كتبت نصوص هذه المجموعة
في الفترة ما بين 1998 و2000
إلى والدي…
إلى أم سهيل دائما
رِيفَيٌّ الأَصْلِ
مِزَاجِي حَادٌّ
وَلَيْسَ لِي مَا أَخْسِرُهُ
حَوَاسِّي مُسَدَّسِي الّذِي لاَ يُخْطِئُ.
فِي اللّيْلِ كَمَا فِي النّهَارِ
لاَ أَثِقُ بِأَحَدٍ
وَأَعْصَابِي لاَ تَفْهَمُ الرّقْصَ
إِلاّ عَلَى حَبْلِ الوَرِيدِ
كَمَا لَيْسَتْ بَارِدَةً
بِمَا تَقْتَضِيهِ الأَمْثِلَةُ.
كُلّمَا رَفَعْتُ الْكُلْفَةَ
بَيْنِي وَبَيْنَ تُفّاحَةٍ فَاسِدَةٍ
لاَ أَمْرَضُ
وَعِنْدَمَا أَذْهَبُ إِلَى النَّوْمُ
أتَشَاجَرُ
أسْتَيْقِظُ مِرَارًا
لأَشْرَبَ قِنّينَةَ مَاءٍ مُثَلّجٍ
حَتّى أُرَمّمَ مَوْتَايَ
ثُمّ أَضْحَكُ بَعْدَهَا مِنَ القَلْبِ.
يَحْدُثُ هَذَا
دُونَ أَنْ أَعْتَذِرَ لِلأَمْوَاتِ.
رَأْسِي مَقْبَرَتِي الّتِي لاَ تَحْزَنُ.
وَلأَنّ العَالَمَ بِحَاجَةٍ إِلَيّ
لاَ أَنَامُ بَاكِرًا
أفْعَلُ كَمَا يَحْلُو لِلسّمَاءِ أنْ تَفْعَلَ
مَعَ إِضَاَفَةِ هَامِشٍ أَكْبَرَ
لِتَكْسِيرِ الصّحُونِ.
لِذَلِكَ
لَسْتُ مَعْنِيًا بِكِ
حِينَ تُغَنّينَ فِي رَأْسِي
بِآلاَتِ حَفْرٍ.
تَذَكّرِي ذَلِكَ جَيّدًا
أَيّتُهَا الصّدَاقَاتُ
رَأْسِي سَاخِنٌ
وَلَيْسَ لِي مَا أَخْسِرُهُ.
مَا رَأْيُكَ فِي أنْ نُشعِلَ نارًا
وَنَبْقى يَقظِينَ فِي الأَلمْ؟
تَماماً
مِثْل أَخْشَابٍ
حِينَ لاَ يَبْقى بيْننَا
وَصَفَاءِ الهَيْكَل
سِوى نَفَسٍ
مِنْ أَسَفِ الغَابَةِ.
مَا رَأْيُكَ فِي أنْ نَفْتَح
فِي كُلِّ ثَانِيةٍ
جَبْهَةَ حَرْبٍ
دُونَ أنْ تَكُونَ الغِبْطَةُ
آخِرَ مَا يَدْفَعُنا إِلَى قتْلِ الوَقْت؟
مَا رَأْيُكَ فِي أنْ نَمْضِيَ
إلَى مَكَانٍ آخَرَ
غَيْرَ هذَا الّذِي يُشْبِهُ مَائِدَةَ قِمَارٍ؟
الْمَكَانُ الْمُدَلَّلُ بِالْعَبِيدِ
الْبُنّيُّ بِلَمْسَةٍ طَائِشَةٍ.
مَا رَأْيُكَ فِي أنْ نُطِيحَ بِظِلَّيْنِ الْتَصَقَا
فِي غَفْلةٍ مِنَ الظّهِيرَةِ
مِنْ عَلَى جِدارٍ
تَقَوّسَ بِسَبَبِ اَلْخَجَلِ فَقَطْ؟
مَا رَأْيُ اَلْمَرْأَةِ
اَلْمَرْأَةِ الّتِي تَخْرُجُ إِليْنَا بِنِصْفِ ضَحْكَتِهَا
وبِنِصْفَ اَلطّراوَةِ الّتِي تَقْطُرُ
منَ الأَصَابِعِ
فِي أنْ نَصِيرَ ماءً
يَمْضِي إلَى تَاجِ الْخَسارَاتِ
دُونَ أنْ يَلْتَفِتَ إلَى جَدْوَاهُ؟
وَمَا رَأْيُكَ أنْتَ بِالذّات
صَدِيقِي الّذِي بِالشّيْءِ الْبَاهِضِ
فِي أنْ تَذْهَبَ وحْدَكَ
إلَى حيْثُ لاَ وَقْعَ لِلطَّفْلَةِ
باِلتّنُّورَةِ الْحَمْرَاءِ
فِي دَمِكَ الأَزْرَقْ؟
قُلْ لِي:
مَا رَأْيُكَ؟
رَجَاءً.
إنَّنِي بِحَاجَةٍ
إلَى أخْطَاءْ.
مَقَابِرٌ عَائِلِيَةٌ
لأَنّهُ يُحِبّ الرّيَاضَاتِ الْجَمَاعِيَةَ
والْضّجِيجَ
جَاءَ بنَا كُثْرٌ عَلَى التّوَالِي
حَاشِيَةُ مُقَامِرِينَ
عَلَى الْفَشَلْ
وَالِدِي الّذِي مَاتَ كُلُّ أُخْوَتِهِ
عَلَى مُتَوَسّطٍ هَارِبٍ
فِي عُزْلَةِ الرِّيفْ.
كُنّاشُ الْعَائِلَة
فَاطِمَةُ،
جَدّتِي الّتِي مَاتَتْ
قبْلَ أنْ يَأْكُلَنَا كَذِبُ الْحَانَاتِ
والْكَرَاسِي الأَثِيرَةِ،
كَانتْ دَائِمًا تَقُولُ:
" لاَ أَسَفَ علَى الأَطْفَالِ
هُناكَ دَائِمًا مَنْ سَيُرْبِكُ الْجُدْرَانَ بِالْضَّجِيجِ
مَا دَامَتْ والِدَتُكَ غَيْرُ مَعْنِيَةٍ
بِكُنّاشِ الْحَاَلِة الْعَسْكَرِية "
جدَّتِي الّتِي مَاتَتْ
قبْلَ أنْ نَسْتَفيقَ بِقَلِيلٍ
منْ كُوكَايِّينِ الْمُدُنِ.
فَقْرُ دَمٍ
يَنَامُ طَوَالَ الْنّهَارِ
وفِي اللّيْلِ
يَفْتِكُ بِذَبْذَبَاتِ الْحَنِينِ
إلَى الْتّلاَمِيذِ
خِرْقَةُ أَسَفٍ
عَلَى فِتْنَةِ الْطّبَقَاتْ.
الْكَبِيرُ فِي الْفَهْمِ
خَزّانُ كَمَدِ الْعَائِلَةْ.
مَرّةً،
قبْلَ أنْ يَرِثَ عِظَامَ الْفَلْسَفَةِ
وَاللّيْلِ
قَالَ لِلْجَنُوبِ:
بَيْنَنَا فَقْرُ الْدَّمِ
كَيْ لاَ نَتَحَابّ
كَمَا فِي الأَفْلاَمْ.
عَلَى شَفَا الْحَبْسِ
السّيِّدَةُ خَدِيجَةُ
أُمِّي،
الّتِي وَالِدُهَا الْكِيلاَنِي
( الذي لَيْسَ عِرَاقِيًا بِالْضّرُورَةِ )
عَلَى يَدَيْهَا الْمُرْتَبِكَتَيْنِ
جَاءَ الْطَّيِّبُ
وَاللَّدُودُ
وبَنَاتُ آوَى
كَأَنَّهَا فَبْرِيكَةُ اكْتِظَاظٍ!
