(مقدمة لدراسة حضور الجسد في شعر المرآة العربية الآن)

عن دار " كلاباس" « Clapas » صدر للشاعر السوري صالح دياب كتاب جديد بعنوان: Récipient de douleurs "وعاء الآلام". الكتاب هو مقدمة لدراسة حضور الجسد في شعر المرأة العربية منذ نازك الملائكة حتى أيامنا هذه .
هنا مختارات من الكتاب خاصة بكيكا:

الجسد بوصفه روحا

صالح ديابوإنما سمي الدم نفسا لأن النفس تخرج بخروجه." ومما يحيل على الجسد تماما القول "والنفس الجسد " [1]
من هنا نجد أن العلاقة بين الجسد والنفس والدم والروح علاقة متداخلة جدا، بحيث تمر أحدهما على الآخر، لا بل أحيانا يتطابق أحدهما تطابقا تاما مع الآخر بحيث يعنيه تماما. أيضا هنا تدخل متقاطعة كلمة أخرى مع النفس، ومن ثم تتقاطع مع الجسد أيضا، وهي الرغبة "وشيء نفيس أي يتنافس فيه ويرغب، ونفس الشيء،بالضم، نفاسة، فهو نفيس ونافس:رفع وصار مرغوبا فيه. يقال أن الذي ذكرت لمنفوس فيه أي مرغوب فيه أنفسني فيه ونفسني :رغبني فيه ." ص ( 236 ) .
وفي اللغة المحكية يتم وصف العضو الجنسي بنفس وروح وحياة "ما عندي نفس......روح....حياة" فقضيب الرجل روحه ونفسه و حياته." عضوي بارد كالموت...انه ميت...حياتي ماتت "

نازك الملائكة

تبدأ القصيدة بالحديث عن طريق الحب ومنعرجاته والضباب الذي يلفه والشكوك التي تعتريه ، ثم تصل إلى المقطع الثاني حيث تتحدث عن الحب بوصفه طريقا عجيبا مثيرا ،وفي المقطع الرابع وهو المقطع الذي يمكن تناوله بالتحليل والذي يحيل على الكظم والرغبة المقموعة والمحجوبة بحجب لانهائية ،يتجلى ذلك في العالم المادي الذي تشيعه الشاعرة في هذا المقطع وهو عالم يتألف من مفرزات الجسد، فضلا عن سوائل أخرى لا تخفى رمزيتها الجسدية.

فدوى طوقان

تجيء بعد ذلك حالة النشوة التي تعبر عنها الشاعرة بشربنا ....حتى ارتوينا . كل ما في القصيدة ينقلنا إلى الجسد ليس استعمال الأفعال التي تحيل عليه فحسب بل أيضا عبر استعمال أعضاءه مثل :يدي،الجبين،الرأس ، العينين.والشاعرة في فترتها المحافظة تسجل هنا تقدما وجرأة خصوصا إذا ما ربطنا هذه القصيدة بحياتها وعائلتها المحافظة.

مرام المصري

إن الشيطان الذي هو قمة الذكورة الملتفة والمنغلقة على ذاتها مدخل لتحولات الأنثوي في المجتمع الأيري، الذي كي يستمر عليه أن يتذكرن، و كي يتأنث عليه أن يتقمص الذكورة ويتلبس بها . فالتحول الى شيطان هو خروج من فضاء الأنوثة الى فضاء الذكورة المحض المطلقة ،أما تعصيب عيون الملائكة فهو إنزال الستار على ماهو حيادي تماما أي ليس ذكرا ولا مؤنثا وهو أيضا محارب ويدخل تحت نطاق التابوات والمسكوت عنه.

آمال موسى

تتأثث القصيدة على كبت انفعالات الجسد الحارة سلبا أو إيجابا، تلك الانفعالات التي تتصل اتصالا بما هو يومي حياتي ، والتي تبدو واضحة من خلال المكابدة الجسدية، المكابدة التي تجد هي الأخرى ما يوازيها ويشتغل معها على صعيد اللغة ذاتها المكتوبة بتعب وبتأن واضحين ، الى الحد الذي نشعر فيه بالتعب والعرق يتصبب، جراء التشكيل اللغوي ودفع النص الى منتهاه هذا من جهة ،من جهة أخرى يبدو التعب الذي تتم إضاءته في فضاءات القصيدة تعب الروح والجسد الذي يؤول في النهاية الى خلاص حميمي يعبر عنه ب "السرير الصغير".

عنايه جابر

أن ألم الجسد وارتباكه، وارتباط ذلك بالسلوكيات النفسية لصاحبه في علاقته بالجسد الآخر، من خلال الملامسات التي عادة تحصل بين العاشقين تحت الطاولات في حضور الآخرين. والشاعرة إذ تتناول هذه الواقعة المتكررة دائما، تجعل من اليد الأخرى ضوءا في الظلام، وهي هنا تعود الى ثنائية الضوء المذكر والليل المؤنث لتسم بها جسد الآخر الذي يخترق الليل المؤنث عبر اليد ، منهية اللقاء بالأيدي بالنشوة المشتركة ما بين الجسدين عبر الملامسة.

صباح زوين

الجسدان لا يلتقيان ولا يتواصلان. إنهما عاجزان عن التواصل والاتصال لكنهما يقطنان في الشوق والانجذاب .هذا الشوق والانجذاب ليس ايجابيا كما انه لا يؤدي الى الفرح أو اللذة . على العكس إنهما يقطنان في الموت والعذاب.إنهما جسدان، الحب لديهما لا يختلف عن الموت، ملعونان. نجد في النص عنفا شديدا في المشاعر التي يحملها الجسد الداخل في الالتباس و الغموض ناحية الأحاسيس .الرغبات العنيفة والمتفجرة تقود الى الموت .إنها مأساة عدم التحقق العنيف .الإحساس بالموت هنا هو اللاهوت الذي نحمله فينا دائما.

فوزية السندي

من خلال الحوار يتحول الجسد رويدا رويدا إلى مكان تعظيم وتفخيم .التعظيم والتفخيم لا ينتجان من العملية الشعرية نفسها بل من خلال إغداق كم كبير من الصفات ونسب عدد غير محدود من الأفعال الى الجسد . ميزة هذا الخيار أنه يمكن أن يقول أي شيء إلا أن يكشف ويقترب من الجسد اقترابا ملموسا بحيث يضيء التجربة .إنها أشبه بمن يدخل في شوارع فرعية كثيرة جدا ثم ما يلبث أن يضيّع المركز الأساسي الذي انطلق منه.

ايمان مرسال

هنا حوار بين الذكورة والأنوثة على رقعة الرغبات التي يحاول الذكر أن يحد من وجودها بالنسبة للأنثى في سبيل إشباع حضوره الذكوري. تستعمل هنا المقولة الشهيرة العربية" لكي تنجح احفظ لسانك وفرجك".ما يعني قتل الروح والجسد في سبيل حضور جسدي مقونن بالقيم الدينية والعرفية أيضا .فأن تكون المرأة "ألفة الفصل"والمفردة هنا مأخوذة من اللغة المحكية المصرية أي رئيسة القسم في المدرسة ، ما عليها سوى أن تزيح رغباتها . و أن تفعل ما يريده منها الذكر كي تشبه من أحب أي أن تخرج من ذاتها لتتقمص شكلا آخر، متخيلا، محفوظا في ذهن الرجل الزوج أو الحبيب.

عنوان الناشر:
clapassos@wnadoo.fr

موقع الناشر:
www.clapassos.com

صالح دياب
salehdiab@hotmail.com

عن (كيكا)