زياد العناني
(الأردن)

تراتيل أنثىمن التمائم المعلقة على باب وحدتها تبدأ الشاعرة آنو السرحان في مجموعتها الأولى "تراتيل أنثى" الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر فاتحة نافذة البوح على المشاغبة طارحة نفسها في دائرة الأنثى الشرقية الكارهة تماما للقانون الشرقي الذي جعل من انكسارتها تتدفق متوجعة لتقول ما بين العتمة والمنديل الأبيض بان الفراق أقوى هزائم الحب:

"رحل ليلا
ترك لي
حضنه الشاسع كمدى
ظله على جسدي
وصوته بين نهدي كهمس
فجر في يوم ماطر"

وتكتب فوق حوائط الرغبات ما تجنح اليه وما تسمو به روحها الأنثوية الرافضة لرجولة قد تقتات عليها في شبه تصعيد للأنفاس الرومنسية التي طغت على قصائد هذه المجموعة التي تنبئ عن شاعرة تشكل مفردة عاطفة متألمة ومليئة بالدموع تحلم بضوء القمر وتتمنى لو تعود الى جدائلها الطويلة لترجع الى عالم الطفولة محاولة الوصول الى خلاص فردي يستثني الحبيب الذي قرر الفراق ونطق بحرق الحلم الوحيد ثم تناجيه قائلة:

"ألن تتوق الى تلك الشوارع المزدحمة?
الى الزوايا والساحات التي شهدت
(جرحنا)
الى عناق روحينا تحت المطر
الى تقبيل النبيذ على شفتي"

في حالة تشبه الزهو الاكتئابي في تأرجحها في منطقة محدودة يجد المحبون أنفسهم ضمنها دون فكاك أو انعتاق فتأتي المشاعر متدفقة يتلاعب فيها أمل يتدلى فوق رأس الشاعرة التي تستحضر قلة الحيلة التي تغير كل شيء:

"قلة الحيلة
(تستلقي) مجهدة في أحضان شهوتنا
أضغاث خصامنا
اسحقها, احرقها
أرى بين السطور رعشات ألم
بصبر كاذب انتظر وداعا
أعيش غربة تنسجها
ولأنك لا تشبه غيرك
يذوب في نفسي أي طعم للندم"

وتتابع الشاعرة السرحان رسم عواطفها ضمن بيان نفسي يظهر ما تضمره من عواطف ضاغطة في مجمل المجموعة التي خصصت على ما يبدو في اتجاه يتمظهر بين ذات الشاعرة من جهة وبين ذات الحبيب من جهة اخرى يقف بنا على ماسوشية واضحة تستعذب الألم وتعاش في الشرق المحاط بالمنع وبكل أدواته الشهيرة القائمة على وضع الإنسان تحت نير بطركة تتنوع وتتعاظم في الاتجاهات كافة.

اللافت في مجموعة تراتيل أنثى ان الشاعرة آنو السرحان لم تختر قصائدها بعيدا عن الزوائد والتكرار التي غصت بها حين حددت مفرداتها في الحب وفي الفراق وفي الكتابة لرجل غسل أحزانها بضوء القمر كل هذه القصائد ا! لمتشابهة.

كان بإمكان الشاعرة ان تكتب قصيدة طويلة أو حتى قصيدتين في هذا المضمار وتجعل من بقية المجموعة حاضنة للتنوع الشعري الذي يأخذ الآن جملة من الطبائع الجديدة المشتبكة مع المعنى خصوصا وأنها تملك أنفاس كتابة يمكن لها ان تتناول الهمّ الإنساني والوجودي الذي يجعل من قصيدتها قصيدة تفاصيل مليء بالتنوع والتجديد.