فِي الْصّبَاحِ
كمَا فِي أوَّلِ النَّوْمِ
تُباشِرُ الْحَرِيمَ مثْلَ الأَزْوَاجْ
( مولِّدةُ نِسَاءٍ أَقْصِدُ )
دائِمًا
مُنْذُ عِشْرِينَ عَامًا
كلَّمَا أحْيَتْ مَيِّتًا
تحْلُمُ بالْجِنَايَاتِ
وَالِدَتِي الّتِي مَا تَزَالُ تَتَلَعْثَمُ
فِي قتْلِ الْوَقْتْ!
لَيْلَى وَأَخَوَاتُهَا
كَنَّ صَغِيرَاتٍ
يَحْلُمْنَ - دُونَ خَجَلٍ - بِالإِنْجَابِ.
ثَمَانِيَةُ أَطْفَاٍل
فِي رَصِيدِ الأَصْهَارِ
مِنَ الزِّنْجِيِّ
حتَّى أرْيَافِ الْعَائِلَةِ
كُلّهُمْ وَرَثَةُ عَاهَاتٍ.
وحْدَهَا خَدِيجَةُ
مَا تَزالُ تَبْحَثُ عنْ أَعْذَارٍ
لِرُسُوبِ الْبَنَاتْ.
النَّزِيلْ 47
بِخُطاهُ الأَقْرَبُ إلَى مَنْجَنيقٍ،
بِالأَصَابِعِ الْمَدْسُوسَةِ
فِي سُرّةِ الْعَطَبِ
وَبِالْجُمَلِ النّاقِصَةِ
يَهْبِطُ الدُّرْجَ الْغَاصّ بِالمجْرُوحِينَ.
شَتَاتٌ علَى صُفْرَةِ الزّلّيجِ
أمْوَاتٌ وَمَوْعُودُونَ
أنِينٌ رَخْوٌ
وبَقَايَا أَوْبِئَةٍ.
لَمْ تَتْرُكِ الْمُمَرِّضَةُ أَصَابِعَهَا فِي الأَحَدْ.
تَدْخُلُ الصّالَةَ
كَأَنّمَا مِشْرَطٌ يَنْزِلُ فِي مِيرَاثٍ
) الممرضَاتُ أَوّلُ الْقَسْوَةِ ( .
كَمْ كَانَ وَدِيعًا بِخُطَاهُ الْمَنْجَنِيقِ
بِالأَصَابِعِ فِي سُرّةِ الْعَطَبِ
بِضِحْكَتِهِ الْغَاِئَرةِ
النَّزِيلُ 47 -
وَالِدِي.
وَقْتٌ مَيَّتٌ
فِي جِلْبَابِهَا الْكَاكِيِّ
انْزَوَتْ فِي السّاحَةِ
جَنْبَ الإِسْعَافِ
غَيْرَ بَعِيدٍ عَنِ السّادِسَةِ.
نَزِيلُ السّرَطَانِ
الّذِي يَنَامُ فِي الْقَاعِ
زَوْجُهَا الرِّيفِيُّ بِأَكْثَرِ مِنْ خَوَاءٍ.
غَيْرَ بَعِيدٍ عَنِ السّادِسَةِ.
فِي السّاحَةِ.
جَنْبَ الإِسْعَافِ.
انْزَوَتْ فِي جِلْبَابِهَا الْكَاكِيِّ
زَوْجَةُ السّرَطَانِ.
كُؤُوسٌ لاَ تُشْبِهُ الْهَنْدَسَةَ
لاَ تَمُتْ كَثِيرًا
هُنَاكَ أمْرٌ مّا
يَسْتَحِقُّ أَرَقَ الْمَلائِكَةِ.
حَاوِلِ الْجُرْعَةَ بِكُؤُوسٍ
لاَ تُشْبِهُ الْهَنْدَسَةَ.
كُلُّ بَيْتٍ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ سَبَبٍ لِئَلاّ يَسْقُطَ.
الْجُدْرَانُ مَثَلاً تَعْرِفُ ذَلِكَ
رُبّمَا لِهَذَا السّبَبِ
هِيَ بِحَاجَةٍ إِلَى طَلاَءٍ
وَإِلَى صُوَرٍ أَكْثَرَ وَفَاءً لِلّذِينَ مَاتُواْ.
لاَ تَمُتْ كَثِيرًا
يَلْزَمُكَ وَهَجٌ آخَرٌ
لِتَلِيقَ بِخَطَأ فِي نَسِيجٍ.
سَيَكُونُ الأَمْرُ بَهِيجًا
لَوْ أنَّكَ وَضَعْتَ أَصَابِعَكَ
فِي مَكَانِ آخَرَ
عِوَضَ أنْ تَخْسِرْهَا كَامِلَةً
فِي كَمِينٍ.
الأَمْرُ سِيّان:
جِئْتَ بَسِيطًا
أَوْ رَمَتْ بِكَ الْقُرْحَةُ
فِي شَرَكِ الرّائِحَةِ.
أنَا أيْضًا سَأَفْعَلُ مِثْلَكَ
عَلَى سَبِيلِ الْجِينَاتِ
حِينَمَا تَعُودُ إلَيّ بِنَفْس التَّرَاتِيلِ
نفْسِ الدُّخّانِ
نفْسِ الأُنْثَى
قتْلاَنَا أنْفُسِهِمْ.
فَقَطْ
لاَ تَمُتْ كَثِيرًا
ثمّةَ دَائِمًا وَقْتٌ آخَرٌ
لأَرَقِ الْمَلاَئِكَةِ.
***
عَائِلَةُ السّرَطَانِ
نَحَتُواْ بُكَاءً فِي جُمْلَةٍ
ثُمّ جَلَسُواْ يَعُدّونَ أَصَابِعَهُمْ
مِثْلَ تَلامِيذٍ.
ليْسَتِ الصّالَةُ ضَيِّقَةً
بِمَا يَكْفِي لِحَرْبٍ
تَقَعُ بَيْن رَأْسَيْنِ
حتىّ إنَّ الْمَجْرُوحِينَ
كانُواْ يَخْرُجُونَ إلَى الْعُزْلةِ
بِرِئَاتٍ صَاخِبَةٍ.
المْمَرّضَاتُ كنّ مِثْلَ عَجِيزَاتٍ
أكَلَتْها الْحَافِلاتُ
يَمْشِينَ ويَجِئْنَ
كَأنّمَا يَسْتَظْهِرْنَ أَزْوَاجًا حَقِيقِيِّينَ.
لاَ أَحَدَ يُشْبهُ أَحَدًا
لاَ أَحَدَ يَفْهَمُ أَحَدًا سِوَاهُ
حتىّ الّذِي رَأْسُه تُشْبهُ خَطَرًا
ليْسَ هُوَ نَفْسُهُ مَنْ يَنْتَظِرُ
بَريدًا فِي حُقْنَةٍ.
أنَا لاَ أقْصِدُ الْحَشّاشِينَ
أقْصِدُ الرّجُلَ الّذِي وقَفَ مَرّةً
يَشْتُمُ الأَرْضَ
لأَنّها كَانَتْ أَضْيَقَ
منْ قَدَمَيْهِ!
***
نَوْمٌ آخَرٌ
سَيَنَامُ مِثْل ارْتِبَاكٍ
فِي عيْنِ اللّقْطَةِ.
سَيَنَامُ علَى صَمْتٍ شَفِيفٍ
يَتَدَحْرَجُ
إلىَ قَلْبِ الثّرْثَرَةِ.
سَيَنَامُ علَى سَحَابٍ أبْيَضٍ
أشْبَهٍ بِمَلاَئِكَةٍ.
) ولماذا الملائِكَةُ بِالذّاتِ؟ (
سَيَنَامُ وحِيدًا
جَنْبَ فُحُولَتِهِ النّاقِصَةِ.
