(إلى شاعرنا حلمي سالم)

أمجد ريان

حلمي سالمكيف مت ببساطةٍ هكذا
اعذرني
هذه ميتةٌ
لا تليقُ بشاعرٍ عملاق
كيف تخضعُ هكذا بسهولة
كان ينبغي أن تخلُقَ ميتةً هائلةً
تزلزلُ المدنَ والأراضين
وتقلبُ أنظمةَ الحكم
ومشاريعَ الوَزاراتِ الكاذبة .
كان ينبغي أن تموتَ ميتةً
تجعلُ عشراتِ الورودِ والأزهار
تتَفَتَّحُ من جديد
وتجعلُ القَمَرَ يدورُ حول نفسِهِ
باعثاً بكلِّ ألوانِ قوسِ قزح
التي نعرفُها والتي لا نعرفُها.
حقاً أنت شاعرٌ كبير
منذ قصيدتِك الأولى
حتى شهيقكَ الأخير
حقاً خضتَ معاركَ كثيرة
وعرّفتَنا كيف ينتصرُ الجمال
وكيف تصبحُ القصيدةُ
لقمةَ خبزٍ في فمِ الجائعين
ولكنَّك مت ميتةً خاطفةً
لم نستوعبْها حتى الآن؟
أصدِقُكَ القولَ يا حلمي

أنا عندما يأتيني الموت
سأكونُ أكثر خيبةً منكَ
سأكونُ مُمَدَّداً بجسدٍ هشٍّ مهزول
وسيأتي الموتُ
شبحاً أبيض يمسِكُ بمنْجَلٍ طويل
فيقطفُ الرّوحَ بلحظةٍ واحدة
ثم يعطي العالمَ ظهرَه
متجهاً إلى مكانٍ لا يعرفُهُ أحد.
سأموتُ بجسدٍ ضعيف
وعينين دامعتين
وساعتها لن يحدثَ أيُّ شيء
عربات المترو :
ستكونُ متجهةً إلى محطاتِها المزدحمةِ
والزوجاتُ قادماتٌ من الخارج
حاملاتٍ حقائبَ مليئةً بالخُضارِ والبصل
والليفةِ السِّلْكيّةِ لغسلِ الصّحون
وساعتَها لن يحدثَ أيُّ شيء
فقط سيسرعُ القطُّ الصغير
الذى يجري فوقَ السور
ليقْفِزَ بين تلالِ القمامة
متصوراً أنه يمكن أن يجدَ شيئاً
يُسْعِفُ مِعْدتهُ الخاوية.