من الأصوات النادرة والخاصة في قصيدة النثر. إطلالته أواخر السبعينيات جاءت لتشكّل منعطفاً في المسار الشعري لجيل كامل يبحث عن آفاق جديدة، متسلّلاً خارج «تاريخ محمّل بالقضايا والصراخ والنبوة والتمرد والإحباط». الشاعر والناقد والمترجم اللبناني الذي عاشر الموت طويلاً، رحل أمس في أوّل خمسينياته، ووري في الثرى في «مقبرة صيدا الجديدة»

حسين بن حمزة

حسين بن حمزةكتب بسام حجّار (1955 -ـ 2009) قصائد كثيرة عن الموت. خصَّهُ بقصائد كاملة، ولكن قصائد أخرى أيضاً لم تنجُ من ذكرٍ للموت. نحن، قرّاءه وأصدقاءه، كنّا نعرف أنّ الموت أحد مفردات معجمه. هو نفسه عدَّه ضمن القائمة القصيرة لمعجمه الشعري، وثبَّت ذلك في مقدمة كتابه «سوف تحيا من بعدي» الذي ضمّ ثلاثاً من مجموعاته الشعرية ومختارات من اثنتين أخريين.
ظننّا أن الإكثار من ذكر الموت قد يتحول إلى تميمةٍ أو تعويذة تردعه أو تؤجِّله عن بسام حجار الشخص. لم يقلِّب شاعر عربي حديث الموتَ على وجوهه ومعانيه واستعاراته الكثيرة كما فعل بسام حجار.
استفاض في ذلك إلى حدٍّ يسمح لنا بالقول إنه جاور الموت وعاش بصحبة موتاه الأعزاء، والده يوسف وأخته دلال خصوصاً، أكثر من مكوثه بين الأحياء.
ثمة مادة مأسوية كثيفة ومحبَّبة في شعر بسام حجّار كلّه. الحياة كانت دوماً قليلة ومتقشّفة وزاهدة... وبالكاد معيشة لفرط ما يرافقها من آلام الوجود ومشاقِّه. القلَّة هنا هي طموح شعري أيضاً. الشعر الجيد قليل دوماً.
كنا نقرأ قصائد بسام حجار ممتنّين للهدايا الشعرية التي يهبها لنا في كل ديوان جديد. كل إصدار كان حدثاً شعرياً بالنسبة إلى الشغوفين بالشعر المقطَّر والصافي والصامت. خافتة كانت نبرته. خافتة وحزينة. وحين أصدر مجموعته الأولى لم يجد لها عنواناً أفضل من «مشاغل رجل هادئ جداً» (1980). كان ذاك العنوان واحداً من عناوين ذات جرْسٍ مختلف، أطلَّ بها هو وعدد من شعراء منعطف أواخر السبعينيات وبداية الثمانينيات على المشهد الشعري العربي، كاشفين عن ممارسات وحساسيات ومذاقات نضرة وطازجة.
هو نفسه استثقل مرةً أن يرث، هو وأبناء جيله، «تاريخاً محمّلاً بالقضايا والصراخ والنبوة والتمرد والإحباط... وكان ميراثاً غاضباً، ولم يكن يوماً ميراثاً حزيناً». في الحزن والألم والعزلة والحياة الخفيضة.. وجد بسام جملته وطمأنينته الشعرية. اكتفى بمسامرة الألم والوحشة الشخصية، والاعتناء بالمواضع العزيزة التي أخلاها موتاه.
«لا أعرف إذا كان أبي قد أحبَّ الموت»، كتب في «مجرد تعب» (1993). ونحن لا نعرف إن كان ثمة جدوى أن نسأل الآن إن كان هو قد أحبّ الموت لكثرة ما صادقه وعاشر آثاره؟ هل نصدِّق أن الشاعر الذي ظلت حياته تحكُّ خَطْمَها بقبور الموتى، توقف عن التنفس (كان يحلو له أن يقول «مشقة التنفس») وتكوّم هناك بلا حراكٍ منتظراً «أن يغطّوا بالأبيض غيابه» كما كتب في قصيدة له.
الشاعر الذي حضر الموت (والغياب والفقدان) متفرقاً في دواوينه المتتالية، لم يكن بلا دلالةٍ أن يهجم بكثافة، محتلاً كل ديوانه الأخير «تفسير الرخام» (2006) الذي احتوى ثلاث قصائد فقط. لم يكتب بسام حجار مراثيَ تقليدية. إذْ كيف تمكن كتابة مراثٍ لموتى لم يكفّوا عن زيارة الشاعر والتجوال في غرف حياته وممراتها؟ كيف السبيل إلى إنجاز مرثية لموتٍ صار مقيماً لكثرة ما استُعيد واستُئنس به.
الموت هنا، كغيره من الموضوعات، ممارسة شعرية. كان الموت فنَّ بسام حجار الشخصي.
ولهذا كان يبرع في جعلنا نصدق أن الموتى كسروا إناءً أو مزهريةً أثناء تجوالهم في منزل حياته: «لا تجمع الكِسرة إلى الكِسرة/ لكي تقول بحبور القائل: هذا إناءٌ معافى/ أو/ هذه المزهرية التي حفظت روحي/ لن تبرأ من الكسور حطامها/ لن تبرأ من فتنة لمعانها البارد/ كسوراً متناثرة على البلاط/ مبعثرةً/ بين الخُطى الرقيقة/ لطيفٍ منزلي/ ربما كان أختاً أو أباً». هذا المقطع مستلٌّ من قصيدة «تفسير الرخام» التي جالس فيها الشاعر الموت داخل منزل يسمح له بأن يطلَّ على أعوام عمره التي تنقضي كحافلة مسرعة.
كانت القصيدة أشبه بمرثية ذاتية مسبقة لموت آتٍ: «لا أبالي بي/ إذا متُّ أمسِ/ أو اليوم/ أو اليوم الذي يلي/ ولا أبالي بي/ إن بقيت حياً/ لأيامٍ/ لأعوامٍ أخرى/ فلم يبقَ لي ما أصنعه برجائي/ بالشهوات التي تبقّت/ لم يبقَ ما أصنعه بمتَّسعِ اليوم/ كلّ يوم». في القصيدة نفسها، فكر الشاعر أنّ الحجر (الرخام/ القبر) هو موطنه ودارته البعيدة، وأن الحياة جعلته «متفرجاً على ميتاتٍ صغيرة».
بالمعنى الشعري، بسام حجار لم يمت. كل ما فعله أنه قفز إلى الضفة إلى الأخرى. الشاعر الذي واظبَ الموتى على زيارته، ذهب ... ليردَّ الزيارة.