) الطبيب قَالَ ذَلِكَ مَرّةً ولَمْ يضِفْ: (
سَيَنَامُ فَقَط مِثْلَ كَمِينٍ أَبْيَضٍ
تَنْقُصُهُ الأَسْبَابُ.
***
نَصِيبُ الْقَسْوَةِ
الصّغِيرَاتُ،
واجِبُ الْمُتْعَةِ،
الْعُرْسَانُ
والْبَيْتُ بِغُرَفِهِ الّتِي
تُشْبِهُ الْمَتاهَاتِ
لكُمْ فِي النّصِيبِ.
أمَّا أنَا
سَأُدَارِي الْقَسْوَةَ -
أتَلَهّى قّلِيلاً
عنْ شُؤُونِ الْعَائِلَةْ.
***
الاثْنَيْن صَبَاحًا
بِالأَمْسِ فَقَطْ
جمَّعُواْ الْقَرَابِينَ
ونَامُوا مِثْلَ ضِبَاعٍ
فِي شِبْهِ جُمْلةٍ.
كَبِيرُهُمْ ليْسَ وحْدَهُ الّذِي
شَرِبَ الْمَاضِي
فِي الصّرْفِ
حتىَّ إنّهُ لمْ يَكُنْ نَادِمًا
وهُوَ يَذْرَعُ أَنْفَاقاً فِي الْخَيَالِ.
حِينَ كَانَ الْوَقْتُ شَيْئًا آخَرَ
غيْرَ مَا تَحْرِقُه الْخَادِمَاتُ
فِي سَجَائِرِ الأَحَدِ.
كُلُّ ثَانِيةٍ لهَاَ وَجْهُهَا فِي التّمَارِينِ
كُلُّ يَدٍ
هِيَ أَصْلُ الْغَلَطِ.
كَانَ ذَلِكَ فِي الْغَابَةِ -
الْغَابَةُ الّتِي بِأَكْثَرِ مِنْ قُرْصَانٍ
وبِطُرُقٍ لاَ يَنْقُصُهَا الْقَتَلَةُ.
بِالأَمْسِ فَقَطْ
جَمّعُواْ الْقَرَابِينَ
ثُمَّ نَامُواْ
فِي شِبْهِ جُمْلَةٍ.
***
كُنْتُ غَائِبًا
مَا سِرُّ خُطْوَتِكَ
فِي نَاحِيَةِ الْبْرُوسْتَاتِ
وتَلْوِيحَةُ يَدِكَ الْمَعْرُوقَةُ
فِي نِهَايَةِ الأَحَدِ؟
رَنَّ الْجَوَابُ بِالْبَيْتِ
كُنْتُ غَائِبًا.
***
الْمَوْتَى عَلَى طَرِيقَتِي
الْقَرِيبُونَ مِنْ أعْيَادِ الْمِيلاَدِ
يَأْتُونَ دُونَمَا حَاجَةٍ
لاخْتِرَاعِ الْقَرَابَةِ
دُونَمَا مُفَكِّرَاتٍ
الْمَوْتَى دَائِمًا -
هَكَذَا هُمْ
علَى طَرِيقَتِي.
***
نِكَايَاتُهُمْ الْبَيْضَاءُ
يَنَامُونَ فِي سَطْحِ الأَخْيِلَةِ
قُرْبَ أبَاجُورَةِ السّرِيرِ
يَمْلأُونَ اللّيَالِيَ الطّرِيَةَ
بِنِكَايَاتِهِمْ الْبَيْضَاءِ
حتىّ لَتَكَادُ تُصْبِحُ
مِثْلَ دَفَاتِرِ الْجُبَاةِ
كُلّمَا فَتَحْتَهَا
خَسِرْتَ نِسْيَانَكَ.
***
عَلَى سَبِيلِ التّارِيخِ
الّذِينَ سَلّمْنَاهُمْ مَفَاتِيحَ الْقَلْعَةِ
كَانُواْ أَكْثَرَ مِنْ أَصَابِعِ الْيَدِ
حتّى إِنّهُمْ ضَلُّواْ الطّرِيقَ
إلَى الْمَطْبَخِ
ونَامُواْ مَعَ الْمُعَزّينَ.
السّبِيلُ إلَى الْهُدْنَةِ
هَكَذَا كَانَ -
شَيْئًا آخَرَ غَيْرَ الأَصَابِعِ الّتِي تُلَوّحُ
فِي الْهَاتِفِ لِلْيَتِيمَاتِ.
غَيْرَ الْخَجَلِ الّذِي أَكَلَ وُجُوهًا كَثِيرَةً
قَبْلَ الاثْنَيْنِ صَبَاحًا
) هذا على سبيل التأريخ (
أنَا لاَ أَخْجَلُ منْ أَحَدٍ
وعِوَضَ أنْ أتْرُكَ لِلدّمِ
فُرْصَةَ الصُّعُودِ إلَى الرّأْسِ
أُحَاوِلُ أنْ أَكُونَ وَدِيعًا
مِثْلَ أَحْمَقٍ
قَاِرسًا علَى هَيْأَةِ نَدَمٍ عَابِرٍ.
وكَسِيحًا مثْلَ أعْذَارٍ.
هَكَذَا أرَى الْمِيرَاثَ وَأَنْسَى
تَمَامًا
مثْلَمَا أَرَى صَفَّ نَمْلٍ
وأَحْسِبُهُ شَيْئًا آخَرَ
قَدْ يَكُونُ الْكَسَلُ!
لِذَلِكَ لاَ أُحِبُّ الأَبْنَاكَ
أُصْبِحُ دُودَةً كُلّمَا وَقَفْتُ
أُغَازِلُ جِدَارًا أَدْخَلَ كَثِيرِينَ
إلىَ الْحَبْسِ.
بِسَبَبِ ذَلِكَ
لَسْتُ مَعْنِيًا بِالآحَادِ
تَمَامًا
مِثْلَ عَبْدٍ لاَ يَضْحَكُ
عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ.
لاَ أَتَذَكّرُ الأَرْضَ
إلاَّ فِي اِلْتِمَاعَاتِهَا الْخَاسِرَةِ
حِينُ تُصْبِحُ الطّرِيقُ شَرْطًا
نُصَادِفُهُ فِي الأَحْذِيَةِ.
كَمَا لاَ أتَذَكَّرُ مَنْجَمَ الْخَوْفِ
إلاَّ فِي اِلْتِفَاتَةِ الْعَدَمِ
وَفِي فَرَاغٍ
قدْ يَلِيقُ بِالْمَنْكُوبِينَ
وَالْقَتَلَةْ.
لاَ شَيْءَ يُشْبِهُ الْقَتَلَةْ.
كُلُّ مَا يَتَحَرّكُ
ليْسَ بِالضَّرُورَةِ دَوَامَ الرِّئَتَيْنِ
والأَقْدَامِ الْمُنْشَغِلَةِ بأَقْصَاهَا -
الأَقْصَى دَائِمًا
هُوَ مَا يَشْغَلُ الْمُغَنِّي.
كيْفَ يُصْبِحُ لِلْمَوتَى
كُلُّ هذَا الأَلَق؟!
أَنَا لاَ أَخَافُ عَلَى أصَابِعِي
منَ المِيرَاثِ
كمَا لسْتُ بِحَاجَةٍ لِمَنْ يُذَكَّرُنِي
بِمُنْتَهَى الْخُطْوَةِ.
لسْتُ خَائِفًا منَ الأَرْضِ
حِذَائِي مَقْبَرَتِي.
***
لاَ تَلْتَفِتْ كَثِيرًا
لَسْتُ خَلْفَكَ.
***
مع ذلك
مَعَ ذَلِكَ
يَحْدُثُ أنْ أُقَبّلَكِ فِي الصّمِيمِ
وأَنْتِ نَائِمَةٌ
وأَنْتِ مُتَعَجِّلَةٌ
وأَنْتِ مُسْتَلْقِيَةٌ فِي كَلاَمٍ وَاضِحٍ
وَثَقِيلٍ
وكَمَا لوْ أنَّ شَيْئًا يَتَعَقّبُكِ
تُغَادِرِينَ الْغُرْفَةَ مُحَلِّقَةً
ويَبْقَى ظِلُّكِ فِي فَمِي
مَعَ ذَلِكَ!
