ترجمة: أحمد عثمان
لم يعرف القارئ العربي من الأدب التركي المعاصر سوى ناظم حكمت شاعرا، وعزيز نيسين وياشار كمال في السرد القصصي والروائي، رغم ان تركيا، هذا البلد الشرقي المجاور، قد يكون الاقرب الينا ثقافيا وحضاريا. فما سر قلة الترجمة العربية من هذا الأدب؟ سؤال نطرحه على المترجمين الذين قدموا لنا الاسماء والتجارب المذكورة أعلاه.
هنا، في هذه العجالة نقدم ثلاثة من شعراء تركيا المعاصرين الذين يتناولون هموم الانسان والوجود على نحو يرتبط بالحياة المعاصرة واشكالياتها.
*****
عطاء الله بهرام أوغلو
ولد في مدينة كاتلكا عام 1942. حاصل على دبلوم في اللغة الروسية والشهادة العليا في الآداب من جامعة أنقرة. عضو مجلس إدارة المسرح البلدي في اسطنبول. مدير تحرير العديد من المطبوعات. يعيش أغلب الوقت في باريس.
من دواوينه : “الجنرال الأرمني”، “في يوم ما بالتأكيد”، “قصائد الرحلة، الشجاعة، المعركة”، “لا المطر ولا القصيدة”، “نبحث عن مواطن طيب”، “ابريل الأخير”.
يوم البهو
وضعوا شبكة معدنية بيني وبين طفلي،
طفلي يبلغ من العمر عامين ونصف.
*
طفلي يرغب في ملاقاتي
كعصفور يرتطم بعشه.
*
وضعوا شبكة أسلاك شائكة بيني وبين طفلي،
سميكة للغاية على صفين.
*
“لا تختف يا والدي”، قال طفلي
في نبرة لائمة وبنظرة مقاومة...
*
وضعوا هوة بيني وبين طفلي،
هوة تفصل بين السعادة والنفور.
*
وأنا - كالغبي - أفكر في
أنه من الصعب أن أكون قاسيا إلى هذه الدرجة.
******
عطيلة الهان
ولد في “مرمرة” 1925 درس الحقوق في اسطنبول. عمل صحافيا. من دواوينه : “الحائط”، “لا أستطيع الكلام معك”، “الحب في مواجهة الممنوع”، “يوميات سجين” و”حزننا تحت اليد”.
الحزن تحت اليد
تحدثنا،
في ما مضى، في الأماكن الضائعة
نضحك ملء حناجرنا المشرعة
وقد طابت أجنحة العصافير بضحكنا
النرجيلة ذات الفحم تقص كثيرا من الحكايات
تبدلت الأزمنة
العزلة سكنتنا
حتى العذاب انقض علينا
آه! أين شبابنا
حيث تتكسر لفائف الدخان على الشاطئ الرملي
حيث تتقابل السماء والأرض في قصائد الغزل
حزننا تحت اليد
لكن كيف ننسى، في طرف المدينة،
النيران المتلألئة كعناقيد مبرقشة في الليل
آلات الساز عاشقة في جنون
للأكواب المجمعة شرف القمر
تقريبا كالأعراس
لا تترك الحياة آثارا على الزمن
تسقط من عدم إلى عدم
حتى كأننا نرتد إلى جديد
حزننا تحت اليد.
********
بهجت نساتيجل
1916-1979
درس اللغة والآداب التركية في المدرسة العليا للتربية، قبل أن يحترف ممارسة التدريس في قارس وزنجولداك واسطنبول. موضوعه المفضل هو وحدة الإنسان وقلقه الوجودي. من دواوينه : “البازار”، “الأرض القديمة”، “فصل الصيف”، و”السادة”.
الصوت
غالبا، نرى جيدا
ما يتبقى في العام تحت الجرف الثلجي.
*
غالبا، نرى جيدا
أن امرأة واقفة هناك
تنتحب شيئا ما،
أن رجلا يصرخ،
ينادي أحدا لا مرئياً.
*
لكنا لا نسمع أبدا.
- الصوت
بقدر ما هناك غياب لكل الأصوات بقدر ما لا يوجد أي شيء.
*******
دائرة
بما أن التدمير والبناء لا يقعان في نفس اليوم
في الظهيرة دفنت صديقا، في المساء أقمت حفلا.
أهو ذنبي أم ذنب الزمن؟
*
ثم سقطت على كفي وركبتي
وانتصبت واقفا كالزاوية القائمة.
أهو ذنبي أم ذنب الزمن؟
*
حلمت كثيرا بالفضيلة، ربما.
وبما أنها حاضرة دوما في المسجد
يتعلق الأمر بكتاب واضح، وهذا جلي،
أهو ذنبي أم ذنب الزمن؟
الخليج
2006-06-05