هدوء
تمضغ الغزالة عشبها

وعلى ضفاف النهر تغسل الأفراس ذيولها

وتلاعب النوارس أسماك البحر
الصغيرة ما بين لقمة وأخرى

فيما يركض الطفل فرحاً بطيارته الورقية
بين كل هذا
وذاك.

(44)

(إلى محمود درويش)

التماسيح النائمة
تحلم ، أيضاً
بأن لا يفاجئها الصياد
وأن تجد هي فرائسها غافلة
عن سطوة فكها المفتوح
الذي يكمل إلتهامه للطعام المباح
وهي لا تزال نائمة.

عصفور الدوري
صديق لمحمود درويش
يحفظ أغنياته
ويلم أجنحته
حيث يحضن صورة صاحبه
في خبايا قلبه الصغير.

(45)

(إلى مي غصوب)

مي في مكتبها
بين الأوراق والكتب

وبضحكة دافئة
ترشد ال باحث إلى ضالته

مي المبهجة ، دائماً ،
تنحت صلصالها
وترقص رقصتها
وتضييف أصدقائها

من كرم الحياة تستمد قوتها
جميلة رغم العين الزجاجية
فهي وهبت عينها لقضيتها
مي في الخريف الإنجليزي تمشي على الرصيف
فاردة مظلتها
بينما قطرات المطر لا تزال تتبعها.

(46)

(عن مريم)

مريم تحتسي نبيذها
أحمر كما توده
وبين الكأس والآخر تعلن صداقتها

مريم التي تطير بلا جناحين
وتتبع الفراشات وتحكي للأطفال
عن أحوالها
والتي تتبع إشراقة الشمس كي
تمضي إلى النجوم
وتقيم في الصحراء البيضاء خيمتها.

سافرت مريم إلى البعيد
غيرت عنوانها
النبيذ الأحمر وكأسه يسألان
أين هي مريم وفراشاتها ؟

(47)

(إلي يوسف)

يوسف كالحب
صغيراً ويكبر
يعابث ألعابه .. ويفتش عن نباح الكلاب
ومواء القطط

يحضنني وهو يردد كلماته
يلبسني الحلق والعقد
ويرش العطر العربي وراء أذني
وما بين شعري.

يقول لي : خذيني معك
- إلي أين ؟
- نلعب هناك على البحر
أو نشاهد الكلاب المحبوسة
في محل الألعاب
حيث صاحب المحل لا يأتي ، دائماً ،
إلا متأخراً.

(48)

(إلي محمد)

محمد حبيبي الصغير يكبر في هدأة الملائكة
يصحبني في أحلامه
وفي تجوالي

وأنا أراه يكبر ، ما عاد طفلاً صغيراً
أدللـه.

في محنة الحياة يمشي متجنباً آلامها
وفاتحاً ذراعيه
لأمانيه القادمة.

(49)

(إلي أم صفاء)

أم صفاء عجوزتي الطيبة
أو فوزية
أناديها بما أشاء.

تمشي بركبتين تتخلخلان
وتحضر لي خبز الصعيد والعسل
تذود عني الهموم بضحكتها
وتقول لي حبيبتي يا إبنتي
لا تنسيني

فها أنا بعد العمل قد أصبحت بين الشهور
أراك
كما يرى الباحث عن حبه ضوء القمر.

10/9/2008

(50)

يا بوحي
نتدفق بين سنين العمر

تحكي عن أيامي ، رؤاي ، وآلامي
قابع هناك ترصد
من الراصد ومن المرصود

ذلك الصوت الذي يقول لك بعد
أن تصمت الأشياء :
أني أراك
أنا شاهدك على صليب وجودك
لا تهمس ، لا تقل ، لا تصرخ
فأنا القائم على أمرك.

15/9/2008

(51)

قلبي يهفو
يميل ويتنسم هواءاً بارد
الملمس يهب من بعيد.