***
عَلَى سَبِيلِ الْكَذِبِ
بَعْدَ قَلِيلٍ. سَأحْتَاجُ إلَى يَديْكِ. بَعْدَمَا أكُونُ قَدْ هَيّأْتُ كُلَّ شَيْءٍ لِلصُّدَف. يَدَيْكِ اللّتَيْنِ أَقْصِدُ. هُمَا الْخُدْعَةُ الّتِي لاَ تَكْذِبُ. حتّى إنَّنِي سَأكُونُ أَكْثَرَ سَعَادَةً منْ بَرِيدٍ لاَ يَصِلُ. وأَقَلّ انْفِعَالاً منْ كَلاَمٍ يَكْنِسُهُ الصّفِيرُ.
وأَنْتِ سَاهِمَةٌ. سَأَتْرُكُ الْبَابَ مُبْتَسِمًا لخَطْوِكِ الْخَفِيفِ. حيْثُ الْحَذَرُ امْتِحَانٌ تُبَارِكُهُ الْغِبْطَةُ.
رُبّمَا وَقَفْتِ طَوِيلاً أَمَامَ النَّبَاتِ. نَبَاتِ الْجِيرَانِ الّذِي لاَ يَكْبُرُ إِلاَّ فِي الْعُطَلِ. كَأَنّمَا تَتَهَدَّدُهُ أُبُوّةٌ أكَلَهَا الْوَاجِبُ. ) حتى لا أَقُولَ التّحَايَا الْبَارِدَةَ ( .
جَنْبَ ذَلِكَ بِقَلِيلٍ. علَى مَرْمَى الشَّكِّ. سَيكُونُ عَلَيْكِ وأَنْتِ صاعِدَةٌ. أنْ تَبْدُوِينَ مَشْدُوهَةً إلَى طَلاَءٍ لاَ يَقُولُ الرّسْمَ. فَقَطْ. لأَنّ فُرْشَاةً مّا قَالَتْ ألْوَانًا كَثِيرَةً بِأَجْنِحَةٍ. ) هذا إنْ الْتَفَتْتِ فِي الأَصْلِ (. حتىّ إنَّ أَعْصَابَكِ سَتَبْدُو تَالِفَةً فِي الأَصْبَاغِ. ومُوغِلَةً فِي شُبْهَةِ اللّذّةِ.
ربّمَا كَانَ ذلِكَ مَدْخَلاً يَلِيقُ بِمُفَاجَأَةٍ.
قَدَمُكِ الْيُسْرَى. سَتُفَكّرُ كَثِيرًا فِي الأَحْذِيَةِ. أيُّهَا أَقْدَرُ علَى افْتِرَاعِ الْخَجَلِ. خَجَلِي وَحْدِي خَلْفَ دُرْجَيْنِ وَبَابٍ.
قَدَمُكِ الْيُمْنَى. سَتَكُونُ مُؤْمِنَةً وَيَقِظَةً. كَالْعَادَةِ. عَادَاتُنَا الّتِي فِي الرّأْسِ. وَهْيَ تَتَقَدّمُ الْفَرَائِسَ بِغَيْرِ قَلِيلٍ مِنَ الْغَيْبِ. رُبّمَا خِفْتِ كَثِيرًا. وَأَنْتِ تُرَدِّدِينَ كَلاَماً نَائِياً. لاَ يَنْقُصُهُ الْفَزَعُ.
هَذَا كُلُّ الْمِيرَاثِ.
يَدَاكِ. آهٍ مِنْ يَدَيْكِ. ) الحبسة التي أخجلت الطبيب سَاعَةِ طَلَبِ الدّمِ ( . سَوْفَ لَنْ تَكُونَا بِحَاجَةٍ إلَى ضَجِيجٍ. أوْ إلَى مَنَادِيلَ. كَانَتْ سَتَلِيقُ بِانْفِعَالٍ. حِينَ تَطَئِينَ. كَامِلَةً. غُرَفِي الّتِي يَمْلَؤُهَا الصّفِيرُ. تَمْلَؤُهَا الأَرْوَاحُ الطّيّبَةُ. مَا الّذِي سَتَفْعَلِينَهُ، إَذَنْ. بِكُلِّ هَذَا الصّمْتِ؟
لَسْتُ أَدْرِي.
وأَنْتِ؟
***
الأَنَاقَةُ دَرْسٌ فِي عُمْرٍ آخَر
صَوْتُكِ أَفْضَلُ مَا فيِ هَذَا الْكَوْنِ. أَفْضَلُ مِنْهُ صَمْتُكِ الّذِي يُشْبِهُ أفْكَارًا منْ رَصَاصٍ. ( أو على الأقل) حِيَادًا يَمِيلُ إلَى مُظَاهَرَةٍ. كُلُّ شَيْءٍ فِيكِ علَى هذَا النّحْوِ. حتّى عِنْدَمَا تَكُونِينَ الْمَرْأَةَ الْوَحِيدَةَ الّتِي لاَ تَعْرِفُ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ لاَ بِالْصُّدْفَةِ.
يَلْزَمُنَا أنْ نَفْهَمَ الْبَقِيَةَ بِالْحَدْسِ دُونَ سِوَاهُ.
وحَتّى نَصِلَ الشّيْءَ بِنَقِيضِهِ. الْفَرَاغَ بِقَصَبِ السّبْقِ. والْمَوَانِئَ بِرَحَلاَتٍ أَكْبَرَ. حَاوِلِي أنْ تَكُونَ الْمُوسِيقَى مثْلَ بُكَاءٍ. مثْلَ وَحْشَةٍ تَسْبِقُ الْعُمْرَكُلّمَا تَقدّمَ اللّيْلُ. اللّيْلُ الّذِي لاَ يَطُولُ إَلاّ بِالأَيْتَامِ. وَأَنْصَافِ الْحَشّاشِينَ.
حَاوِليِ أنْ تَمُدّي يَدَكِ إلَى آخِرِ الأَرْضِ. وَإلَى فِتْنَةٍ هِيَ أصْلُ الْخَيَالِ. هُنَاكَ مَنْ يَنْتَظِرُكِ بِتَارِيخِ الأَسْبَابِ. بَعْدَ ذَلِكَ. نَسْتَطِيعُ أنْ نَخُوضَ فِي الأَخْطاءِ. دُونَ أنْ نَجْهَشَ بِالْكَذِبِ.
***
الْخُدَعُ الّتِي عَالجْنَاهَا بِالنّسْيَانِ. كَانَتْ أكْبَرَ منْ ثِيَابٍ ناضِجَةٍ. تَعَلّمْنَا النّصَائِحَ منَ الْغَلَط. دُونَ أنْ نَنْسَى شَرْطَ الأَقْدَامِ. كلُّ خُطْوَةٍ مَحْسُوبَةٌ بالْعَثَرَاتِ. كلُّ فَهْمٍ بِالضّرُورَةِ لِقَتْلِ الْوَقْتِ. وَعلَى نَحْوٍ مّا. الْعُمْرُ مِثْلُ أَفْكَارٍ شَائِكَةٍ نُسَلّمُهَا للنّسْيَان. لِهَذَا السّبَبِ بِالذّاتِ. الأَنَاقَةُ دَرْسٌ فِي عُمْرٍ آخَرٍ. وَيَدَانِ نَغْسِلْهُمَا بِالْمَاءِ الْحَارِقِ منَ الْمُصَافَحَاتِ. وعلَى سَبِيلِ الْفَهْمِ. نَنَامُ أَكْثَرَ مِنَ اللّيْلِ. دُونَ أنْ نَحْلُمَ.