مئات السنوات الضوئية

زكريا محمد *

زكريا محمدلا يصلح لبسام حجار أن نقول عنه «الشاعر الكبير». لا ينفع معه هذا الوصف أبداً. فهو من ذلك الطراز من الشعراء الذين وضعوا الشعر في مرتبة أعلى من الشاعر. معه، ومع أمثاله، صار الشاعر خادماً للشعر لا سيداً له. لذا فشعره هو «الكبير». بسام جعل الشعر هو النجم لا الشاعر. وكي لا ينافس الشاعر شعره، فقد اختار لنفسه مظهراً لا يوحي أبداً بمظهر شاعر أو شاعر كبير. مظهر هادئ وديع يختلف بشدة عن الصورة المألوفة للشاعر. لقد ترك لنجمه الشعري أن يتوهج. أما هو، فاختفى وراء الكواليس. وربما ظن أحد ما أن شعره أيضاً يضيء كنجم هادئ وديع. لكنّ هذا بسبب بعده وعمقه فقط. إنّه مثل نجم يبعد عنّا مئات السنوات الضوئية، فيبدو ضوؤه ناعماً هادئاً. أما حقيقته البعيدة، فمتفجرة وملتهبة إلى أقصى الحدود.لا أستطيع أن أكتب عن بسام كشخص. فقد التقيته مرات قليلة جداً. وكان هو مبتعداً، وكنت أنا أكثر ابتعاداً. بالكاد كلّمنا بعضنا بعضاً. بالكاد قلنا جملة أو جملتين، ثم مضى كل لطيّته.
الشكر لك يا بسام على أنك ذوّقتنا كلماتك. على أنّك ألقيت بضوئك على وجوهنا!

