ريبر يوسف

I

ريبر يوسفعبر نافذةٍ تُدلّلُ الشكلَ إلى الجسد أهمُّ مثل صوتٍ يفتضُّ الهواءَ بِذهني.
الذهنُ التباسُ الأنثى بالجسد. تسبل العتمةُ عليّ حفيفَها، أنا سليلتُها وعيناي فاكهةُ العماء.
في خفّةٍ يتفرّع جسدي، كأنّ شجرةً تلفظ أعضاءها (تُرى من منا سُكونُ الآخَرِ؟)
فيما الأغصانُ تجتهد في توثيق الظلمة إلى معصمي. كلما تباعد غصنان اخترقَ نهدي هدأةَ الشجرة مبلَّلةً بصمغها. ما أكثر الأغصان، ما أشدّ سعةَ تنفُّسها.
(ما يُقفِلني الآن بشدة يجعلني راكدةً ها هنا، تُرى من يوحي إليّ بما أترنّحُ أسفلَهُ؟ تُرى في أيّ مكان من الجسد يكمشُ المطرُ خيطَ الألفة.. مِن ثم يخمدُ صوتُه ها هنا؟ كنتُ، قبل لحظة من الآن، ملامحَ التكوين إذ أترك الستارةَ البيضاءَ وشأنها في بؤبؤ عيني. هل سأُشغِلُ غربةَ السؤال في ذهني إذا ما كرّرتُ، كعادتي، حركةً إراديةً؟ انشغالي بثلج يرتفع عن كلْيتي، مثلاً، أنحَفُ مما يصوّرُ للسكون أنا.أجد في كل فعل سوءاً يمسُّ الجمالَ، وما الجدوى من الانكباب على جسد يتبعُ دمي؟ دمي يهمي على قلبي مُشنِّجاً عضلةَ إلْيتِه اليمنى. تُرى هل كان قلبي عذراءَ مذ كنتُ قلباً وحسْب؟ الدمُ جسرُ المرأة إلى الجسد "الجسد ينبئ الجسد" قدماي ضفّتان.. ينتصبُ الخوفُ ما بينهما ، وَركبتي ملساءُ لأنّه ما من عصفور نقرَ فيها).
تتقعّر العتمةُ فيما جسدي يتحدّبُ.
على سرير التراب الوسيع كلُّ كائن واقفٌ، لأن التراب أفقياً يشردُ في جسده جذرُ الشجرة منغمسةً في خصر التراب (كلّ الجذور منغمسةٌ في خصر التراب. يقال أنّ الخصرَ عاشقةٌ من سديم) جذري منغمسٌ في لساني. خَلَلَ المرأة عضوٌ حياديٌّ.. أو بمعنى آخر؛ الذكورةُ فيه تتساوى والأنوثةَ. تقول الشجرةُ بصوت الريحِ: قشّري .. قشّري، بِلسانكِ، جذعي الصغيرَ.
بينما خلفَه دمي يقشّرُ الجهاتِ بسكّين تتبدى، فقط، في سرّ الشمس تفاحةً.
الشرق نصلٌ
الغرب نصلٌ
وهذي الأرض تترقّق كَحلمةٍ خَلَلَ العتمة. جسدي يتقاطع في العتمة بورقة شجرةٍ
مستندةٍ، بِحلمتيَّ، إلى زغب الجدار المُندّى.
تتخلَّفُني الشجرةُ مبلَّلةً كأنها تُعيدُ إليّ ما أسرَّ المطرُ إليّ، تزيحُ بالصوت ورقةً خضراءَ كَعَضّة الشمسِ (الشمسُ خضراءَ تعضُّ، صفراءَ صفراءَ تنفخُ نافذةً في المرأة) تدلو بسريرتها فيّ فيما أربّي سمكةً في حوضي.
ما أقسى الشجرة
ما ألطف جسدي، ما ألطف الشجرة.
(كان يجب أن تكون أعضاءُ المرأة كلُّها مذكّرةً في لغتها؛ اللغةُ ترافقُ المرأةَ إلى جسدها، اللغةُ جسدٌ والمرأةُ كبريتٌ. على لساني رحيقٌ ما )
وما الجدوى من الانكباب عن جسد يتبع دمي؟
كأني أكرر ما يتوه عن مسمع النحل، تحدّثْنا عن تربيتها اليومَ، إنها تعيش في بيوت من شمع. أجزمُ أنّ الشمعَ أنثى بخفّةٍ كأنّ المطر يرى أجنحةً تؤمن بها. تحلّقُ النحلُ خفيضاً فيما الأزهارُ تتأمّل في شمعها. كلُّ جناح يسعى إلى قطفي عن الأرض هو جسدي، كلُّ الأجنحة لا تتراءى إذ أمعنُ النظرَ إلى ما يحوّلني. يقول شقيق صديقي: ما يهمّني، الآن، هو أن أنام.. لكن ذاك المتّسعَ ضيّقٌ. بعيدةٌ أنا عن جسد الهباء، كم بعيدةٌ أنا. تستدركني الأصوات، تلج كإصبعٍ أذني الممسوسةَ بسائل فاكهةٍ ما. فيما أكوّرُها تهبُّ الأصواتُ.. فيما تكوّرُني أهبُّ.
الهواءُ الهواءُ يقذف في رئتي خاصيةَ الشجرة

القامشلي / سوريا