***
لَنْ نَكُونَ مُحْتَرَمَيْنِ هَذِهِ اللّيْلَةَ
لَنْ نَكُونَ مُحْتَرَمَيْنِ هَذهِ اللّيْلَةَ. كِلاَنَا سَيجْلِسُ فِي مَكانٍ آخَرَ. عِوَضَ النّوْمِ الّذِي اعْتَدْنَاهُ حَوْلَ كَأْسٍ واحِدَةٍ. سَنُحاوِلُ أنْ نَكونَ طَرَفَيْ نِزَاعٍ حَقِيقِيَيْنِ. الضّرَاوَةُ الّتِي يَقْتَضِيهَا الانْفِعَالُ. وَحَذِرَيْنِ منْ كَبْوَةِ الْمَلاَمَاتِ. حتّى إنّنَا سَنَبْدُو. فِي الصّمْتِ ذَاتِهِ. مثْلَ عُمّالٍ يَابَانِيّينَ. يَخْتَصِرُونَ "الْمُعَلّقَاتِ" فيِ شَهْقَةٍ واحِدَةٍ. مَعَ إيمَاءَةٍ بِالرّأْسِ. كلّمَا رَاقَهُمْ الْحَالُ.
لَيْسَ هذَا كلُّ الْعَطَبِ. كَمَا لَسْتُ مَخْمُورًا حتّى أّتّكِئَ علَى إِشْفَاقٍ. هَيّئِي رَأْسَكِ لِلْحَرَجِ. وخُذِي النّصِيبَ الأَوْفَرَ منَ الْحُبّ. بعْدَ قَلِيلٍ. سَنَقِيسُ النِّزَاعَ بِعَيْنَيْنِ آثِمَتَيْنِ. قَبْلَ أنْ نَتْرُكَ الْخَيَالَ يَنْشُبُ فِي الْغَابَاتِ.
أنَا لاَ أتْرُكُ رأْسِي لِلصّدَفِ. وفِي هذَا اللّيْلِ بِالذّاتِ. رَأْسِي الْوَحْدَةُ الّتِي لاَ تَقْبُلَ الْعَكْسَ. كَمَا أنّنِي لاَ أكْذِبُ. وِجْهَتِي دَائِمًا فِي نِزَاعٍ. وأَنْتِ الْبَيَاضُ الّذِي يَنْقُصُهُ اعْتِرَافٌ.
خُذِي مَكَانَكِ جَنْبَ النّافِذَةِ. عيْنَاكِ بِحَاجَةٍ إلَى ثَرْثَرَةٍ. اللّيْلُ طَوِيلٌ. وأَنَا لَسْتُ الْغُمُوضَ الشّاغِرَ.
لنْ نَكُونَ مُحْتَرَمَيْنِ هَذِهِ اللّيْلَةَ. قُلْتُ ذَلِكَ قبْلَ قَلِيلٍ. لِمَاذَا إذَنْ أرَاكِ مُشْتَعِلَةً. وَبَارِدَةً. مِنْ أَيْنَ لَكِ بِكُلّ هَذَا السُّمِّ.
وأَنْتِ غَائِبَةٌ.
مَعَ ذَلِكَ؟!
***
بَدْوٌ يَضْحَكُونَ مِنْ قُلُوبِهِمْ لِلزُّجَاجِ
دَائِمًا أَقْصدُ الشّارِعَ لأَسْتَرِيحَ. أوْ لأَعْقِدَ صَدَاقَاتٍ جَدِيدَةً مَعَ الْهَرَبِ. حيْثُ الْبَدْوُ يَضْحَكُونَ منْ قُلُوبِهِمْ لِلزُّجَاجِ. فَقَطْ. لأَنّ سَبَبًا مّا كَانَ ضَرُوريًا لِلتّحِيّةِ. الزّجَاجُ نَفْسُهُ يَضْحَكُ مِثْلَ رَجُلٍ سَكْرانٍ. يَرَى وَجْهَهُ مُسْتَطيلاً وَلاَ يَفْرَحُ. إمّا لأَنّهُ يَكْذِبُ. أوْ لأَنّ الرّجُلَ تَرَكَ قَسَماتِهِ دَاخِلَ دُولاَبٍ قَدِيمٍ. قَبْلَ أنْ يَخْرُجَ إلَى الأَشْبَاحِ.
يَحْدُثُ ذَلكَ فِي الْعُمْقِ. رغْمَ أنّ الشّارِعَ الضّاجّ بِالأَعْطَالِ. ليْسَ بِالضّرُورَةِ اخْتِبارًا لِجَلْدِ الْوَقْتِ. هُناكَ دَائمًا سَبَبٌ لِفَهْمِ الْعَطَبِ: -كَأَنْ تُمْسِكَ بِيَدِكَ النّادِمةَ. مَثلاً. وتَذْرَعَا معاً الْحَانَاتِ الّتِي لاَ تَتْعَبُ. أوْ تَبْحَثَا. فِي مَكانٍ آخَرٍ. عنْ صُوَرٍ كَانتْ سَتَلِيقُ بِأَغْلِفَةٍ. مَادَامَ اللّيْلُ. فِي الْعَادَةِ. يَأْتِي بِأَكْثَرَ منْ قُفّازٍ. كُلّمَا تَعَلّقَ الأَمْرُ بِالرّهَان.
أنَا لسْتُ حَزِينًا. حتّى إَنّنِي أضْحَكُ كَثِيرًا. كُلّمَا رَأَيْتُ الْبَدِينَاتِ. وهُنّ يُعَذّبْنَ الْمُوضَةَ بِالْفَيَضانَاتِ. كأَنّمَا يُصَرِّحْنَ بِثَرَوَاتٍ لاَ تَنْطَلِي علَى غَرِيزَةِ أحَدٍ. رُبّمَا كَانَ ذلِكَ أَفْضَلَ شَيْءٍ يَحْدُثُ أَمَامَ ارْتِطَامِ اللّحْمِ. بعْدَهَا. يكُونُ علَيّ أنْ أَسُوقَ أَفْكَارِيَ الْحَزِينَةَ. إلَى حَظِيرَةٍ ضَاحِكةٍ.
ثُمّ هَلْ حَقًّا الضّحِكُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ؟! هنَاكَ منْ بَاعَ الرّمْلَ لِلأَصَابِعِ. دُونَ أنْ يَخْسِرَ يَدَيْهِ. هذَا. علَى الأَقَلّ. عَرَقٌ يَلِيقُ بالأَطْرَافِ. تِلْكَ الّتِي تَجْتَهِدُ كَثِيرًا دُونَمَا سَبَبٍ. بعْدَ ذَلِكَ. لاَ أَحَدَ يَضِيعُ فِي الأَجْوِبَةِ.
الّذِي رَأَى. ليْسَ هُوَ نَفْسُهُ منْ رَسَمَ شَارِعًا بِعَجَلاَتٍ. ثُمّ بَدَأَ يُحْصِي الْقَتْلَى الذّاهِبِينَ إلَى الْجُمُعَةِ. بِخَطَايَا كَثِيرَةٍ وَنَتِنَةٍ.
لِهَذَا السّبَبِ بالذّاتِ
ليْسَ غَرِيبًا أنْ أَقْصِدَ الشّارِعَ
لأَبْعَثَ إِليّ بِبَاقَةِ وَرْدٍ
ثُمّ أَسْتَرِيحَ.
يَحْدُثُ ذَلِكَ
حِينَمَا لاَ أُغَادِرُ الْغُرْفَةَ.
***
حِمَارُ اللّيْلِ
مِنَ الْمُؤَكّدِ أنّ أَحَدًا مّا. كَانَ جَالِسًا فِي الْمَكَانِ الّذِي أَنَا فِيهِ الآنَ. عَلَى نَفْسِ الْمَقْعَدِ. علَى الْهَيْأَةِ نَفْسِهَا.