لا سيوف ، لا خناجر
ولا حناجر تستصرخ المستحيل.

قلبي يهفو حيث الهوى يهب
ويميل حينما يميل.

لامست جوفه
وبللت يدي بندى هواه

وتقطر الدمع من عيني
وجداً

فالهوى يميل ، ويميل.

(52)


في صحرائي التي لا صوت فيها
كل شيء يكونني فأكونه في صمت جليل.

تناثرت علي رمال كثبانها
فعدوت ما بينها أنفض الأرض
وتنفضني
كنفض عاشقين لماء الحب بينهما
في ظل قمر يولد ويكبر حتى
يستدير.

في صبوتي لا ماء يغمرني
وموج الرمل يعمدني
في بحره

أغدو حروف كون تطير.

(53)

لي حال أراوغها
وفي الصمت كلام يعزف
القول
رماده نار
وناره ظل من ظليل.

وهذا الهوى يفتنني
لا وجه له ...
ظل أتبعه ، أراقصه ،
أحدثه ...
وحيث يميل ، أميل.

خذني إلى نور أهدابك
في خفوت الظل
الذي فيه أطير.

(54)

ما لي وللأسماء
أعرفها ، وأجهلها

طير الوجد يغني
والنوح في صورته يرضع أغنيته
فيما الحمام يطير ، ويطير.

مسد النوم عيني
فأبصرته .. ويلي من الوجد
المستحيل.

كل إلى قيامته
وقيامتي تبدأ قبل أن أصير.

شفتاي حقل ورد
يرنو إلى خالقه
والمسك مس من عبير
الجنة
فيه أذوي وأصير.

(55)

قضيت صباحاً طيباً
تنفست ولادة فصل جديد
فيما موسيقى روحي تعلو وتهبط
في جسد
يجلس ساكناً

وقلب يرحل راقصاً في سماوات حزنه وبهجته
والعين تغمض أجفانها
على حلم قريب - بعيد.

نور الحياة يسكب ذهبه
فتلمع المعاني
أحياء يغمرون موتي
وملائكة تحنو على
خلائق الأرض

1/10/2008

(56)

من رماد الشوق
تحيا العظام وهي رميم

وإذ لا شوق في الشوق
فإن الحياة ممات الآخرين.

والشوق لا يتهيب خالقه
توق وتوق
حيث الجبال والسماء والبحور
خطى تنزلق خفافاً
تلتف على مآربها

تسير ... تسير حتى وإن لم تصل.

(57)

إحترس من أخوة يوسف
إنهم يمضغون الجمال
قبل إكتماله.

(58)

أذودك يا نفس إليه
أنت من أنفاسه جئت
وبي حللت

وما كنت وأنت
غير إلتباس الليل بالنهار
والموج بالبحر
والشر بالخير.

فإذا ما أنت عني نضوت
يكون لي ما لا يدوم
وأنت في سهوب الحي
الذي لا يموت.

(59)

غفوت على حلم يراودني
ما شاء الله طال

فإذا بي في كون يلاعبني
وبه أنشطر وأرتحل
وأكسر غصوناً
وتكسرني.

وعلى راحلة الكلمات أدور
وفي غي اللعبة أصول
ومن بيادر الصدق والكذب
أطعم وأشرب.

والسبيل سلسبيل
والهدي أنحر

للغافر أستغفر
وللرحمن أرحم
وفي هذه الدنيا أجول.

(60)

ضحكت أنياب الدنيا
فمد الطفل يده إليها

وزفر الموت زفرته
فدفنا ، ووارينا ، ونسينا.

ومر الحول وراء الحول
وشاخ الطفل
فيما الدنيا فتية ، ولاهية ،
تلاعب بأنيابها أطفال الآخرين.

فلا قيس أحب ليلاه
ولا قارون تمتع بماله
ولا عاد عادت
ولا ثمود من الخرائب قامت

ولا إهتدى الضالون
ولا ضل المهتدون.