* شاعر فلسطيني

سوف تحيا من بعدنا

بيار أبي صعب

بيار أبي صعبشاعر آخر ينسحب، بعدما أطال الوقوف على أطلال ذاته. بسّام حجّار شاعر خافت مقتضب وخفيف، هوائي في ذروة ألمه وامّحائه. «كانت تحدّق في المكان البعيد/ كأنّها تراني/ وكنت أعرف أنّي، هناك/ في المكان البعيد،/ حيث تراني». تخاله لبس طاقيّة الإخفاء من زمن بعيد. بلوريّاً شفيفاً يستعيد المشاهد الهاربة نفسها، والحيوات الضائعة، على المسرح نفسه، مع الأطياف نفسها، في الديكور الأليف المحصّن بالظلال. يساكن الخسارة والفقد والغياب، وحده صامتاً كنبيّ. في عزلة الغرف الداخليّة، مع الأدوات والأكسسوارات التي تنقلب وظائفها داخل معادلة شعريّة مكثّفة ومختزلة... إنها قطع من حياة ممكنة، داخل القصيدة تعيش تحوّلاتها السحريّة، وسط تشابك الأزمنة وتقاطع الحكايات والتداعيات. «أتبصر شرفةً مضاءة؟/ إنّها قلبي/ أيّها الغريب!». أوائل الثمانينيات، في مقهى «الإكسبرس»... كان بسّام يبدو للطالب الخجول الهائم على «رصيف بيروت» كأنّه حقّق كلّ شيء... يعمل في «النداء» ويكتب قصيدة النثر. ماذا يمكن أن يطلب المرء أكثر من ذلك؟ تحت سماء بيروت كانت الحياة جميلة وممكنة. بعدها بسنوات وانهيارات ومآتم، صار يكتب مقالات سياسيّة لا أقرأها... لكن تلك القصيدة بقيت على بهائها، صارت كلّ شيء. صار الشاعر يقيم فيها. «سألت الرجل الذي كنته قبل عام لمَ لا أراني بينهم». نحن نراه، أكثر من أي وقت. نبحث في شعره عن ذواتنا الهاربة، عن موتنا الحميم كاستراحة ممكنة. نستعيد عنوان الأنطولوجيا الشعريّة التي صدرت له في القاهرة قبل سنوات عن «الهيئة العامة لقصور الثقافة»، لنقول للشاعر الذي مضى على رؤوس أصابعه في الرابعة والخمسين: «سوف تحيا من بعدنا»...

بين ظلال كثيرة

نجوان درويش

بسام حجاراستيقظتَ قبيل الظهيرة. متأخراً ومتنكداً. من الشبّاك، عرفتَ أنّها أمطرت كثيراً بينما كنتَ نائماً. لا حيلة لك مع مزاجك الذي ضرب أثناء تنقّلك بين أنفاق وبيوت مهجورة في النوم.
رغم كل شيء بإمكانك أن تلمح قطعة من السماء وأشجاراً من الشبّاك.
ولكن هذا لا يكفي لتعالج مزاجاً ضُرب في مطلع اليوم.
«في المرّة الأولى، تقول، حسناً لم أفقد سوى روحي وهي متعبة. فلا بأس.
في المرّة الثانية تقول: تعب جسدي منّي وأبى أن يحملني أعواماً أخرى وغادرني.
وفي المرّة الثالثة لا تقول شيئاً. فما الذي بقي؟ لم يبق شيء ليغادرك، فلا تنتبه. تصبح ظلاً بين الظلال الكثيرة».
صاحب هذه «الظلال» هو بسّام حجّار... يعيش سكرات موته. أو لعلّه انتقل في هذه الساعة.
هذا ما كتبته لك صديقة من بيروت صباح اليوم. تقرأ «الإيميل» على عجل من دون أن تستيقظ تماماً ولا تركّز كثيراً... تتجاهل الفقرة الأخيرة بالذات. وتبدأ بقراءة ما تستطيع من جرائد اليوم من شاشة الكمبيوتر. يسوء مزاجك أكثر مما تسمّيه «وعياً مهزوماً» و«انحطاطاً»... إلخ
يصلك إيميل آخر، قاطعاً ومختصراً: «نجوان، بسام حجّار توفي اليوم، بليز بدنا منك قطعة زغيرة عنو، ناطرة جوابك».
تتأمّل اللغة المهنية الحاسمة لزميلتك، وتفكّر للحظة إن كان يحق لك أن تكتب شيئاً في هذا المقام. وتفكّر بـ«ناطرة جوابك». تفكّر أيضاً بطقس صفحات الوداع كلّما رحل شاعر أو صاحب أثر في «الحياة الثقافية». تخاف كثيراً من تحوّل المشاعر والأفكار إلى قوالب وأنماط.. تخاف الابتذال. التقدم إلى ساحة القول ليس عملاً، الأساس أن يكون لديك ما تقوله.
تتأمل هذا «الواجب» (صفحات الوداع) وتقول لنفسك: رغم ما فيه من برّانية فهو أفضل من أن يمرّ رحيل هؤلاء الأقرباء في صمت. صمت اللامبالاة تحديداً. هذه آخر بادرة احترام يمكننا أن نقدمها لمن تركوا أثراً في حياتنا، ولمن جمعتنا معهم مشاغل الكلمات والأفكار والصور. بادرة متأخرة ربما، وغير ضرورية لهم على الأرجح. «إنّهم ما عادوا في حاجة إلينا أولاء الذين بكّروا إلى الرّحيل»، كما يقتبس بسّام في أحد كتبه من ريلكه.
إنّ هذه التلويحات الوداعيّة - على هيئة صفحات جرائد - ضرورية لنا، لكي نرمّم فكرة الحياة أمام ذواتنا وأمام الحياة نفسها. ضرورية لتجاوز فكرة أنّ شاعراً غادر وأننا مرتبكون ونحن ننظر من بعيد إلى شُرفته المضاءة.