رُبّمَا جَلسَ هُوَ الآخَرُ وَحِيدًا. بَعْدَمَا اسْتَنْفَذَ فِرْدَتَيْ حِذَائِهِ وَالجْوَارِبَ وَالْقَدَمَيْنِ. ولأَنّ الدُّنْيَا. كَمَا أَتَخَيّلُ ذَلِكَ الآنَ. علَى نَفْسِ الْمَقْعَدِ. عَلَى الْهَيْأَةِ نَفْسِهَا. دَارَتْ بِهِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِ دَوَرَاتٍ دُونَ أنْ يَدُوخَ. فَقَدْ يَكُونُ جَلَسَ قَلِيلاً كَيْ يُنْصِتَ إلَى الْعِظَامِ الّتِي لاَ تَكْذِبُ. عِظَامِهِ الّتِي كُلّمَا تَأَمّلَهَا. بَدَتْ لَهُ مِثْلَ طَرِيقٍ سَيّارٍ لاَ تَنْقُصُهُ الْحَوَادِثُ وَالْفَزَعُ. لِذَلِكَ. هُوَ يَعْرِفُ كَيْفَ لاَ يَنَامُ وَفِي قَلْبِهِ حَشَرَاتٌ بِشَوَاربٍ كَثّةٍ وَعَضَلاَتِ مُصَارِعِينَ.
إلاّ أَنّهُ. فِيمَا بَدَا لِي.لَمْ يَكُنْ يُدَخّنُ بِشَرَاهَةٍ مِثْلِي. أَوْ إِنّهُ لاَ يُدَخّنُ بِالْمَرّةِ. رُبّمَا كَانَ يَخَافُ. مِثْلَ أُنَاسٍ طَيّبِينَ. منَ السّرَطَانِ. الْخَوْفُ مِنَ السّرَطَانِ مُفِيدٌ لِلصِّحّةِ. لِهَذَا السّبَبِ. تَرَكَ مِنْفَضَتَهُ نَظِيفَةً إلاّ مِنْ أَوْرَاقِ الْيَانَصِيبِ الْمَدْعُوكَةِ بِقَلَقٍ. لأَنّ يَدَيْهِ. فِيمَا رَأَيْتُ. كَانَتَا وَاثِقَتَيْنِ مِنْ أنّ لاَشَيْءَ يَسْتَحِقُّ الضّرْبَ. حتّى عِنْدَمَا يَتَعَلّقُ الأَمْرُ بِالّذِينَ قَاُلواْ وَرَاءَهُ كَلاَماً كَبِيراً وَمُتّسِخاً. ورُبّمَا الصَّبِيةُ الّتِي تَمْشِي أَمَامِيَ الآنَ. مِثْلَ قِطّةٍ مَعْطُوبَةٍ فِي مَكَانٍ خَطِيرٍ وَحَسّاسٍ. هِيَ الأُخْرَى حَلَبَتْهُ بِالْكُرْهِ الّذِي يَسْتَدْعِيهِ الأَلَمُ. قَبْلَ أنْ تَتْرُكَهُ نَظِيفاً خَفِيفاً. تَمَاماً. كَمَا أنَا الآنَ. لِذَلِكَ. يُخَيّلُ إِليّ أنّي أُفَكّرُ. أنَا كَذَلِكَ. مِثْلَهُ فِي الأَشْياءِ. كَأَنّ الْفَهْمَ فِيهِ غَيْرُ قَلِيلٍ مِنَ اللّمْزِ!
هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ سَبَباً كَافِياً لأَجْلِسَ فِي مَكَانِهِ الآنَ؟ عَلَى نَفْسِ الْكُرْسِيِّ؟ عَلَى الْهَيْأَةِ نَفْسِهَا؟
لَسْتُ مُتَأَكّداً تَمَاماً.
قَبْلَ يَوْمَيْنِ. فَقَطْ. صِرْتُ أَنَامُ بَاكِراً. حَتّى لاَ أَسْتَيْقِظَ فِي مَكَانٍ آخَر.
***
قَصَائِدٌ كَاذِبَةٌ
مَلْهَى
فِي مَلْهَى " باليما "
لاَ أَرْقُصُ مَعَ أَحَدٍ
كَمَا لاَ أُغَنّي مَعَ الضّجِيجِ
أُحَاوِلُ أنْ أَكُونَ وَحِيداً
مِثْلَ بَعِيٍر قَدِيمٍ فَي الشِّعْرِ
أَكْتَفِي مِنَ الصّالَةِ
بِكُرْسِيّ الْقَطِيفَةِ الأَخْضَرِ
الّذِي يُشْبِهُ دُولاَراً مُرِيحاً
وَأَتْرُكُ الأَضْوَاءَ الطّائِشَةَ
تَبْدُو مِثْلَ حَرْبٍ
تَقَعُ فِي الرّأْسِ
هَذَا مَا لاَ تَفْهَمُهُ السّمِينَاتُ
وَهُنّ يَأْتِينَ عَلَى الْبِيرَةِ
مِثْلَ الرّمْلِ
اللّوَاتِي يَرْقُصْنَ لأَجْلِ مَعْتُوهِينَ
بِجُيُوبٍ نَاضِجَةٍ.
الْمَرْأَةُ الْبَيْضَاءُ
مِثْلَ ثَلْجٍ فَوْقَ زُنُوجٍ
الّتِي نَهْدَاهَا أَكَلاَ الْكُونْتْوَارَ.
الْمَرْأَةُ الّتِي رَأْسُهَا أَكْبَرُ مِنْ غَلَطٍ
وَأَرْدَافُهَا بَقَايَا مِمْحَاةٍ.
الْمَرْأَةُ الْقَصِيرَةُ بِسَبَبِ الْكَذِبِ فَقَطْ.
الّتِي فِيمَا مَضَى كَانَتْ تَغَارُ
مِنْ " عُيُونِ إِلْزَا "
قَصِيدَةُ فَرَنْسَا الْمُوفْ.
الْمَرْأَةُ الّتِي لاَ تُغَادِرُ عَاصِفَةً
إِلاّ لِتَكُونَ أَصْلَ الْخَرِيفِ.
الْمَرْأَةُ الّتِي لاَ أَتَذَكّرُ اسْمَهَا الآنَ
بِسَبَبِ الْغِبْطَةِ فَقَطْ.
مَاذَا كَانَتْ سَتَفْعَلُ بِحُقُولِ التُّوتِ
لَوْ عَلِمَتْ أَنّهَا آخِرُ ذُبَابَةٍ
فِي مَتْحَفِ الأَمَازُونِ
وَأَوّلُ حَوّاءٍ
فِي أَلْبُومِ الرِّدَّةِ؟
أَنَا لاَ أقْصِدُ عَنْزَةَ السّيّدِ سُوغَانْ
أَقْصِدُ الْمُعَلّمَةَ الّتِي تَغَارُ عَلَى رُؤُوسِ الْحَشّاشِينَ
مِنْ رَأْسِ السّنَةِ.
***
TROC
النّادِلُ الّذِي وَزّعَ الضّحِكَ
عَلَى الْبَدْوِ
فِي نَبَاهَةِ الْخُدَعِ
كَانَ وَحْدَهُ مَنْ يَقُودُ الْعَطَبَ إلَى النُّضْجِ
هُوَ الآخَرُ
لَهُ نَصِيبٌ فِي النّدَم
حِينَ لاَ يَسْكَرُ الْعَالَمُ.
***
الْعَبْدُ السّمِيعَ
نَفْسِي وَأَنَا فَقَطْ
قَهْقَهْنَا مَعاً
حتّى اسْتَلْقَيْنَا إلَى الْخَلْفِ
وَكَمَا الْعَادَةُ
لَمْ يَكُنْ فِي الْخَلْفِ مِنْ أَحَدٍ
سِوَى أُذُنٍ مُنْتَبِهَةٍ
وَثَقِيلَةٍ عَلَى الأَرْضِ
ظِلُّهَا وَحْدَهُ
كَانَ يُغَطّي الْمَلْهَى
الّذِي
قَتَلْنَاهُ بِالصّمْتِ.