10/10/2008

(61)

بي نصف كتابة
وبعض وجع

بي حياة كاملة
لا أنضو عنها يومها
ولا أباري بها غيرها

أسرجها ، وأطلقها
كما الموج ، وكما الهواء
وكما الدنيا ، وكما العدم.

سفينة نوح أركبها
أفاوض كائنات الله
حول أقدارنا
ما خفي منها ، وما قد علم.
تنقصني المفردات اللازمة
وينقصني حزام الأمان
غير أنني جاهزة لإلتقاط
الوحي ، والغي ، والإلهام.

(62)

يا زائري وما الدنيا سوى حلم
ألطف بأحلامي التي لك رويتها

لا تكن مثل سنان القلم
يأكل آمالي ويقرضها.

الضحى موعدنا
والليل ملبسنا
وفي ظلمة الأنوار نكتب ونمحو
ما قد جاء إلينا
وظللنا.

تيه على تيه
يصنع صحراء مودتنا

فإذا ضعت اليوم
كأني قد ضعت قبلك
في القرطاس والقلم.

15/10/2008

(63)

الدنيا دائرة ...
والآخرة ...

من ضوء الشمس
ونور الليل

من رحم الولادة
إلى رحمة الظلمة

من هسهسة الوعي
إلى فقدانه

من الأسماء إلى نسيانها

من قوقعة المحيط
إلى بحره الذي لا ينتهي
من الحب ، والموت ، والغفلة ، والأمل
ومن ثنايا الوداعات المتتالية.

(64)

أنت ، وأنا ، وهو
من ركام الذكريات
إلى قيامة الأموات

من حليب الأم إلى فطام الحياة
من لؤلؤة المجهول إلى وجهه
الذي لا أحد يعرفه.

أموات يستيقظون داخل أموات
وأحياء ينبعثون من الرفات.

والدائرة واحدة هي النجم ، والكوكب السيار ،
وهي الأرض بما حوت
والسماء بما أمطرت

وهي آهة غير أنها ليست آخر
الآهات.

(65)

وقد قال المعلم الأكبر كلمته
كن فيكون

وفي ذلك مشى الساعون
وفي ذلك هلك الهالكون

في نقطة التكوين

وفي غبار المحو

وفي إجتماع البرية في
آميين ... أميين.

القاهرة – مصر
20/10/2008

ملحق الخاتـمة

(1)

إن الإرتحال تحرير للروح من شوائب تعلق وتتراكم فيها. أن تجتاز المسافات نحو أقوام آخرين هو نوع من التحرر من الكلل والملل والإندماج القسري مع أحوال تحدث من حولك ، وتحدث لك ، تولد الصعوبات والمكابدات وربما ما يشبه اليأس من التحكم فيها وتغيير مجرياتها.
منذ أيام وفيما بعد الظهيرة كنت أجتاز بسيارتي كوبري قصر النيل. تفاديت هرة صغيرة كانت تزحف بين السيارات وقد داست عليها سيارة ما فحطمت أرجلها ، وفي منتصف الطريق كانت سيارة أخرى قد جاءت مسرعة فداست على محاولة الهرة الصغيرة ، المسكينة. كم أحزنني المشهد ، وكم أشعرني بالعجز من تغيير مسار الأحداث حتى لو كانت مجرد إنقاذ حياة قطة صغيرة لم تعش طويلاً في زحام صخب المدينة المجنونة.

القاهرة
3/5/2007

(2)

في الدنيا جمال ممكن ، وفي البشر ، أيضاً.
بلاد الله الواسعة ، يشكلها بإبداعه كما يشاء. والإنسان ، أيضاً ، يبدع في التنوع والإبتكار ليعيش على الأرض حياته مازجاً ما بين وجوده وعناصر الوجود من حوله.
أتخيل الآن الأسواق التي تطفو على الأنهار في آسيا. حياة الناس ما بين القوارب ، روائح وألوان الفاكهة ، والخضار ، وأنواع الأسماك والأحياء المائية وحركة الناس في البيع والشراء والحياة على وجه نهر ، ما.
بل هناك أحياء كاملة ، وشبه قرى قد شيدت وسط البحار على أعمدة من خشب أو قريباً من شواطئها ، حيث اليابسة تبدو رفاهية بعيدة ، وغير مرغوب بها.
كأنها حياة اللوتس.