وقف على أطلال الذات... ومضى

نوال العلي

نوال العليحمّلني الشاعر طاهر رياض أمانةً لم أصُنها، أن آخذ نسخةً من ديوانه إلى صديقه بسّام حجّار. كل يوم أفتح الدرج، أنظر إلى الكتاب، وأهجس بأن غداً سأحمله إليه. مرةً اتصلت ووعدته بإيصال الديوان ثم نكثت. كتب رياض إهداءً: «بسّام تظلّ الأقرب إلى القلب». والآن، سأعاقب نفسي بأن يبقى الكتاب معي ريثما أموت أو يعود بسّام.
ترك بسام حجّار أكثر المهن قسوةً؛ مهنة العيش وشغل التنقّل من يومٍ إلى الذي يليه فالذي يليه فالذي... كان الموت مكاناً شعرياً ومأرباً جعلت منه القصيدة عالماً مألوفاً. إذ استغرق حياة حجّار الشعرية بأكلمها «وما علمتُ قبل الآن أنّ/ يدي البلا ملمس/ هي يد الميّت الذي كنتُه/ وقلبي قربة من البكاء/ وجسمي فزّاعة طير/ ُصبّت في برّية موحشة/ حيث لا تنضج ثمار».
وإن كانت العرب تردد حديثها عن «عيون الشعر العربي» بقصد الإشارة في كثير من الأحيان إلى روائع الجاهلية، فإن بسّام حجّار هو شاعر قصيدة النثر الجاهليّ. ولشدّ ما يلامس قارئ شعر حجّار ذلك التناقض الجميل بأنّ مرجعيّة هذه الصنعة الغربيّة لديه هي شعر طرفة وابن الريب. ولا أدلّ على ذلك من مطوّلته المعنونة «حين تكون السماء ليلاً، حين يكون الليل سماء»، وهي واحدةٌ من عيون قصيدة النّثر العربيّة، وفيها يطلب حجّار الموت راثياً نفسه الممزّقة كشراعٍ طلع عليه النهار بعد ليل عاصف، فعله في ذلك كفعل الشعراء من قبل. إنّها قصيدة وقف فيها حجّار على الطلل يبكيه أيضاً، ليس طلل البيوت بل ما بقي من الذات.
يفتتح حجّار قصيدته بقوله «خذني الآنَ/ إذا كنت لا تأنف الرّكام/ ولا تمهلني عاماً آخر». يبدو الحديث لسامعه كأنه استكمال لحوارٍ جرى من قبل، يخاطب الشاعر الموت آمراً لا ملتمساً. إذ تشي روح قصيدته بأنّه والموت خليلان، وأنّ بوسعه أن يطلب منه بهذه اللهجة الخالية من الاستجداء؛ ألا يقول «الميّت الذي كنته»، فالموت فعلٌ حدث وانقضى، ولم يبق الآن سوى استكماله في صورته الأخيرة.
ويبلغ الشاعر ذروة التنكيل بذاته، كمن لحقت به لعنةٌ يقول «عيناي عمياوان لا تُبصران/ وإن أبصرتا/ صار النبات ملحاً/ أو صار كُلّ رقراق جماداً». أيّ ألم، وأيّ معنى، وأيّة لغة مُحكمة بعيدة عن الغموض والرموز التي أهرقها الشعراء بحجّة النثر!
«لم أعثر في حطامي على اليد/ الّتي كانت تدلُّ/ على الأنفاس الّتي كانت تحيي/ فما الّذي يحي الحُطام؟/ أحببت الوردة/ ولشدّة ما أحببتُ/ جفّت البتلاتُ». ها هو ذا حجّار يصف نفسه في صورة مركبة لمن تخلّت عنه الحياة ولا يجد في الشعر عزاءً: «الفمُ ما أعانه النّطق يوماً وما أعانه الصّمت». واليدُ التي دلّت وكتبت ولمست باتت تخصّ الميّت فلا ملمس لها، وفي سطرٍ آخر «اليد التي أيبست الوردة ويبست حزناً عليها».
القصيدة تحافظ على إيقاعها من دون تكرار أو فائض، كأنّها جنّاز كنسيّ منضبط، أو كربلائية ذاتية استخدم حجّار فيها كل مفردات القسوة ودلالاتها، ولم يترك لنفسه ثغرة. أنت مع قصيدته تفتقد الأمل وتشعر بضآلته أمام «قسوة أن أريد ما أحبّ/ وأن أفقد ما أحبّ/ وأن أجعل البقاء تمارين عادةٍ/ كالعيش/ أو التدخين/ وأودّ الشّفاء منها/ ولا شفاء».
«بلى»، يبدأ مقطعٌ آخر من القصيدة المنشورة في ديوانه «بضعة أشياء» (دار الجمل -ـ 1997) في إشارة إلى أخذٍ وردٍ طويلين، يرفض الموت طلبه، وبسّام يُلحّ فيه بحزنٍ جزيل، فيتحدث عن بئرٍ عميقةٍ «أحبّ» أن يسقط فيها، وعن عتمتين «هي السّماء حين تكون ليلاً/ وهي الليل حين يكون سماءً/ ولا أدري/ بين العتمتين كيف أقمتُ/ أربعين عاماً وما انتبهتُ/ وما أيقظني أحدٌ/ إلّا الملاك».