بِلاَ أَسْنَانٍ
فِي عِيدِ الأُمّ
لَبِسْنَا ثِيَاباً عَاقِلَةً
وَنِمْنَا مَعَ زَوْجَاتِنَا بِلاَ أَسْنَانٍ
حَتّى إنّنَا كُنّا نَتَوَسّدُ الْوَاجِبَ
لِنُغِيضَ الْحِرْمَانَ
بِالْكَذِبِ.
***
وَاقِعِيَةٌ
فِي أَكْثَرَ مِنْ مُنَاسَبَةٍ
حَسِبْتُ الأَمْرَ مُجَرّدَ طُرْفَةٍ
تَمَامًا
كَمَا يَفْعَلُ الأَطْفَالُ بِاللُّعَبِ:
زَوْجَةٌ..
أَطْفَالٌ..
وَوَاجِبَاتٌ..
لَكِنّ صَاحِبَ الشّقّةِ
كَانَ حَقِيقِياً هَذِهِ الْمَرّةُ.
يَاهْ !
صِرْنَا آبَاء
حَقّاً.
***
لاَ شَيْءَ يَدْعُو لِلْقَلَقِ
مَاعَدَا الاِثْنَيْنِ
وَالثّلاَثَاءِ
وَالأَرْبِعَاءِ
وَالْخَمِيسِ
وَالْجُمُعَةِ
وَالسّبْتِ
وَالأَحَدِ
لاَ شَيْءَ يَدْعُو لِلْقَلَقِ.
***
عَلَى سَبِيلِ الْحِمْيَةِ
هَا إِنّكَ تَبْدُو أَكْثَرَ فَرَحاً
مِنْ قَهْقَهَةٍ طَائِشَةٍ
العَالَمُ حَوْلَكَ نَظِيفٌ
وَآهِلٌ بِالْمَعْتُوهِينَ
لاَ شَيْءَ أَفْضَلَ مِنَ السّادِسَةِ مَسَاءً
حِينَ تَعُودُ إِلَى الْبَيْتِ
فِي اسْتِرَاحَةِ الْعُمْرِ
فَقَطْ
لأَنّ سَاعَتَكَ مَقْرُوصَةٌ
عَلَى الصّعْلَكَةِ
الأَوْقَاتُ كُلُّهَا سَرِيعَةٌ
وَحَارّةٌ فِي اللّيْلِ
كُلّمَا انْتَبَهْتَ إِلَى الْعَقْلِ
فَقَدْتَ صَوَابَكَ.
***
ثُمّ إِنّكَ مَرِيضٌ بِالْغَلَطِ
وَهَذَا مُنْتَهَى الصّوَابِ
لَيْسَ بِالضّرُورَةِ أَنْ تَنَامَ
بَعْدَ الأَخْبَارِ
أَوْ بَعْدَ الطّقْسِ الّذِي
سَيَكُونُ غَدًا عَلَى الشّاشَةِ
الأَهَمُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ
سَرِيرُ السّقْطَةِ
وَالْوِسَادَةُ الّتِي بِحَاجَةٍ
لأَنْ تَأْكُلَ رَأْسَكَ
بِأَسْنَانَ مِنْ حَلِيبٍ.
***
وَلأَنّ النّدَمَ لِلآخَرِينَ
لأُولِي الأَلْبَابِ
لَيْسَ جَمِيلاً مِنْكَ
أَنْ تَسْتَعْجِلَ النّادِلَ
لِسَبَبٍ فِي الْخَيَالِ
كَأَنْ تَطْلُبَ مِنْفَضَةً لِلاثْنَيْنِ
دُونَ أَنْ تَحْسِبَ الأَمْرَ بِالْغِبْطَةِ
لَحْظَةً مِنْ فَضْلِكَ
الْوَقْتُ لَيْسَ لَكَ.
***
فِي يِدَيْكَ
مَا يَسْتَحِقُّ كُلَّ هَذِهِ الثّرْثَرَةِ
وَبَعْضَ النّدَمِ الّذِي
لاَ يَصْلُحُ لِلْمَجَازِ
قَرِيباً مِنَ الأَرْبَعِينَ
لاَ شَيْءَ يَهُمُّ
الّذِي يَهُمُّ هُوَ
مَزِيدٌ مِنَ الْقَهْقَهَةِ
وَطُولُ الْعُمْرِ لِلْمُغَفّلِينَ
هَذَا كُلّ مَا فِي الأَمْرِ
عَلَى سَبِيلِ الْحِمْيَةِ.
***
ثُمّ إِنّ لاَ شَيْءَ يَدْعُو لِلْقَلَقِ.
الْحَدَائِقُ نَفْسُهَا
مَا تَزَالُ لِلأَعْذَارِ.
نَفْسُ العُشّاقِ الْكَذّابِينَ
يَتَبَادَلُونَ فَوْقَ الْعُشْبِ الْخَيَالَ
وَيَرْسُمُونَ قُلُوباً مَعْطُوبَةً
فِي الْغَالِبِ.
سَلاّتُ الْمُهْمَلاَتِ نَفْسُهَا خَضْرَاءُ
مِثْلَ تُحَفٍ فِي بَازَارٍ.
وَالّذِي يَسْتَيْقِظُ عَادَة
قَبْلَ النّوْمِ
وَالّذِي لاَ يَفِيقُ إِلاّ
عِنْدَ حَاجَةِ الأَرْوَاحِ الطّيِّبَةِ.
سَيّارَاتُ الإِسْعَافِ مَا تَزَالُ بِزَعِيقِهَا الْكَرَوَانِ.
سَاعَةُ الْمَرْكَزِ نَفْسُهَا
بِعَطَبٍ فِي الْوَقْتِ.
صَارَ لَنَا أَطْفَالٌ
وَقِيلَ مُتْنَا ) على فكرة (
لاَ دَاعِيَ لِلْقَلَقِ
كُلُّ شَيْءٍ عَلَى مَا يُرَامُ
حَتّى إِنّ سُعَادُ
مَا تَزَالُ فِي الْمَكْتَبَةِ !
***
ثلاث نساء
الْفَرِحَاتُ بِالْيَانَصِيبِ
نِمْنَ مَعَ رِجَالٍ ضَاحِكِينَ.
الْحَزِينَاتُ
قَامَرْنَ عَلَى السّجَائِرِ
لِعَطَبٍ فِي الْجَمَالِ.
الدّمِيمَاتُ..الدّمِيمَاتُ
اللّوَاتِي ذَهَبْنَ وَحِيدَاتٍ
اسْتَظْهَرْنَ قَبْلَ النّوْمِ
عُشّاقاً مِكْسِيكِيِّينَ جِدًّا
وَشبِعْنَ!