تايلاند
4/5/2007

(3)

في الصباح أو الفجر وأضواءه الخافتة التي تنجلي رويداً ، رويداً ، هي وماء النهر فيما يتوارى قمر الليل ليتجدد في الليلة القادمة أرقب العالم في لحظة هدوء بوذية حيث السلام عنصر يلف كل عناصر الطبيعة.
ليس للقمر باب ليختبئ وراءه .. أنه يتوارى .. يتوارى فقط مفسحاً الطريق أمام الشمس لتقول ما لديها لهذا العالم في نهار جديد.
في ظل اللوتس يستلقي العالم فيما الزهرة تتفتح وتحيط بها أوراقه. فتنة الألوان الوردية ، البيضاء ، والقرمزية.
أعواد البامبو تتراقص تحت المطر فيما ضيوف الله يصلوون لكل هذا ،
الجمال العابر.

بانكوك
6/5/2007

(4)

في حضرة الجمال تتوارى الكلمات.

تشيانغ ماي
9/5/2007

(5)

وفي فمي ماء.
نهيل التراب على أحباءنا ونطلق لخيالنا عنانه لترتحل أرواحهم إلى عوالم لم نعرفها أبداً ونحن نمشي فوق التراب.
وهل الحياة إلا إختزال المسرات والأتراح.
غير أنني كلما تجولت عيناي ما بين كلمات من قد مضوا اليوم ، وأمس ، ومنذ قرون أراهم أمامي أحياء يرزقون وينتابني في الدنيا اليوم حالهم التي كانوا عليها بالأمس.
أما النصوص المقدسة بحكاياتها ، ووعظها ، وإرشاداتها ، وخلاصات الحكمة فيها فإنها تجعلك كمن رأى للتو حلم الأبدية وما قبلها ، الحياة الكونية وهذا الإنسان الذي كلما دب بقدميه على الأرض نسي ما قد سبقه ، وينسى أكثر أنه سوف ينام بعد قليل تحت ذلك التراب الذي يهرول فوقه.
أنظر إلى الطفل في براءته الأولى. دهشته وذلك الحب المحيط به مانحاً ومتلقياً إياه. الطفل الذي لا يخشى شيئاً إلا إذا دربته على الخوف.
هذا الطفل ما أحوجنا إليه لينبض في دواخلنا على الدوام.
متى نتوقف عن إغتيال براءتنا بأيدينا ، ونتذكر كم نحن أبناء هذه الطبيعة وكم نشبهها وتشبهنا لولا ذلك الحيز القسري الذي وضعنا أنفسنا فيه كسادة لها.

القاهرة
17/7/2007

إصدارات المؤلفة ظبية خميس :