سيرة

خاض بسّام حجّار في أكثر من مجال أدبي وإبداعي. فهو المترجم المرهف واللبق الذي نقل إلى المكتبة العربيّة مؤلفات إبداعيّة ونظريّة في مجالات مختلفة. وهو الشاعر الذي يعتبر من علامات جيله عربيّاً. وهو الصحافي والناقد الذي واكب الحركة الثقافيّة والفكريّة والأدبيّة عربيّاً وأوروبيّاً وعالميّاً.
ولد في 13 آب (أغسطس) 1955 ودرس الفلسفة في الجامعة اللبنانيّة، ثمّ تخرّج من جامعة السوربون في باريس حاملاً دبلوماً في الدراسات المعمّقة في الفلسفة. بدأ العمل في الصحافة منذ 1978 فعمل في جريدة «النداء» و«النهار» و«السفير». انتقل إلى جريدة «المستقبل» محرراً في ملحق «نوافذ» الثقافيّ وبقي فيه حتّى وفاته أمس بعد معاناة مع مرض السرطان.
في مجال الترجمة، عرّب أكثر من 60 عملاً في الفلسفة والعلوم الاجتماعية والرواية، منها مؤلفات لمارتن هايدغر، ومارغريت يورسونار، وجاك دريدا، إضافة إلى ياسوناري كاواباتا وإيتالو كالفينو وأومبيرتو إيكو... وحتّى الطاهر بن جلون. وكان في الفترة الأخيرة منكبّاً على إنهاء ترجمة الجزء الثالث والأخير من كتاب «حول الديموقراطية في أميركا» لألكسي دو توكفيل.
ديوانه الشعري الأول هو «مشاغل رجل هادئ جداً» (دار العالم الجديد بيروت - 1980)، تلاه «لأروي كمن يخاف أن يرى» (دار المطبوعات الشرقية، بيروت - 1985 )، ثمّ «فقط لو يدُك» (الفارابي - 1990)، «صحبة الظلال» (دار ميريم - 1992)، «مِهَن القسوة» (الفارابي - 1993)، «معجم الأشواق» (المركز الثقافي العربي، بيروت والدار البيضاء - 1994)، «مجرّد تعب» (دار النهار - 1994)، «حكاية الرجل الذي أحبّ الكناري» (دار الجديد - 1996)، «مديح الخيانة» (المركز الثقافي العربي - 1997)، «كتاب الرمل» (1999)، «بضعة أشياء» (منشورات الجمل، كولونيا - 2000 )،«سوف تحيا من بعدي» (2001)، «ألبوم العائلة» يليه «العابر في منظر ليلي لإدوار هوبر» (2002) وأخيراً «تفسير الرخام» (المركز الثقافي العربي - 2006).

عدد الاربعاء ١٨ شباط ٢٠٠٩