أكرم قطريب
(سوريا/أمريكا)

هل تعرف كم نحبكَ

أكرم قطريبنحن أبناؤك نغادر العالم
هل تعرف كم نحبكَ وأنت موشكٌ على الموت؟
عشرة ُ آلاف عام وجسدكَ معلقٌ في الهواء.

هل مازلتَ حياً..
كي نلتقي بمحض الصدفة في كتب التاريخِ
التي تمدح ملوكاً من العصر الحجري؟
ثم تفقدُ طيورك َوروحكَ و أشجاركَ
ولغتكَ الأم.

هل تعرف كم نحبك؟

**

أيتها الآلهة....

أيتها الآلهة..
أيتها السماوات المصقولة بأصوات أحبابي
أريد أن أمشي
في المدن التي نسيت أن أقول لها وداعاً.
في المدن التي تركتها مثلما أترك قميصاً
على طرف كرسي.
ولن يكفي قلبي غيوم الأرض
كيف أفتح باباً من أبوابها
ثم أنام.

*

في الأمكنة التي أغرقها المطر

في الأمكنة التي أغرقها المطر سأموت،
و سأنظر مثلك إلى السماء
التي كنا نمرحُ حول شجرتها القصية،
حين كان الله طفلاً مثلنا يتمدد على المصطبة،
ووجهه أيضاً إلى السماء.

في الأمكنة التي ارتجفنا فيها من البرد والخوف،
لكثرة ماسرتِ الشائعات عنكِ،
حين شاهدنا وجهكِ ظهيرة ذلك اليوم.

كنتِ طفلةً بربطةٍ زرقاء،
وكنا أنصاف آلهة وعلى أكتافها أسمالٌ
وأرغفةُ خبز مسروقة من بيت الفجر.

هناك في الأمكنة التي يرقص فيها الله عارياً وحزيناً
سنحتفي بكِ أيتها الحرية.

**

العودة إلى سورياذة

سلامٌ عليك سلام مودِّعٍ
يرجو أن يرجع إليك بقدمَين حافيتَين
وقلب طفل يميل على حجارتك
التي يتنفّس تحتها أنبياؤك المقتولون
دون أن يمدّ الله يده لمساعدتهم

يلتجىء إلى جبلك الذي من العهد القديم
كي تحميه من الأذى

أشجارك اكتست باللحم والخبز الأبيض
ورائحة الآباط المتعرّقة
ولأنني لست بحاجة إلى الذهب
إنما إلى بحر ميّت
وباب من أبوابك كي أركض باتّجاهك
متعباً ومتردّداً وحزيناً

أمام النار وآلهة الأولمب
أخاف أن ألمس طيورك
وأنا أقف على حافّة الجرف

بينما سأفرح بك
كناج ٍ من مذبحة

**

شعبي الطيب

بسبب الألم هذه المرة
بسبب أسئلة طفلي عن المدن التي تنام تحت أجنحة الحمام
سأحكي له عن شعبي الطيب
الذي يعيش في زنزانة منفردة
ويتحدث مع الأشباح آخر الليل

بسبب الألم هذه المرة
وبسبب الدم الذي يغطي الشوارع التي كنا نلعب فيها
لعبة علي بابا والأربعين حرامي
ثم نسقط أرضاً من الضحك والجوع

شعبي ذلك الإله المفتوح الذراعين
يذهب وحده في حقول القمح إلى الأمكنة التي لا يطالها النسيان
بينما يسقط كل يوم
وهو يتفوه بكلمات غرامية
شعبي الذي يستحم بدم أبنائه في نيسان
يذهب الآن إلى الشمس

دون أن يراه أحد

بسبب الألم هذه المرة
المحارب اللطيف لا يتنحى
المحارب المغرم بالأرانب والأزهار والموسيقا الكلاسيكية
يخاف من العتمة


إقرأ أيضاً:-