***
لاَ أَحَدَ فِي انْتِظَارِ أَحَدٍ
فِي أَعْتَى الْحُرُوبِ الّتِي لاَ تَشْبَعُ. فِي غُرْفَةٍ بِأَرْبَعَةِ أَقفَالٍ وَغَازٍ. فِي مَطْبَخٍ صَغِيرٍ لِمَجَاعَةٍ فِي الرّأْسِ. فِي الشّارِعِ. فِي الْعَجَلاَتِ. فِي حَدَائِقِ الْفَاشِلاَتِ. فِي قَلْبِ الدّوْخَةِ الْبَارِدَةِ. فِي التّحِيَةِ بِأَطْرَافِ الْقَلْبِ. فِي الْقُبْلَةِ الّتِي لاَ تَنْطَلِي عَلَى خَدّ أَحَدٍ. فِي الضّحْكَةِ الصّفْرَاءِ. فِي اللّمْسَةِ الْقَارِسَةِ.فِي الأَقْدَامِ. فِي يَدٍ مُلاَكِمَةٍ عَلَى طُولِ الْمُصَافَحَةِ. فِي كَأْسٍ نَشْرَبُهَا لِنَنْسَى فَنَتَذَكّرُ. فِي الضّدّ الّذِي مِنْ أَجْلِهِ فَقَطْ. فِي عَقْلِ مَنْ يَقُولُ كَلاَماً ثَقِيلاً بِأَجْنِحَةٍ. فِي الْبَرِيدِ الّذِي لاَ يَقُولُ شَيْئاً. فِي الْعُمْرِ الّذِي يَمْضِي بِلاَ حَقَائِبَ. فِي ظَنّ الْمَلاَكِ عَلَى حَدّ الْوَاجِبِ. فِي الْوَاجِبِ سَاَعَة نَذْهَبُ إِلَى النّوْمِ. وَفِي النّوْمِ حَيْثُ لاَ نَبْدَأُ. فِي دَهْشَةِ الأَرْصِفَةِ بِثُقُوبٍ فِي الطّبَقَاتِ. فِي الْحَدْسِ الّذِي يَرَى. فِي الْعَيْنِ النّائِمَةِ. فِي الْقَدَمِ بِفِرَارٍ فِي الْخَيَالِ. فِي الْحِسَابِ الّذِي أَنْهَى الأَصَابِعَ. فِي هَاتِفِ الْعُمْرِ الّذِي يَرِنُّ لِلْمَعْذِرَةِ. فِي رَأْسِ الّذِي خَسِرَ الأَرْضَ كُلَّهَا دُونَ أَنْ يَرْبَحَ. فِي كُلّ الّذِي عَلَى الْبَالِ. فِيمَا عَدَاهُ. صَوّبْ عُزْلَتَكَ جَيّداً. الْعَالَمُ لَيْسَ لِلْهُوَاةِ. وَلاَ أَحَدَ فِي انْتِظَاِر أَحَدٍ.
***
تَمَارِينٌ فِي الْخَيَالِ
) … ( ثُمّ مَاذَا بَعْدَ هَذَا الْقَعْرِ. مَاذَا لَوْ كَانَتِ السّقْطَةُ بِحَاجَةٍ إِلَى خَيَالٍ أَكْبَرَ. وَإِلَى رُؤُوسٍ حَلِيقَةٍ تَنْزَلِقُ فَوْقَهَا الأَشْبَاحُ. سَقْطَتُكَ الْهَائِلَةُ. وَأَنْتَ تَرْعَى قَطِيعًا كَامِلاً مِنَ الأَعْطَالِ.
مَاذَا لَوْ تَخَيّلْتَ الأَمْرَ كُلّهُ مُجَرّدَ دَغْدَغَةِ أَبْرِيلَ.
) … ( وَهَلْ حَقًّا الْفِكْرَةُ الّتِي تَقْتُلُ. هِيَ نَفْسُهَا الْفِكْرَةُ الّتِي تَرْبَحُ؟
سُؤَالُكَ حَزِينٌ وَيَجْرِي فَوْقَهُ مَاءٌ.
حَاوِلْ أَنْ تَبْدُو هَادِئاً وَحَزِينًا فِي هَذَا الْوَقْتِ. لاَ شَيْءَ أَثْقَلَ مِنْ هَذِهِ الْخِفّةِ فِي شَيْءٍ.
وَأْنَت كَذَلِكَ. خُذْ لَكَ قِسْطًا شَاسِعاً مِنَ الأَحَدِ. وَلاَ تَكُنْ مَعْنِياً بِالْفَهْمِ. وَحَتّى لاَ تَفْزَعَ. لاَ تَلْتَفِتْ كَثِيرًا إِلَى الْخَلْفِ. حَيْثُ الْبَرْدُ وَاقِعِيٌّ فِي الْخَلْفِ وَلاَ يَمْزَحُ. وَعِوَضَ أَنْ تُلْقِي بِنَفْسِكَ فِي حِسَابٍ. تَذَكّرْ أَنّكَ فِي الطّابَقِ الْخَامِسِ. أَمَامَكَ خُيُولٌ لاَ تَرْكُضُ لأَجْلِ أَحَدٍ. وَأَنّكَ هَادِئٌ دَائِماً كَمَا فِي الْقَرْنِ الْمَاضِي. تَشْرَبُ النّبِيذَ الْبَارِدَ وَتَنَامُ مِثْلَ قِطْعَةِ خَشَبٍ. حِينَ كَانَتْ يَدُكَ مَثْقُوبَةٌ وَحَارّةٌ فَقَطْ.
وَحَتّى تَنْسَىكُنْ فِي الْمَاضِي دَائِماً. كَمَا لَوْ أَنّ ذَلِكَ يَصْلُحُ لِلْغِبْطَةِ. وَحَتّى إِذَا مَا كُنْتَ ذَكِياً وَلاَ تَحْلُمُ. جَرّبْ أَنْ تَكْذِبَ كَثِيراً. هُنَاكَ دَائِماً مَنْ سَيُصَدّقُكَ. وَهُوَ يَكْذِبُ مَعَ ذَلِكَ.
***
فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمُلاَكَمَةِ. لاَ تَدَعْ وَجْهَكَ يَبْدُو وَاضِحاً مِثْلَ إِفْلاَسٍ. هَذَا الْقَرْنُ حَادٌّ. وَبِعَجَلاَتٍ. تَجَنّبْ مَا اسْتَطَعْتَ أَنْ تَضْحَكَ مِنَ الْقَلْبِ. افْعَلْ ذَلِكَ فَقَطْ مِنَ الْعَضَلاَتِ. كُنْ الْغُمُوضَ الّذِي يُدْهِشُ. كُنْ بَشُوشاً عِنْدَ أَخْذِ الصُّوَرِ. حَارًّا فِي الْمُصَافَحَةِ. وَمُوغِلاً مَا أَمْكَنَ فِي الْحَذَرِ. ثُمّ حَذَارِ مِنْكَ أَوّلاً.
وَحَتّى تَنْطَلِي عَلَى نَفْسِكَ جَيّداً. دَعِ الأَمْرَ يَبْدُو حَقِيقِياً هَذِهِ الْمَرّةَ. وَلاَ تَنْسَ. وَأَنْتَ عَائِدٌ إِلَى الْبَيْتِ. أَنْ تَنْسَى ذَلِكَ.
***
وَأَنْتَ مُوغِلٌ فِيكَ. لاَ بَأْسَ أَنْ تَتَذَكّرَ شَيْئاً وَاحِداً عَلَى الأَقَلّ. أَقْدَامُكَ الْكَثِيرَةُ فِي الأَرْضِ. وَعَضَلاَتُكَ الّتِي فَاقَتِ الْمَقَاسَاتِ. لَيْسَتَا الطّرَفَ الرّابِحَ فِي الْوِجْهَةِ. أَصَابِعُكَ هِيَ الأُخْرَى. لَمْ تَعُدْ تَصْلُحُ لإِسْمَنْتٍ.
يَاهْ ! كَمْ صِرْتَ رَخْوًا. وَبِلاَ حَيَوَانٍ.
كُنْ وَاقِعِياً مَعَ الْعَوْلَمَةِ. الأَمْرُ هَكَذَا فِي غَايَةِ الْعَطَبِ.
وَحَتّى لاَ أَنْسَى. بِإِمْكَانِكَ أَنْ تَسْتَحِمّ فِي النّهْرِ مَرّتَيْنِ. أَنْتَ الآنَ فِي ذِهْنِ الْغَرَقِ.
***
شَيْءٌ أَخِيرٌ فَقَطْ.
تَذَكّرْ أَنّكَ مَازِلْتَ فِي الطّابَقِ الْخَامِسِ.
لَمْ تَغْرِقْ بَعْدُ.
تَشْرَبُ النّبَيذَ الْبَارِدَ.
وَلاَ تَكْذِبُ عَلَى أَحَدٍ.
إقرأ أيضاً:-