مجموعات شعرية

  1. خطوة فوق الأرض (بيروت : دار الكلمة ، 1981)
  2. الثنائية : أنا المرأة ، الأرض ، كل الضلوع. (لندن : دار الكامل ، 1982)
  3. قصائد حب ؟ (بيروت : المؤسسة العربية للنشر ، 1985)
  4. صبابات المهرة العمانية (بيروت : المؤسسة العربية للنشر 1985)
  5. السلطان يرجم امرأة حبلى بالبحر (لندن : مؤسسة رياض الريس للنشر ، 1988).
  6. انتحار هادئ جداً (قبرص : دار الملتقى ، 1992) طبعة أولى.
  7. انتحار هادئ جداً (القاهرة : مطبوعات الظبية ، 1995) طبعة ثانية.
  8. جنة الجنرالات (القاهرة : دار سعاد الصباح ، 1993)
  9. موت العائلة (القاهرة : دار النديم ، 1993)
  10. القرمزي (القاهرة : مطبوعات الظبية ، 1995)
  11. المشي في أحلام الرومانتيكية (القاهرة : دار عيون جديدة ، 1996)
  12. تلف (القاهرة : مركز الحضارة العربية ، 1999)
  13. البحر ، النجوم ، العشب في كف واحدة (القاهرة : مركز الحضارة العربية ، 1992)
  14. خمرة حب عادي (القاهرة : ميريت للنشر ، 2000)
  15. درجة حميمية (القاهرة : المجلس الأعلى للثقافة ، 2002)
  16. روح الشاعرة (القاهرة : نفرو للنشر والتوزيع ، 2005)
  17. شغف (الشارقة : إصدارات اتحاد كتاب وأدباء الإمارات ، 2005)
  18. نحو الأبد (الشارقة : إصدارات إتحاد كتاب وأدباء الإمارات ، 2008)
  19. الجمال العابر (قيد النشر).

قصص :

  1. عروق الجير والحنة (بيروت : المؤسسة العربية للنشر ، 1985)
  2. خلخال السيدة العرجاء (القاهرة : دار النديم ، 1990)
  3. ابتسامات ماكرة (الكويت : شركة الربيعان للنشر 1996)
  4. الحياة كما هي (سيرة روائية) قيد النشر.

دراسات أدبية :

  1. صنم المرأة الشعري (البحث عن الحرية ويقظة الأنثى) (دمشق : دار المدى ، 1997)
  2. الذات الأنثوية (من خلال شاعرات حداثيات في الخليج العربي) (دمشق : دار المدى ، 1997)
  3. قفطان الذاكرة (قراءة في الموروث العربي : النقد ، الشعر ، الصوفية ، الخمريات ، والأسفار) (دمشق : دار المدي ، 1998).
  4. صاحبة الزمان (الشارقة : دائرة الثقافة والإعلام ، 2007).
  5. أن ترى العالم من طرفيه ( أبو ظبي : وزارة الثقافة والشباب ، 2008)
  6. مقبرة النخيل (قيد النشر).
  7. فاكهة الثمانينات ، حلوى التسعينات : قراءة نقدية في الثقافة العربية (قيد النشر).
  8. مقهى الكلمات وحانة الذكريات (قيد النشر).
  9. على جناح الهوى : المرأة والإبداع (قيد النشر).

عمال مترجمة :

  1. الشعرية الأوروبية وديكتاتورية الروح. نصوص مختارة (الشارقة : اتحاد كتاب وأدباء الأمارات ودار الحوار للنشر (اللاذقية) ، 1993)
  2. الشعر الجديد : أنا وأصدقائي شعراء المقاهي والبارات والسجون (القاهرة : مطبوعات الكتابة الأخرى ، 1993)
  3. فيرونيكا تقرر أن تموت ، باولو كويلهو (القاهرة : روايات الهلال ، 2001)
  4. تعويذة الحسي ، ديفيد إبرام (القاهرة : المجلس الأعلى للثقافة ، 2002)
  5. طفل الفجر : رحلة يقظة سحرية ، جوتاما شوبرا (القاهرة : مطبوعات الظبية ، 2004)
  6. شانغهاي بيبي ، هي وي (2005)ذ
  7. أسباب للإنتماء (شعراء الإنجليزية في الهند) (الدوحة : المجلس الأعلى للآداب والفنون ، 2005)
  8. التعليم وقيمة الحياة تأليف كريشنا مورتي (قيد النشر)
  9. قرابين الغناء لطاغور (القاهرة : المركز القومي للترجمة ، 2008).
  10. تأملات في الرغبة لسليم بيرادينا (قيد النشر).

أقرأ أيضاً: