هاشم شفيق
(العراق/لندن)

* قناع

هاشم شفيق قناعي على الوجه يبدو أليفاً ، تعوّدتُ أنْ أرتديه وأمشي ،
لقد صار جزءاً من القسمات ِقناعي ،
وجزءاً من الجلد ِ،
غطى القناعُ مساحات ِ صوتي
ونبضي
وغطى الوريدَ . . .
سأبدو أليفاً إذاً في المساءات ِ
بين برابرة اليوم ِ
سوف أكونُ هنالكَ
أجلسُ بينهمو
طاعناً في التنكر
منتحلا سحنة الغرباء
ومقتبساً سيرة الوافدين
إنها حفلة القتلة ْ .

* بنــدقة

في الأصياف ِ
ألوذ بأشجار البندق ،
القاها تمنحُ للائذ ِ هفهفة ً
من ظلّ مبلول ٍ ،
في وسعي أن
أصحبُه للمنزل ِ
في وسعي أن أنقله ُ
أنّى أمضي ،
في وسعي أن أفتحُه كمظلات ٍ
وأفيءُ إليه ِ
وفي وسعي
أنْ أبني منه بيوتاً
بنوافذ َ من ماء ٍ
بجدار ٍ من ورق ٍ وأماليدَ
أحياناً أحتاجُ
الى نُقََل ٍولُماظات ٍفي أيامي
فأجيءُ الى الظلّ
أقشّره ُ في الليل الأسحم ِ
ليضيءَ مُدامي .

25 9 2007

* بخور

بتكيّات ِ الشيخ الجيلاني
وسط دراويش الحيّ
وضرّاب السكين
وبلع الشَّفرات ِ ،
بخورٌ كان يضوعُ
ويصّاعدُ في الأرجاءْ
يصعدُ من طقس ٍ
فيه حواة ٌ من بومبايَ
وحلاقونَ على أرصفة ٍ ،
جاءوا من داكارَ
الى بغدادَ
يبيعون بخوراً
وطبولاً
ودرابكَ صغرى ،
حتى امتلأ الحيّ ُ
بغيمات بخور ٍ
وتمائمَ خضر ٍ
وخُريزات ٍ صفر ٍ ،
ولهذا
إبتعنا عيدانَ بخور ٍ
وذهبنا لضريح الحلاج ِ
أغرقنا المدخل والعتبات ِ
ونافذة ً من طين ٍ
والبابَ المتداعي
بسحابات ِ روائحه ِ
حتى نفذ الى الأعماق ِ
الى اللحد ِ
آنئذٍ
فاقَ الحلاجُ على هسهسة ٍ
لشميم يُحيي ،
فرك الأنفَ
تحسّسَ هيأته
وقماش عمامته
العائم في الضوع ِ ،
أزاحَ ستار دخان شفافاً ،
ثمّ بدا يتملانا .

26 - 9 2007

* الكيس

هذا كيسٌ ورقيّ ٌ
فيه روائحُ تفاح ٍ وأجاصْ
أتشمّمه . . .
في الحال أراني
أتمشى في غابات ٍ تتعسّلُ
أو الفاني
مرتفقاً في السير بساتينَ
تسيرُ معي
تسهر
وتنامُ
على وتر المندولينْ
وعلى أنغام الكونتر باصْ ،
كيسٌ من كتّان ٍ
أو قنَّبْ
أتلمَّسُه ُ . . .

ينقلني في الحال ِ
الى المرفأ
حيث ظهور العتالينَ
يقوّسها التعبُ
وتُحنيها الشمسُ
على أكياس القنّب ِ
حتى تتورّم تلك الأخماصْ .

26 11 2007
22 6 - 2008

* ملقط غسيل

فكّهُ من خشبْ
فاغرٌ لالتقاط الحوائج ِ
فوق حبال الغسيل
قميصي إذاً في الهواء
به عضّة ٌمنه
بعض الرضوض هنا
في الرداءْ
بصمة ٌ في زوايا القماش
وأخرى برزتْ في
طوايا القباءْ
مرة ً في نواحي الطفولة ِ
ثمة سيدةٌ في الثلاثينَ
كانت تعلق أثوابها الداخليةْ
وتبسم لي من وراء النسيم
وأخرى مراهقة ٌ
قذفتني بملقطها الخشبيّ
وكانت وراء الهوى
فأصابت جفوني
لكيما أحسّ بذاك البهاءْ .

* ممحاة

محوتُ التواريخَ
ذاك الزمان َ القديمَ
عشيري
إنتسابَ القبيل ِ
وعائلتي والأقاربَ
حتى صفوتُ وحيداً ،
وحين كبرتُ قليلاً
حملتُ المماحي معي
ماحياً مطراً وجليداً
شتاءً وبرداً
أصادفه في الطريق ِ ،
محوتُ أساتذتي
ومعلقة ً للقصيدْ
محوتُ قراصنة ً ،
سفناً في البعيدْ ،
ولكنها عجزتْ
هذه الماحيه
أنْ تزيلَ شقائي
وتمحو أسايَ التليدْ .

11 5 2005
23 - 6 2008

* رباط حذاء

في الصباح
أنحني دائماً
لأشدّ َ حذائي
لكيما أرى الأرضَ...
شكراً لهذا الحذاء الذي يجعل الحنكَ
في مستوى الأرض ِ
حيث الترابُ يلامس وجهي
أنا الآن جزءٌ من العتبات ِ
فلا فرق بيني وبين الأسافلْ
غداً سأكون هنالك َ
حيث السكون يسودُ
وفوقي على الأرض ِ
تطفو القلاقلْ .

23 - 6 - 2008

* مسمار

هذا المسمارُ المتداخلُ في خشبٍ
يسندُ بابي وكياني ،
يسندُ أيامي كيلا تتفكك ،
ثمة مسمارٌ من ماء ٍ
آخرُ مثل لباب الأشجار
وآخرُ في الحائط صلب ٌ
يحمل أثوابي
سأعلق فوق المسمار حياتي ،
ذكرىً سأعلقُ ،
حزني الأسحمَ والأسمى
ذاكرتي
أحلامي سأعلقها الآنَ
لأجل غير مسمّى .

12 5 2005
23 - 6 - 2007

* أزرار

للأزرار أنا منتدبٌ
أعرفُ أنواعاً
لا تحصى
من عاج ٍ
وقماش ٍ
أو ورق ٍ. . .
مدهشةٌ وملونة ٌ
أزراري المحفوظة للذكرى
في صغري
كنت أجمعها
لألاعبَ فتيات الحارات بها
كنتُ الرابحَ دوماً
أزرارَ تنانيرَ
وأقمصة ً وفساتينْ
صرتُ خبيراً بالأزرار ِ
بوسعي فتح الصعب ِ
إذاً منها
وخصوصاً حين بلغتُ الخمسينْ .

12 5 2005
23 - 6 - 2007

* قدّاحة

أحياناً في الشارع ِ
يوقفني جمع من شبّان ٍ ،
يسألني أحدٌ منهم عن نار ٍ ،
آنئذ ٍ أتوقّفُ لأضيءَ سجائرهم
في العتمات ِ
وفي الريح ِ -
الكلّ يكوّرُ قبضته واقية ً
لنديمَ الشعلة َ ،
أحدٌ منهم
أخذ القداحة َ وهربْ
قال :
سأحرقُ فيها العالم .

12 5 2005
24- 6 - 2008
القدس العربي - 2012-09-10